الجمعة، 19 مارس 2010

الباحث والكاتب الفلسفي زهير الخويلدي: يوجد أساس ديني لكل فلسفة علمانية


حوار نبيل درغوث
يعتبر الأستاذ زهير الخويلدي من أنشط الباحثين في مجال قضايا الفلسفة المعاصرة، يؤمن بأن الفلسفة فعل بناء وتأسيس للوجود الافضل والحياة الارحب، ويذهب الى ما ذهب اليه «ادرنو» بان الفلسفة تبقى حية طالما وجد اناس معذبون في هذا الالم.
زهير الخويلدي من مواليد 1969 متحصل على الأستاذية وشهادة التبريز في الفلسفة ويعد رسالة دكتوراه حول الفلسفة المعاصرة.صدر له :
ـ لزومية العود على البدء او استراتيجيات فلسفية» ـ تونس 2007
ـ «معان فلسفية» دمشق 2009.
وبمناسبة حصوله على جائزة افضل «كاتب باحث» لسنة 2009 أجرينا معه الحوار التالي:
ـ يقول هيدغر ان الشعراء فلاسفة ظلوا الطريق اما افلاطون فكان يطرد الشعراء من مدينته فما قولك في كل هذا؟
التساؤل عن الشعر من الكوة التي يطل عبرها الفلاسفة إلى الكون وعن الفلسفة من الصور التي يتخيلها الشعراء هو تساؤل بدئي يعبر عن شعرية الفكر وانتاجية القصيدة للمعنى ويكشف عن توأمة طبيعية وتواشج أصلي بين الاثنين في لحظات الانبثاق البكر. لكن ما حصل بعد ذلك هو ان المفهوم فرّق بين التخييلي والتصوري وشطر الكينونة الى نصفين واحد في علاقة بالمرئي المحسوس ينثره الشعراء والآخر في علاقة باللامرئي المعقول يحدثه الفلاسفة بعيون الروح.
هذا التناقض بين الفلسفة والشعر سببه انتشار النزعة الوضعية التي حطمت شجرة الحكمة وفصلتها عن الجذور الرمزية والسردية والفروع العملية والفنية وأرادت ان تجعل منها مجرد خادمة للعلم بعدما كانت حاضنة اللاهوت. وما اطلعت عليه هو ما قاله كارناب من ان الفلاسفة الميتافيزيقيين هم شعراء ظلوا الطريق لانهم تركوا عالم التجربة وانغمسوا في التجريدات وبنوا الانساق وكان عليهم ان يهتموا بالتحليل المنطقي للغة العلمية ليرسموا الحدود بين ما يمكن معرفته وما لا يمكن معرفته، اما هيدغر فهو يرى ان ما يمكث في الأرض يصنعه الشعراء، وبالتالي ثمة علاقة تواشج اصلي بين الفلسفة والشعر والقصيدة موطن تحقق الكينونة والشاعر بإمكانه ان يعبر عن صوت الوجود المتكتم. وما فعله افلاطون بالشعراء كان مجرد تكريم لهم لأنه اراد الانتصار الى اللوغوس بتخطي عتبة الميتوس والتمسك بنقاء المعقول بارتفاع عن ارض المحسوس ولذلك فانه اطردهم من المدينة محملين باكاليل من الزهور واستلف لغتهم واستعمل مجازاتهم في محاورته وكان منبهرا بفتنة لغتهم ومهارة صناعتهم وخصوصا هوميروس وهزيود وهوريدوت وديوجان اللايرتي.
جل الخطابات المعرفية تعيش عطالة وأزمة فكرية منها الفلسفة، فما هي أسباب هذه الازمة؟
نحن الذين نعيش الفراغ بعد ان اضعنا زمام المبادرة وفقدنا البوصلة ونعاني من الاحتباس النظري والعملي والعطالة في مستوى الخلق والابداع فسقطنا في الثرثرة واللغو دون ان نقول شيئا مفيدا وان نتقدم خطوة الى الأمام على صعيد ابداع المفاهيم وإثارة المشكلات الحقيقية لثقافتنا بل تقهقرنا وتراجعنا عما كنا عليه في بداية القرن الماضي وفي عقد الستينات والسبعينات مع بداية تشكل الدولة القطرية المنعتقة من الاستعمار. ان من كان حاله على هذا النحو من التصحر الثقافي والهيئة من التقليد الاجتراري فمن الطبيعي ان يشعر بفساد الوجود وتأزم الاوضاع ويغفل عن النمو الهائل والثورة المعرفية الكبيرة التي تحدث اليوم في دنيا العلوم والفلسفات والتطور المنهجي والديداكتيكي في دنيا التربية والتعليم، ويكفي ان نغير مثلا لغة العلم من الفرنسية الى الالمانية او الانقليزية او الصينية او الاسبانية حتى نكتشف «ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطرت على قلب بشر».
صحيح ان العولة الاختراقية الاستقطابية قد حاولت تهميش الانسانية وساهمت في تعليق الوعي وتنمط التفكير لما سيطر التصنيع على الثقافة والفن وقامت بتسليع الذوق والإحساس والتشجيع على الرفاه والاستهلاك والانتصار الى مبدأ المردود وكوجيتو البضاعة. ولكن هذه العولمة نفسها وفرت الوسائل الرقمية الداعمة لنشر الأفكار الفلسفية وسمحت بتشكل نوع من الفضاءات الافتراضية التي تجري فيها حوارات عقلانية راقية وأفعال تواصلية ابداعية مهمة.
هل يمكن ان يتعايش الخطاب الديني والخطاب الفلسفي؟
يمكن ان نمعن النظر اولا في في مصطلح خطاب وبعد ذلك نبحث في شرعية اسناده الى كل من الدين والفلسفة، الأنسب هو ان نميز بين الخطاب والكلام والمقال والنص وبالتالي يكون الخطاب في مرتبة دنيا من طقرات التلفظ ويكون أقرب الى الإعتقاد والرأي والتصديق العفوي ولكن اذا ما حاز على نظام واحتكم الى قوانين صعد الى درجة الفصل والوصل وكان نظما للكلام بلغة الجرجاني واستحق معانقة سجية التفكير وصداقة المفهوم. من هذا المنطلق يجوز لنا ان نتحدث عن خطاب ديني مثلما فعل نصر حامد ابو زيد عندما مارس عليه نوع من النقد التأويلي ولا يحق لنا نسبيا الحديث عن خطاب فلسفي الا في حالة واحدة وهي حالة التفلسف الزائف والقريب من السفسطة والجدل ولكن في حالة التفلسف الأصيل يكون الأجدر هو الحديث عن المقال واذا زدنا تدقيقا النص بالمعنى الذي يعرفه بول ريكور من حيث هو يجمع بين المفردة والجملة والفقرة وبالتالي يتقاطع فيه الزمن والسرد والفعل والتاريخ.
اذا عدنا الى نكتة الإشكال في السؤال حول امكانية التعايش بين الخطاب الديني والنص الفلسفي، فاننا ننتبه اولا الى امكانية انتاج نص حول الدين ارفع شأنا من الناحية المعرفية والوجودية من مجرد الخطاب وهو امر موكول من الى الفيلسوف اذا ما اراد ان يجعل من المقدس موضوع تفكير ويبحث في الفضاء الايماني عن شكل من المعقولية يجعله اكثر مقروئية وقابلية للفهم والتقبل وهذا ما سمّي في تاريخ الافكار بفلسفة الدين عند هيغل او الدين المدني عند منظري العقد الاجتماعي وخاصة روسو وهيوم ولوك واسبينوزا.
أغلب الفلاسفة الذين فكروا في هذه القضية اكتفوا اما بانكار الدين والدعوة الى تجاوزه باعتباره طفولة العقل البشري والانتصار الى الفلسفة والعلم والتقنية واما المناداة بالفصل او على الأقل التمييز بين الحقلين وبرروا ذلك بوجود تنافر شديد بينهما على مستوى اللغة والمنهج والهدف والمرجع، هذا الموقف نظر اليه المؤرخون على أنه بديهي ومن المسلمات ولم يطله البرهان الرشدي والشك الديكارتي والنقد الكانطي والنفي الهيغلي ولولا الشغل المضني الذي قام به اقطاب الظن في فلسفة الرجة وخاصة مع جنيالجيا نيتشه وعلم التحليل النفسي لفرويد وعلم الاقتصاد السياسي لماركس وفكر الفرق عند دولوز وأركيولوجيا فوكو وتفكيكية دريدا لما أمكن لأحد ان ينادي بضرورة خلع الهالة عن المقدس والعلمنة الجذرية للايمان ولما وقع التمييز بين الدين والالهي ولما تفطن احد الى ان الاديان تحوي على قاع انساني متين وان معظم الفرضيات الضمنية للفلسفات التي تدعي الدنيوية والمادية والواقعية هي ذات منابت روحية ومرتكزات غيبية، واذا كان الامر بهذه الكيفية: يوجد أساس ديني لكل فلسفة علمانية، فانه من المنطقي السير في الاتجاه المعاكس والبحث عن الفلسفي في المعتقدات الدينية ونحن نرى ان القرآن كتاب ان لم يكن فلسفيا بامتياز فهو على الاقل زاخر بالحكمة ويعج بالافكار والقيم والمعايير ويحرض على التفلسف وهو تفكير نقدي حر. وننتهي من هذا التحليل الى القول بامكانية قيام فلسفة عربية كونية يتعايش فيها واجب الاعتبار وحب الحكمة من جهة والتكلم بلسان عربي وترتيل آيات الفرقان من جهة ثانية تجذيرا لفهم افضل لنص الوجود وتشريعا لتدريب انجع للمدينة الإنسية.
تاريخيا كل العلوم خرجت من رحم الفلسفة. وأصبح العلم باكتشافاته وتطوره ليس شرطا اساسيا لقيام الفلسفة فحسب وانما لتجددها، فلماذا الفلسفة اليوم تبدو غير قادرة على استيعاب التطور التكنولوجي الراهن والثورة المعلوماتية؟
لا يمكن فصل تاريخ العلوم عن تاريخ الفلسفة بأي حال وأنّ الفلسفة هي قول ثان في علوم عصرها بما هي قول اول والعلوم هي محك النظر في شرعية الأنساق الفلسفية وهي التي تعطيها حق المواطنة من عدمه. ربما نسجل ثلاثة أنماط من العلاقة بين الفلسفة والعلم: الأولى في الماضي العتيق حينما كان الفلاسفة الموسوعيين علماء وكان العلماء أطباء وفلاسفة بالمعنى الروحي للكلمة واتخذوا صورة الشيخ الحكيم القادم من الشرق والذي عبرت عنه صورة الرواقي الجامع بين المنطق والطبيعة والأخلاق على احسن وجه، هذا الملمح تواصل الى حد ديكارت في القرن السابع عشر ميلادي لكن دخول الإنسانية لمرحلة التنوير شهد تأزما في العلاقة بين الطرفين وبروز تناقض حاد بين العلم والفلسفة وصل الى حد التعادي بين العلماء والفلسفة وقد عبّر عنه كانط بسؤاله الشهير: لماذا تقدمت العلوم ووصلت الى الطريق الواثق للعلومية بينما ظلت الفلسفة على حالها؟ وأفضت الى ذلك القرار الخطير الذي اعلن عنه أوغست كونت بضرورية التخلي عن كل الاشكال المعرفية التي سبقت العلم ونعني بذلك الدين والميتافيزيقيا باعتبارهما وهم ولغو والاهتداء فقط بنور الفلسفة العلمية. وقد انجر عن ذلك بروز تيار علموي معاد للروح الفلسفية ومنتصر للتجربة والمنطق والرياضيات وعلوم الطبيعة ومثله غوبلو القائل بان «كل معرفة غير علمية فهي جهل». كما برز تيار فلسفي معاد للروح العلمي وساخر من دوغمائية العلماء ومنتصر للشعرية والرومانطيقية ومثله نيتشه المشبه للعلماء بالمثال الزهدي الذي نجده عند رجال الدين وهايدغار الذي اشتهر عنه ان العلم لا يفكر البتة وان التقنية عبرت عن جوهر الميتافيزيقا في الفترة المعاصرة.
بيد أن هذا التوتر لم يتواصل خاصة بعد الازمة التي احدثها كل من التقدم العلمي والتقني للطبيعة وتجلت في انهاك كبير لمنابع نشوء المعنى وفراغ في القيم وتدنيس للمقدسات وبعد استفاقة جديدة للتفلسف مع مناهج جديدة تؤكد على الحياة والوجود في العالم وتعتمد اسلوب التأويل وتتجه نحو الإتيقا والفن، وقد ساعد هذا التوجه الى قيام تحالف جديد بين الفلسفة والعلم وتبادل للادوار بحيث تنقد الفلسفة رسالة العلم وتضبط جموح العلماء وترشدهم نحو خير البشرية وتقيدهم بمبدأ مسؤولية المحافظة على الحياة في الكوكب، وفي مقابل ذلك يغذي العلم الفلسفة بالاكتشافات والمنهجيات المساعدة على سبر اغوار الكون وفهم طبيعة الاشياء والافكار والعلاقة بين الكلمات والمعاني.
غير أن تفجر التخصصات وتكاثر العلوم والتطبيقات الفرعية لها في مختلف الميادين جعل عملية اكسمتها وتنظيمها تكون صعبة ومتعثرة لاستحالة رد الكثرة المتنوعة الى الوحدة البسيطة والجزئيات المتشابكة الى الكلي المجرد، ولكن كل ذلك ادى الى نشأة فلسفات جديدة تعنى بالعولمة والتواصل والصورة والتوجيه والاعلام وتتفهم مجتمع الفرجة وحضارة المشهد مثل الميديولوجيا والسبيرنطيقا والنورولوجيا والعلوم العرفانية.
ذكر أحد الباحثين في حقل الفلسفة: «ان الفلسفة يمكن ان نعتبرها قد استنفذت طاقاتها الحيوية التي أبقتها في الوجود لمدة الفين وخمس مائة سنة ولم تبق منها الا حثالة هزيلة من الالتواءات اللغوية والالغاز الشعرية والخطابة الرنانة». هل يمكن اعتبار الفلسفة قد انتهت من خلال ما جاء به هذا الباحث ونضيف الى عصر النهايات من «نهاية التاريخ» و«نهايات الروايات الكبيرة» و«أفول الكتابة» نهاية اخرى وهي «نهاية الفلسفة»؟
تظل الفلسفة حية طالما وجد اناس يتعذبون، هذه القولة لأدرنو من مدرسة فرانكفورت النقدية تعبر عن العلاقة الوثيقة بين الفلسفة والانسان لا سيما وان سؤال الفلسفة الابرز هو من هو الانسان وهي قد نشأت من الذات الإنسانية المتفلسفة وليست لها من غاية اخرى سوى خدمة الإنسانية وتسديدها نحو الحصول على السعاد ودفع الشقاء. ان الفلسفة هي قبل كل شيء تفلسف حر وارادي وجهد في التفكير والتأويل وهي المعقل الفاعل والمعرفة الصانعة وبلوغ درجة من المهارة في كل حرفة وعمل وكل انسان يحوز على قدر يخصه منها وبالتالي لا تستطيع اية فلسفة ان تستنفد طاقاتها الحيوية طالما ان الانسان محور اهتمامها مازال يواجه تحديات كبرى ويطلب من الفيلسف التدخل الفوري ومعالجة المشاكل المستعصية من حروب وتصحر وسوء فهم وانتشار لأمية جديدة وتوسع دائرة الظلام في مقابل تقلص المساحة المخصصة للنور والمعرفة. ان الحديث عن النهاية يلازم تاريخ الفلسفة منذ بدايتها ويتواجد جنبا الى جنب مع الحديث عن البدايات فكل حديث عن النهاية هو بداية لشيء ما وكل حديث عن البداية هو نهاية لأمر اخر.
والتطرق الى نهاية الفلسفة نجده مع ارسطو في العصر الاغريقي التراجيدي في شكل تأليفية عامة تضم كل العلوم والمعارف ومع هيقل في العصر الرومنطيقي الاوروبي بلغة الاكتمال ومعانقة العالم والتحقق الذاتي بالانتفاء في التاريخ وبلوغ درجة المعرفة المطلقة ولكن في كل مرة كان ينبئ بانطلاقة جديدة وعود على بدء ولكن الجديد عندنا هذه الايام هو الحديث عن عدة نهايات تخص الانسان والله والتاريخ والفلسفة والكاتب والقارئ والدولة والديمقراطية والفن وهي كلها تعبر عما سمي بزمن المنعطفات التاريخية والتحولات الاجتماعية العنيفة المرتقبة التي ستغير معالم الزمن ووجه الكوكب ونعته البعض بالقطيعة الكارثية التي ستجعلها نودع معايير قديمة للحياة ونستقبل معايير للتواجد على الأرض غير معهودة.
ما سرّ تأثير فلسفة او كتابات نيتشه في الخاصة والعامة؟
فردريك نيتشه فيلسوف منزعج ومزعج وهو سقراطي من جهة السخرية والتهكم رغم سخريته من السقراطية وتهكمه من تلميذه افلاطون ومناداته بقلب الافلاطونية ولكنه ثائر على المسيحية وغاضب على الميتافيزيقا الغربية وفكره ضم العديد من النبوءات التي تحققت بعده وقد انجب نصه العديد من الفلاسفة الكبار بحيث ان القرن العشرين في نصفه الثاني على الاقل كان نيتشويا رغم ان فيلسوف المطرقة لم يكن ذائع الصيت في زمنه ولم يلفت الى كتبه الا في وقت متأخر نسبيا، عندما تقرأ لنيتشه فان زلزالا رهيبا يحدث في داخلك وتبدأ التفكير على التو في التخلص من الاحكام المسبقة واليقينات الجاهزة وهذا ما حدث لي منذ سنوات الشباب الأولى عندما طالعت سفره الشهير هكذا تحدث زاردشت. لقد كان شبيبها بالمنقذ من الضلال للغزالي او بمقال عن المنهج لديكارت او بالانسان الكامل عبد القادر الجيلي ووقعه على نفسي مازلت اعاني منه الى الان، انه كان قريبا من نفسي واعطاني الحرية لكي أخاطب تراثي بحرية ومنحني لحظات وعي صافية وجعلني انظر الى الفلسفة الغربية بندية. انه يعري الغرب وينقد تمركزه على ذاته ويجلي أوهامه ويكشف عن غريزة الطغيان المحتجبة تحت طبقات الانثروبولوجيا.
أنا من المساندين للرأي القائل بأن سقراط لم يوجد يوما بل هو أسطورة من الأساطير التي وصلتنا من الاغريقيين، هل سقراط حقيقة أم هو أسطورة؟
التأريخ للفلسفة من جهة بداياتها وتحولاتها ومصيرها مشكل عويص وليس حوله اتفاق وهناك من يكتفي بالنظرة الرسمية الغربية لتاريخ الفلسفة وهي التي تنطلق من الاغريق والرومان وتقفز نحو الحداثة مع ديكارت وبيكون وتمر الى عصر التنوير والفكر الوضعي وبعد ذلك ما بعد الحداثة والعولمة، وهذا التمشي يتضمن تمركزا على الذات واقصاء لمساهمات الثقافات الاخرى في صناعة الكونية ويهضم حقوق الفلسفة العربية ولا يعترف بجهود العلماء العرب ويقع الاكتفاء بالقول بأنهم كانوا مجرد حلقة وصل بين الاغريق والغرب وهذا الكلام فيه الكثير من الاجحاف والتبسيط والاختزالية.
من هذا المنطلق يحاول البعض التأريخ للفلسفة من زاوية شرقية وينصف مدارس فلسفية عربية وصينية وهندية وفارسية وتركية ومصرية ارفدت الفلسفة الاغريقية بالعديد من المناهج والتصورات الكوسمولوجية والقيم الخلقية وبالتالي تربط بين رحلات لفلاسفة الاغريق في حوض المتوسط الجنوبي وآسيا الصغرى والوسطى وبحثهم عن المدارس الفلسفية في مراكز مشهورة بتقدم العلم خاصة الاسكندرية وقرطاج وغيرها، اما بخصوص شخصية سقراط فقد أحيطت بهالة من القداسة بحكم اقتران ولادة السؤال الفلسفي بصرخته المدوية من أجل الانتصار الى الحقيقة ولو بالتضحية بالنفس وكان بذلك اول فيلسوف يشهد على عصره ويكون شهيدا من اجل التمسك بمبدئه وحقه في نشر مهذبه وتشجيع الناس على استعمال عقولهم بحرية في تقليب الاشياء والنظر الى العالم. هذا الامر لم يمنع البعض مثل نيتشه من مهاجمته بعنف واعتباره ممثلا للمثال الزهدي وسبب الحقد السوقي على الحياة والغرائز والجسد وموقع الفكر في الاحكام المسبقة الاخلاقية والمؤسس الاول للميتافيزيقا وهو الذي نصب العقل سيدا على بقية الملكات.
لقد أحيطت بشخصية سقراط الكثير من الخرافات وتمت اسطرته ولكنه يظل هو رسول الفلسفة وحكيم الحقيقة ومعلم البشرية وايتنا في ذلك انه كان قارئا جيدا للحكمة العتيقة المكتوبة في باب معدل دلفي: «اعرف نفسك بنفسك» وتمكن من فك طلامسها لما صرح: «كل ما أعرفه اني لا اعرف شيئا» ومارس منهج التهكم والسخرية ضد السفسطائيين الذين يزعمون امتلاك الحكمة ويبيعون العلم بالمال ويعرضون مهاراتهم في المغالطة والخداع على الحكام من اجل مساعدتهم على الطغيان والاحتماء بهم، فاذا كان الحكماء الاول وجهوا نظرهم الى الطبيعة باحثين عن الاصول والعلل الاولى فان سقراط يحسب له انه اول من وجّه النظر الى الإنسان واعتنى بوضعه في الكون وحدد جوهر التفلسف بانه صناعة للمفهوم وتحديد للمعاني وحارب الثرثرة واللغو ومارس الجدل واتقن فن التوليد والتطهير مؤمنا ان النفس البشرية تكتنز في داخلها كل حقائق الوجود وما على الإنسان الا ان يزيح غشاوة الجهل ليكتشف اليقين موجودا في قرارة نفسه. ان اهمية سقراط تكمن في اننا نؤرخ بما قبله وما بعده فنقول عن طاليس وهرقليطس وبارمنيدس وابيدوكل وغيرهم على انهم ما قبل سقراطيين ونقول عن افلاطون وارسطو والرواقيين والريبيين والابيقوريين على انه ما بعد سقراطيين.
يقول هوسرل: «إن الوضعية قد قطعت رأس الفلسفة فاتجهت المعرفة البشرية نحو العلوم والتقنيات بوصفها ايديولوجيا العصر، هل في هذا العصر ليس هناك مكان للفلسفة؟
لا يجوز عصر يكون خاليا من الفلسفة بل كل حقبة تاريخية معينة تشهد بروز نوع الفكرية التي يستخدمها الناس على انها الخلفية المعرفية التي ينظر من خلالها الى العالم. وبالتالي مهاجمة الفلسفة بالمعنى الواسع للكلمة من طرف الوضعية هو الوقوع في براثن اسوأ فلسفة وقبول بنظرة اختزالية تبسيطية ترد كل شيء الى العلم والتقنية وترهن الذات البشرية بقدر بعض خبراء المعرفة على اجراء تدابير واتخاذ قرار وحرمان الناقد الحر والكاتب المختلف والفنان المبدع من معايشة تجاربه الوجدانية وافادة مجتمعه في حله وترحاله. ان العصر الذي نحيا فيه قد ارتدى لباسا رقميا عاصفا واتجه صوب النانوتكنولوجيا والسيبرنيطيقا الجديدة والنمذجة والوسائطية وما تفرزه من قدرة هائلة على التحكم والتوجيه. ولكنه شهد طفرة عملاقة على صعيد علوم الاحياء وثورة في عالم الهندسة الوراثية والتجارب الطبية المرافقة لها وصار بالامكان تهذيب الطبع والحلم بقهر الشيخوخة وتغيير الجنس واستنساخ الكائن البشري وتحديد هوية الإنسان من خلال بصمته الوراثية واعيد النظر في العلاقة بين الجسماني والروحي ووقع اكتشاف الانغراس الطبيعي للروحاني وتبعية الواعي لأنشطة فزيولوجية للدماغ وقالت العلوم العرفانية والباراسوكولوجيا كلمات ذهبية في هذا المجال المشبع بالغنوص والايمانيات. كل هذا يدل على وجود نمو هائل في مجال الحكمة العملية والعرفانية مواز للتقدم على الصعيد النظري والطبي.
بيد انه يمكن ان نلخص ثورة الفلسفة المعاصرة التي اتخذت طابعا عقلانيا نقديا في ثلاثة اتجاهات كبرى هي:
ـ اتجاه ابستيمولوجي انتقل من التبعية للعلوم الصورية ممثلا في الفيزياء الرياضية والمنطق الرمزي كنموذج ارشادي الى الاهتداء بعلوم الحياة ممثلا في علوم الاعصاب والذكاء والذاكرة كنموذج ارشادي، وتتمثل مهمة هذا الاتجاه في نقد رسالة العلم وتخليصها مما هو ضار والتركيز على ما هو نافع بالنسبة للبشرية وذلك بعقد تحالف جديد بين الطبيعة والانسان وبين العقل والتجربة وبين الروحي والمادي.
ـ اتجاه فنومنولوجي هرمينوطيقي ينهض بمهمة تأويل العالم واضفاء المعنى ويمكن الانسان من فهم ما يحدث له في الوضعيات التاريخية والاجتماعية القصوى التي يعيشها ويحول كل الثقافة البشرية بما في ذلك العلم والدين والفن والاساطير الى نصوص ويعمل على تفهمها وانتشال الدلالة القصدية منها.
ـ اتجاه اتيقي ايكولوجي يميز بين القيم والمعايير ويبحث عن تدبيرات ممكنة للوضعيات المستحدثة التي طرأت على المدينة ويعدد الاخلاقيات لتشمل المهنة والبيئة والحياة ويرفض التصورات الاخلاقية الكبرى التي دأبت على تطبيق قواعد عامة على الوضعيات الجزئية على الرغم من اختلافها وتغيرها، هكذا تشرع الفلسفة الاتيقية الجديدة لنواميس ما بعد ميتافيزيقية تحاول قدر الإمكان وضع مستقبل الحياة على الكوكب من مشمولات المسؤولية الإنسانية.
هناك من يقول «الفلسفة رسالتها مؤذية وضارة لكونها تفسد الشبيبة وتنشر الالحاد وروح العصيان والتمرد مما يعطل القانون ويطعن في قدسية الدين». فما قولك في هذا؟
الطبيعة الثورية للحقيقة الفلسفية لا يعني انها تؤدي وظيفة تخريبية وتنتهي بالانسانية الى الفوضى والنهاية بل بالعكس ان النقد الفلسفي لا يكون هداما وتحطيميا بل بنائيا وتأسيسا للوجود الافضل والحياة الأرحب. ان مصلحة الفلاسفة تنظيم الامور وتعصير الطرق وتجويب الاساليب وفعل العقلنة الذي يمارسه الفيلسوف في كل مرة هو هذا الامتصاص الذكي للعنف وهذا التحويل العجيب للميل نحو العدوان من مساراتها الغرائزية الجارفة الى مسارات حضارية منتجة ومبهرة، ان غاية من التفلسف هو ارساء النظام وصيانة القيم وتحقيق نوع من الفهم المعمق للدين وإزالة اشكال سوء التفاهم بين الناس وتجسير العلاقات بين الثقافات والمجتمعات وتفعيل التقارب بين المذاهب والحوار بين الاديان.
ان الفلسفة نعمة والعلم نور والحكمة مصباح يضيء لنا الطريق ومزايا الفلسفة على البشرية عديدة وهو رمز للذكاء والفطنة والعبقرية وغيابها واهمالها وتقاعس الناس عن طلبها دليل تخلف وترد في الأوضاع المعرفية والركون الى السهل والبسيط وتفضيل التواكل والكسل الفكري وهو ما حصل لبعض العقول العربية التي رضيت بالتقليد والمحاكاة والاستهلاك ونفرت نفورا مبرما عن المغامرة والكدح والتفحص النقدي والامعان في النظر والتسآل الحر والتشخيص الموضوعي للازمات وصياغة نظرة استشرافية شجاعة والتخطيط العلمي للمستقبل.
لماذا دائما تأتي الفلسفة متأخرة كبومة مينيرفا؟
العلاقة بين الفلسفة والعصر هي علاقة متوترة وجدلية وغير نمطية، اذ هناك فلسفات تأتي قبل عصرها وتظل مغمورة ولا تنتشر وتصبح ذات جدوى الا بعد مرور وقت كبير على تشكلها ولنا في فلسفة نيتشه خير مثال، كما توجد فلسفات مواكبة لعصرها وتصعد على الركح المعرفي لزمانها وتتبوأ مكانة بارزة في الحاضر وتتحول الى سلطة مانعة لاي تجديد وتقدم وتمثل عائقا ابستيمولوجيا بلغة غاستون باشلار تهادن الواقع وتحافظ على ما هو موجود مثل المثالية الالمانية والفكر العلموي في القرن التاسع عشر. بيد ان هناك فلسفات تأتي بعد زمانها ولما يهدأ الحال وتخمد نار المعارك وتنتهي الصراعات ويسود النظام والسلم وتعرف الاوضاع استقرارا والبشرية صحة وعافية فتكون معرفة في المعرفة وعلم في العلم وتبني عمارة عقلية شاخمة في صورة نسق معماري كبير يسند معاني وافكار لكل قضية ومشكلة ولنا في فلسفة ارسطو بالنسبة الى الاغريق والفارابي بالنسبة للعرب وهيغل بالنسبة الى الغرب خير مثال.
بقي تصور رابع وهو الأقرب الى الروح الفلسفية مهما كانت التغييرات وتبدلت الأزمان ويتمثل في الفلسفات التي تعتمد التنظير وتنشد التغيير وتلتزم بالمنهج الثوري وتسعى الى استبدال ما هو سائد بما يجب ان يكون وتعمل على تغيير العقول وبناء أشكال نقدية من الوعي وتكوين بنى مادية للثورة والمقاومة وتؤدي هذه الفلسفات الى صناعة الواقع الخاص بها طبقا للنظرية الثورية التي تخيلتها ولنا الأسوة في ماركس وكل المثقفين العضويين الذين اتبعوه وخاصة غرامشي وسارتر وروزا لوكسومبورغ. هنا يقترب الفيلسوف من المصلح والثوري والشخص الرسالي ويكون صاحب دعوى ويبحث عن الخلاص بالنسبة للبشرية ويرفض الاستقالة وحياة القطيع ويلتزم بالبراكسيس ويجد في مساعدة الحشود على النهوض المعنى الفلسفي لوجوده في العالم.
كيف تعرّف الحداثة وما بعد الحداثة؟ فانطلاقا من مقولة هابرماس «الحداثة مشروع لم يكتمل بعد» هل الوطن العربي قد انخرط في الحداثة أم فشل في هذا؟
امر الحداثة امر غريب ومحير سواء بالنسبة الى الغرب او بالنسبة الينا ايضا. اذ بدأنا بالحضارة الغربية فإننا نلاحظ انها تعيش لحظة الحداثة البعدية كما يسميها مطاع صفدي والتي تتفق مع تسمية هابرماس للحداثة كونها مشروع في طور الانجاز وهذه الورطة لم تجد لها حلا الى في تصدير ازماتها نحو بلدان الاطراف والدخول الى عصر العولمة الاختراقية الاستقطابية التوسعية وبالتالي بدأ الفكر الغربي ينقلب على القيم الكونية والمبادئ الإنسانية التي تأسس عليها وهو اشبه بالثعبان الذي يعيش من قذمه لذيله واستهلاك ما تبقى من نفسه وبالتالي تحولت الحداثة التي دشنها الى ورشة يجب التخلص منها والخروج عن الطريق الذي تسير فيه منذ قرون والبحث عن بداية جديدة والسير فوق طريق اخر وهو الآن في انتظار هذا الانبعاث الجديد ولو كان بالعودة الى حكمة الشرق.
اما الحداثة عندنا فهي مطروحة عاجلا في اطار نية البعض المشروعة للحاق بركب التقدم الغربي وغير مدركة لاستحالة الاستنساخ التاريخي للتجارب التمدينية المخصوصة بالتالي فهي معطوبة ومؤجلة وغير مدركة لغاياتها ابدا وتظل تدور في حلقة مفرغة لأن الأسس التي بنيت عليها مغلوطة رغم وجاهة المقصد. ان المطلوب عندنا ليست اتباع نفس المسار التاريخي والذي مرّ به الغرب ونقصد عصر نهضة وإحياء وإصلاح ديني وثورة علمية وعصر تنوير وحداثة سياسية وثورة صناعية وتقنية وما بعد حداثة وعولمة تجارية واعلامية، بل هو التحديث والعصرنة بالاعتماد على الميكانزمات الذاتية وتفجير القوى والطاقات الخصوصية من اجل الكشف عن المنابت النيرة والمناطق الخصبة من ثقافة الضاد وحضارة اقرأ حتى نستطيع ان ننهض بأنفسنا ونقف على قدمينا وندشن عصر الخلق والإبداع ونصنع تنويرنا الأصيل بسواعدنا وعقولنا والاعتماد على الكنوز التي تركها لنا الأجداد عوض التعويل على جهود غيرنا والاكتفاء بالاستهلاك والترويج لأفكار غيرنا.
لماذا بقي الفكر العربي المعاصر حبيس الثنائيات كالأصالة والمعاصرة، التراث والحداثة الخ.. التي أدت بنا الى العقم الفكري والى ثقافة اللامعنى؟
تخطي الثنائيات هو تدشين لعقلانية ما بعد ميتافيزيقية نحن في أمس الحاجة الى القيام به من أجل تدشين منعطف تاريخي حاسم يعيدنا الى الواجهة ويمكننا من الفعل في التاريخ واستئناف مسيرة الاشعاع الحضاري على بقية ثقافات العالم. إن حضارة اقرأ تعاني اليوم من التردد بين عدة ثنائيات تعوقها عن الحركة وتجعلها لا تراوح مكانها مثل العقل والنقل، والتراث والتجديد، والأصالة والمعاصرة، الأنا والآخر، والغرب والشرق، والشمال والجنوب، والمركز والأطراف، وربما أحسن الخيارات الممكنة لتخطي مثل هذا المضيق هو التحطيم والتفكيك وابداع جملة من المفاهيم الجديدة والتحرك فوق مسطح محايثة خاص بنا نعبر فيها عن براءة الصيرورة ونطرح فوقها بجدية مشاكلنا ونعمل على حلها وفقا للمنظور الاستشرافي البعيد وربما تساعدنا في ذلك بعض اللمحات والاشراقات مثل الهوية السردية والسياسية الحيوية والديمقراطية الجذرية والتنوير الاصيل الطريق الثالث في الاقتصاد.
ان فلسفة الضاد اليوم اذا ما قدر لها ان تنبعث هي بالاساس فلسفة تأويل وفهم تهتم بتدبير آيات القرآن وتتحول الى فلسفة لغة او فكر يجعل من اللغة نبراس الوجود والمأوى الذي يحقق فيه كل انسان ذاته ومرآة تعكس التنور والاختلاف والتعدد الذي تزخر به الطبيعة.
الفلسفة تقدم أدوات تساعدنا على فهم العالم الذي نعيش فيه، بها ندرك سلبياته ومهاويه، لماذا الفلسفة اليوم غير قادرة على مساعدتنا على فهم العالم الآن في ظلّ هذه الفوضى Chaos العارمة؟
نحن لا نتحدث عن الفكر الضعيف على حد تعبير جيانو فاتيمو الذي مل من احتلال الرفوف والموائد المستديرة في النزل الفخمة والذي أصاب الثقافة الغربية بنوع من التخمة والدعة وجعلها تتقيأ التفكير والتساؤل والنقد والبحث وتدور في تفقد ذاتها ومراجعة منطلقاتها، اما نحن فعلى خلاف ذلك نبحث عن فكر قوي ويقظة معرفية وثورة ثقافية وعزيمة فولاذية وانطلاقة وجودية لا سيما وأننا في عطش كبير الى المعرفة ونحس بالحاجة الماسة الى التنظير والبرمجة ولذلك نشعر بان الفلسفة لم تبدأ عندنا بعد حتى نقول بانها ماتت او افلست او انتهى دورها، ان الفلسفة في حضارة اقرأ تفتش عن موقع لكي تستوطن فيه وعن تربة تنغرس فيها وتنبت وتنمو.
في الختام، ان تبدأ الحكمة الشرقية من جديد هو ان تعيد ثانية ما كانت قد بدأته مع الكندي والفارابي وابن سينا وابن باجة وابن رشد وابن خلدون، فمن يستطيع ان يكتب نصا فلسفيا اليوم ينسخ به نص المقدمة؟ اظن ان الامر يحتاج الى معجزة عربية حتى نستطيع ان نكتب مقدمة فلسفية تتفوق على اثر واضع علم العمران البشري ندشن بها نمطا مختلفا من التفكير ونقتطع جزء من السديم وننظم هذه الفوضى العارمة في المفاهيم وفي المناهج وفي المعايير؟ اظن ان الامر يقتضي عودا على بدء واتباع اسلوب الشذرة وبناء استراتيجية فلسفية متكاملة.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق