الاثنين، 8 مارس 2010

فلتكن المفاوضات الغير مباشرة مناورة عربية فلسطينية مؤقتة


 المحامي / لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
إن قرار لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في جامعة الدول العربية باتخاذها موقفا عربيا موحدا اتجاه الاقتراح الأمريكي بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل التي تضع العراقيل أمام الجهود المبذولة ، وفي ظل ممارساتها على الأرض المقوضة والمحبطة لكل الجهود الرامية لإحياء عملية السلام لم يكن مستغربا، لكونه قرارا إستباقياً للقمة العربية المزمع عقدها في الجماهيرية الليبية التي تربطها علاقات شبه معطلة مع العديد من الدول العربية، والتي لم تسعى إلى تحسين الأجواء مع الدول التي هي على خلاف معها لإنجاح القمة على أراضيها، بل توجتها أخيرا بعدم استقبالها للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإفقاداً للقمة من أياً من الاستحقاقات السياسية التي كان من المتوقع أن تقع على كاهل المنظومة العربية في حال استمرار وقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بشتى طرقها، وحفاظا لمياه وجوه الزعماء العرب من عدم اتخاذهم قرارات رادعة لحكومة الاحتلال لما تتخذه من إجراءات اتجاه الشعب الفلسطيني ومقدساته ، وإفراغا للقمة العربية من محتواها، حيث المتوقع من القمة مناقشة الملف الفلسطيني الداخلي ، وكذلك التصعيد الإسرائيلي بحق المقدسيين والمسجد الأقصى المبارك، والقرارات الأخيرة للحكومة الإسرائيلية بضم الحرم الإبراهيمي وقبة راحيل إلى قائمة التراث القومي الإسرائيلية، والإجراءات العربية المتوقع اتخاذها للرد على كل هذه الانتهاكات وخاصة فيما يتعلق بالحفريات الإسرائيلية التي تمارس تحت المسجد الأقصى.
إن الإجماع العربي باتخاذ قرار استئناف المفاوضات الغير مباشرة، لم يكن كما روج له من قبل وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء كنتيجة لضغط الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول العربية كجمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية، والمملكة السعودية على الدول العربية للتصويت لصالح قرار الاستئناف، وإنما إفشالا للقمة العربية في الجماهيرية الليبية، وتهربا كما سبق أن ذكرت من اتخاذ أيا من الإجراءات التي من شأنها أن تشوش على علاقتها مع دولة الاحتلال وأصدقاء دولة الاحتلال، وخاصة وأن العديد من الدول العربية في الظاهر لا تربطها علاقات حميمة مع الولايات المتحدة، أو مع جمهورية مصر العربية، والمملكتين، وحتى مع منظمة التحرير، فإذا الإجماع العربي كان لصالح من؟ ولماذا لم نرى هذا الإجماع العربي الكبير في موضوع المصالحة الفلسطينية؟ هل استئناف المفاوضات في ظل الغطرسة الإسرائيلية أهم وأجدى من انجاز المصالحة الفلسطينية؟
إن قرار لجنة المتابعة العربية للمبادرة العربية في الجامعة العربية باستئناف المفاوضات مع حكومة الاحتلال، أزال الأقنعة عن وجوه المزاودين على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى القيادة الفلسطينية، التي ناضلت وما زالت تناضل من اجل نصرة القضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، حيث لم يعد للمزاودين مكانا، ولم يعد لخطاباتهم التي لا يجيدون سواها من مستمع أو مصدق لها، حيث بات من الأجدر بالشعوب العربية الآن أن تهتم بنصرة القضية الفلسطينية أكثر مما سبق، وعليهم أن يعملوا على تقويم البرامج السياسية لحكوماتهم، بدلا من الترويج لأكاذيب هذه الحكومات والزعامات التي نصبت وفقا لشعارات زائفة واهية مضللة لشعوبها مستهترة بقدراتها.
إن قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالموافقة على قرار لجنة المتابعة العربية بإجراء المفاوضات غير المباشرة مع دولة الاحتلال كان متوقعا، على الرغم من اعتراض العديد من الشخصيات السياسية والاعتبارية وبعضا من الفصائل المنطوية تحت مظلة منظمة التحرير، وأعضاءً من اللجنة التنفيذية، في ظل حرص الرئيس محمود عباس(أبو مازن) على الحفاظ على المرجعية العربية التي دوما صرح بها عند سؤاله ماذا بعد؟ حيث استطاع الرئيس محمود عباس بحنكته السياسية بعودة القضية الفلسطينية للحضن العربي بعد فترة انسلاخ دامت لسنوات طويلة، تحملت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وما زالا عبأ القضية الفلسطينية ووزر إخفاقاتها، لقد أن الأوان لجامعة الدول العربية والدول العربية لان يكون لهما مكان ودور بناء لنصرة القضية الفلسطينية، بعيدا عن المناكفات السياسية، وسياسة المحاور التي أضرت بالقضية الفلسطينية بل بالقضايا العربية جمعاء، بل بالحلم العربي الذي طالما حلم به الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.
ليس أمامنا بعد الموافقة العربية والموافقة الفلسطينية باستئناف المفاوضات إلا أن نبعد عن العواطف والمجاملات التي لا مكان لها في العمل السياسي، والتي أضرت كثيرا بعدم اتخاذ المواقف الشجاعة اتجاه العديد من القضايا السياسية العالقة، وكثيراً ما أفقدت المصداقية بين الشارع العربي وساسته، كان لزاما علينا أن نبدي موقفنا ورؤيتنا اتجاه الموقف العربي الرسمي باستئناف المفاوضات الغير مباشرة مع حكومة الاحتلال والمحددة بأربعة أِشهر من الوجهة الايجابية، والتي نرى بها خطوة تعبر عن تحمل المسؤولية والقيادة ورجاحة الرأي التي تهدف إلى الإبقاء على نافذة السلام مع حكومة الاحتلال، وعدم ترك الساحة الدولية خالية لها لتجول بها كما تشاء في ظل عدم تمكن المنظومة العربية باتخاذها أيا من القرارات التي تحد من نشاطات دولة الاحتلال دبلوماسيا، في ظل إقرار المجتمع الدولي واتخاذه من المفاوضات طريقا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ونبذه لكل الإجراءات أحادية الجانب.
رغما على تحفظاتنا على استئناف المفاوضات في ظل الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية، إلا أن القرار العربي كان مهما في ظل الحملات الدبلوماسية التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي والمجموعة الدولية الذي أصبح أكثر انسجاما ونصرة للقضية الفلسطينية، حيث التغيير الملحوظ في موقف دول الاتحاد الأوروبي كان في حاجة ماسة إلى قرارا عربيا جريئا لدعم الموقف الأوربي، في ظل تحرر العديد من الدول الأوروبية من هيمنة اللوبي الصهيوني وخروجهم من طور الصمت إلى طور التنديد وطور إعداد المبادرات المنصفة للقضية الفلسطينية، وعلينا ألا ننسى المبادرة السويدية الأخيرة، وكذلك الموقف الاسباني الذي عبر عنه وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس مؤخرا بدعوته إلى الاعتراف بدولة فلسطينية بموافقة إسرائيل أو من دونها حتى قبل انتهاء المفاوضات حول الحدود، هذه الفكرة والرؤية التي حظيت بموافقة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
فلتكن الموافقة على استئناف المفاوضات مناورة عربية فلسطينية مؤقتة لفضح زيف ادعاءات دولة الاحتلال وكشفا لنواياها الغير صادقة في طلب السلام وعدوانيتها للشعب الفلسطيني بل للأمة العربية جمعاء، وإحراجا للإدارة الأمريكية وانتزاعا للقرارات الدبلوماسية وفقا لرسالة التطمينات الأمريكية التي تتعهد بها بالإعلان الصريح عن الطرف الذي سيفشل المفاوضات القادمة وغيرها من التطمينات الهامة، وليكن فشل المفاوضات الغير مباشرة المتوقع نقمة على الحكومة الإسرائيلية باتخاذ جامعة الدول العربية قرارا شجاعا باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي بهدف انتزاع قرارا دوليا يعترف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واتخاذ الجامعة قرارات دبلوماسية تحد من سياسة التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، إلى أن تنصاع دولة الاحتلال وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن الدولي، وأن تحترم الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وخارطة الطريق والمبادرة العربية، حيث سئم الشارع العربي بل القيادة العربية جمعاء المراوغات الإسرائيلية واستهتارها بالدول العربية التي أصابها اليأس من هذه المراوغات التي أحرجت الحكومات العربية مع شعوبها.
إن اختلاف الرؤى في موضوع الحدود بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي يجعلنا نرى ببدأ المفاوضات حول قضايا الوضع النهائي رزمة واحدة، وعدم تشطيرها أو فصلها عن بعضها البعض، وعدم الانجرار وراء مطلب حكومة الاحتلال بالبدء بموضوع ترسيم الحدود، والموضوع الأمني، حيث النوايا الإسرائيلية تتجه بإنهاء قرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بحل النزاع العربي الإسرائيلي، واستصدار قرارا جديدا يستند إلى ترسيم الحدود الجديد الذي من شأنه أن ينهي قرار 242 وقرار252 وقرار التقسيم 181 وقرار194 فيما يتعلق بحق العودة والذي ستعمل إسرائيل على إنهائه من خلال استبدال الأراضي، حيث تكمن النوايا الإسرائيلية باستبدال أراضي مأهولة بعرب الداخل، بالمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، والعديد من القرارات الاممية الداعمة لنضالات شعبنا الفلسطيني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق