السبت، 17 أبريل 2010

الامة الكويتية وانصار البرادعي


د. محمد رحال.السويد
التفنيش في البلاد العربية هو اخطر كلمة يسمعها العمال العرب في البلدان العربية ، والتفنيش كلمة اشتقت من فنّش يفنش تفيشا ، ومنها اسم الفاعل المفنش واسم المفعول الذي يقع عليه وعلى رأسه فعل التفنيش  والمُفنَش، والمُفنش في العادة وكما جرى عليه الطبع الكريم في الدول العربية لايكون في العادة مفردا وانما يكون جملة وعددا معتبرا قد يصل للآلاف ويسمون المفنشون  بفتح النون، واستوردت الكلمة فنش المهلكة من قاموس اللغة الانكليزية من كلمة finish والتي لاعلاقة لها ابدا بالمعنى الفعلي لانهاء عقود العمال وطردهم وبشكل يخالف كل شروط وقواعد العمل السارية في الامم التي تمتلك ولو ذرة من الاخلاق ، ولقد قيل لي أن اول مخترع لهذه الكلمة كان عاملا فقيرا وبسيطا من بنغلادش واسمه ضعيف مظلوم رحمن وجد نفسه مطرودا من العمل فذهب في شوارع الكويت يطلب النجدة وهو يضرب كفا بكف ويصيح انا فنش ... انا فنش ، ومنذ ذلك الحين دخلت الكلمة مصطلح معاجم اللغة في البلدان العربية مع ماادخله العمال الوافدون من شرق اسيا من مصطلحات سيطرت على معجم اللغة الدارجة في الخليج خاصة ، والتي يتقن ابناؤها استخدام معظم اللغات الاسيوية باستثناء اللغة العربية والتي تحولت الى مفردات يرطن بها اصحاب التفنيش وحكامه .
ماحصل في الكويت منذ ايام من تفنيش لعمال من مصر الحبيبة لم يكن وكالعادة بسبب خلاف بين حكومتين ، او بسبب سوء فهم او تفاهم بين زعيمين عربيين  اعتدنا على سماعه وسماع الردح المرافق له، وانما كان نتيجة ظاهرة جديدة بدأت تطفو على سطح الاحوال الجامدة في مصر ، وهي ظاهرة انصار البرادعي والتي تهدد بظهورها نظاما وصل الى الحكم نتيجة ثورة على الملكية الظالمة والفاسدة والمتعفنة والمهترئة والخائنة والمتخلفة كما قيل لنا ، ثم وجدنا ان الثورة وبعد وفاة مؤسسيها قد اختطفت واعادت الامور الى عهد الملكية الاستبدادية ولكن باسماء جمهورية ، ولم يعد حجم الفساد والخيانة الملكية تذكر امام كم هائل من الفساد الذي ليس له ضابط او حدود او رابط ، وفي نظام يشجع على الخيانة والفساد وقتل الروح المعنوية في شعب عرف الحضارة منذ الاف السنين وتعمد النظام الجمهوري الملكي الجديد نشر الفقر بانواعه والمرض باشكاله والظلم بكامل مواصفاته في ارجاء الاقليم المصري الحبيب ، ولم يبق لهذا النظام الجديد من حضارة الا تلك المتاحف الاثرية والتي تذكر المواطن دائما ان اجداده كانوا اهل حضارة وان عمله اليوم اما ان يكون عاملا في بلدان التفنيش العربي ، واما دليلا سياحيا لتلك الاثار التي ورثها عن اجداده واما نادلا او فراشا لتلك الوفود السياحية والتي جاءت لترى تلك الحضارة السالفة وتستمتع بخدمة مميزة من ابناء اليوم والذين تحولوا من بناة للحضارة الى مفنشين على ابواب البدو ، او عمالا يستجدون العمل في بلدان الذل العربي او مهاجرين مغامرين وجدوا انفسهم وسط امواج الحضارة الغربية دون سلاح باستثناء سلاح المواطنة المصرية والتي لم تعد تشبع ابناؤها خبزا فضلا عن المجد وغيره ولهذا فقد ازداد وعي الشارع في هذا البلد الكبير واحساسه بالظلم والابعاد والاضهاد وبدات الاصوات ترتفع عاليا ، وظن المواطن المصري في مغتربه مع هذا الارتفاع في الاصوات ، وظن بعض العمال والشغيلة ان بامكانهم مساندة اخوانهم في مصر ، وبادروا الى تنظيم احتفال بسيط من اجل تاييد حركة التغيير في مصر،و سارعت على اثره اجهزة الحكم الكويتية والتي تنتمي الى امة كبيرة جدا وعريقة اسمها الامة الكويتية والتي يزيد عدد سكانها عن عدد سكان بناية سكنية بقليل ، سارعت الى جمع المحتفلين وساقتهم مباشرة الى مصر في حادثة تعتبر من الحوادث الاعجب والاغرب في العالم والتي تعبر عن تخلف القائمين على امور الامة الكويتية وجلافتهم وخشونتهم وانعدام الحس الاخلاقي والانساني تماما من تلك الرؤوس ، وفي محادثة لي مع رئيس احدى النقابات العمالية في السويد وتناول قضية شحن العمالة المصرية وطردها فقد فوجئت بالرجل وقد بهت وعجز عن الكلام لساعة من الزمن ، وهو الرد الطبيعي لمن لديه احساس ، اما ابناء الامة الكويتية فقد تبلد الاحساس لديهم منذ ان دخل المحتل الانكليزي هناك ورضوا ان يحملوا المحتل الانكليزي على ظهورهم كي لاتتبلل اقدام المحتل الشريفة والصور القديمة تشهد على ذلك ، وتشهد ايضا ان هذه الامة هي كالجرثومة وسط امتنا والتي ليس منها الا الاذى والضرر واخر ضررها هو في التفنيش الذي خلا من الانسانية فضلا عن القيم الاخرى ، وهو امر يدعونا قريبا لدعوة المجتمع الدولي الى محاسبة هذه الانظمة القبلية التافهة وعديمة الاحساس والمسؤولية والجلفة والمتنمرة  والتي تعيش على الدعم السيادي الامريكي والصهيوني ، الى فرض قوانين العمالة عليها وفقا لمقاييس العمالة العالمية والانسانية والتي لاتعرفها تلك الانظمة الرجعية البدوية الظالمة وحديثة النعمة من اجل ضبط اخلاق تلك الدويلات المنفلتة والتي شاع عنها في اقطار الارض انعدام الانسانية فيها وانحلال كل انواع الاخلاق وتخنث رجالها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق