الاثنين، 8 مارس 2010

عفواً ايطاليا...


د.هاني العقاد
عندما يسرق أحد المغامرين الفلسطينيين أو حتى العرب روما من حدودها وعمق انتمائها ويجلبها إلى بلاد الرباط ويقسمها إلى ثلاث أثلاث متساوية ليعطي اليهود ثلثهم والمسلمين ثلثهم والمسيحيون الثلث الباقي , فان جنون قيصر روما لن يستطيع وصفة أحد و ستعلن الحرب و يرسل بجيوشه من وسط روما وقواعد عسكرة لاعتقال هذا المغامر,ولو كان أخر قد اختطف محبوبته  السمراء كليوباترا لكان أهون من سرقة روما , وعندما يسجل أحد الفلسطينيين أكلة (السباغيتي)  الايطالية المشهورة تحت اسم أكلة (أم العبد الفلسطينية) بالتأكيد سيحتج قيصر روما أمام سفير فلسطين ويطلب منه أن يسلمه رأس من انتهك حرمة الاختصاصات الايطالية , فكيف لروما و ساستها لتتحدث عن القدس الفلسطينية ,الإسلامية, العربية, العاصمة الخالدة لكل الوطنيين بالعالم العربي.
 من جديد ظهرت ايطاليا على مسرح الإعلام الخاص بالقضية الفلسطينية والاهتمام بالقضايا التي نتجت عن الحرب الأخيرة علي غزة و بدأت تكثف التقارير الإعلامية من داخل فلسطين سواء ما يخص الفلسطينيين  أو حول تصريحات قادة الكيان الصهيوني,و كان برلسكوني رئيس الوزراء الايطالي قد انجذب لمسرح المنطقة و التقي الرئيس أبو مازن في رام الله حاثاً إياه على تحديد تاريخ للبدء بالمفاوضات من جديد ,وأكد برلسكوني أنه على يقين أن وقف الاستيطان نهائيا من شأنه أن يسرع في تحقيق السلام بين الطرفين , إلا أن برلسكونى رغب في اعتبار إسرائيل دولة يهودية وزيارتها قبل لقاء الرئيس والتحدث للشعب اليهودي من على منصة الكنيست . هذا موقف خاص ببرلسكوني و لا نتدخل فيه كثيرا, لكن الضيف المغني العاطفي الايطالي  الكبير لا يعتبر عادلا في موقفة عند اعتبار إسرائيل دولة يهودية  وهي قائمة على أرض الغير ومن خلال القتل والتهجير وحروب الإبادة الجماعية  , والموقف الأخطر اليوم أن الشعب الايطالي بدأ يفهم الصراع بشكل مختلف  وكأنه صراع على دولة ليس لها عاصمة وصراع لا تنتهك فيه حقوق ولا ترتكب فيه جرائم و كأنه صراع حضاري على الطريقة العاطفية الايطالية . لقد جاء اهتمام الكثير من المسئولين الطليان و أعضاء البرلمان من أحزاب يمين و وسط اهتماما كبيرا بالتدخل و التوسط بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ,وزاد هذا الاهتمام بعد زيارة نتنياهو إلى روما في إطار تبادل الزيارات بين الطرفين و كان هذا المدخل ,فقد ازدادت حركات الاهتمام بالصراع حتى وصلت إلى التفكير باقتراح رام الله عاصمة لفلسطين بديلا عن القدس و التحدث أمام مهتمين سياسيين و أحزاب عن إمكانية بذل جهود من قبل الهيئات الرسمية الايطالية لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بالسلام تحت هذا المنظور. إن رام الله مدينة فلسطينية عزيزة على قلوبنا جميعا و تعتبر من أهم المدن التجارية في فلسطين إلا أنها لا يمكن أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية , لان العاصمة التي لا تنازل عنها أبدا هي القدس ولا يستطيع أي فلسطيني أن يفهم غير ذلك ,ولا يمكن لأي فلسطيني مهما كانت صفته القبول بأن تكون القدس مدينه يتشارك فيها الجميع وليس لأحد الحق في السيطرة على بقاعها,  وجبالها ,ووديانها ,ومؤسساتها ,وكنائسها ,ومساجدها ,وقبة صخرتها ,وحواريها الفلسطينية القديمة ,ورائحة زيت الزيتون الفلسطيني العابقة في شوارع أسواقها العتيقة .
عفوا ايطاليا وعفوا ساستها وعفوا قادة أحزابها ونشطائها السياسيين والإعلاميين,و عفوا يوليوس قيصر  انك لا تملك مفاتيح القدس لأنها بأيدي أصحاب الدم الفلسطيني والقدس لنا وليس لكم ,والقدس ارض وقف إسلامية لايجوز التحدث فيها  , ليس انتم من يقرر لنا عاصمتنا و ليس انتم من يقرر هيكل دولتنا الفلسطينية ومن يقترح علينا التخلي عن مدينة الحلم الفلسطيني و مدينة الانتماء الوطني و مدينة العرب للثقافة ,أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .
أن المسئول اليميني الايطالي الكبير الذي فاجأ العديد من الحاضرين بالندوة التي عقدتها (مؤسسة كونفورتو) ودعت إليها العديد من الصحفيين والإعلاميين والنشطاء السياسيين و الكتاب كان احتفالية تضامن مع الشعب الفلسطيني و صموده الأسطوري في وجه الاحتلال إلى ما قبل أن يتحدث هذا الرجل اليميني الايطالي و قبل أن يستغرب الحضور من المقترحات ,إلا إننا كفلسطينيين لا نؤمن بهذا النوع من الفكر وهذا النوع من الطروحات التي تطال ثوابت الشعب و تطال أصولة التاريخية في أماكن تواجده على أرض فلسطين التاريخية  .
أن الفكرة التي استغربها الجميع في ندوة مؤسسة كونفورتو تعتبر في وجهة نظري تدخل في العمق الوطني للفلسطينيين وتحايل على الموقف الوطني الفلسطيني عبر استقطاب العديد من المفكرين لفكرة تدويل القدس القديمة وفكرة إخراج القدس خارج دائرة الصراع السياسي , وقد تكون هذه الفكرة محل الصراع التاريخي بين الطرفين ,إلا إننا كفلسطينيين لا نعتبر أن الصراع يمكن حله بهذا الطريقة التي إن نمت عن شيء فإنها تنم عن ضعف بالموقف الدولي نحو عدالة الموقف وعدالة التدخل وعدالة الدفاع عن حقوق الإنسان وعدالة الحقيقة .  
Akkad_price@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق