الثلاثاء، 16 فبراير 2010

المفاوضات العبثية والثالوث المفاوض


الكاتب الإعلامي
أبو العلاء عبد الرحمن عبد الله
الناصرة


منذ سنوات مضت والقوى الفلسطينية الفلسطينية والعربية  الفلسطينية تقوم بمساع حثيثة لراب الصدع بين الأشقاء وإصلاح ذات البين , من زيارات مكوكية واتصالات مرثونية ومشاورات  واجتماعات ولقاءات تتبعها مؤتمرات صحفية وهكذا دواليك , إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل وأصبحت تدور في حلقة مفرغة  ,  بل وعلقت عليها جرائم كثيرة ومهاترات ومزايدات  جلبت على شعبنا الدمار والوبال وإراقة الدماء والاقتتال الداخلي وهو ما أغرى الاحتلال فرض الحصار الفتاك  بغرض الإبادة الجماعية و حربا  ضروسا ارتكب فيها جرائم حرب بحق شعبنا الصامد في غزة .
ولفهم هذه الوضعية المأساوية بحقيقتها ينبغي علينا البحث عن الحلقة المفقودة في هذا الحوار لان  هذه الحلقة هي : حجر الزاوية في كل مراحل المفاوضات بل هي التصور الحقيقي الذي ترتكز علية النظرية لتشكيل كيان فلسطيني يعيش مع التطلعات العربية والإسرائيلية  والأمريكية ومع رغبات الأسرة الدولية على حد سواء ولفهم حقيقة الأمر وإيجاد الحلقة المفقودة ينبغي علينا مراجعة رأس  الثالوث المفاوض أو الوسيط بين  حماس , والسلطة الفلسطينية كما يحلو لحكومة مبارك  تسويق نفسها في وسائل الإعلام والمحافل الدولية.                   
                                
                                     مصر الوسيط
كانت مصر أول دولة عربية وقعت في17 سبتمبر 1978 معاهدة سلام مع إسرائيل التي فتحت سفارتها في القاهرة  وأقامت علاقات دبلوماسية وتجارية واقتصادية وسياحية وتعاون زراعي وأصبحت أبواب ارض الكنانة مشرعة الأبواب للإسرائيليين ليل نهار , في حين تحتضن مصر المفاوضات مع الفلسطينيين وتتوسط  بينهم  من اجل حل النزاع , رغم أن ارض فلسطين لا زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي والتهويد يبتلع مدننا وقرانا العربية ويهدد القدس الشريف وأهله بالترحيل والتهجير ويحفرون تحت  المسجد الأقصى المبارك بهدف هدمه وبناء  الهيكل المزعوم مكانه .
هكذا هي الصورة في تناقض سافر أخ  ووسيط  بين الإخوة الفلسطينيين وصديق حليف للإسرائيليين  في دور ثنائي الزمان والمكان .
وفي زمن  التفاوض والوساطة يصر الرئيس حسني مبارك على بناء الجدار الفولاذي بالمال المصري المشبوه والمعدات الالكترونية الأمريكية والإنشاءات الهندسية  الفرنسية وقمرها الصناعي هيليوس 2 بي  للتجسس  على غزة  لصالح إسرائيل , زيادة في إحكام الحصار على غزة والمقصود حماس وفصائل المقاومة من اجل تركيعها وإسقاطها,  في الوقت الذي تخييم  أجواء الحرب   على المنطقة التي تشهد  تحركات ميدانية ومناورات عسكرية وحصول إسرائيل على أسلحة و قنابل ارتجاجية جديدة  من الأمريكان تريد استعمالها في الحرب القادمة على غزة ولبنان , يخرج علينا  وزير خارجية مصر احمد أبو الغيط  متملقا متشدقا  مع سيل من السباب والاتهام  الصريح للفلسطينيين ومقاومتهم المقدسة بالتهريب والفساد والإرهاب لتبرير  بناء الجدار وادعاء انتهاك  السيادة المصرية التي لا يعرفها إلا عند الحديث عن غزة في حين انتهكت هذه السيادة من قبل إسرائيل مرات ومرات ولم يفعلوا شيئا ولم يحركوا ساكنا .
وكلما أمعنا النظر في المواقف المصرية رأينا عجبا عجاب فهذا عمر موسى  يشتعل  غضبا ويخرج من ثيابه عندما يصرح ردا على انتقادات حماس لورقة المصالحة المصرية بأنها انتقادات  تافهة في حين لا  تقوم الجامعة العربية بدورها في فك الحصار على غزة والتزام جانب الحياد والنزاهة في الوساطة بين الطرفين والقضايا والمشاكل العربية العالقة وحالة التشرذم والوهن .
ويزداد الموقف وضوحا من تصريحات عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية الذي يصر أنه  يتوجب  على حماس قبول التوقيع على الوثيقة المصرية دون قيد أو شرط  وإلا فأنة لن  يقبل   بالاستمرار بالوساطة والتفاوض وان استمرت فانه سوف يستقيل.
يفهم من مواقف السادة الوسطاء أنهم يريدون أملاءات و أبجديات   وأفكار على جانب لحساب جانب أخر,  أي أن حكومة مصر مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس الذي فقد شرعية منذ تاريخ 8\1\ 2009 وتحاول  مده بالأكسجين والحكومة  الموالية له برئاسة د. سلام فياض المحضية بالاحترام والرضى  من الإسرائيليين وما مؤتمر هرتسليا للأمن والمناعة القومية عنا ببعيد ,  حيث تكللت  جهود الجنرال كيث دايتون وتدريباته الأمنية والتنسيق  بالنجاح واتت أكلها حتى يستطيع رئيس وزراء  حكومة فلسطينيه أن يخطب من على منبر إسرائيلي في ظل الاحتلال وأجواء الحرب والحصار على غزة وفي ظل هجمة استيطانية شرسة على القدس والاستمرار في بناء المستوطنات وفشل المفاوضات .
  وضد حماس والفصائل المقاومة وكل قوى الممانعة كما يسمونها , لذلك شنت مصر حربا أول الأمر على حماس بإغلاقها معبر رفح بادعاء عدم وجود مراقبي السلطة والأوروبيين , وفتحت ملف شبكات حزب الله  وأقامت الدنيا وأقعدتها بهدف افشال حزب الله في الانتخابات اللبنانية وضرب هذا الحزب وبالتالي توجيه ضربة لحماس وكل فصائل المقاومة , بعد ذلك كشفت عن وجهها الحقيقي دون خجل أو حياء فلم تقدم المساعدة والعون لغزة لا في الحرب ولا في الحصار بل منعت دخول قوافل شريان الحياة من اجل أعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية علما أن  المواثيق الدولية تجيز فتح المعابر والإغاثة ومد الجار بالمعدات والذخيرة واستقبال لاجئي الحرب في مثل ظروف غزة وخلاصة القول إن مصر ومعها إسرائيل وأمريكا ودول الاعتدال لا يريدون المصالحة الوطنية الفلسطينية لأنها ستعطي حماس وفصائل المقاومة القوة والشرعية والاستمرارية الحياتية الأمر الذي يهدد على المستوى القريب والبعيد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وزمرته بعدما تناقصت شعبيتهم واضمحلت قوتهم الجماهيرية في ظل انتشار فضائحهم أيام حرب غزة وتنسيقهم مع إسرائيل ضد أبناء شعبهم باعترافات قادة الحرب الإسرائيليين وفضائحهم الجنسية والاختلاسات المالية وحالة الوهن والضعف  وفشل خيار التفاوض الذي ما جلب على الشعب الفلسطيني إلا الخلاف والدمار لان إسرائيل ماضية في بناء المستوطنات وتهويد القدس وطرد أهله منه وتطبيق نظرية يهودية الدولة وحسم  التفاوض حول قضية  اللاجئين و القدس وترحيل مليون ونصف فلسطيني من وطنهم ونفي الوجود الفلسطيني برمته واقتلاعه من التاريخ   وعلية فان هذه المفاوضات إنما هي ذر للرماد في العيون  لان الدول العربية  وعلى رأسها حكومة مبارك نفضت يدها من القضية الفلسطينية ومن قضية القدس الشريف بحجة  الخلاف الفلسطيني  بين فتح وحماس والمفاوضات حرب نفسية لتحميل حماس والفصائل الفلسطينية مسؤولية  فشل هذه المفاوضات لأنه يراد بالوثيقة المصرية إصدار شهادة وفاه لحماس وجميع الفصائل الفلسطينية في حين كان خيار ألمقاومه مطلب الشعوب العربية والإسلامية.
   وفشل المفاوضات والتمترس حول قضايا جانبية لهدر الطاقات و إعطاء مبررات  للخذلان والوهن والتأمر العربي  من صمت رهيب وتطبيع  بالمجان وها هي مصر تشن حربا شعواء على كل تيار ديني وإسلامي بل وتأجج نار الإعلام في الحرب على إيران مع بقية مجموعة دول الاعتلال تحت ألف مسمى ومسمى ويتخوف  زعماء الخليج من المد الشيعي علما أن هؤلاء الحكام لا  يهتمون أصلا بسنة ولا بشيعة وهم يريدون إسلاما على نمط وفهم سيد طنطاوي في مصر والهليل في الأردن ومشايخ النفط في دول الخليج  وان "جنحوا للسلم "..........
 في حين تتعنت حكومة نتنياهو اليمينية الأشد تطرفا  بمواقفها  وتقوم بترتيب أوراقها  في  مثل  هذا الوقت الضائع في المفاوضات والتراشق الإعلامي  حتى يتسنى لها  الاستعداد لحرب جديدة على حزب الله في   لبنان وغزة وإيران بالتنسيق مع الأمريكان في توقيت واحد وخطة مشتركة وإعادة محمود عباس وحكومة د. سلام فياض ,دايتون وشركتهم السلطة الوطنية  محدودة الضمان على ظهر المر كبا الإسرائيلية .

 عائدون يا ثرى الأنبياء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق