الجمعة، 30 أكتوبر 2009

نحو مؤتمر بال فلسطيني (13)


APRAXIE

د. أفنان القاسم / باريس

أبراكسي مفردة تعني العمه الحركي، والعمه الحركي يعني فقدان القدرة على الحركة المتسقة، وهذا ما يصاب به اليوم الإنسان العربي، يريد أن يتحرك، فيتحرك دون اتساق، ولا يعرف إلى أين يذهب، ولا كيف يذهب، ومن لا يتحرك دون اتساق يتعرض للسقوط في أية لحظة، فهو إذن في وضع غير طبيعي، كل عالمه غير طبيعي، البيت والعمل والمؤسسة، وكل عمره غير طبيعي، الطفل والمراهق والبالغ، والأخطر من كل شيء الوعي غير الطبيعي كجزء من التمثل، وكانعكاس للواقع، لأن العمه الحركي في مثل هذه الشروط يمكن له أن يصبح عمها حركيا للرؤية وللحكم على الأشياء وللتعامل مع الغير، ويمكن له أن يؤثر في الوقت، وفي التاريخ، وفي الحضارة، فيفقد الزمان حركته المتسقة، ويغدو المكان كتلة صماء أو مساحة من المساحات وقد انسلخت عنه صفاته المرتبطة باللغة والهوية والقيم التي هي وعود دوما لا تتحقق. هذا الوضع الكارثي كما أصفه لأنه من وراء ما يدعى بالتخلف عندنا وبالدكتاتورية وبالاحتلال تحت كل أشكاله ليس جوهريا وإنما ثانويا وإن اتخذ أو عُمل على أن يتخذ صفة الجوهر لتأبيد دعس الشعوب العربية، هذا الوضع الكارثي هو وضع مؤقت على الرغم من شراسة مظاهره ثقافيا وسياسيا وإعلاميا، وفيما يخص مشروعي مؤتمر بال للعقل الفلسطيني من أجل تأسيس الدولة الفلسطينية كما نريدها نحن قد عبر عن تخلخل ركائزه، لأن من يتهجم على وطنيتي أو على طاقاتي أو شهاداتي (آخر المتهجمين عليّ الثري صاحب البنك التجاري الأردني ورجل الأعمال المعروف ميشيل الصايغ)، من يهزأ من تحرير فلسطين في مؤتمر، من يشيع استحالة عقده، وإن عقد استحالة تحقيقه لما يرمي إليه، من يقاطع الحملة من أجله، ومن الذين يعانون من عباس أو يعانون من الإخوان المسلمين، من يهاجمه من الذين يهاجمون في الوقت ذاته عباس أو الإخوان المسلمين، من ينظر إليه وكأنه أمر يهم أهل القمر أو المريخ، ومن لا ينظر إليه على الإطلاق لأنه في ظنه جزء من الساخر العام أو من غث الكلام والشطارة في الكلام دون عمل... كل هذا تأكيد للعمه الحركي العام الذي يجرف الإنسان العربي والعالم العربي، ليحمل هذا المؤتمر على عاتقه فجأة مهمة أخرى إضافة إلى مهمته الأساسية ألا وهي تمكين الناس وخاصة ناس البنى الفوقية من التحرك باتساق ووضع حد للعمه الحركي الحالي.

كل بداية صعبة دوما، وعلى كل بداية لمشروع يرمي إلى التغيير الجذري والشامل ألا تبقى بانتظار رد فعل الدول العظمى عليها لا ولا الدول الصغرى، لهذا على الأقلام أن تسير في عكس حركتها الآن، أن تسير في حركتها الطبيعية، وأن تأخذ بالكتابة عن مشروع بال وعن خطتي للسلام، فكل ما يكتب اليوم لا طعم له ولا فائدة منه، كل ما يكتب عبارة عن تعبير للعمه الفكري، وكل ما يكتب عبارة عن تأكيد للسائد الرسمي، الصائح مما يكتب أو المنافق، كل ما يكتب يسارا –ما أجمل هذه الكلمة في وضع صحي- هو يمين وتثبيت للصولجانات العربية تثبيت للقائم، تأبيد لوضع مصطنع يراد له أن يكون على أكتافنا صخرة سيزيف وضفة تعبيد وقطاع تركيع وقاهرة كل الشعوب العربية.

www.parisjerusalem.net

ramus105@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق