الاثنين، 22 مارس 2010

رئاسة الجمهورية الخطأ المبني على خطأ


صباح علي الشاهر
 طلب نائب الرئيس العراقي السيد طارق الهاشمي أن يكون رئيس الجمهورية عربياً ، وبرر مطالبته هذه بكون العراق بلد عربي، وأضاف في تصريحه لقناة الجزيرة أن هذه المطالبة تأتي ( في باب تسمية الأمور بمسمياتها الصحيحة، ووضع النقاط على الحروف ) مشيراً إلى أن تولي شخصية عربية رئاسة العراق جزء من خلاصة وعودته إلى حضنه العربي .
ومعنى هذا الكلام أنه إذا لم يكن الرئيس العراقي عربي القومية فإن لا خلاص له ، إي أنه يظل في الدوامة التي هو فيها، أليس في هذا القول إقرار بأن للدول العربية يد في الحالة الكارثية العراقية، وهل وضع شخصية عربية في موقع رئاسة بروتوكولية مهماً إلى هذا الحد، بحيث أن الدول العربية لا تسعى إلى خلاص العراق من كارثته إلا إذا كان رئيسه عربي القومية، كما أنها سوف  لن تعيده إلى حضنها الدافيء.
أي تسويق مهلهل لهدف ليس موارباً بما فيه الكفاية يعبر عنه مثل هذا القول ؟
مثل هذه التبريرات والأقاويل مخطوءة جملة وتفصيلاً ، فليس كل عربي عروبي النزعة والهوى، وليس كل غير عربي معاد لهذه  الأمة .
ثمة عرب أقحاح، بعضهم ينتسب لقريش ، وبعضهم علوي، والآخر مثل السيد النائب هاشمي النسب، لكنهم لا يريدون الإرتباط بهذه الأمة، وأغلبهم لا يكتفون بالموقف السلبي، بل يعملون وبالإرتباط بإعداء العرب على إضعاف العرب  وتهميشهم ، وتعزيز الإرتباط  بالأبعد ، وربما بالأشد عداوة لهذه الأمه .
كيف يسوّغ عراقي لنفسه أن يقر بمعادلة مفادها أن العراق سوف لن يعود إلى حضنه العربي إذا كان رئيسه كردياً أو تركمانياً أو آشورياً أو كلدانيا ، أو أي عراقي غير عربي، أليس هذا شطط ما بعده شطط؟!
العراق قبل أن يكون للعرب، هو للعراقين أولاً، وهذه حقيقة من دونها لن تقوم للعراق قائمة .
العراق للعراقيين أولاً وللعرب ثانياً، وأي قلب لطرفي المعادلة لن يكون عملاً بريئاً، وفي أحسن الأحوال سيكون تقديراً سيئاً وخاطئاً .
العراق عربي، كان وما زال وسيبقى كذلك ، لكن الدستور الذي أسهم في صياغته وإقراره السيد النائب لا يشير إلى هذه الحقيقة الجلية الواضحه .
 ليس هذا فقط بل أنه وصف كل شيء وفصل في كل شيء، لكنه لم يذكر عروبة العراق ولا مرّة واحدة في حين ذكر كردستان وكردستانية الأقليم عشرات المرات!
كل ما قاله الدستور عن علاقة العراق بأمته أن العراق عضو مؤسس لجامعة الدول العربية، علماً بأن العراق عضو مؤسس أيضاً لللأمم المتحدة، وعضو مؤسس للدول المصدرة للنفط (أوبك) وكذلك (أوابك) !! ، وكونه عضوا مؤسساً في أي منظمة أو مؤسسة ليس توصيفاً لهوية البلد، وإنما مؤشراً على نشاطه أو حيويته أو ريادته في هذه المنظمة أو تلك،
 ولست أدري حتى هذه اللحظة ما الذي منع السادة الذين صاغوا الدستور بتحديد هوية العراق ، ماذا يضرهم لو ذكروا أن العراق جزءاً من الوطن العربي إذا كانوا يستثقلون القول جزء من الأمة العربية !
صفة العراق وأنتماؤه لا يحددهما منصب الرئيس البروتوكولي ، وإنما العراق هو الذي يحدد صفة الرئيس كائن من كان هذا الرئيس بإعتباره رئيساً لبلد عربي تجاهل ساسة العملية السياسية عروبته ، ولم يذكروها في أهم وثيقة ألا وهي الدستور .
 دستور العملية السياسية لا ينص لا صراحة ولا تلميحاً على قومية رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان، لذا فدستورياً ووطنياً من حق أي عراقي يختاره العراقيون عن طريق الإنتخاب الحر أن يكون رئيسا لجمهورية هذا البلد أو رئيساً لوزرائه، بعيداً عن مزايدات البعض، وشوفينة البعض وعنصرية البعض .  
وأغرب من تصريحات السيد نائب الرئيس تصريح السيد فتاح الشيخ الذي لقب نفسه بالناطق الإعلامي بأسم العراقية عندما قال ( أن منصب رئيس الجمهورية حق مشروع للأكراد) !!
لماذا حق مشروع ؟ ومن شرّع هذا الحق ؟ من جعل هذا الحق وقفاً على الكرد ؟ لماذا لا يكون للعرب أو التركمان؟ وعلى أي شيء يستند فتاح الشيخ في قوله هذا .
 أعلى الدستور أو على خيارات الشعب ؟ والدستور لم ينص على مثل هذا الحق والشعب لم يقرر أن من يمثله في رئاسة الجمهورية الكرد حصراً .
لقد إستلم مام جلال الرئاسة نتيجة صفقة تقاسم طائفي وأثني .
كانت الصفقة مرهونة بوقتها ، وليس من مصلحة العراق أن يشرعن التقاسم الطائفي والعنصري للمراكز العليا ، ولا لوزارات ومؤسسات الدولة .
الواجب الوطني يقتضي مغادرة هذه المحطة من دونما عودة . من حق الأكراد ومن خلال ممثليهم المشاركة في حكم البلد ، ولكن ليس من حقهم إحتكار منصب رئيس الجمهورية،  ولا أي منصب آخر، ومن حق الشيعة والسنة المشاركة في إدارة الدولة، من أبسط مرفق حيوي إلى أعلاه، ولكن ليس من حق أي منهم أن يحتكر رئاسة الوزراء أو رئاسة البرلمان ، أو أي منصب آخر .
لو كانت الحال في العراق سليمة وصحية .... لم يشوه الحراك السياسي ، بما سُمي بالعملية السياسية ، تلك العملية الملغومة من ألفها إلى يائها بألغام قابلة للتفجر في كل حين .
لو أن الأحزاب  تتشكل على أسس الوطنية ، لا الطائفية أو العنصرية .
 لو أن لدينا أحزاب برامج محدده ، يسارية ويمنية ، ليبرالية وتقليدية ، تضم كل الناس من مختلف الطوائف والأديان والقوميات ، فإنه عندئذ لا يهم من سيحكم ، طالما جاء عن طريق صناديق الإنتخابات .
 سينظر الناس إلى البرنامج الذي إنتخبوه ، والذي عبر عنه هذا الشخص المُسمى الذي سيستلم مهام رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس مجلس النواب ، بغض النظر عن قوميته أو طائفته أو دينه .
أما وأن الأحزاب مبنية على اسس مذهبية وعنصرية، أما وأن الإنتخابات تجري وفق معايير الإنتماء الطائفي والعرقي، وطالما أن معايير الوطنية ملغاة من فهم وتعامل هذه القوى المتصارعة على المناصب فإن من حق الناس الذين يشكلون أغلبية الشعب أن يكون الرئيس منهم ، وإلا فإن منصب الرئيس يكون مسروقاً قسراً من الأغلبية، إذا كيف يكون رئيساً للبلاد من لو إحتكم إلى إستفتاء فإنه بالكاد سيحصل على 15 % من أصوات الشعب ، هذا إذا كان الشعب الكردي قد صوت بأجمعه إلى جانبه ؟
أليس في هذا غبن إلى الـ 85% الباقية ؟
غادروا أحزابكم الطائفية والعنصرية ....لوا تنظيماتكم الوطنية، وسيكون العراق كله لكم ، وعندها سنقول ، وبصوت عال : أهلاً برئيسنا العراقي الكردي ، ورئيس وزرائنا العراقي  التركماني ، ورئيس برلماننا العراقي الآشوري .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق