الخميس، 25 مارس 2010

- الذهاب إلى القمة .. مآلات .. واحتمالات -


أحمد مظهر سعدو
   في رحاب القمة العربية، وفي سياق تداعي القيادات العربية على امتداد الوطن العربي الكبير لهذا اللقاء السنوي الذي يجمعهم في ( سرت ) هذه المرة، وضمن اللقاء الأهم على مستوى القمة .. نتطلع بالآمال ومن خلال الالتزام بالمشروع القومي العربي النهضوي، والهدف الواحد، واستدلالاً بالعناوين التي جاء عليها جدول أعمال القمة، وبقراءة ما صدر وما يمكن أن يصدر قمة عربية في هذا المفترق الصعب من حاضر أمتنا، فإن حال الأمة العربية والوضع العربي الراهن برمته، وسبل الخروج به من عثاره ، إلى جانب أمور أخرى وإجراءات ميدانية في الواقع العربي، منها بالضرورة الوضع الفلسطيني وما آلت إليه أحوال القدس وغزة من مآلات ليست خافية على أحد، وذاك الاستيطان كأداة مباشرة للاحتلال، وتغول هذا الاحتلال الاستيطاني على شعبنا الفلسطيني الصابر، والواجب المطروح والمطلوب من زعماء الأمة في مواجهة ذلك، وأقله القطيعة كلياً مع ما نتجت عنه أحوال المباحثات المباشرة أو غير المباشرة بين الكيان الصهيوني وبعض من النظام العربي الرسمي، وأحوال العراق الغارق في أتون احتلال أمريكي لا يبقي ولا يذر، وحال التفتيت التي يشتغل عليها الداخل والخارج وصولاً إلى عراق منهك، لا أفق له بالتغيير أو التطوير، ولتبقى مجرد عملية تغيير شكلية لحكومة دون حكومة، مطلباً بائساً متعدد الأوجه، وآيل للسقوط بالضرورة .
  وليس بعيداً عن أجندة القمة تلك المآلات التي وصلت إليها أحوال السودان الغارق في مشاكله الداخلية، المدفوعة بالبعد الخارجي والاستهداف الأمريكي المتواصل .. يضاف إلى ذلك حال الديمقراطية والحريات في الساحات العربية جميعاً التي تنعكس على المواطن العربي سلباً، وتدفع به إلى الارتداد نحو يأسه، ولا فاعليته .. وليس بعيداً عن هذه المسألة أحوال الاقتصاد العربي البيني الذي بات متأثراً بالأزمة الاقتصادية العالمية بشكل  صارخ، علاوة على بلاويه الاقتصادية المتكئة إلى حالات الفساد المستشري في تلافيف ومنعرجات العولمة المستوردة والمشوهة، والتي تفعل فعلها الآني تهميشاً وتشويها في وجود منحسر للطبقة  الوسطى وشرائحها لتضمحل حتى الانتهاء ، ولتتسع معها مساحة الطبقات الدنيا، وتتضخم القاعدة في الهرم المدبب حتى النهاية ويستشري الفقر والفقر المدقع .. تلك الطبقة الوسطى التي كانت في يوم من الأيام - وعلى الدوام-  حاملة المشروع القومي العربي، وحامية الآمال والأحلام من السقوط أو التلاشي .. وبعيداً عن العناوين التي يتمحور حولها برنامج العمل للقمة العربية فإن التبعثر القومي والضياع سيكون عنواناً كبيراً لمجمل الحركات القممية القائمة ، فالواقع العربي مأزوم ومتعثر، والكثير من أهل السياسة في الوطن العربي لم يعودوا متحفزين أصلاً لأية قرارات تنتج عن مؤتمرات القمة، فالعمل القومي التضامني الوحدوي المأمول.. والذي يفترض أن يبقى رافعة للنهوض .. نهوض الأمة، ما زال ( على الوعد يا كمون ) وما يصدر عن القمة من مواقف وتوجهات لن تألو جهداً في أن تكون أضعف الإيمان وتعبيراً واقعياً عن نهج طالما دأبت عليه أوضاع النظام لعربي الرسمي منذ السبعينيات وحتى يومنا هذا .. حيث ما زال المواطن العربي يطمح مع طلائعه الثقافية، إلى الوصول نحو فكر سياسي عربي جماعي يهب الشعب في فلسطين والعراق وباقي أصقاع الأمة من الأحواز إلى الصومال وإلى السودان واليمن أيضاً بعضاً من روح الأمل التي باتت صيغة ادعائية ليس إلا .. فهل من المعقول أن يخرج مؤتمر القمة بموقف حازم وجازم من مسألة جدار العار الذي يجري تشييده بين مصر العروبة ، وغزة الصامدة والصابرة ، وهل يعقل أن يبقى الأقصى وقدس الأقداس رهينة وتحت رحمة آلة الطمع والهدم الصهيونية ليدافع المواطن الفلسطيني المقدسي عن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بصده العاري فقط .. ولسان حاله يقول : أين أمتي العربية ؟ وأين عالمي الإسلامي ؟ وهل باتوا أمواتاً ؟!!.. فمجزرة  الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل والتي جرت ليلة النصف من رمضان عام /1414/ هجرية عند صلاة الفجر والتي نفذت على يد الإرهابي ( غولد شتاين ) من (كاخ ) والتي قيل في حينها -  من قبل البعض - أنها لن تتكرر ، فقد تكررت بعدها العديد من المجازر والمذابح تجاه الشعب الفلسطيني ، ولم يتحرك هذا النظام العربي الرسمي ، ولم تهتز شعرة منه ، ولسوف تتكرر وتتكرر معها أنواع أخرى من العنف والإرهاب والتعدي على مقدسات المسلمين والعرب، ولا حياة لمن تنادي .. ففي تاريخ قيام وامتداد ( الدولة الصهيونية ) الكثير الكثير غيرها، فالإبادة والاقتلاع من الأرض العربية ومن الديار العربية وهذا التهديد المستمر للشعب الفلسطيني سيبقى ما بقيت قرارات القمع العربية حبراً على ورق .. وكأنه لا مناص للعرب سوى التسليم بوجود إسرائيل، وكل ما تريده إسرائيل، معززة بحليفها الاستراتيجي الأمريكي ومن وقف معه، مهما ظهر للعيان وعبر الإعلام من خلافات ظاهرية شكلية بين الإدارة الأمريكية الأوبامية والكيان الصهيوني .. حيث يبقى المستهجن أكثر والمستغرب أكثر واللامعقول هو هذا السقوط العربي الذي لا يتوقف وما آلت إليه حال الأمة العربية في ظل هذا النظام العربي الرسمي، وما بلغته المجتمعات العربية من استلاب بحيث لا تقوى على لملمة الشمل في مواجهة التحديات .. وفي مقاومة حركة التطويع والتطبيع الصهيونية ومواجهة حملات الســلام الأمريكي المتحرك عبر جولات ( ميتشل ) المكوكية، وما تسعى لفرضه من نظام وعلاقات وأوضاع.. فهل ينتج عن القمة بعد كل ذلك ما يدعو للتفاؤل ولغير هذه الاستنتاجات، نأمل ذلك ؟!!  


                                      25/3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق