الاثنين، 26 أكتوبر 2009

عن "الحطيئة" و"دان شفتان"

عريب الرنتاوي

قلة من الناس، تشبه وجوههم أرواحهم وتشف عنها.

البروفيسور الإسرائيلي دان شيفتان، هو واحد من هؤلاء، فما أن تنظر إلى وجه الرجل، حتى تتأكد كم هي خبيثة وخسيسة وكريهة تلك "الروح" المستترة خلف ذلك الوجه القبيح، ولكم تمنيت بعد أن فرغت من قراءة تصريحاته الأخيرة لو أن أحدا ترجم "الحطيئة" للعبرية، ليتاح لشفتان ترديد قوله: "أرى لي اليوم وجهاً قبّح الله شكله...فقبّح من وجـهٍ وقبّـح حاملـه".

ولو كان للقبح جائرة عالمية، لحصدها المدعو شيفتان من دون عناء، ولكان الأول في قبح "المنظر والمحضر" على حد سواء، فمن خلف طلته المنفرة والمستفزة، يخفي الرجل كراهية سوداء لكل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم، ومن موقعه كمحاضر ومسؤول في معهد الأمن القومي، لا يدخر الرجل جهدا في "تسميم وعي" جيل كامل من القيادات العسكرية والأمنية الأسرائيلية، بكل الأفكار العنصرية المستمدة من نظرية "العرب الصراصير" و"العرب كتعبير عن فشل الجنس البشري".

في مؤتمرات أممية، رأيت الناس ينفرون منه ويتبعدون عنه كما لو كان مصابا بالجذام والجرب، وهو مصاب بهما بالفعل، وفي وجهه وروحه وعقله، ورأيت إسرائيليين – قلة بالطبع - يخلجون من "نازيته" التي يبرأ منها النازيون أنفسهم، لكن والحق يقال، فأن تجربة السنوات الفائتة، برهنت بما لا يدع مجالا للشك، بأن الكثرة الكاثرة من المسؤولين الإسرائيليين يجدون قواسم مشتركة عريضة مع الرجل وأفكاره السوداء، ويطربون لسماع نكاته السمجة عن العرب والمطعمة بحكايا "الحمص" و"شرائح البطاطا" وما إلى هنالك.

ذات مرة، اقترب دان شفتان من عضو في الوفد الأردني إلى أحد المؤتمرات الأممية، "داعبه" بالقول، ولكم أن تتخيلو كيف يمكن لرجل هذه صفاته أن يداعب أحدا: أننا وأنتم لنا عدو مشترك، "اهتز بدن" صديقنا الجنرال المتقاعد وانتفض مبتعدا، من أنتم ومن نحن وعن أي عدو مشترك تتحدث، رد عليه شفتان بصفاقة باردة تليق بضباط الغستابو، نحن الإسرائيليين وأنتم الأردنيين وعدونا المشرك الفلسطينين، استشاط صديقنا غضبا، وكان للمدعو شفتان ما استحق من ردة فعل لا تليق إلا به.

حين يتعلق الأمر بالموقف الإيديولوجي، فإن العرب جميعا أردنيين وفلسطينيين ومغاربة ويمنيين، هم التجسيد الحي لفشل الجنس البشري عند شيفتان وأمثاله، أما حين يتعلق الأمر بالسياسة و"فرق تسد"، فإن البحث عن أعداء مشتركين يصبح أمرا ذي قيمة، فاللبناني والأردني وربما السوري لاحقا، يمكن أن يقدم كصديق مقابل الفلسطيني / العدو، وهذا ما تفعله "السياسة الإسرائيلية العليا" على أية حال، فهي تسعى للتقرب والاقتراب مما يسمى "عرب الاعتدال" في مواجهة "محور الشر والتطرف"، هنا وهنا فقط، لا بأس بين التمييز بين عرب عاربة وعرب مستعربة، أما عند التصنيف "الدارويني" فإن العرب جميعا، تعبير عن فشل الجنس البشري، وشاهد على وجود "حلقة مفقودة" في سلم النشؤ والارتقاء و"أصل الأنواع".

ليس دان شيفتان أيها السادة، سوى عقل مريض واحد من بين جملة من العقول المريضة، التي صبت الرصاص المصهور على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ في غزة وجنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية...ليس هؤلاء جميعا سوى مجرمي حرب و"متعهدي" جرائم ضد الإنسانية، أسماهم غولدستون في تقريره باسمائهم ولأول مرة، فتعالوا نتضامن جميعا للاقتصاص منهم وسوقهم للمحاكم وإيداعهم خلف القضبان، لكي يدركوا ويدرك من هم على شاكلتهم بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولّى، وأن المحرض على الجريمة مجرم، والمنظّر لها، شريك في الجرم والغرم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق