الأحد، 7 فبراير 2010

استيراد العراق للغاز.. خطوة عبثية سخيفة..


ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
     مصانع معالجة الغاز العراقي، قلّما تعمل بـ 30% من طاقاتها الإنتاجية، وعند إصلاحها بشكل مناسب يتوقف الغاز المشتعل تماماً في المنطقة.
     أول مرة سمعتُ (كاتب المقالة) بلفظة "سخيفة/عبثية absurd" كان قبل أكثر من خمسين عاماً بالارتباط في حينه مع "مسرح العبث theatre of the absurd" الشهير، فيما وصف بـ "عالم بدون معنى أو الشخص الدُميّة العامل تحت سيطرة أو تهديد قوة خارجية غير منظورة."
     لم أعلم آنذاك بأني سأعيش لآُشاهد احتلال العراق والحالة العبثية/ السخيفة لوضع الطاقة التي اعقبت الاحتلال.
     تفيد التقارير مؤخراً في كافة وسائل الإعلام الإيرانية بأن المحادثات الجارية توحي بتزويد العراق بالغاز الطبيعي الإيراني. نشرت صحيفة إيران تايمز والصحافة التلفزيونية نقلاً عن مصطفى كشكولي Mostafa Kashkouli- نائب المدير العام لشركة الغاز الوطنية الإيرانية- قوله بأن " إيران في مفاوضات مع العراق لضخ صادراتها من الغاز إلى البلد الجار عن طريق خطين من خطوط الأنابيب التي تعبر الحدود في دهلوران Dehloran." وأن إيران "تحاول زيادة حصتها في سوق صادرات الغاز بإيجاد فئات جديدة من المستهلكين."
* بعيد جداً     Faraway
          وفي العام الماضي أوحى وزير النفط الإيراني- مسعود مير كاظمي- أن بغداد قد تستفيد من الغاز الإيراني في جهودها الرامية لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.
     كم هو "جميل"، في الواقع، عندما يكون هناك صمت مطبق، من جانب وزارة النفط العراقية- الكيان المخول قانوناً لمثل هذه الصفقات.. لكن صحيفة الزمان نشرت بتاريخ 27 ديسمبر/ ك1 بأن وزارة الكهرباء تقوم بإرسال وفد عراقي إلى طهران لتوقيع إتفاق استيراد الغاز..
واصلت الزمان متابعتها بأن هذه " إشارات ليؤول العراق معتمداً/ تابعاً dependent على/ لـ الجارة إيران في سياق الحصول على تجهيزات وسلع ضرورية منذ الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003." كذلك في 29 ديسمبر، طالب النائب تيسير المشهداني وزارة الكهرباء استغلال حقول الغاز في العراق بدلاً من أنابيب الغاز الجاف من إيران. 
لا توجد خطوط غاز ونفط عابرة للحدود بين العراق وإيران ودهلوران، فهي بعيدة عن الشبكة العراقية، في حين أن خورمشهر أو المحمرة، كما هي معروفة للعراقيين بهذا الاسم، قريبة جداً من حقول الغاز العراقية المنتَجة المشتعلة هباءً وبصفاقة shamelessly..
     بطبيعة الحال، ففي الظروف الاعتيادية، لا حرج على إيران محاولاتها تصدير إنتاجها من الغاز إلى العراق، وأيضاً لا خطأ مع العراق إذا كان حقاً بحاجة إلى استيراد هذا الغاز. ولكن في العام 2009 بلغ إنتاج العراق من الغاز المصاحب بحدود 1,500 مليون قدم مكعب mcfd يومياً. تمت الاستفادة من 800  mcfd فقط، وتُركت بقيتها تحترق ومعظمها في الجنوب.
* محطات المعالجة   Processing plants
     مصانع معالجة الغاز العراقية لا تكاد تعمل بنسبة 30% من طاقاتها، وعندما يتم إصلاحها بشكل مناسب لن تبقي هناك أية كمية غاز محترقة في المنطقة. كذلك عند إنجاز صيانة شبكة الخطوط وربط الجزء الصغير/ القصير المتبقي، والواجب على بغداد إنجازه بشكل نهائي، عندئذ سيتحقق إنتاج واستهلاك كافة كميات الغاز من قبل محطات توليد الطاقة بدلاً من الحالة الاضطرارية القائمة بالاعتماد على الوقود السائلة الباهضة الثمن.
     على الرغم من ضآلة ما تحقق منذ احتلال العراق لإحياء هذه المرافق، آمل أن لا يقع العراقيون في مثل هذا الوضع العبثي السخيف بالاضطرار للعثور على واردات، واعتبارها أسهل من ترتيب بيتهم من الداخل، مثل النظر إلى واردات المنتجات البترولية كطريقة أسهل من صيانة وتوسيع المصافي العراقية.
     معالجة الغاز المشتعل، ستمنح العراقيين، كذلك، الفرصة لإنتاج المزيد من الغاز النفطي السائل LPG، وإيقاف الواردات المستمرة منذ العام 2003. بلغ متوسط واردات العراق العام 2009 نحو 750 طن يومياً وبتكلفة هائلة.
     منذ أكثر من عام تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة شل لإصلاح وتحديث والاستفادة الكاملة من موارد الغاز في جنوب البلاد، لكن هذا الإتفاق لم يتم تحويله إلى إتفاق ملزم بسبب عدم وضوح فقراته، ومن ثم استمرار اشتعال الغاز العراقي بلا هوادة.
     كافة المهام التي تواجه قطاع الغاز في العراق هي أسهل بكثير من الاعتماد على دولة إدّعت مؤخراً بأن المياه العراقية العميقة في محطة خور العمية العاملة منذ أكثر من خمسين عاماً.. تقع في حدود مياهها الإقليمية!! كذلك احتلت إيران مؤخراً بئر النفط العراقي- فكه- القريب من الحدود المشتركة بين البلدين.. هذا البئر الذي هو محل استغلال العراق منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي..
     آمل أن أرى ذاك اليوم وقد عاد العراق لاستخدام إمكاناته إلى الحد الأقصى المتاح، وعندما لن يكون أمراً عبثياً سخيفاً الحديث عن الواردات من بلدان الجوار أو التصدير إليها..
مممممممممممممممممممممممـ
Iraq's gas import move absurd, By Saadallah Al Fathi, Special to Gulf News, Published: 00:00 January 25, 2010.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق