السبت، 17 أبريل 2010

يوم الأسير الفلسطيني بين الانقسام والدجل الدولي


بقلم : سامي الأخرس
كالعادة وفي كل عام، وعلى وجه الخصوص في السابع عشر من نيسان(آذار) تتراءى أمامنا نفس صور المشهد، ونفس موسيقى الآهات، المنبعثة من عتمة الزنزانة،
ومن قلاع الصمود والتحدي والصمود، التي يسطرها أسرانا البواسل، وأحبتنا هناك خلف القضبان، في زحمة الصمت من عالم يطلق على نفسه متمدن ومتحضر، عالم حقوق الإنسان، وأسرة دولية صماء لا تعي أو تفهم سوى ما لغتها المنحازة، والمنقادة لقوى البطش العالمي.
يوم الأسير الفلسطيني ذاك اليوم الشاهد على قوتين متناقضتين، قوة يمثلها الجسد الضعيف بجبروت الإرادة والتحدي على درب الإيمان بالتحرير، يعانق عبق الاستشهاد المؤقت في أقبية وباستيلات النازية الصهيونية،  وقوة الجبروت المتصلف لنازية العدو الصهيوني، وخضوع العالم المتحضر لجبروت الازدواجية في المعايير.
بيوم الأسير الفلسطيني، لا زال هناك من يقف شامخًا، يواجه أعتى أنواع الجرائم الصهيونية، شامخًا بصلابة الثائر رغم القيد، والسلاسل، يتحدى الجلاد، ويتحدى العالم بقوانينه وتشريعاته الإنسانية التي تقف عاجزة أمام الفلسطيني، وتنبعث بها الحياة أمام جندي صهيوني أُسر وهو يمارس القتل والاعتداء على شعب أعزل، يتباكى عليه القاصي والداني، ويتهافت عليه حملة مشاعل حقوق الإنسان وكرامته، يخشون عليه نفسيًا وبدنيًا من الآثار النفسية، بالرغم أنه يعيش في ظروف لم يعيشها في كيانه القذر الذي كان يلقنه لغة القتل والموت والتدمير، إنه الجندي "جلعاد شاليط" الذي أبكاه العالم،  بشجون وهموم، ولم يبكٍ ألاف أسرانا الذين امضوا عمرًا بغياهب الصهيونية وباستيلاتها، وتمارس ضدهم كل أساليب القهر والتعذيب والحرمان، دون أن يخدش أنينهم حياء أو ضمير مؤسسات الكون الدولية، أو حملة مشاعل حقوق الإنسان، أو الوسيط الألماني الذي أحزنه التعب النفسي "لشاليط"، ولم تؤرق ضميره الكرتوني عذابات أطفال أسرانا، وأمهاتهم، ولم يؤنب ضميره سنوات العمر الضائعة التي يمضيها أسرانا في زنازين التحدي، لأنهم أمنوا بالحرية، واعتنقوا القتال والنضال سبيلًا، وهو ما كفلته لهم كل تشريعات الكون والديانات السماوية.
بيوم الأسير الفلسطيني طالعتنا الصحف بعنوان عودة الوسيط الألماني للوساطة بين إسرائيل وحركة حماس آسرة "شاليط"، خشية من الضغوط النفسية التي يعيش بها الجندي القاتل "شاليط"، فهب هذا الوسيط من قمقمه يبحث عن سبل تحريره، بالرغم من أن(62)عاماً مضت وأسرانا خلف القضبان، وهم أسرى حرية لم تثير آهاتهم ضمائر هؤلاء، ولم يطالب العالم أجمع إسرائيل بأقل تقدير تطبيق المعاهدات الدولية المتعلقة بأسرى الحروب، وأطلقت أيديها في تعذيب وقتل صوت الأسرى، بجدران أسمنتية تحجب الإنسانية والكرامة عن مقاتل ثار على احتلال أرضه ووطنه، مقاتل كفلت له كل التشريعات السماوية والأرضية الحق في الحرية.
ولكنها المعايير الدولية التي تساوى بين الجلاد والضحية، بين القاتل والمقتول، بالرغم من أن حذاء اصغر أسير فلسطيني اشرف وأقدس من هذا الشاليط وكيانه، وأنبل من ثلة تجمعت من كل أصقاع الكون لتحتل أرض لشعب، وتنفيه، وتقتلعه عنوة، ولكنها المعايير الدولية التي لا ترى بالعربي عامة، وبالفلسطيني خاصة إنسان له الحق في الحياة.
من عمق الحقيقة والألم نكتب رسالتنا لآسري"شاليط" إن شعبنا الفلسطيني يجدد لكم العهد والبيعة بيوم الأسير بالحفاظ على اشتراطاتكم بالإفراج عن هذا"الشاليط"، وعدم التنازل عن أسير فلسطيني واحد، فإياكم التفريط بهذه الأمانة التي ضحى شعبنا بالغالٍ من أجلها، ومن أجل حرية أسراه، إياكم حرمان أطفال أسرانا من احتضان أبائهم، وأمهات أسرانا من تقبيل أبنائهن.....
فالأسير الفلسطيني هو الضمير الذي لا زال حي يستنهض فينا الأمل بالصمود، ويبعث فينا الإيمان بحتمية النصر، ولا زال ملهمنا بالسير على درب فلسطين الموحدة، فلسطين المتصالحة مع نفسها، فلسطين أبناء الشعب الواحد، فكرموا أسراكم بالوحدة والمصالحة.
يوم الأسير.... يوم العهد.... والإيفاء بالدين في أعناقنا ألاَ وهو العودة عن انقسامنا، والتوحد والمواجهة، والمضي قدمًا صوب الحرية والتخندق في خندق التحدي .......


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق