الخميس، 8 أبريل 2010

سفارات فرنسية .. بإدارة ليبرمان


فتحي الهادي المسلاتي
  
لا أدري هل هي الصدفة وحدها التي جعلت سفارتين لفرنسا في عاصمتين عربيتين تضعان على أجندتيهما نشاطين ثقافيين (...) يلتقيان تحت لافتة واحدة هي : تسويق التطبيع مع الصهاينة.
جهد فرنسي لابد أن يلقي كل الشكر من اكيان الصهيوني ودوائر الصهيونية في فرنسا خاصة أن الاصرار على تنفيذه من أعلى قيادات الخارجية الفرنسية قد وصل إلى درجة تعريض مصالح فرنسا وعلاقات سياسية وثقافية  سهرت سنين على نسجها مع الفعاليات الثقافية ذات التأثير السياسي والاجتماعي.   
وليس بغريب عن فرنسا إتخاذ مواقف تخدم الصهائنة وتضر طبعاً بمصالحنا نحن العرب: وكما يعلم الجميع فإن فرنسا (قبل أمريكا) هي بانية القوة الاسرائيلية، وصاحبة المشروع النووي الصهيوني الذي مكن إسرائيل من إمتلاك هذا السلاح الفتاك.. لكن مع نمو الدور العربي على الساحة الدولية بعد الطفرة النفطية ومع دخول أمريكا كطرف أساسي في صراع الالشرق الأوسط  الأمر الذي قزم بشكل كبير الدور الفرنسي..  إنتهجت فرنسا سبيلاً أكثر توازناً حسن كثيراً من صورتها لدى الشارع العربي، وإن ظلت سياساتها متذبذبة تبعاً لتجاذبات الأطراف الفاعلة ودوائر التأثير داخل المجتمع الفرنسي... لكن .. وفي كل أطوار السياسة الفرنسية كان للوبي الصهيوني تأثيره الملموس وحافظ دائماً على تواجد مؤثر في مفاصل المجتمع الفرنسي خاصة دوائر صنع القرار.
ومنذ توللي نيكولاي ساركوزي ( يهودي الأصل والثقافة) سدة الرئاسة الفرنسية بدا من الواضح للمتابعين سعيه الدؤوب لتعديل السياسة الفرنسية لتصبح أكثر قرباً من الكيان الصهيوني .. وليس أوضح من ترديده بسبب وبدونه لمقولات الحرص على بقاء إسرائيل وأمنها وتأكيده على العلاقة الخاصة معها، ثم مواقفه خلال عدوان غزة الوحشي وقبله عدوانها على لبنان 2006 ف، وتحركاته خلال الأزمة اللبنانية التي كانت تصب في خانة تسميم العلاقة بين الفرقاء وتأجيج الصراع بينهم بحجة الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك.
وفي هذه الأيام.. يبدو أن الحكومة الفرنسية التي دأبت من خلال سفاراتها ومراكزها الثقافية على ممارسة أنشطة  لها من المعارضين مثلما لها من المناصرين من خلال مهرجانات وحفلات ومعارض وحلقات حوار.. تستهدف أساساً ربط الصلات بالمثقفين والفعاليات الاجتماعية وغيرها في الدولة المستضيفة.. يبدو أن هذه الحكومة قد تبنت مخططاً أبعد من مجرد خدمة مصالحها الوطنية.. محاولة لعب دور عجزت عنه غيرها من الدول والمؤسسات ألا وهو تمرير التطبيع مع العدو من نافذة الثقافة وعبر مؤسسات فرنسية عريقة في مناشطها الثقافية.
لقد وقعت إستضافة شريط لمخرجة صهيونية في مهرجان الصورة الذي تنظمه سفارة فرنسا بالقاهرة وقوع الصاعقة على أغلب المشاركين الذين يجمعهم رفض التطبيع مع العدو، ومما زاد الطين بلة تدخل الحكومة الفرنسية لفرض المشاركة الصهيونية بعد أن قامت السفارة بحذفها من برنامج المهرجان إستجابة لحركة الرفض المصرية الأمر الذي يوحي بالأهمية التي يعلقها القائمون على هذه البرامج المشبوهة.
ولقد كان من الممكن أن يمر الحدث بلا آثار ولا هواجس لو أنه كان أبتراً ومنفرداً.. لكن نفاجأ بأن سفارة فرنسية أخرى تنفذ فصلاً مشابهاً في عاصمة عربية ثانية وقد لا تكون الأخيرة.. فقد إنتفض المثقفون التونسيون لدى علمهم بأن سفارة فرنسا بعاصمة الأغالبة توزع الدعوات لمعرض الهولوكوست (جرائم إبادة اليهود على يد النازيين).
فمن المسلم به أن من مهام أية سفارة لدولة من الدول هي خدمة مصالح دولتها وربط صلاتها بشعب الدولة المضيفة وتقديم صورة طيبة عن تاريخ وحضارة دولتها وانجازاتها في مختلف المجالات وتوضيح سياساتها ومواقفها .. الخ.. وهي أنشطة مشروعة ومطلوبة ومفيدة.. لكن .. ما الذي يدفع دولة إلى الصرف من ميزانيتها ومن رصيدها المعنوي واهدار وقت وجهد موظفيها لخدمة مصالح دولة أو مؤسسة أوجماعة أخرى؟
ما الذي يدعو فرنسا للمجازفة بما تمتلكه من مكانة واحترام ورصيد من العلاقات في سبيل خدمة مصالح الدولة الصهيونية؟  
سؤال وجب أن نطرحه حتى ندرك الأهداف الخفية لفرنسا سركوزي وكوشنير، ونعرف أي المواقف نتخذ إزاءها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق