الاثنين، 1 مارس 2010

استهداف الإرادة الفلسطينية


د.هاني العقاد
 تزاد الحرب التي تشنها إسرائيل  ضراوة يوما بعد يوم , وساعة بعد ساعة ,والجديد اليوم هو ازدياد ضراوة الحرب الإعلامية الصهيونية التي تستهدف كل الهياكل الفلسطينية بما فيها الفصائل والحركات الوطنية وقادتها  ,والغريب أن هذه الحرب لها من يلهث ورائها من دول عربية و أفراد باعوا ضميرهم الوطني  , يتتبعوا ما تعرضه تلفزة وجرائد إسرائيل من تقارير وصور وحكايات  وتصريحات جميعها تستهدف القادة الفلسطينيين والسياسة الرسمية الفلسطينية بالداخل و الخارج  و يبدءوا في تكبيرها و نشرها بطرقهم الأكثر مكرا من مكر الإسرائيليين , وتتزامن هذه الهجمة
 الإعلامية مع الهجمة الصهيونية  الإجرائية على الأرض بكافة المدن الدينية الفلسطينية كالقدس والخليل و بيت لحم  . لقد باتت إسرائيل تستخدم الأداة الإعلامية بقوة وتوحد لأنها تعتبر اقوي من المواجهة العسكرية المفضوحة لغرضين,  الأول التغطية على جرائمها الرامية لزعزعة الأمن العربي الداخلي على الساحات العربية و قضايا التزوير و انتهاك السيادة العربية و تورطها مع دول أخري في هذه القضية أو تلك ,والثاني لأنها تضعف وتفتت صلابة الموقف الفلسطيني  سعيا لكسر الإرادة الفلسطينية القوية والتمكن من التغير دون لوم آو دون ثورة المجتمع الدولي . يزداد
 التطرف الإسرائيلي بازدياد التشتت والتبعثر العربي واستمرار الانقسام الفلسطيني والانشغال بقضايا التناكف وقضايا امتلاك أوراق السيطرة على المجتمع الفلسطيني دون الانتباه لما هو اخطر والأعقد بمسيرة الصراع الطويل , ودون الانتباه لما يبقي في نفس الفرد الفلسطيني الصابر على الألم والجوع والفقر والحرمان مع هذا فانه يواجه الإعلام الماكر ويدافع عن إرادته الفلسطينية بكل فخر و اعتزاز . أن كسر الإرادة الفلسطينية أصبحت الشغل الشاغل للإعلام الإسرائيلي لأنها تستخدم المكر والدهاء الإعلامي بهدف خلق جيش من البسطاء الذين يسقطون في شرك الإعلام
 الإسرائيلي لخلخلة وزعزعة الاستقرار الداخلي الفلسطيني وتبدأ بالتأثير على الشارع الفلسطيني نفسه  , لان المعروف أن إسرائيل تحاول تحريك دائرة الإضعاف ودائرة التشكيك لأنها بدأت تدرك أن الموقف الفلسطيني الرسمي يزداد قوة يوما بعد يوم ولم ينل منه الانقسام بالشكل الذي تتوقعه ولم تنل منه موضة الفساد الأخيرة والتقارير المتلفزة  .
 أما على الصعيد الإجرائي فان إسرائيل مستمرة بالاستيطان و وخطط تهويد القدس وتغير معالمها العربية ومستمرة في مخطط اعتبار المقدسات الإسلامية بالقدس والخليل و بيت لحم من الأماكن التي تعود إلى دائرة اثأر إسرائيل ,وهذا يعني أن إسرائيل هي التي تتولي عملية السيطرة الحقيقية على هذه المقدسات ولا يحق للفلسطينيين و لا حتى العرب أي كانت صفتهم إجراء أي عمليات صيانة أو إعادة تشيد أو إضافة لأي من المقدسات الدينية إلا عبر هيئة أثار إسرائيل  و التي بالتأكيد ستمنع أي من عمليات الصيانة و التشييد في المباني القديمة . اليوم تدخل المعركة بين
 الفلسطينيين و الإسرائيليين مرحلة دقيقة من مراحل الصراع  و هي مرحلة التخلص من الأماكن الإسلامية و تحويلها لليهود أو إبقائها خارج السيطرة العربية ولعل هذه المرحلة تعني أن الصراع بات في المرحلة الأخيرة من تاريخه ,وتعني أن السلام يبتعد و يصبح مستحيلا مرحلة بعد أخري.
من يحكم إسرائيل اليوم ليس  بنيامين نتنياهو بعقلية رئيس وزراء يسعي لان يعيش شعبة في سلام مع باقي شعوب المنطقة, وإنما  بعقلية جولدشتاين اليهودي المتطرف القاتل الإرهابي الذي احتفل المستوطنين  في الخليل قبل يومين بمرور ستة عشر عاما على قتلة 29 فلسطينا في المسجد الإبراهيمي بالخليل , ولعل هذا الحاكم  يسعي لتحقيق أهداف إسرائيل و تمكنها من ما تبقي من الأرض العربية بهدف إكمال وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية على ارض فلسطين دون الاكتراث بسعي العرب لفرض السلام بمساعدة الدول المركزية بالعالم و التي لها علاقات مصالح مشتركة مع إسرائيل  . أنها
 جزء من الحرب على السلطة الفلسطينية و جزء من الحرب على ثوابتنا الفلسطينية يثريها الإسرائيليون يدافعون بها عن أنفسهم و ينالون من كياننا, أنها الحرب الإعلامية التي تستهدف السلطة الوطنية والوجود الفلسطيني و وحدة صفة و كلمته و الهدف من ذلك ألا وهو تمرير المخططات الإسرائيلية والأمريكية التي تضغط على القيادة الفلسطينية لتفاوض من موقف ضعف و تفاوض على بقايا وطن وتفاوض لتعطينا وطناَ ممزق مبعثر , وطن لا يبقي به منفعة لأصحابه ولا يبقي به عنوان لوطني يقبل بما تنوي منحه إياه إسرائيل , لكن على إسرائيل أن تدرك أن كافة أشكال المواجه على الأرض
 وخطط التهويد وحرب الإعلام المرة لن تنال من الإرادة الفلسطينية وصلابة موقفها من قضاياها الوطنية وسلامة موقفها من العملية التفاوضية و المسيرة السلمية بشكل عام , وستبقي إسرائيل تتخبط في وحل فضائحها و وحل يهوديتها  و وحل العيش بلا سلام عادل يوفر الأمن و الطمأنينة لجميع شعوب المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق