الخميس، 25 مارس 2010

اشكالية الأزمة .. اشكالية الخطاب والمفهوم "اليسار العربي رؤيا النهوض الكبير"

د. وانيس باندك
يؤكد نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في كتابه «اليسار العربي- رؤيا النهوض الكبير» بأن العالم يتغير ويتطور، فعجلة التاريخ تدور من حولنا وتفتح آفاق حياة ومسار الشعوب والحضارة الإنسانية نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتقدم نحو الأمام.
فالتحولات الكبيرة اليسارية الديمقراطية الجارية في أميركا الجنوبية والكاريبي، النهوض الكبير في الصين، الهند، فيتنام، جنوب شرق آسيا، وفي أفريقيا السمراء، والأزمة العاصفة في الرأسمالية العالمية المتوحشة ولجوء أنظمة بلدان المركز الرأسمالي إلى أسلحة التجارب الاشتراكية بتأميم البنوك والشركات الكبرى تؤكد انهيار وسقوط أيديولوجيات ونظريات اليمين الرأسمالي عن « نهاية التاريخ» عند حدود الرأسمالية والنيوليبرالية. يعتقد نايف حواتمة أن المؤرخين يقعون في أخطاء حين يأخذون اليسار بالجملة وكتلة واحدة ودون بيان الحركة ذاتها، والصراع الطبقي، التشكيلات الاثنية والاجتماعية، دور الأديان والفكر الديني الطائفي والمذهبي التاريخي وفي حاضر المجتمعات العربية، التكوين والتركيب الثقافي والسيكولوجي، تداعيات التطور المتفاوت بين مجتمع وآخر.
ويعتقد حواتمة بأنه ينبغي على اليسار إعادة بناء حركته الاجتماعية والسياسية، كي لا يكون موقفه سلبياً، وبما يسمح بتجديد مصداقية الفكر اليساري الوطني، فكر التطوير والتغيير، الإصلاح والانفتاح.
مقروناً بالإفادة من تطور الحركة التقدمية الجديدة على المستوى العالمي، التحولات اليسارية الديمقراطية في العالم الثالث وخاصة في أميركا اللاتينية، الثورات الصناعية الكبرى في اقتصادات البلدان الصاعدة: روسيا، الصين، الهند، فيتنام، البرازيل، جنوب افريقيا، حركات العولمة الشعبية البديلة في بلدان المركز الرأسمالي، تحرير العقل، والثورات الصناعية في بلدان النمور الاقتصادية الرأسمالية في آسيا.
وعن «نهاية التاريخ» عند حدود الرأسمالية والنيوليبرالية و«صراع الحضارات» المزعوم يجد حواتمة أن وقائع التاريخ قد تسارعت لتكذيبها، ومثال ذلك عشرات الملايين في أوروبا وأميركا والعالم الذين يتجهون نحو «عولمة شعبية جديدة في خدمة الشعوب»، والتحولات اليسارية الكبرى في أميركا اللاتينية، تنامي دور وتطور اليسار الحاكم في الصين وفيتنام وكوبا.
وعديد من الأقطار في آسيا وإفريقيا، عودة يسار الوسط للحكم بالتحالف مع أحزاب اليسار الجذري الماركسي في الهند، حكومات يسار الوسط في أوروبا شمالاً وجنوباً، مظاهرات الملايين على امتداد العالم ضد الغزو الأميركي للعراق، مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي التوسعي، الأزمة الطاحنة في النظام الرأسمالي العالمي، وخاصة في بلدان المركز الرأسمالي.
وانهيارات وتداعيات أزمة النظام الرأسمالي المالي، وحلول المعالجة بتدخل الدولة «بالتأميم» و«الشراء والاستحواذ» على الشركات والبنوك العملاقة المنهارة، تشير إلى لجوء واضطرار النظام الرأسمالي العالمي النيوليبرالي (حرية السوق وعدم تدخل الدولة)، إلى حلول مستوحاة ومأخوذة من التجارب الاشتراكية في القرن العشرين.
وعن «دور اليسار الوطني الفلسطيني» يرى حواتمة أن الصراع يدور داخل فلسطين المحتلة وفي أقطار اللجوء والشتات لإنهاء الانقسام المدمر نتاج الانقلابات السياسية والعسكرية على برامج الإجماع الوطني (إعلان القاهرة آذار/مارس 2005، وثيقة الوفاق الوطني حزيران / يونيو 2006 ـ وثيقة القوى الأسيرة) والتي كان ومازال لليسار الوطني الثوري الفلسطيني الفعل والدور المبادر قي تقديم برنامج وحلول الإجماع الوطني، لإعادة بناء الوحدة الوطنية المدمرة.
عملاً بقوانين وشروط وتجارب الثورة وحركة تحرر شعبنا الوطنية على مساحة القرن العشرين وحتى يومنا، وشروط وتجارب حركات التحرر الوطني في العالم الثالث منذ مطلع القرن العشرين، وخاصة منذ الحرب العالمية الثانية حتى يومنا فالوحدة الوطنية على برنامج القواسم المشتركة ـ برنامج الإجماع الوطني طريق النصر والخلاص من الاحتلال واستعمار الاستيطان، وانتزاع حق تقرير المصير والدولة المستقلة بعاصمتها القدس المحتلة وحق عودة اللاجئين (68% من الشعب الفلسطيني)، والنضال الدائر لإنهاء الانقسام طريق الفشل وضياع الحقوق الوطنية الفلسطينية والحقوق العربية العليا المشتركة.
اليسار والمنهج النقدي
يرى نايف حواتمة أنه بات من غير الممكن الحديث بدقة عن اليسار العربي دون تناول تاريخه وتاريخ المجتمعات العربية تناولاً نقدياً. كما أن مصطلح «اليسار» هو تعميم فضفاض يحتاج إلى تحديد في البلد والمجتمع الواحد، وبين مجتمع عربي وآخر في المشرق والمغرب العربي، وكذلك بين مجتمعات المشرق العربي ومجتمعات المغرب العربي، في ظروفها الذاتية والموضوعية المحلية والاقليمية والدولية المحيطة بها، وفي حركة تطورها الايجابية والسلبية.
المؤلف في سطور
نايف حواتمة وُلد في نوفمبر 1935 في الأردن وهو يشغُل منصب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي أسسها سنة عام 1969 م ويُعتبر من المناهضين لإتفاقية أوسلو و يطلق عليه لقب «فيلسوف الثورة الفلسطينية» ،كما أنه انتمى إلى حركة القوميين العرب التي نشأت كرَد فعل مباشر على هزيمة العرب ونكبة فلسطين وكان لايتجاوز عمره الستة عشرَ عاماً.
الكتاب: اليسار العربي رؤيا النهوض الكبير
تأليف: نايف حواتمة
الناشر: الأهالي للطباعة والنشر دمشق 2009
p.415
القطع : الكبير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق