بقلم الناطق الإعلامي باسم كتائب نسور فلسطين
الإرهاصات الأولى للحركة الوطنية الأسيرة
بعد هزيمة حزيران عام 1967وما خلفته هذه الهزيمة من نتائج على الأرض وخاصة عجز الأنظمة الرسمية عن قيادة النضال القومي التحرري وخاصة شعار تحرير فلسطين تشكلت ظروفا ومناخات ثورية لصعود المقاومة الوطنية واختيار الكفاح المسلح على طريق حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد وذلك كرد طبيعي على إفرازات الهزيمة والانعتاق من وزرها والذي طال الجميع ولعل ضعف هذه الأنظمة عن مواجهة الواقع الجديد شكل مناخا مواتيا لصعود نجم المقاومة الوطنية في ظل هزيمة الأنظمة والتي ما كانت لتسمح للمقاومة بالاستمرار لولا ضعفها وهزيمتها وهذه حقيقة نسجلها للتاريخ
وشعبنا الفلسطيني كان له شرف الريادة على هذا الصعيد خاصة وانه تمرس في معمعان النضال ضد غاصب أرضه ومع انطلاق الشرارات الأولى للمقاومة الفلسطينية كان الرد الطبيعي لدولة الاحتلال مطاردة وملاحقة شعبنا الفلسطيني واعتقال المناضلين وزجهم داخل السجون ولقد وضع الاحتلال على سلم أولوياته مجموعة من الأهداف الخبيثة والتي وضعت على أيدي المختصين في جهاز الشين بيت وبالتعاون مع كل ذوي الاختصاص في مجالات القهر ومحاربة الحركات التحررية ومستعينة بكل تجارب الديكتاتوريات في ملاحقة وقتل الحراك الثوري ولعل من ابرز هذه الأهداف :
1 / إفراغ المناضل الفلسطيني من محتواه النضالي والإنساني وتحويله إلى كم مهمل
2 / تحويل المناضل الفلسطيني إلى أداة طيعة في يد الاحتلال
3 / استغلال المناضل الفلسطيني وتحويله إلى مرتزق في سوق العمالة
4 / فرض العمل الإجباري على المعتقلين وخاصة في أعمال تتنافى مع الحس الوطني
إن كل بند من البنود سابقة الذكر والتي هي بعض من أهداف إدارات القمع يحتاج إلى مجلدات كاملة لشرحه ونحن هنا في هذه العجالة لن نستطيع فعل ذلك وفقط سنحاول تقديم موجز مختصر يسلط الضوء ويعطي القارئ فكرة أولية عن كل مرحلة من المراحل التي مرت بها الحركة الأسيرة لقد لجأت دولة الاحتلال إلى استخدام أبشع أساليب القهر والقمع الجماعي والفردي وذلك من خلال إتباع همجية العدوان المتواصل والمستمر لإخضاع الأسرى لقوانينها وإرغامهم على الرضوخ المتواصل ومصادرة ابسط الحقوق الإنسانية والحق الوحيد للمعتقل هو الرضوخ وتنفيذ أوامر السجان
ولقد استمرت هذه المرحلة من عام 1967 وحتى الربع الأول من عام 1971 حيث انه وخلال هذه المرحلة كان كل شيء ممنوع بما في ذلك القلم والدفتر وكان القلم يشكل جريمة فيما لو تم العثور عليه مع احد المعتقلين حيث انه عدا عن معاقبة الأسرى بالضرب المبرح كانت تصدر أحكام على هذه المخالفة من إدارة السجن بوضع المعتقل في الزنزانة الانفرادية لأسبوعين وحرمانه من الزيارة لمدة أربعة أشهر حيث كانت الزيارة كل شهرين مرة ولفترة لا تتجاوز العشرة دقائق في كل زيارة 0
كل شيء ممنوع تصحو من الصباح الباكر الساعة الخامسة والنصف وترتب المنامة والتي كانت لا تتجاوز الثلاثين سم ومن ثم ممنوع عليك العودة إلى النوم والويل لك لو فكرت حتى بأن تركن جسمك إلى الفراش ممنوع الحديث داخل الغرفة ممنوع الصلاة الجماعية ممنوع الفسحة الشمسية كانت مرة واحدة ولا تتجاوز الخمسة دقائق يوميا وهي عبارة عن طابور والويل ثم الويل للجميع لو تحدث سجين مع أخر خلال الفورة حيث كانت الهراوات تنهال على الجميع
لقد حاولت الإدارات القمعية فرض العمل الإجباري على المعتقلين وخاصة في عمل شبك الدبابات وهذا يتنافى مع ابسط القوانين الدولية ويمس جوهر الانتماء الوطني للسجين أمام هذه الظروف القمعية لم يركع السجين حيث مارس الأسرى محاولة تنظيم أوضاعهم الداخلية والحفاظ على انتمائهم الوطني وخاض الأسرى مجموعة من الإضرابات ففي يوم 18 /11 /1969أضرب المعتقلون في سجني الرملة وكفار يونا عن الطعام واستمر هذا الإضراب لمدة احد عشر يوما وأضربت الأسيرات في سجن الرملة 28 / 4 / 1970واستمر تسعة أيام و إضراب عسقلان 5 /7 / 1970سبع أيام ومن هنا بدأ الحراك النضالي في كل المعتقلات والسجون 0
في إضراب عسقلان ابريل 1971 والذي استمر لأكثر من ثلاثين يوما و استشهد خلاله الشهيد الأول للحركة الأسيرة عبد القادر أبو الفحم وكانت مطالب الأسرى تنحصر في وقف القمع الجسدي ووقف العمل في شبك الدبابات وتمخض عن هذه الإضرابات السماح بالنوم بعد العدد الصباحي صرف بيضة لكل سجين بدلا من نصف بيضة زيادة كمية المربى وشرائح الخبز, إنها انجازات تبدو اليوم مضحكة ولكنها في حينه كانت انجازا كبيرا ومهدت لمرحلة جديدة من النضال داخل السجون وبدء العمل الجماعي المنظم وتشكيل الأطر التنظيمية وبدأت مرحلة جديدة هي مرحلة نمو الوعي الجماعي داخل السجون ومواصلة عملية البناء والتثقيف لكافة الأسرى ووضع لوائح ونظم تنظم وتقود العلاقات الداخلية بين الأسرى على اختلاف انتماءاتهم السياسية
إن أولى الحقائق الدامغة التي يجب أن تسجل اليوم بحروف من نار ونور حقيقة إن الرعيل الأول من الأسرى حملوا على كاهلهم عبئا ثقيلا من النضال اليومي والمتواصل والمقارعة للسجان على مدار الساعة ودفعوا فاتورة الانتماء للوطن بكل عزة وشموخ ومهدوا الطريق للأسرى فيما بعدهم ليعيشوا في مناخات وأجواء هي اقرب ما تكون إلى الكومونات والأكاديميات الثورية
ليركع المجد لأسرانا البواسل والشموخ كل الشموخ لهم ولتاريخهم البطولي المشرف والذي سيبقى سفرا خالدا في مسيرة النضال والتحرر
17/4/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق