الاثنين، 12 أكتوبر 2009

التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء في الأسعار و تدهور الخدمات العمومية

بيان

يشكل اليوم العالمي لمناهضة الفقر، الذي يصادف يوم 17 أكتوبر من كل سنة، منذ أن أقرته الأمم المتحدة عام 1993، مناسبة للتشهير بالسياسات الاقتصادية و الاجتماعية الإجرامية المولدة للبؤس و التهميش و الإقصاء و البطالة. و هو مناسبة لكي يرتفع في مختلف بلدان العالم صوت المضطَهدين على اختلاف أعراقهم و ألوانهم من أجل التنديد بالعولمة الرأسمالية المتوحشة و سياستها الليبرالية المدمرة للمكاسب الاجتماعية و البيئة الطبيعية، و كذا للتنديد بالحروب الامبريالية و سياسة التسلح التي تستنزف موارد اقتصادية و مالية تكفي لتجعل الفقر و الجوع ذكرى من الماضي البعيد.

إن الأزمة الرأسمالية المتفاقمة منذ عقود كان من نتائجها هجوم الشركات المتعدد الجنسيات و الدول الامبريالية على مجمل القطاعات الصناعية و الخدماتية و كذا القطاع الزراعي المعاشي مما أدى إلى ارتفاع متواصل في تكاليف المعيشة في عديد من بلدان العالم و إن بدرجات متفاوتة.

و المغرب بحكم اندماجه في الاقتصاد العالمي من موقع التابع و بحكم تخلف بناه الاقتصادية و تبنيه للاملاءات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية لدوائر القرار الامبريالي (البنك العالمي، منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي..) وكذا خضوعه لاتفاقيات استعمارية جديدة (اتفاقيتي التبادل الحر بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي) فقد عرف على امتداد ربع القرن الماضي تعاقب سياسة التقويم الهيكلي و الخوصصة، مما أنتج تدهورا في قطاعات اجتماعية حيوية من تعليم و صحة و ماء و كهرباء و نقل، كما شمل ارتفاع الأسعار المهول كل المواد الأساسية في حين لم تعرف الأجور و المداخل ارتفاعا يوازي غلاء المعيشة و السكن و التطبيب و التمدرس.

أما النمو الاقتصادي و الازدهار الذي تطبل له الدولة و أبواقها فقد فر منه مليون مهاجر نحو باقي بلدان العالم خلال العقد الماضي، في حين راكمت قلة قليلة ثروات طائلة و أجور خيالية.

إن البطالة الجماهيرية و التسريحات الجماعية، و مطالبة البطرونا بالتضييق على الحق في الإضراب و كذا مطالبتها بمراجعة مدونة الشغل (على علتها) في اتجاه إحكام أرباب العمل للخناق على الأجراء يعد مظهرا من مظاهر الأزمة الاجتماعية و الاقتصادية.

لقد عرفت مدينة طنجة خلال العقد الخير تحولات عميقة حولتها من مدينة سياحية، إلى مدينة صناعية متنامية بسرعة و مختبرا للسياسات الليبرالية المتوحشة، فقد تم تفويت القطاعات الحيوية من نظافة و نقل و توزيع ماء و كهرباء للشركات الأجنبية و تمت خوصصة العديد من الفنادق و فوتت الراضي و الشواطئ بأبخس الأثمان لمافيا العقار، و تحولت المناطق الصناعية الحرة و حتى غير الحرة لسجون حقيقية، حيث محاربة العمل النقابي بشكل منهجي و كذا فرط الاستغلال للنساء و الأطفال دون ضمان اجتماعي و في شروط صحية مزرية، وما حوادث السير المروعة التي ذهب ضحيتها العديد من العمال في الآونة الأخيرة إلا جزئ بسيط مما تعانيه جماهير الطبقة العاملة.

إننا كقوى تقدمية مشكلة للتنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء، لا نعتبر هذا الوضع قدرا محتوما، بل هو نتاج سياسة اقتصادية و اجتماعية هدفها خدمة بورجوازية همها الوحيد مراكمة الأرباح عبر الاتجار في الخدمات الأساسية و المضاربة في المواد الغذائية، و توجيه الإنتاج لخدمة سياسة الدائنين (الصادرات لجلب العملة الصعبة لتسديد الديون). كما نعتبر تغيير هذا الوضع أمرا ممكنا مهما تعبأت القوى المناضلة حول مطالب واضحة و تخدم مصالح الكادحين.

إننا نرى في إلغاء ديون العالم الثالث و من ضمنها ديون المغرب خطوة في اتجاه مواجهة سياسة التفقير، كما نرى أن استرجاع المؤسسات و القطاعات المخوصصة للإشراف العمومي و الرقابة الشعبية مدخلا لتلبية الحاجيات الملحة لعموم الجماهير الشعبية، و نعتبر سن سياسة فلاحية متمركزة على تحقيق الاكتفاء الذاتي و حماية الموارد الطبيعية و حماية الثروة السمكية مسألة لا غنى عنها لضمان الأمن الغذائي لشعبنا. كما نرى أن تخفيض مدة العمل الأسبوعية كفيل بتخفيف حدة البطالة.

إن النضال الجماعي من أجل حياة أفضل يتطلب نضالا شاق و عسيرا، لكنه يضل أسهل من الحلول الفردية التي كلفتنا آلاف الغرقى بمضيق جبل طارق و مئات آلاف من المشردين و المتسولين.

إن سياسة أخرى في خدمة الشعب ممكنة فل نناضل من أجل جعلها أمرا واقعا

عن التنسيقية المحلية بطنجة

طنجة في 10 أكتوبر2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق