الخميس، 26 نوفمبر 2009

كوني عاقراً يا أرض فلسطين


د. فايز أبو شمالة
ما قاله الشاعر العراقي مظفر النواب، في قصيدته المشهورة "القدس عروس عروبتكم" قبل عشرات السنين يتحقق اليوم، وقد صارت أرض فلسطين عاقراً، وتوقف رحم نسائها عن الإخصاب، وما عادت قادرة على أن تلد، أو تعطي بديلاً للسيد عباس، الذي لوح بعصا الاعتزال، فاهتزت كل الأغصان وألقت بأوراقها الجافة، وهي تصرخ من الشرق إلى الغرب: لا بديل عنك يا مصدر الكرامة والمجد، نريدك ولا نريد غيرك، لا بدائل تقود المرحلة سواك، أنت وبس القائد الفذ الذي لا قبله ولا بعده، وأنت فقط من تلتقي على شواطئك كل أمواج الوطن الهادر بالمفاوضات، وتصب في بحرك كل روافد رفض المقاومة؟
أيعقل ذلك؟ وما العمل لو توفي السيد عباس بنوبة قلبية، أو بأي حادث عارض؟ هل تضيع حركة فتح، ويضيع التنظيم، وتضيع المنظمة، وتنتهي السلطة؟ أي وطن هذا الذي يعلق في عرقوب شخص، ويتأرجح بين أنامله؟، أيعقل أن السيد عباس قد صار يفوق الشهيد أبي عمار مكانته وتأثيراً، ورمزية، وصار يمسك بزمام كل الأمور؟
ما الذي يجري في فلسطين؟ وكيف التقت كل الآراء، والأسماء، والشخصيات والقيادات لتطالب بضرورة ترشيح السيد عباس نفسه، فلا خيار سواه، ولا أمل جفاه؟
قد يكون اللهاث خلف السيد عباس له معنيان:
الأول: اضمحلال القيادات السياسية الفلسطينية إلى حد البؤس، والفشل في ترتيب أمرها. ولا أحسب ذلك، وقد تم التوافق بالأمس على السيد عباس رئيساً بعد استشهاد عرفات.
الثاني: النفاق السياسي الذي جعل الجميع يتسابق للغناء على ربابة السيد عباس، وقد وثق جميعهم أن الذي يجري مناورة، وبالتالي يتوجب دعمها، والمطالبة بعودة الرجل، وتسجيل المواقف. وهذا هو الوجع الفلسطيني الذي يجب أن نبرأ منه قبل الحديث عن تحرير فلسطين، ومحاربة الصهيونية، إنه وجع التزلف، والانقياد، والتسليم للقائد، والانقياد، إنه وجع الرعب من نقد القيادة، والخشية من المبيت في العراء لو تجرأ صوت وقال ما يخالف حلم القائد.
ما سبق يفرض علينا التميز بين من ينشد وطن، ويستعد للتضحية بالنفس، وبين من ينشد حياة الدنيا، ويستعد للتضحية بكل شيء إلا بالنفس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق