الجمعة، 26 مارس 2010

المعركة الدبلوماسية...رياح التغيير


الجزء الخامس
الكاتب-عبد المنعم إبراهيم
الجـمـعـة  26/03/2010
لقد تمكنت القيادة الفلسطينية ممثلة برئيسها السيد محمود عباس أبو مازن من خلال الثبات على مواقفها بعدم العودة للمفاوضات بالشروط الإسرائيلية ,ومن خلال قيامها بحملة دبلوماسية دولية شرحت خلالها الموقف الفلسطيني من عملية السلام ,وفندت الإجراءات الإسرائيلية التهويديه للأرض الفلسطينية ,والتي كانت سبباً في تعثر المفاوضات, وأعاقت تقدم عملية السلام ,تمكنت من إشعال بركان سياسي أحرق أطراف "الاخطابوط" الصهيوني الممتدة دوليا,وأضعف قدرته على السير بنفس القوة والفاعلية, وأضعفها على تحسين صورته القبيحة في أعقاب جرائمها المتتالية,حيث نجحت هذه الحملة والتي ما زالت مستمرة في خلق حالة اصطفاف عربي ودولي  لجانب الموقف الفلسطيني الذي خرج بدورة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم ,وأحدث حالة توتر في علاقات إسرائيل مع العديد من الدول على اثر تعنتها وإصرارها على عدم دفع عجلة السلام للأمام ,وإدارة ظهرها لقررات الهيئات الدولية,والمضي قدما في سياسة التهويد والاستيطان التي أدانها المجتمع الدولي مرارا ,ومع استمرار لهيب المعركة الدبلوماسية التي تخوضها القيادة الفلسطينية وحركة فتح مع الكيان الصهيوني , وعلى الرغم من قسوة الضغوط الصهيونية والأمريكية عليهما ,وبشاعة الحملة الإعلامية الصهيونية بحق القيادة والرئيس محمود عباس من قبل هذا الكيان الصهيوني المسخ, ورهانات حكومة "نتنياهو" الغبية على إخضاع هذه القيادة  لشروطه العنصرية للخروج من هذه المعركة منتصرا, فقد استطاعت القيادة الفلسطينية بحنكة التقدير السياسي السليم للمتغيرات الدولية,وحكمة اتخاذ القرارات على ضوء هذه المتغيرات أن تدير دفة المعركة بشكل ذكي جدا ,ما ساعدها على أن تسجل العديد من النقاط في هذه المعركة لصالح القضية الفلسطينية,وفي نفس الوقت تسدد العديد من الضربات السياسية للكيان الصهيوني على الساحة الدولية, واستطاعت أن تكشف أمام العالم زيف وخداع حكومة"نتنياهو"اليمينية المتطرفة بالرغبة في السلام العادل,ووضعتها في مربع الصدام مع المجتمع الدولي الذي يرفض الممارسات الإسرائيلية التي تتعارض مع متطلبات العملية السلمية التي قادها هذا المجتمع,واستطاعت أن تحشرها في زاوية الاتهام في العديد من القضايا السياسية والإنسانية التي باتت تفضح جرائم هذا الاحتلال ,وأوصلت حكومته مؤخرا إلى ضغط سياسي ,ووضعها في عزلة شبة دولية,واضعف مكانتها وعلاقاتها الدولية ,ووضعها في حالة صدام واضح المعالم,لا سيما مع الإدارة الأمريكية التي استقبلت "نتنياهو" مؤخرا  في البيت الأبيض ببرود,وحظرت التغطية الصحافية أثناء اللقاءات معه, ولم تسمح له بعقد لقاء صحفي مشترك مع الرئيس"اوباما",حتى لم يُسمح لمستشاري "نتنياهو" بعقد لقاءات صحفية جانبية ,وعلى الرغم من محاولات "نتنياهو" التقليل من أزمته هذه,والادعاء بان زيارته لواشنطن ناجحة فأن تصريحات بعض القادة الصهاينة  تدلل بما لا يدع مجال للشك على حجم الأزمة السياسية التي وقعت بها حكومة "نتنياهو",والتي باتت تمتد إلى دول أوروبية في عديد من القضايا والملفات,فليس من باب المصادفة إعلان بريطانيا في هذا التوقيت بالذات عن طرد الدبلوماسي الإسرائيلي من لندن على خلفية تزوير جوازات السفر البريطانية ,فقد مر على هذا الحدث  فتره,فعلى الرغم من أن حكومة نتنياهو حاولت التخفيف من حجم الحدث ,والادعاء بأنة سيتم استبدال الدبلوماسي بأخر فقد أعلنت لندن عدم قبولها ببديل عنة إلا بعد تقديم ضمانات,ما يعني بأن الثقة بين البلدين قد اهتزت, والحديث عن نية أستراليا القيام باستدعاء السفير الإسرائيلي ,واحتمالية طرد أحد دبلوماسيي إسرائيل على خلفية تزييف جوازات السفر الاسترالية, وإذا ما أضفنا إلى هذا الانتقاد شديد اللهجة الذي أعلنه بان كي مون خلال خطابه أمام أعضاء مجلس الأمن,فقد نستطيع القول بأن الأمر فيه اتفاق أمريكي أوروبي على فعل ذلك لتشكيل ضغط على حكومة نتنياهو ,بعد أن باتت تشكل مصدر قلق في المنطقة.
ومع ازدياد حده الأزمة الإسرائيلية في ظل هذا البركان السياسي الذي وقعت به حكومة نتنياهو ,ومع ازدياد مستوى الضغوط ,وتباين ردود الأفعال الإسرائيلية على سياسة نتنياهو ما بين مؤيد ومعارض-هل يُفتح الباب في الأيام القادمة أمام الاحتمالات الثلاثة التي كنت قد أوردتها في الجزء الرابع من هذه السلسلة؟, وهي
- أن تدخل إسرائيل تحت الضغوط الدولية,وعلى وقع الصمود الفلسطيني,واستمرار الحملة الدبلوماسية الفلسطينية في مرحلة التفاوض على قضايا الحل النهائي بجدول زمني محدد ,مع وقف الاستيطان ,والتسليم بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية
- أن يُقدم الكيان الصهيوني على انتخابات مبكرة ليفسد فعالية الضغوط عليه ,ويُدخل المنطقة  مرة أخرى في حلقة الزمن المهدور .
- أن تنفذ حكومة "نتنياهو" عمل عسكري ما في المنطقة أو الإقليم ,لتخلط الأوراق من جديد.
خلاصة القول حتما سيحدث أمر ما ,ولكن بات من الضروري بمكان الاعتراف  بأن صمود القيادة الفلسطينية على مواقفها في وجهه التحديات والتهديدات الصهيونية, والالتفاف العربي خلف الموقف الفلسطيني ,والحملة الدبلوماسية التي أدارتها القيادة الفلسطينية بتفوق, قد أتت أكلها,وإذا ما أراد الفلسطينيين لهذه الحملة وهذا الصمود أن ينجحا بشكل يحقق الأهداف الفلسطينية ,يجب أن يتحقق أمرين اثنين :أولهما انجاز المصالحة الفلسطينية وبأسرع وقت ليتوحد الموقف الفلسطيني ويقوى في وجه السرطان الصهيوني, وثانيهما :أن يترجم القادة العرب أقوالهم ومواقفهم في قمتهم القادمة في "سرت" الليبية نهاية هذا الشهر إلى أفعال ,وأن يتخذوا قرارات حازمة وجادة حيال الكيان الصهيوني,ومساندة للقضية الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق