السبت، 7 نوفمبر 2009

السقوط والانهيار ، الدوافع والمسببات .

بقلم / سميح خلف

في هذا الزلزال أو الانقلاب السياسي كما وصفه الكثيرون ، تعرضت له التجربة فلسطينية و تاريخها يزيد عن أربعون عاما ، . تجربة قادتها حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح ، زلزال كان بدرجة 12 رختر ، وبالقياس الوطني انقلاب على كل المفاهيم التي دخلت بها حركة فتح منظمة التحرير الفلسطينية عام 1967م ومعها فصائل م .ت.ف .

وعندما نقول زلزال فإننا نتخيل ونسند ما حدث ، لقوة قدرية التي أدّت لهذا الزلزال ، وهذا غير صحيح فإن ما حدث هو سقوط ، وسقوط مبرمج كانت ظواهره وعوامله لا تخفى على أحد.

وبكل مظاهر الفساد والانفلاش عاشت التجربة الفلسطينية العلمانية بكل طوائفها أزمة هذا السقوط ، وإذا كانت حركة فتح هي المعنية بهذه الأزمة بالدرجة الأولى ، فإن أثار السقوط ونتائجه انعكست على كل أطياف م .ت.ف والتي تبلورت أثارها في نتائج انتخابات المجلس التشريعي .

وحركة فتح ليست مسئولة بمفردها عن أزمة السقوط السياسي والإطاري ، بل تتحمل المسؤولية مع كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، وفتح تتحمل الجانب الأكبر من هذه المسؤولية ونتائج الانتخابات تقول إن السقوط كان لكل برنامج منظمة التحرير وآليات عملها مقارنة بما تطرحه حماس ومدى استجابة الشارع الفلسطيني لهذا الطرح ، والذي أوضحته نتائج الانتخابات ، تلك النتائج التي أعطت لحماس أغلبية برلمانية مطلقة تستطيع من خلالها تنفيذ سياساتها وبرامجها على الصعيد الداخلي الذي يتطلب نجاحه مدى استجابة القوة الإقليمية والدولية لتحقيق تلك البرامج ، وهذا يتوقف على ما ستقدمه حماس من خطاب للمجتمع الدولي والإقليمي ، فإن استطاعت حماس ترتيب الأوراق من جديد فإن ذلك يعني مزيدا من المتاعب والأزمات للقوة الوطنية العلمانية ، هذه القوى التي تنتظر وتترقب المرحلة الجديدة من عجز يمكن أن يحدث في أداء حماس على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي ، وحماس الآن في محل اختبار حقيقي لتنفيذ برنامجها الانتخابي حول المقاومة والطرح العلاجي للمشكلة الاقتصادية ، والمشكلة الوطنية في الطرح السياسي .

أزمة السقوط ومقدماتها كانت تعطي مؤشر لتحلل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الناتج عن تحلل البعد الإطاري لتلك الفصائل وفي مقدمتها حركة فتح ، وكذلك عجز الخطاب السياسي من توفير الحد الأدنى للكينونة الفلسطينية والتي دخلت فيها عوامل متعددة من عدم رؤية صحيحة لنسيج العلاقات الدولية ، وبما تحمله على كاهلها حركة فتح من رداءة الأداء و الفساد في السلطة الوطنية وكذلك عدم توفر برنامج سياسي موحد لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، ومجمل القضايا التي تكثر تفصيلاتها قادتها زمرة وفئة استأصلت في الناحية البنيوية لأطر حركة فتح والسلطة الوطنية تلك الفئة التي لم تحاسب على أفعالها وممارساتها ونهجها التخريبي في كافة المستويات .

تخريب ممنهج للوصول إلى الحقيقة القائمة الآن وبدون حسيب أو رقيب ، وكان الشرف لكثير من الكتاب والكوادر الملتزمين النظرة الصائبة في تشخيص جميع الظواهر والحالات ومعايير قياسها والتحذير منها ، إلا أن التمادي في السلوك والممارسة كان يعني الانهيار والذي لا مبرر له سوى ترسيخ مفهوم العمل المبرمج للوصول إلى تلك النتائج ، وفي الحقيقة إنها خيانة للإطار وللأهداف والمبادئ وللنظام ولجل من الشهداء المؤسسين الذين مضوا على درب النضال .

لقد انعكست عن تلك الممارسات البيروقراطية التنظيمية والبيروقراطية السلطوية التي ابتعدت عن حس الشارع الفلسطيني والتي أفرزت ( فئة الإقطاع ) سلوكيا وسلطويا وممارسة كل ذلك كان كفيل بإسقاط أي حركة أو تجربة فورية والغريب أن تلك الفئة أو بعض منها ، وبعد أن أصبح السقوط واقع لا بد الخروج منه ما زالت تلك الفئة تخرج على الفضائيات لتنظر وتبرر محاولة لباس ثوب جديد في حين أنها متهمة وبشكل مباشر في وجود حالة التردي وتتشدق وتقول سنعتكف للبناء الداخلي والإصلاح ، ونوجه لهم القول أين كنتم خلال 10 سنوات ؟؟!!! هل كنتم مغيبين أو غائبين في كل الأحوال أسئلة لا تنتظر إجابة ( عذر أقبح من ذنب ) وننتظر من واقع الانتماء والالتزام الوطني أن تقدموا استقالاتكم إذا كان هذا الحس متوفرا وموجودا بعد حالة التخمة ، وبعد انغماسكم في المظاهر السلوكية التي أبعدت قوى الشعب عن حركتها وطليعة نضالها الوطني حركة فتح ، كم من الطاقات أهدرتم على قاعدة الولاء الشخصي والاستلام والمحسوبية داخل الأطر وخارجها ؟ ، حينما حضرت أوسلو ، وعدتم للوطن كل منكم أخذ حاشيته ومستزلمين وأقاربكم وأولاد عمومتكم وتركتم الكادر الحركي خارج الوطن يتلظى من آلام الابتعاد عن الوطن ومن آلام الشرذمة والانفلات الممنهج والانفلاش ، وكانت هذه النتيجة التي لم تقنع جماهير شعبنا في الداخل بصحة خياراتكم وبتواجدها على الأرض الفلسطينية ، ولسنا بصدد نشر غسيلنا الآن ، ولكن نقول كفى اتركوا هذه المواقع ليقودها من له قدرات عليها .

والشيء العجيب حقا ، هل أدركتم أهمية منظمة التحرير الآن ؟!

أين كانت منظمة التحرير ما قبل الانتخابات ؟ كم مؤامرة تعرضت لها مؤسسات منظمة التحرير داخل الوطن وخارجه ؟ ألم تتيقظوا أن فصائل منظمة التحرير برمتها أمام تحدي مع قوى خارج منظمة التحرير تحاول أن تفرض نفسها بديلا ، وهذا ما حدث فعلا .

إننا نطرح السؤال التالي :

لماذا لم تشكل قائمة واحدة لمنظمة التحرير في الانتخابات التشريعية ؟! ولو شكلت بالاتفاق الأدنى ماذا كانت النتيجة ستكون ؟

في اعتقادي أن نصرا كان يمكن أن يحقق ، ولكن كيف لنا أن نسأل ذلك ومنظمة التحرير الفلسطينية ليس لديها برنامج موحد لفصائلها متفق عليه ، وكيف لنا أن نسأل ذلك في ظل عملية تخريب ممنهج وكيف لنا أن نسأل ذلك والأنانية والتشرذم الفصائلي والأطماع المتزايدة في مواقع في السلطة غيبت العقل وغيبت الخيار الصحيح

، في حين أن قناعتنا التي كررناها في عدة مقالات أن المرحلة النضالية لشعبنا لا تستوعب الدمقرطة بشكلها الذي طرح لأننا في مرحلة تحر وطني ولم نصل بعد لعملية الدمقرطة ، بل هي كانت أسلوب لإسقاط القوى كما حدث في البرايمرز في حركة فتح .

استحداثات في النظام الداخلي وتجاوزه ، واستحداثات في السلوك الموضوعي لحركات التحرر الوطني ، وكان هذا يعني سقوط للبرنامج النضالي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب لفلسطيني ، واختراق لقوى حديثة نحترمها ونتطلع لما ستحققه من برنامجها النضالي تجاه تحقيق أهداف شعبنا ولكن يجب أن لا تمر مرحلة السقوط بدون عقاب وحساب ، و لأن الذي أستهدف مسيرة شعب وتجربة شعب وتاريخ شعب على مدار 41 عام ، آن الأوان لحسابه وعقابه ، وآن الأوان أن يضع كوادر هذه الحركة وفصائل منظمة التحرير النقاط على الحروف لهذه المرحلة والمرحلة القادمة .