السبت، 20 مارس 2010

لكل فعل رد فعل إلا عند العرب!


ا.د. محمد اسحق الريفي

لا نتوقع من الولايات المتحدة الأمريكية أن تتخلى يوماً عن مواقفها الداعمة للكيان الصهيوني، فجوهر السياسية الأمريكية من القضية الفلسطينية لم يتغير قيد أنملة منذ إقامة الكيان الصهيوني، لأن هذا الكيان هو في الحقيقة قاعدة عسكرية أمريكية في قلب الوطن العربي؛ لحماية المصالح الإمبريالية الأمريكية والغربية وتعزيز النفوذ الأمريكي في منطقتنا، ولأن هناك مجموعة من القيم المشتركة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني؛ تقوم على أسس دينية وحضارية.  ولا يمكن للولايات المتحدة أن تتخلى عن هذه القيم، وبالتالي لا يمكن أن تتخلى عن دعم الكيان الصهيوني؛ إلا إذا أدى هذا الدعم إلى الإضرار بالمصالح الأمريكية والغربية، ولهذا فإن الرد العربي والإسلامي "غير الرسمي" على السياسات الأمريكية العدوانية يجب أن يستهدف بشكل أساس المصالح الأمريكية والغربية في منطقتنا.
 وفي الحقيقة؛ تعول الولايات المتحدة على الكيان الصهيوني في تنفيذ مخططاتها ومشاريعها في منطقتنا، والتي تتضمن حماية الأنظمة العربية الموالية لها، ومنع إقامة أي نظام لا يخضع للبيت الأبيض ويرفض وجود الكيان الصهيوني.  ولذلك تؤكد الإدارة الأمريكية باستمرار على أن أمن الكيان الصهيوني خط أحمر، وأنها لن تتخلى عن دعمها لهذا الكيان، وتحارب أي نظام يرفض التعاون مع الكيان الصهيوني ويتبنى المقاومة والممانعة خياراً وحيداً ونهجاً شاملاً لمواجهة المشروع الغربي–الصهيوني المسمى (إسرائيل).
 وحتى في أحلك الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني بألم ومعاناة قاسية؛ بسبب الاعتداءات الصهيونية المتواصلة على القدس وأهلنا المقدسيين ومقدساتنا العربية والإسلامية وخصوصاً المسجد الأقصى، فإن الإدارة الأمريكية تؤكد بكل وقاحة دعمها المطلق للكيان الصهيوني المجرم، تماماً كما دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون العدو الصهيوني أثناء حربه الظالمة على غزة والمحرقة التي ارتكبها هناك ضد شعبنا الفلسطيني في غزة.  وفي الحقيقة؛ يأتي هذا التأكيد الأمريكي في مثل هذه الظروف الحرجة رداً على الحراك الشعبي العربي الداعم للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى والضاغط على الحكومات العربية المتواطئة مع العدو الصهيوني؛ كردة فعل عربية غير رسمية على العدوان الصهيوني على أهلنا ومقدساتنا في القدس المحتلة، وهي ردة فعل خجولة ولا ترتقي إلى مستوى التحديات التي تهدد الوجود العربي والإسلامية في القدس المحتلة.
 وبعبارة أخرى؛ هذه التأكيدات الأمريكية هو سلاح تشهره الولايات المتحدة في وجه كل العرب والمسلمين الذين عبروا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني المنتفض في القدس المحتلة، وتلوح به ضد أي حراك شعبي عربي وإسلامي رافض للتواطؤ الرسمي العربي.  ولكن مع الأسف الشديد؛ لا توجد ردة فعل شعبية عربية وإسلامية ذات قيمة ضد هذه المواقف الأمريكية العدوانية؛ وضد السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية!  فلماذا لا توجد ردة فعل شعبية عربية وإسلامية ضد هذا العدوان الأمريكي السافر على الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية ومقدساتنا العربية والإسلامية في القدس المحتلة؟
 على أي حال، نحن العرب والمسلمين نعاني من معضلة متشعبة ومعقدة في كيفية التعامل مع السياسة الأمريكية العدوانية تجاه العرب والمسلمين وخصوصاً الشعب الفلسطيني، فليس لدينا أي ردود فعل حقيقية ضد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي العدو الأكبر للعرب والمسلمين، لأنها تحتل بلادنا العربية بشكل غير مباشر، عبر أنظمة موالية لها، تقمع الحريات وتتبنى الاستسلام خياراً إستراتيجياً في التعامل مع المشروع الغربي–الصهيوني، وتحمي حدود الكيان الصهيوني الغشوم، وتتآمر على المقاومة الفلسطينية.  والحراك الشعبي العربي الراهن ضد الاعتداءات الصهيونية على القدس المحتلة لا يشكل سوى ردة فعل عاطفية وارتجالية تفتقر إلى التخطيط والأهداف الواضحة.
 إن أي ردة فعل شعبية عربية حقيقية يجب أن تتضمن أهدافاً واضحة تشمل: إسقاط الأنظمة الرسمية العربية المنبطحة للعدو الصهيوني والخاضعة للعدو الأمريكي واستبدالها بأنظمة متحررة من الهيمنة الإمبريالية الصهيوغربية وتتبنى المواجهة الشاملة مع العدو الصهيوني، دعم المقاومة الفلسطينية دعماً حقيقياً عسكرياً ومالياً وسياسياً، إرسال المقاومين عبر الحدود الأردنية والسورية واللبنانية والمصرية مع فلسطين المحتلة لشن عمليات فدائية ضد العدو الصهيوني، المقاطعة السياسية والثقافية والدبلوماسية والاقتصادية والأكاديمية الشاملة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، رفض الحوار والمصالحة مع أية جهة فلسطينية تنسق أمنياً مع العدو الصهيوني وتتعاون وتتفاوض معه وتشاركه الحرب على المقاومة وخصوصاً في الضفة المحتلة.
 19/3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق