الخميس، 26 نوفمبر 2009

ليست مصر ولا الجزائر: إنها فلسطين..!


أيمن اللبدي
هل كانت المشاهد المخزية، التي تخللتها حالة «ألا لا يجهلن»، بين مصر والجزائر، ضرورية حتى نكتشف معها مخزون الفشل العربي، ورصيد التوهان المخيف في هذا العالم العربي؟
شخصياً،لا أظن ذلك، فهي حالة واحدة من عدة مئات من الحالات التي تمر يوميا، ليس بينيا فقط على تخوم الحدود العربية وعبرها، بل وحتى في داخل بنية السكون والحركة في القطر العربي الواحد نفسه، بحيث عندما تهب أدنى رياح تحدي لهذه الأوضاع، أو اختبار لها ، تكون النتائج السريعة والمباشرة، كاشفة لا ساترة فيها، لبشاعة الفشل المحتوم، والذي لا يريد العربي اليوم أن يكتشف حدود خزاناته، بل واحتياطاته الإستراتيجية.
طبعاً، محق كل من هزّته انحدارية المستوى السلوكي، الذي واكب هذا الاختبار العربي الجديد كروياً، وبحسب ما يقف عليه أن يشرع في التساؤل، وأن يبحث عن الرواسب والهزائم، ومعها الطافيات والعالقات، وأن يتساءل عن العروبة والأصول، وأن يبحث في سجلات البسوس وداحس، وأخواتها من الأب والأم، وربما المستجلبات الجديدة بالنسب، بعد العولمة وربما قبلها قليلا، وعلى الجميع أن يذكر، ساعات بعينها امتحنت قبل ذلك بكثير، مسألة العرب والعروبة، في العواصم التي انهالت عليها الصواريخ، والعواصم التي اندفعت منها الفتاوى والمعاذير.
حتام يبقى العربي يخدع نفسه طويلا؟
المسألة هي الامتحان الأول، لأنه الامتحان الأخير، ليس فقط لوجوده المستقبلي، وليس فقط لنوعية الحياة التي يحيا الآن، بل أيضا المسألة كانت ولا زالت هي امتحان العروبة، والفشل فيه، هو الفشل في البقاء.
الشعار الذي طالما اهتدت هذه الأمة العربية يوم كانت تملك بوصلتها به، في مسألة فلسطين كقضية مركزية وقومية، واحتشدت طاقاتها وإن لم تكن على أفضل الوجوه المأمولة والممكنة، لتخوض به معركتها الرئيسة في فلسطين، لإنها ليست فقط معركة تحرير الأرض العربية، بل معركة البناء وغرز الأقدام في هذا العالم بثقة،ومعركة الهوية والعروبة والمستقبل، وفي قلب اقتصاد هذه المعركة، كانت الأمة تتجه لتبني وتضحي وتلملم وتعلي رأسها في هذا العالم، كانت تسمع من الشعوب كلها كلمات الاقتداء بما لديها من نماذج قومية ووطنية خالدة.

عندما تركت الأمة فلسطين، والقضية المركزية، وتغطت بشعار الهروب المستخدم منذ عقود، السلام الاستراتيجي واقتصاد الرفاه في دول العلم  والإيمان، أصبحت هذه الأمة تأكل نفسها، وتخدع ذاتها، وعندما أنهت رصيد المجموع، انداحت لتأكل في داخل كل منها وعلى كيفها، وما حدث مؤخراً ليس إلا واحدة من حالات أسوأ كثيراً، تنتظر طريق التخلي عن علة الوجود الأساسي في مركبات هذه الأمة، وخيار التخلي عن الصمغ الحقيقي لشعتها وشتاتها، ومسار التوهان الكبير بعيداً عن الفلك الصحيح، والدواء الناجع لمرض فشلها المريع في كل مجال، وليست الكرة على كل حال هي أهونها، ولا هي الكاشفة الأخيرة، طالما بقيت القصة  عند مربع الفشل المركزي، فكل فشل بعده واقع لا محالة، إنها فلسطين أيها العرب مثلها مثل الصلاة يوم الحساب، إن صلحت صلح سائر العمل، وإن فسدت، فلا عمل، وانتظروا كاشفة جديدة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق