الاثنين، 12 أكتوبر 2009

إنكشاف المستور

لم تكن هي المرة الأولى التي تثبت فيها القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس "أبو مازن" حرصها الشديد على وحدة الشعب الفلسطيني السياسية,ووحدة قراره,حيث ظهر هذا جلياً في العديد من المواقف التي اتخذتها هذه القيادة الفلسطينية,ولم تكن هي المرة الأولى لدعوات السيد الرئيس والقيادة الفلسطينية للحوار والمصالحة,ولم تكن هي المرة الأولى التي تُجسد فيها هذه القيادة مفهوم القيادة السليم والحكيم الذي تناغم مع مصالح الشعب داخلياً وخارجياً,والمتمثلة في التمسك بثوابت الشعب الفلسطيني أثناء المفاوضات مع الإسرائيليين,ورفض التنازل عن أي منها رغم الضغوط والابتزاز التي تعرض لها ,وفي رفضه العودة للتفاوض في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل الاستيطان وتهويد القدس, ولم تكن هي المرة الأولى التي تثبت فيها حركة حماس بأنها أبعد ما تكون عن النداءات لتبني هذه المواقف,وتبني إستراتيجية الفعل الوحدوي الفلسطيني الذي تُنادي به القيادة الفلسطينية,وبقدر ما تُجسد حماس ابتعاداً عن الحالة الوطنية الوحدوية- فهي تُجسد مسلكيات مرفوضة وطنياً شكلاً ومضموناً ,وتُجسد هروباً من الإجماع الفلسطيني الداعي للوحدة,واستخفافاً بالقيمة الوطنية والسياسية والإنسانية والمعنوية لهذه الحالة,وبكل جهود تُبذل على هذا الصعيد,حيث ظهرت هذه الحالة(الحمساوية)مع صبيحة يوم الانقلاب على الشرعية الفلسطينية في غزة14/6/2007م ,وسطع نجمُها منذ الجولة الأولى للحوار,حتى مطلع الحديث مؤخراً عن جولة سابعة في القاهرة-25/أكتوبر الحالي , حيث أثبتت حركة حماس على مدار ستة جولات حوار سبقت بأنها كانت تلعب على عامل الزمن لاستهلاكه فقط ,وذلك للتهرب من استحقاق المصالحة, وفي ذات السياق البحث عن وقت إضافي سعياً إلى إسقاط النظام السياسي الفلسطيني برمته منظمة وسلطة وتقويضه,وإبدالهما بنظام (حمساوي)من صناعتها , على قاعدة المصالح الحمساوية الحزبية الضيقة ,فهذه الحالة التي تحاول حركة حماس أن تجسدها وتُثبتها وتُرسخ أركانها في الساحة الفلسطينية تجلت على عرشها يوم أمس بلغة واضحة لا لبس فيها على لسان رئيس الحركة خالد مشعل في كلمته التي القاها في دمشق , والتي تزامنت مع إلقاء الرئيس محمود عباس خطابة في رام الله ,وكأنما القدر ساق خالد مشعل ليقول كلمته هذه في ذات الوقت ليقرأ كل عاقل التباينات في المواقف,ولتتكشف الحقائق,وتوضع النقاط على الحروف,ليُعرف من الذي يتقدم ومن الذي يتراجع,ففي الوقت الذي يتقدم في كلمته الرئيس الفلسطيني محمود عباس نحو المصالحة, يعرض خالد مشعل البديل السياسي!!!,وفي الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس أبو مازن عن ضرورة الإسراع في عقد المصالحة,وصولاً إلى وحدة الصف الفلسطيني,في ذروة الصراع مع الصهاينة,وفي نفس الوقت يظهر شجاعة القائد في قبول ما ستقره لجنة التحقيق التي شكلتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بخصوص تقرير "غولدستون" ,يؤكد خالد مشعل على بُعد حركته عن المصالحة ,متنكراً للإرث السياسي الفلسطيني برمته متهماً إياه باتهامات لا حصر لها ولا عدد , مطالباً بمحاسبة قيادات السلطة الفلسطينية!!!,ومطالباً بحصة حركته في البرنامج الوطني الفلسطيني,وحصتها في آلية صنع القرار السياسي!!!,مخفياً الوجه الحقيقي وراء هذه المطالبات,وهذا ما بات واضحاً ليس في حينه إنما منذ زمن بعيد,فقد كنت قد ذكرت في مقال سابق بان قيادة حماس التي قادت حملة التحريض والتشويه الإعلامية لشخص الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية إنما هدفت من ناحية إلى تشويه صورة الرئيس محمود عباس في الشارع الفلسطيني لإفقاده القاعدة الجماهيرية التي يتمتع بها ,وهدفت إلى إضعاف مكانته ومواقفه عربياً ودولياً,وعلى الصعيد الأخر تسعى من خلال التأجيلات المتتالية لعقد المصالحة إلى استهلالك الوقت للوصول إلى الليلة التي تلي ليلة(25/أكتوبر)الحالي ,وهي الفترة الزمنية التي يبدأ معها الاستحقاق الدستوري الرئاسي القاضي بإعلان الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الموعد المقرر25/يناير/2010م,وها أنا أسجلها مرة أخرى,وأقولها بصراحة بأن حركة حماس إذا ما هلت ليلة الخامس والعشرين من هذا الشهر ولم يعلن الرئيس عباس عن موعد الانتخابات فسوف تبدأ حماس بمسلسل جديد من الأعذار والمبررات لتمديد المصالحة وصولا إلى طرح مسألة الحق الدستوري للرئيس عباس في إعلان الانتخابات إلى التوافق الوطني تماماً كما فعلت في مسألة منظمة التحرير,وأجهزة السلطة الفلسطينية,وكل ما له علاقة بالتمثيل السياسي للسلطة والمنظمة,وهنا تكمن الخطورة الحقيقة التي تؤكد بأن حماس غير جاهزة للمصالحة ,وهي تسعى فقط إلى تقويض النظام السياسي برمته سلطة ومنظمة استعداداً لطرح البديل .

الكاتب/ عبد المنعم إبراهيم

أمين سر-صالون القلم الفلسطيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق