الجمعة، 26 مارس 2010

صداقة باردة


مصطفى إبراهيم
27/3/2010
الوزير دان مريدور قال خلال مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي الرسمي الجمعة 26/3/2010، أن هناك تغيير معين في العلاقة مع الولايات المتحدة من حيث الشكل والماهية، ولم يؤكد وجود أزمة في العلاقة مع الولايات المتحدة.
وكانت الصحف الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي أجمعت على وجود أزمة حيث تصدرت صفحاتها الأولى، عناوين تؤكد على وجود أزمة حيث نشرت "يديعوت أحرونوت" بكلمة واحدة "ضغط"، وأبرزت تصريح وزير الدفاع ايهود باراك الذي حذر الأميركيين من أن مواصلة ضغطهم على نتانياهو سيؤدي إلى تفكيك الحكومة وفوضى سياسية عارمة في إسرائيل".  
أما صحيفة "هآرتس" قالت: "استفحال الأزمة مع الولايات المتحدة"، وأن اوباما طالب نتانياهو بإيضاحات عن الجدول الزمني لإنهاء المفاوضات وتجميد البناء في القدس الشرقية، وتحدث بعض المعلقين الاسرائيليين عن أن الأزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تجلت في لقاء اوباما و نتانياهو في البيت الأبيض، وان المطالب التي طلبها أوباما من نتانياهو غير مقبولة على حكومته اليمينية، وأنها تضع نتانياهو أمام أحد خيارين، إمّا قبولها بثمن انهيار ائتلافه الحكومي، أو رفضها وخسارة الدعم الأميركي لإسرائيل في الملف النووي الايراني.
وتحدثت بعض الصحف الإسرائيلية عن 13 مطلباً تقدم بها أوباما لنتانياهو، وهي عبارة عن خطوات بناء الثقة مع السلطة الفلسطينية لمساعدتها في العودة إلى طاولة المفاوضات وأن الولايات المتحدة وسيط نزيه.
وفي مقدم هذه المطالب، الاستمرار في تعليق البناء في المستوطنات بعد انتهاء فترة التعليق في أيلول/ سبتمبر المقبل، ووقف البناء في القدس الشرقية وعدم البناء في الأحياء الفلسطينية، ونقل مناطق أخرى في الضفة الغربية إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، و انسحاب قوات الجيش إلى مواقعه قبل اندلاع انتفاضة الأقصى في 29/9/2000، والإفراج عن نحو ألف من الأسرى الفلسطينيين كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن تعلن إسرائيل قريباً مواقفها المتعلقة بالحدود واللاجئين والقدس، وأن توافق إسرائيل على استكمال مفاوضات الحل الدائم في غضون عامين.
معلقون إسرائيليون ذكروا ان مطالب اوباما بمثابة حشر نتانياهو وظهره إلى الحائط، وان اوباما قرر بعد انتصاره في معركة التامين الصحي اعتزامه الانتصار على المفاوضات وفرضها على الاسرائيليين، ويدعي هؤلاء ان العالم بأسره يدعم قيام دولة فلسطينية، و اوباما يريد معرفة أين نتانياهو من كل هذا، وعليه أن يحسم أمره بين ايلي يشاي وأفيغدور ليبرمان، وبين سائر العالم ، نريد أن نعرف من هو نتانياهو، وأين يقف وماذا يريد فعلاً ، وان نتانياهو وقع في "مصيدة العسل"، بعد ان غادر واشنطن مهاناً وضعيفاً.
إلا ان معلقين آخرين قالوا: أن العلاقة لم تصل بعد إلى أزمة حقيقية، وان كل ما جرى ويجري ما هو إلا تعبير عن صداقة باردة وهي مؤقتة، وان الولايات المتحدة لا تزال صديقة قوية لإسرائيل، وان الخلاف الدائر هو شكلي وعلى الأجندة السياسية لاوباما.
العلاقة الإسرائيلية الأمريكية إستراتيجية واذا كان اوباما صادق في ما طلبه من نتانياهو، عليه أن لا يكتفي بالضغط على إسرائيل لتسهيل استئناف المفاوضات وما يسمى العملية السلمية، إن تنفيذ ما تقدم به من مطالب لنتانياهو لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، فالمشروع الصهيوني قائم على سلب الأرض وسياسة الترانسفير وفرض أغلبية يهودية بالعدوان والحرب لضمان إقامة ما يسمى "دولة يهودية وديمقراطية"، وتهويد القدس والتمييز العنصري على فلسطيني الداخل، والاستمرار في حصار الضفة الغربية وقطاع غزة.
فالعرب سوف يستمرون في السير في ما يسمى العملية السلمية وسيبقى السلام لديهم خيار إستراتيجي، لكن يبقى الرهان والحسم في النهاية كما قال النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي الدكتور جمال زحالقة "عليكم أن تعرفوا أن الموقف الفلسطيني وليس الأمريكي هو الحاسم في النهاية"، فالفلسطينيون قادرون على  قلب الطاولة في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال إنهاء الانقسام والمصالحة الوطنية والتمسك بالثوابت الفلسطينية، فلن يكون هناك حل في غضون عامين كما وعد اوباما و اللجنة الرباعية الدولية، فالحل لن يأتي إلا بالمقاومة والصمود في وجه الضغوط للعودة إلى مفاوضات إلى ما لا نهاية.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق