الخميس، 25 مارس 2010

كتائب دايتون


احمد الفلو – كاتب عربي 

       الوقت نيسان 1975 سايغون عاصمة فيتنام الجنوبية كان المشهد في فظيعاً حين تجمع الآلاف من عملاء المحتل الأمريكي في المجمع العسكري الأمريكي وفي السفارة الأمريكية بسايغون كي يتم نقلهم بواسطة المروحيات إلى السفن الأمريكية المتواجدة في بحر الصين، وذلك بعد اكتساح قوات المقاومة الفيتنامية و تحرير فيتنام الجنوبية، ومع ذلك فإن معظم الذين تم إخلاؤهم من الأمريكان وكبار العملاء أما بقية العملاء الصغار مثل آلاف الجيش العميل فقد تُركوا ليواجهوا مصيرهم الأسود على أيدي رجال المقاومة.
      لقد تكرر هذا المشهد في حزيران 2007 حين فرَّ القادة الفتحاويون جواسيس إسرائيل إلى داخل الخط الأخضر واستقبلتهم القوات الإسرائيلية بينما دبَّ الرعب في قلوب العملاء الصغار واستسلموا لقوات المقاومة الإسلامية الباسلة وكعادتها تخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن عملائها الصغار لتعود قيادة دايتون بتكليفهم بمهام أمنية وتجسسية وإثارة الفتن والتخريب والفوضى الأمنية داخل قطاع غزة لصالح العدو الإسرائيلي مقابل المال، لكن المقاومة الإسلامية تمكنت من تنظيف قطاع غزة من تلك القاذورات التي لطخت سمعة شعبنا، وقد توالت بعد ذلك انتصارات المقاومة.
     كما توالت البيانات التي تستنكر عملية الحسم والتي أصدرتها قوى اليسار وجبهاته وهي قوات احتياط في جيش دايتون والتي تعودت أن تعتاش على خزانة عباس والتي وجدت لها مصادر ارتزاق إضافية غير فتح دايتون وهو انخراطها في برنامج تنمية الحريات وحقوق الإنسان الأوربي، فمن المُلاحَظ انتشار جمعيات حقوق الإنسان والحريات التي تم تأسيسها على يد فلول اليسار المتهالك في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلتان وليس لهذه الجمعيات سوى التظاهر بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية ضد الممارسات الإسرائيلية وعلى شاشات الفضائيات ((مقاومة سلمية تناسب وضعهم الجنتلمان)) وهي مقاومة تتناسب والمعايير الأوربية يعلمونهم من خلالها كيف تكسر البندقية الإسرائيلية وتحطمها بعظام الرقبة الفلسطينية ،(( وهي بسهولة تعلم الإنجليزية في ثلاثة أيام)) وهذه طريقة أوروبية جديدة يمارسها أصحاب نهج البديل الثالث الفلسطيني اليساري الآن مقابل ملايين الدولارات التي تنفقها عليهم أوروبا الرأسمالية التي كانوا يحاربونها بسلاح الشيوعية والاشتراكية.
    لكن هناك جملة من المفاهيم قد تمَّ ترسيخها وأضحت حقائق دامغة في المسيرة الجهادية للشعب الفلسطيني رغم محاولات الأوسلويين ورفاقهم أهل اليسار :                                                                       
 الحقيقة الأولى هي أن فلسطين لا يمكن تحريرها إلاّ بممارسة فعل المقاومة والجهاد بمفهومه الإسلامي بعيداً عن الدجل السياسي بشقيه الفتحاوي المتصهين أو اليساري المتطفل، وربما يكون هذا الكلام مؤلماً لكثيرين أو قاسياً على البعض لكن تجارب التاريخ والواقع المعاصر تقرر ذلك وتؤكّده، ولم يكن تكالب مختلف القوى الاستعمارية الأوروبية منها والأمريكية وعرب الردّة وفلسطينيو دايتون وحلفائهم أقول لم يكن هذا التكالب ضد شعب فلسطين ومقاومته الإسلامية ومن ثمّ حصارهم وتجويعهم سوى دليل على صدق ما نزعم، ويعزز ادعائنا هذا واقع الحال في العراق المحتل، فمن يتصدى اليوم للأمريكان غير المقاومة الإسلامية؟ .
الحقيقة الثانية أن الساحة الفلسطينية لم ولا ولن تعاني من شرخ في الوحدة الوطنية بل إن جوهر المشكلة هو تسلّط فئة من الزعران واللصوص واغتصابهم لقيادة السلطة بدعم إسرائيلي أمريكي واضح، وهذه الفئة تتشبث بالسلطة دفاعاً عن مصالح ومنافع أزلامها الخاصة ، ولن تتوانى الولايات المتحدة والعدو الصهيوني في التخلي عن هذه العصابة بمجرد تمرير عمليات هدم الأقصى والتنازل الكامل عن أرض فلسطين، وليس هناك تفسير مقبول لذلك الإصرار والهرولة نحو المفاوضات مع العدو سوى استعجالهم لتقاضي بقية الأثمان التي يتقاضونها من العدو سواء كانت تلك الأثمان نقدية أو عطاءات مقاولات لشركاتهم أو معاشرات جنسية ، وكل ما يخطر على بال المرء من أنواع المتع والملذات هي بنظرهم أغلى من فلسطين والأقصى.
الحقيقة الثالثة إن ما تقوم به كتائب دايتون الفتحاوية وبعض فصائل اليسار في الآونة الأخيرة من إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه العدو الإسرائيلي يشبه ما تقوم به المومسات عندما ينفقن الصدقات من مال الزنا، قيادتهم تنسق مع العدو الإسرائيلي في رام الله بينما يتظاهرون بالوطنية في قطاع غزة بهدف التشويش على حكومة المقاومة، و للمعلومية  فإن هؤلاء يطلقون الصواريخ بالتنسيق الكامل مع العدو.
الحقيقة الرابعة كثرت في الآونة الأخيرة تصريحات بعض من يطرحون أنفسهم بديلاً ثالثاً عن فتح وحماس الفاشلتين ويدعون أنهم يمكن أن يكونوا بصفتهم يساريون بديلاً، نقول ببساطة أن هذا الطرح مكشوف المرامي والأبعاد وهو طرح مقبوض الثمن ويأتي في إطار مخططات دايتون التي تنفذها حركة فتح ويستهدف حركة حماس وحدها لإسقاطها، وإلاّ ما معني مشاركتهم في حكومة دايتون في رام الله وفي اللجنة التنفيذية مادامت فاشلة؟ وما معنى البيانات المتتالية التي يدينون فيها كل عمل تقوم به المقاومة الإسلامية؟ حتى النصر المبين الذي حققته المقاومة الإسلامية في حرب الفرقان فإن اليسار أدانه ولم يكتفي هؤلاء بعدم مشاركتهم بقتال العدو، بل إنهم لم يستنكروا ما فعله جواسيس فتح لصالح العدو الإسرائيلي خلال الحرب.
الحقيقة الخامسة إن تمرير طروحات فتح وتنازلها عن أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين في رسالة ياسر عرفات الموجهة إلى  إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل ، يوم الخميس 9/9/1993 ووصْفه للنضال الفلسطيني بأنه أعمال عنف وإرهاب، وكل ذلك من أجل أن يسمح له الصهاينة بدخول أريحا وإقامة سلطة يستطيع من خلالها إيجاد وظائف ورواتب لقطعان الخاملين من الأبوات الذين يناصروه في كل خطوة يخطوها، ولا يفوتنا أن نذكر دور اليسار الفلسطيني على مدى عقود في تخريب عقول الناشئة في أماكن تواجد الفلسطينيين بالحديث عن النضال البروليتاري الطبقي والرفاقية العمالية بين عمال فلسطين وعمال الصهاينة المحتلين وبعد فشلهم ما لبثوا أن حولوا النضال إلى وطني لكنه يتعاطف مع الطبقة العاملة الإسرائيلية ويعادي الرأسمالية الإسرائيلية فقط .
      لعل ما تم ذكره يوضح بعض الحقائق وليس جلّها عما تعرضت له قضيتنا المقدسة على أيدي تلك الفئات التي استمرأت الزندقة والعمالة بشتى صنوفها حتى أوصلتنا إلى هذا الواقع المأساوي، و تتطلع المقاومة الشعبية الإسلامية بكل جهودها الجبارة لتصحيح مسيرة الجهاد الفلسطيني بعد كل ما فعله بها أولئك الأقزام وما يفعله الآن جنود دايتون وأنصارهم اليساريين، لقد آن الأوان أن يبحث هؤلاء عن مقاعد لهم في المروحيات الإسرائيلية أو على خطوط العال وربما معسكرات الجنرال دايتون، لأن الانتفاضة قادمة فمن سينقذهم منها؟.     


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق