السبت، 17 أبريل 2010

مطلوب: حقوق الإنسان حسب الطلب!


مصطفى إبراهيم
17/4/2010
 تلقى كثير من الفلسطينيين خبر تنفيذ حكومة حماس حكم الإعدام بحق متهمين بالتعاون مع قوات الاحتلال ( العملاء)  بسعادة بالغة ووصف بعضهم القرار بالحكيم والجريء والخطوة الرائعة، وان ذلك لم يكن اعتباطياً بل جاء بعد مداولات طويلة استوفت حقها من الناحية القانونية.
بعد تنفيذ الحكم كان واضحاً حالة الارتباك على الحكومة، ولم يصدر أي تصريح صحافي من الحكومة يوضح أو يؤكد تنفيذ الحكم إلا بعد ساعتين تقريباً نشر بيان من قبل رئيس هيئة القضاء العسكري الذي أكد فيه تنفيذ الحكم بحق المدانين، وفي اليوم التالي صدر بيان كالعادة من قبل النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي الدكتور أحمد بحر يؤكد فيه ان "الحكم ينسجم مع القانون وصلاحيات الرئيس انتقلت للحكومة في غزة"!!
قرار تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين "العملاء" جاء على إثر تصريحات وزير الداخلية فتحي حماد الشهر الماضي، وأن وزارته أعدت الملفات لتنفيذ الحكم، وعلى إثره قامت مراكز استطلاعات الرأي المحسوبة على حركة حماس بتهيئة الرأي العام وإعداد استطلاعات رأي، أظهرت نتائجها تأييداً شبه كامل لتنفيذ عقوبة الإعدام بحق العملاء؟
لم نكن بحاجة لاستطلاعات الرأي الموجهة والتغطية الإعلامية الواسعة للإعلان عن نتائجها، فالفلسطينيون لديهم شبه إجماع حول القصاص من العملاء، والانتفاضة الأولى والثانية شهدتا حالة من الاقتصاص والقتل الكبير بإشكال متعددة ضد العملاء نفذتها جميع الفصائل وصلت الى حالة من الهوس الأمني، وقتل عدد منهم على الشبهة.
إقدام حكومة حماس على تنفيذ حكم الإعدام بحق إثنين من المحكومين بالإعدام يؤسس للخشية لدى مؤسسات حقوق الإنسان، وقطاع ليس قليل من الفلسطينيين من استكمال المهمة وتنفيذ الحكم بباقي المحكومين بالإعدام، وبرغم من الإجماع الكبير لدى الفلسطينيين حول قضية تصفية العملاء إلا أنها اعتبرت خطوة على طريق تعزيز الانقسام.
تعزيز الانقسام نابع  ليس فقط من خلال تنفيذ حكم الإعدام في المخالفة القانونية الواضحة، وتجاوز القانون والنظام الأساسي الفلسطيني، والتأكيد على ان التنفيذ قانوني وان صلاحيات الرئيس انتقلت الى الحكومة في غزة، بل من خلال البيان الصادر عن المكتب الإعلامي الحكومي الذي أكد في ثناياه على  ان أحد المدانين هو شرطي سابق في سلطة حركة فتح!!
حركة حماس وحكومتها أقدمت على تنفيذ الحكم ليس من باب الحرص على القانون والاقتصاص من المتهمين بالعمالة مع دولة الاحتلال، بل هي محاولة منها لترميم ما تستطيع ترميمه من سمعتها وتدني شعبيتها في صفوف الفلسطينيين التي تأثرت كثيراً جراء الانتهاكات التي ترتكبها بحق المواطنين والممارسات التي تسلكها مع الناس خاصة في قطاع غزة.
جماهير حماس وبعض الكتاب المحسوبين عليها وجهوا الاتهامات والسب والشتم لمؤسسات حقوق الإنسان التي تناهض عقوبة الإعدام التي لم تقلل من خطورة جرائم المدانين، وشددت على عدم إفلات المجرمين من العقاب، وهي أيضاً إستنكرت تنفيذ الحكم بناء على عدم احترام  الأصول القانونية التي تحظر تنفيذ عقوبة الإعدام بدون مصادقة رئيس الدولة على الأحكام الصادرة، مثار الجدل التي أثارته حكومة حماس.
جماهير حماس وكتابها الذين وصفوا عمل مؤسسات حقوق الإنسان بأنهم يقومون بالمهمات القذرة، وأصدروا التهديدات، ووجهوا الهجوم والسب والشتم والتحريض ضد المؤسسات، هؤلاء ذاكرتهم ضعيفة، بالأمس كانت مؤسسات حقوق الإنسان والعاملين فيها أبطال، وتم تكريم بعضهم من قبل رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية على جهودهم الكبيرة في توثيق الجرائم التي ارتكبت أثناء العدوان على غزة وما نتج عنه على إثر تقرير لجنة "غولد ستون".
هؤلاء يريدون من مؤسسات حقوق الإنسان ان تكون حسب الطلب، وان تقوم بدور المحلل للانتهاكات والتعدي على الحريات، وان تحلل ما يرونه مناسباً لهم، حتى لو كان ذلك اغتصاب للسلطة وتعد على سيادة القانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق