الخميس، 29 أكتوبر 2009

يوم حداد آخر للديمقراطية في تونس



بقلم:عادل الجوجري

رئيس تحرير الأنوار

والغد العربي

القاهرة

في مشهد هزلي يعيد إلى الأذهان ماكان يجري في العصر العباسي من تزييف لإرادة الناس وسرقة رغباتهم عبر صناديق الاقتراع فاز الرئيس زين العابدين بن علي بفترة رئاسية خامسة،ليثبت أن الديناصورات لازالت على قيد الحياة ولم تدخل بعد متحف التاريخ أو أن المومياوات لاتزال تتنفس،فالرئيس الذي يحكم منذ عام 1987 أي منذ كان هناك الاتحاد السوفيتي وبريجنيف وشاوسيسكو وباقي ديناصورات الحزب الشيوعي،والرئيس بن علي الذي بلغ من العمر 73 عاما لازال مصرا على الاستمرار في المقعد الرئاسي حتى عام 2015 وقد يرشح نفسه لدورة جديدة طالما انه يشعر أن بين يديه كل أدوات تزوير الانتخابات وإقصاء المنافسين مبكرا عن حلبة الانتخابات، وتأمين الفوز من خلال البوابة الأمنية .

لقد قاطع الناصريون والقوميون والإسلاميون مهزلة الانتخابات الرئاسية والتشريعية بسبب الهيمنة الأمنية السافرة التي لم تترك أي مجال أمام أحزاب وحركات المعارضة للتحرك بحرية في الساحة السياسية فكل من يعارض في تونس يعتقل أو يضرب أو يهان على يد رجالات السلطة بلباس مدني.

ولم تسلم القيادات العمالية والنقابية من الضرب والاهانات والاعتقالات وحتى أساتذة الجامعة مطاردون من أجهزة الأمن التي لاترحم كبيرا أو صغيرا،

تعالوا نحلل نتائج المهزلة الانتخابية لنكتشف ان الرئيس زين العابدين لايختلف عن حسني مبارك ولا علي عبد الله صالح فالجميع يحلق بنسبة تفوق ال85%بناء على طلب المستشارين الذين نصحوهم بتخفيض نسب النجاح حتى لايكونوا مثار سخرية المواطنين داخل وخارج البلاد، وكان بن علي فاز في الاقتراعين التعددين السابقين في 1999 و2004 بنسبة فاقت 90 بالمئة،لذلك حقق الرئيس التونسي زين العابدين بن علي فوزا ساحقا ماحقا مقارنة بكل خصومة الذين تحولوا إلى كومبارس في فيلم كوميدي ردئ ،لقد حصل زين العابدين على نسبة 89 فاصل 62 بالمائة من جملة الأصوات المصرح بها داخل تونس ومراكز الاقتراع بالخارج. في المقابل حصل مرشح حزب الوحدة الشعبية محمد بوشيحة على 5.01 بالمئة ومرشح الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على 3.80 بالمئة ومرشح حركة التجديد على 1.57 بالمئة.

في الدول الديمقراطية لايمكن أن يصل عدد الناخبين المشاركين إلى 84% لكن في تونس ممكن إذا أراد الرئيس ،فالأموات لهم أصوات يدلون بها والغائبون والتائهون والمتنقلون كلها أصوات لديها اعتبار عند\ رجال زين العابدين لذلك تجد في الانتخابات التونسية معجزات لاتجدها في أميركا ولا السويد فالناخبون يتوجهون فقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 89.40 بالمئة من بين أكثر من 5.2 ملايين ناخب مسجل،وهذه نسبة لايمكن أن تحدث في مجتمع الملائكة ،وبالتالي لايمكن أن تحصل في بلد يعرف فيه الناس نتائج الانتخابات قبل أن تبدأ بل هم يعرفون نتائج الانتخابات التي ستجري عام 2015 إذا خاضها الرئيس الحالي،فالنتيجة قد تصبح 82%مراعاة للتضخم و درجة السخرية في وسائل الإعلام الغربية.

باختصار لايوجد أي أمل في تطبيق حقيقي للديمقراطية طالما بقى الحكام الديناصوريون يحكمون في الوطن العربي،وطالما بقيت آليات التزوير حاضرة و وطالما ظلت السيطرة الأمنية على الحياة السياسية تقيدها وتحبسها وتدخلها بيت الطاعة...والبديل هو أن يتحرك الشعب وان يثور وان يرفض هذه المهزلة .. فمن تونس نفسها انطلق أبو القاسم الشابي يقول "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" المشكلة ياسادة في الشعب وليس في الحاكم المستبد وقديما سألوا الفرعون "إيه فرعنك؟"قال "لم أجد من يلمني" أي يردعني

فمن يردعك يازين الحكام العرب غير شعب تونس الأصيل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق