الأربعاء، 4 نوفمبر 2009

عبد خطار الفلسطيني الطيب

بقلم: نضال حمد*

03/11/2009

يتوزع الكثيرون من ابناء فلسطين في شتاتهم الجديد ، المتجدد ، على كافة بلدان الدنيا ، لكن العدد الأكبر منهم هاجر الى المانيا واسكندنافيا في القارة الأوروبية. فمنهم من واصل المسيرة بهمة وعن قناعة وجعل قضية فلسطين نبراسه و شعلته المضيئة دوماً، و منهم من أكتفى بالحياة الدنيا ، وعمل بالمثل القائل ما لقيصر لقيصر و ما لعبده لعبده. لكن أبو أمين القادم من مخيمات دفعت ثمناً باهضاً لأجل فلسطين ودفاعاً عن منظمة التحرير الفلسطينية ، هذه المنظمة التي فيما بعد اختطفت ، واسخدمت كشرعية من قبل المهيمنين عليها من الذين ارتضوا الاستسلام رسمياً ثم التخلي عن حقوق شعب فلسطين ومخيمات اللاجئين في الداخل والخارج. ثم اصبحت المنظمة مجرد يافطة لتقديم التنازلات ومحاربة كل من يفكر بجدية بفلسطين وحقوق شعبها.

حصل أن التقيت ببعض المنسيين في اعلامنا الفلسطيني الموظف لخدمة الفصائل والأحزاب والأبوات. لكن هؤلاء كالنوا ومازالوا حاضرين بنشاطاتهم وعملهم المتفاني لخدمة شعبهم وجالياتهم ومخيماتهم وقضيتهم الوطنية. نراهم في كل كبيرة وصغيرة تشهدها القارة العجوزلأجل فلسطين. إذ لا يمر حدث في المانيا مثلاً إلا ويكون الجندي المجهول عبد خطار حاملاً سلاحه التقليدي ، كاميراته الديجيتال وكاميرا الفيديو ، حيث يجول و يصول مصوراً و محاوراً في احيان أخرى. ولا يخلو حدث في المانيا بالذات من بصمة عبد خطار الذي يقوم بتغطيته وتوزيعه ونشره في موقعه المعروف.

التقيت خلال تجوالي في أوروبا بكثيرين من ابناء فلسطين لكن لقائي مع الفلسطيني عبد خطار أبن مخيم البداوي كان مميزاً وحاراً منذ البداية حتى النهاية. فهذا الرجل رياضي فلسطيني سابق ، ولاعب كرة قدم معروف في الوسط الرياضي الفلسطيني في لبنان ، لعب في سنوات التواجد الفلسطيني هناك لفريق الشبيبة الفلسطينية ، الذي خرج عدداً لا بأس به من الرياضيين الفلسطينيين المعروفين على صعيد مخيمات لبنان. وهو سليل لعائلة فلسطينية من الجليل الفلسطيني المحتل ، حيث أجبر سكانه تحت ضغط جرائم و هجمات العصابات الصهيونية الى الرحيل نحو لبنان و سورية تماما كما حصل مع الشعب الفلسطيني كله تقريباً ، و الذي تشرد في بلدان الجوار العربي وفي داخل فلسطين المحتلة. ثم في العالمين الغربي و العربي.

بعد رحيل منظمة التحرير الفلسطينية عن لبنان سنة 1982 و بدء حملات الانتقام و التنكيل باللاجئين الفلسطينيين هناك ، هاجر عبد خطار مثله مثل الكثيرين من ابناء المخيمات الفلسطينية الى المانيا ، و استقر به الحال في العاصمة برلين. و من عاصمة الرايخ العريقة واصل عبد خطار مشوار النضال لأجل فلسطين كل فلسطين، لكن هذه المرة بوسائل أخرى ، بالصورة والفيديو ، بالصوت والمشهد، بتغطية الأحداث المتعلقة بالنشاطات لأجل فلسطين، بنشر وتوزيع أخبار مخيمه البداوي ، ثم اخبار كل مخيمات شعبه المعذب والمهان في لبنان ، حيث حواجز الجيش اللبناني العتيد على أبواب ومداخل المخيمات. وحيث القوانين اللبنانية العنصرية ضد الفلسطينيين هناك.

استطاع عبد خطار لم شمل معظم ابناء مخيم البداوي في منتداه ، منتداهم. تعلم برمجة المواقع الالكترونية ، و برع في ذلك ، فكانت أولى خطواته تأسيس موقع و منتدى مخيم البدواي ، الذي جمع معظم ابناء المخيم في لبنان والشتات العالمي الواسع. استمر بالعمل في الموقع والمنتدى وحقق نجاحات عديدة ، وها هو الآن يحسن موقعه ليصبح بمثابة وكالة انباء للمخيمات والجاليات وللفلسطينيين في المانيا و اوروبا.

تعرفت على ابي أمين في مؤتمر برشلونة لاتحاد الجاليات والفعاليات والمؤسسات الفلسطينية في اوروبا والشتات ، ثم التقيت به في مؤتمر العودة (فلسطينيو اوروبا ) بكوبنهاغن في الدنمارك. وعدنا لنلتقي في مهرجان ذكرى نكبة فلسطين في برلين ، حيث حضرته ممثلاُ عن اتحاد الجاليات والفعاليات . هناك تعرفت عليه أكثر وتوطدت العلاقة والصداقة ، أصرّ على أن أنزل ضيفاً عليه في برلين مدة اقامتي القصيرة هناك. و في منزله تعرفت على عائلته الطيبة مثله، فشعرت أنني بين أهلي وخلاني في مخيمنا عين الحلوة. لم يمر الوقت في داره دون أن أستفيد من تلك الاقامة ، فطلبت منه أن يعطيني بعض الدروس الالكترونية خاصة أنني لا أملك مقدرات علمية في هذا المجال ، مع العلم أنني أعمل في موقعي الصفصاف كيفما اتفق ووفق ما أعرفه من تكنولوجيا وتقنية الشبكة العنكبوتية . لم يصدقني عندما أخبرته أنني اعمل في موقعي لوحدي وأن معلوماتي الالكترونية شحيحة. فعاجلني بعدة دروس مركزة و زودني ببعض البرامج التي ساعدتني فيما بعد على تطوير موقعي.

عبد خطار مثال جيد ،جميل وحيّ على تألق الفلسطيني في منافيه وشتاته ، وعلى تعلقه بفلسطين الكاملة وانسلاخه عن الذين باعوا فلسطين ومازالوا يمارسون مهنة التجارة وشراء الذمم والعقول والمواقع الالكترونية و وسائل الاعلام. وهو أيضاً مثال حي على قدرة العطاء التي لا تنضب لدى الفلسطينيين المؤمنين بقضيتهم. أبدع و يبدع و لا بد أنه سوف يبدع أكثر لأجل وطنه وشعبه و قضيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق