الخميس، 29 أكتوبر 2009

أطفال العراق.. للبيع ..

ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد

.. نمو معضلة التجارة بالبشر..

.. في ظروف استغلال العصابات للعائلات الفقيرة..

.. وفي ظل نظام فاسد..

التقرير التالي بشأن تجارة الأطفال في العراق كشف وشخّص البلدان التالية التي تم بيع الأطفال فيها، وهي: الأردن، تركيا، سوريا، سويسرا، إيرلندا، المملكة المتحدة، البرتغال، السويد. وجاء تأكيد المعلومات من خلال ضابط عراقي، بينما المعلومات المتعلقة بأماكن بيع الأطفال، فقد توفرت من خلال مصدر مجهول (الامتناع عن كشف الهوية) ، ولم تتواجد إمكانية التحقق من صدقيتها فيما يخص الدول الأوربية المذكورة. ويلاحظ أن تقرير العام 2007 الصادر عن NGO Heartland Alliance يُشير إلى أدلة بأن الاتجار بالبنات والأطفال في العراق اتجه نحو خمس دول أوربية: تركيا، اليونان، إيطاليا، فرنسا، والمملكة المتحدة.

الفساد وضعف تطبيق القانون، علاوة على الحدود التي يسهل اختراقها، عوامل تُضاعف من تفاقم أزمة الاتجار بالأطفال في العراق، وفقاً لمسئولين رسميين ووكالات المساعدة، مع ملاحظة أن العشرات من أطفال العراق يُباعون سنوياً، سواء للاستخدام المحلي (كما في التبني مثلاً) أو التصدير إلى الخارج.

تُحقق عصابات الجريمة أرباحاً عالية من خلال شراء الأطفال الرضع بأثمان رخيصة في ظروف التشويش البيروقراطي bureaucratic muddle القائم والتي تُسهّل نقل الأطفال إلى الخارج، مع ملاحظة صعوبة الحصول على أرقام دقيقة في هذا المجال لعدم وجود جهة مركزية محلية بهذا الخصوص، لكن وكالات المعونة والبوليس يُقدرون أن الرقم تصاعد بحدود الثلث منذ العام 2005 لغاية 150 طفلاً سنوياً، على الأقل.

ذكر أحد كبار رجال الشرطة بأن ما لا يقل عن 15 طفلاً عراقياً يُباعون شهرياً، جزء منهم للداخل والآخر للخارج، بغرض التبني adoption و/أو الجنس (الإساءة الجنسية) sexual abuse. ويرى رسميون بتواجد ما لا يقل عن 12 عصابة يعملون في العراق.. يدفعون ثمناً للطفل بين 200 و 4000 باون استرليني، معتمداً ذلك على خلفية الطفل وصحته background and health. وتتمثل البلدان/ المحطات التي يتم فيها بيع الأطفال في: الأردن، تركيا، سوريا، وبعض البلدان الأوربية، متضمة: سويسرا، إيرلندا، المملكة المتحدة، البرتغال، والسويد.

ذكر العقيد فراس عبدالله- قسم تحقيقات الشرطة العراقية- بأن العصابات تستخدم وسطاء يتظاهرون pretend بانتمائهم لمنظمات غير حكومية (منظمات مساعدة خيرية) خلال مفاوضاتهم مع عائلات الأطفال. ويقوم رجال العصابات بإعداد الأوراق اللازمة، ومنها تاريخ الميلاد، تغيير الاسماء، وإضافة الطفل إلى جواز سفر الوسيط أو جواز أي شخص آخر مدفوع له ليأخذ الطفل إلى خارج البلاد، وعادة إلى سوريا أو الأردن، ليُنقل من هناك إلى أوربا أو دول شرق أوسطية أخرى.

ووفقاً للضابط نفسه: "الفساد المتفشي في الكثير من الإدارات الحكومية، يجعل مهمتنا معقدة للغاية "لأنه" عند وصول هؤلاء الأطفال بمعية "ذويهم" إلى المطار أو الحدود، تبدو الأوراق الرسمية صحيحة، ومن الصعب علينا وضع الحجر عليهم داخل البلاد دون توفر أدلّة ملموسة تؤكد الاتجار بهؤلاء الأطفال...

"قبل أسبوعين واجهنا زوجين مع طفلة عمرها ستة أشهر قادمين من العراق بسيارة ومتجهين إلى الأردن.. وجد أحد ضباطنا فارقاً في السن بين الزوجين على نحو غريب، فسألنا مكتبنا التحقق من الأمر.. وبعد إلقاء القبض عليهم، اكتشفنا أن الطفلة بيعتْ من قبل والديها، وكانت على وشك نقلها إلى عمان/ الأردن، ثم بعد ذلك إلى إيرلندا، إذ سبق لأُسرة هناك أن دفعت ثمنها."

قال أبو حميزي Abu Hamizi- اسم مستعار- احد المتعاملين في هذه التجارة، بأن الاتجار بالأطفال في العراق أرخص وأسهل من أي مكان (بلد) آخر، وذلك في ظروف استعداد موظفي الحكومة استخراج وثائق مزيّفة لقاء ثمن.

وحسب قوله: "قبل أن نبدأ التفاوض مع أية عائلة، نقوم بدراسة ظروفهم المعيشية، ما عليهم من ديون، وما يمتلكون.. وعندما نكتشف بأن العائلة تُعاني من البطالة وعاجزة عن إطعام أطفالها، عندئذ نشق طريقنا، وفي معظم الأوقات نكون محل ترحيب، وينظرون إلينا باعتبارنا نعمل مع وكالات الإغاثة...

"خلال مرحلة التحقيق، ونحن نُقدّم أنفسنا باعتبارنا نعمل مع المنظمة المحلية لـ NGO.. نوفر بعض الطعام والملابس.. وبعد أن نحصل على ثقتهم (عائلات الأطفال الفقيرة) نُقدّم عرضنا، حيث يختلف باختلاف ما اكتشفنا.. إذا كانت الأسرة حقاً فقيرة، فيمكن أن يقبلوا أرقاماً (أسعاراً) منخفضة جداً، ولكن في بعض الأحيان، عندما يكون التعامل مع عائلة أكثر تعلماً، عندئذ ترتفع الأسعار... نُفضل الأطفال "الرُضّع"، ولكن في بعض الأحيان، هناك عائلات معينة تطلب أطفالاً بين سنة وأربع سنوات من العمر، مع أنها حالات نادرة."

وحسب المتاجرين بالأطفال، فهم يقومون بالتحقق من الطفل بأنه على ما يُرام. وذكر أبو حميزي بأنه سمع أن طفلاً تم بيعه العام الماضي، واستخدم لزراعة الأعضاء في الشرق الأوسط!!

رغم أن أبو حميزي يصرُّ على معاملة "العميل client"- عائلات الأطفال- معاملة حسنة، فإن تقرير العام 2007 الصادر عن اتحاد منظمات NGO، وجد أن التجار استخدموا التهديد أو القوة أو الإكراه coercion، الاختطاف abduction، الاحتيال fraud، الخداع deception أو إساءة استخدام القوة power (السلطة) أو ضعف vulnerability (عائلة الطفل) أو منح مزايا مالية و/ أو عينية للشخص النافذ في العائلة (رب/ مسئول عائلة الضحية).

سارة تامي (38 عام)- أرملة وأم لخمسة أطفال من محافظة بابل، قالت بأنها سبق وباعت الأطفال وأعمارهم تترواح بين 2-4 سنوات، وذلك في العام الماضي. وأنها لا تشعر بأي قدر من الندم regrets، رغم تسلمها نقوداً أقل مما وعدها التاجر. "الناس قد يتصورون بأني وحش monster، لكنهم إذا علموا كم هي صعوبة الحياة عند العيش في مخيم للمشردين العاطلين، وفي غياب الدعم أو الزوج، عندئذ قد يُغيروا أفكارهم... فعلتُ كل ما استطيع للاحتفاظ بهم معي، لكني فقدتُ زوجي في حين كنتُ حاملاً بطفلي الخامس، وصارت الحياة صعبة جداً. أحبُ كل أطفالي.. أعلم أن العائلات التي تبنتهم ستمنحهم حياة طيبة، طعام وتعليم لم أتمكن أبداً توفيرها لهم."

يقول العاملون في الإغاثة بأن جهود التغلب على هذه المشكلة ضحلة جداً. "تقارير الاتجار تتزايد لأن الناس صاروا أكثر حذراً الآن ويشعرون بثقة كافية للحديث عن هذا الانتهاك لحقوق الطفل." ذكرت فطومة إبراهيم- رئيسة حماية الطفل- اليونيسيف- مركز دعم العراق/ عمان: "بالطبع، اليونيسيف قلقة للغاية أزاء هذه التقارير، ونحن نعمل مع وزارة العمل والخدمات الاجتماعية لمتابعة تقارير الإدعاءات بغرض التبني."

تُحذّر وكالات المعونة أولياء الأمور بأن العديد من الأطفال قد استخدموا للعمل في مجال الجنس sexual workers أو تم بيعهم للمولعين بالأطفال paedophiles. ذكر أحمد سامي- ناشط في مجال المعونة: "حاولنا كثيراً الاقتراب من هذه العائلات بُغية تنبيههم بشأن ما يحدث لأطفالهم لكننا تعرضنا للتهديد، بل وقُتل اثنان من العاملين في المعونة بعد أن حاولا منع مفاوضات بيع أطفال."

ممممممممممممممممممممممـ

Iraqi babies for sale, Afif Sarhan in Baghdad, The Guardian, Monday 6 April 2009.

The following correction was printed in the Guardian's Corrections and clarifications column, Saturday 15 August 2009.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق