الاثنين، 12 أكتوبر 2009

مصـــــر الـــمنقبة

المراقب للتاريخ الإسلامي يجد أن شيوخ السلاطين والحكام أكثر الفقهاء بعداً عن قلوب الناس ، طالما كانت فتواهم مقترنة بمجاراه الحكام والتصاقهم بعروشهم ونفوذهم ،ولم يكن غريبا أن يتربع الأئمة الأربعة قلوب الناس ،باستقلالهـم عن السلطان وقول الحق ولو تعارض مع مفاهيم الدولة ،الأمر الذي عرضهم للسجن والأعتقال أحيانا لان فتواهم كانت من منطلق العقيدة وليس تماشياً مع اهواء المسيطرين .

واليوم بتصريحات شيخ الأزهر يعزز ما وثقة التاريخ الأسلامي منذ قيام الدولة الإسلامية وتاريخ الفقهاء ومحاباتهم للسلاطين ، في نفس المواطنين المصريين خصوصاً والعرب عموماً ، أنه كلما أقترب شيوخ الدين من رضا السلاطين بعدت مصداقية الناس وأصبح هناك هاجسا من تداول فتواهم أو الأخذ بها لأن في أغلبها أقتران بالقوانين التي تسنها الدولة ، ورضا لبنود ضيقة لا تخدم الدين بقدر ما هي نفعية للسلطة تخدمها في معتركات السياسة وتقلبات النظام .

ويبدو ان الفتاوي أصبحت سوقاً مفتوحا كسلعة يباع ويشتري فيها ، وأصبح لها مندوبون ووكلاء توزيع فأمتلاءت شاشات الفضائيات واتسع السوق بكل ما لذ وطاب وأصبح كل فتوي بثمن ، وتجد هذه الأيام الأقبال علي سلعة مشايخ السلطان منخفضة بينما يتعالي سهم اولئك الذين أنفلتوا من حبل الدولة ،إلا من أين جاء انتشار النقاب في مصر الغير منقبة ، وأصبحت تمشي في شوارعها وكأنك في الرياض او في ايران واليمن .

ولذلك لم نعد نري تلك الفتاوي والزوبعة التي حدثت أخيرأً بعد منع المنتقبات من دخول الجامعات بمصر، أن الأرض قد ضاقت عليهن أو أنهن سارعن بخلع النقاب فور سماع الفتوي بعدم وجوبه بل زاد من إصرارهن بتلك القناعة والتي يعتبرها الكثير منهن علي انها وسيلة تقربهن من الله وأن ما يحدث لهن أبتلاء من الله يجازيهم عليه بالأجر الكبير .

ولا زالت الدولة تخفق في التعامل مع تلك الظاهرة المنتشرة ، فبدلا من التعامل معها بعنف وأستخفاف بقدر المنتقبات وعددهن في مصر ، كان من الأجدر أن تقوم دراسة موضوعية شاملة عن سبب توسعها لأن قرار منع النقاب لن يكون إلا خلقا لظروف أكثر تعقيدا فيما بعد ويكفي تناول قضايا المجتمع بطريقة الذي (أراد أن يكحلها فأعماها ).

وفي امر النقاب أختلف الائمة الأربعة وكان في أختلافهم رحمه ، ولا يوجد من بعد ما أختلفوا فيه أختلاف، فلا يمكن لأحد كائن كان أن يأتي ويشرع شئ جديد ليكون إماماً خامسا ، ومن هنا فإن تداول ما أتي به الأئمة الأربعة يمكن أن يأخذ به أي انسان ومن أي شيخ في أي مذهب متي أطمأن إليه .

ولا يحق لشيخ أزهر أو غيره أن يحتكر الفتوي في مذهب معين إنما كان اختلافهم رحمة ليختار كل أنسان منا ما يمكن ان يتماشي مع ظروفه الخاصة ولم يحرم أحدهم النقاب أو أعتبره خارج الدين ،أذ فمن أين سيصدق الناس ما تفضلت به يا مولانا .

ولو نظرنا من الناحية الديمقراطية التي تنادي بها الدولة ، نجد أنهم قد حطموا تلك المقولات التي ينادون بها ليل نهار بفرضهم مثل هذا القرار ، ولا يمكن أن يسن قانون يمنع الحريات وبفرض القوة ليجبر المنتقبة لخلع حجابها وتمنع من الدراسة ، أخيرا إن كان خلع النقاب في الجامعات درأ للمفاسد فإن خلع الثياب والأبتذال والعري هو أكثر مفسدة وجرما فإين هي فتواك يا مولانا

بقلم / أحمـــد عـــدوان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق