الخميس، 11 مارس 2010

أين العرب من الأصوات الحرة


بقلم: د. فوزي الأسمر

شغل معظم الجامعات الأمريكية والكندية طيلة أسبوع كامل "أسبوع التميز العنصري " ( الأبهارتات ) , إحتجاجا على الطريقة الهمجية التي تنتهجها إسرائيل ضدّ الفلسطينيين تحت احتلالها . فأقيمت المحاضرات والمسيرات الطلابية والشعبية, ورفعت الشعارات التي تندد بالتمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل, خصوصا ضدّ الشعب الذي يعيش في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967.
وسبق هذا الأسبوع مظاهرات غضب واجهت السفراء والمسؤولين الإسرائيليين في أمريكا وأوربا الذين جاءوا إلى الجامعات لإلقاء محاضرات , ضمن الحملة الإسرائيلية المعاكسة , و التي تحاول من خلالها تحسين صورتها لدى الرأي العام , في أعقاب إنتشار الأخبار المرئية والمكتوبة عن ممارساتها العنصرية , خصوصا أثناء الحرب على غزة , والتي نُقلت حية على شاشات التلفزيون العربية والعالمية , وفي أعقاب صدور " تقرير غولدستون " .وبالفعل منع في كثير من الأحيان السماح للمسؤولين الإسرائيليين إكمال محاضراتهم بسبب الضجة التي قامت في القاعة نتيجة المقاطعات المستمرة .
كما أن سياسة الغطرسة التي تنتهجها إسرائيل , والتي قد تؤدي إلى إشعال نيران حروب في منطقة الشرق الأوسط , واستخفافها بالقرارات الدولية , كانت حافزا كي ترفع الأصوات ضدها في كثير من بقاع العالم .
ووصلت هذه الغطرسة و التي يواكبها الاحتقار للآخرين إلى قمتها , عندما أعلنت إسرائيل فور وصول نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن في أول زيارة لمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إلى إسرائيل , عن بناء 112 وحدة سكنية على مستعمرة في ضواحي القدس العربية . مما اضطر بايدن إلى إصدار بيان شديد اللهجة يدين به إسرائيل ( يوم 9/3/2010 ) .
وتشير استطلاعات الرأي العام الأمريكية, خصوصا تلك التي تتبناها المنظمات الصهيونية الأمريكية, أن نسبة التأييد لإسرائيل قد انخفضت في الولايات المتحدة, رغم أنها لا تزال مرتفعة ولكن ليست بنفس النسبة التي كانت عليها قبل حرب غزة, وقبل صدور تقرير غولدستون عن هذه الحرب .
و تبين من استطلاعات الرأي العام بين اليهود الأمريكيين, أن نسبة الذين يؤيدون سياسة حكومة إسرائيل الحالية منخفضة جدا, مما أدى إلى قيام منظمة يهودية مناهضة لهذه السياسية وهي " جي ستريت " , والتي اعتبرتها حكومة نتنياهو " منظمة معادية" , لدرجة أن وزير خارجية إسرائيل , أفيغدور ليبرمان , منع السفير الإسرائيلي لدى واشنطن من المشاركة في مؤتمرها السنوي الأول . كما رفض وزير الخارجية هذا مقابلة وفد من الكونغرس الأمريكي كان يزور تل ـــ أبيب , برفقة أعضاء من منظمة "جي ستريت " مطالبا بمنع مشاركة هؤلاء الأعضاء في المقابلة . والغي اللقاء .
فخلال أسبوع التضامن مع الشعب الفلسطيني ضدّ التمييز العنصري الإسرائيلي, ألقيت الكثير من المحاضرات. ولعل المحاضرة التي لفتت نظر وسائل الإعلام , بما فيها وسائل الإعلام الإسرائيلية , كانت تلك التي ألقاها المفكر الكبير نوعام شومسكي في جامعة بوسطن .
فقد قال شومسكي في محاضرته :" إن إسرائيل تمارس سياسة عنصرية ( أبهارتايت ) ضدّ الفلسطينيين بشكل أصعب مما مارسه النظام الأبيض ضدّ السود في جنوب أفريقيا " .
وأضاف شومسكي في محاضرته :" ... إن إسرائيل في طريقها لتصبح دولة منبوذة في العالم أجمع . لقد مارست خلال عشرات السنين عمليات خطف وقتل مدنيين (فلسطينيين ) تحت حجج الدفاع عن النفس " .
وأجرت صحيفة " يدعوت أحرونوت " ( 4/3/2010) وعلى أثر إلقاء المحاضرة , مقابلة مع شومسكي هاجم فيها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل . قال شومسكي ردا على سؤال عما إذا كان يعارض قيام دولة إسرائيل فقال :" من الناحية المبدئية فإنني لا أحب فكرة دولة مسيحية أو دولة بيضاء أو دولة مسلمة أو دولة يهودية وهكذا . إنني أعتقد أن على دولة إسرائيل أن تصبح دولة كل مواطنيها. كما أنني لا أتفق مع المحكمة العليا الإسرائيلية التي قررت أنه يجب على إسرائيل أن تكون دولة الشعب اليهودي , الساكنين في إسرائيل والساكنين خارجها . وهذا يعني أن هذه الدولة هي دولتي ( كون شومسكي يهودي ) ولكنها ليست دولة مواطنيها الفلسطينيين " .
وفي الوقت الذي تجري فيه هذه الفعاليات في العالم , نشاهد ليس فقط الهدوء على الساحات العربية , باستثناء النشاطات التي يقوم بها " المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن " ومقره بيروت , حيث وجه رئيسه الأستاذ معن بشور نداء إلى كافة الاتحادات والمؤتمرات والمؤسسات والشخصيات العربية والدولية بالتحرك انتصارا لفلسطين , بل نشاهد ممارسات تطبيع , مع الكيان الصهيوني , في كثير من الدول العربية .
ففي الدول العربية الموقف الرسمي جامد باستثناء بعض التصريحات العابرة, وكأنها جاءت " رفعا للعتب " . و على المستوى الشعبي فالأمر مختلف . ولعل الحادثة التي وقعت في جامعة حلوان المصرية دليل كاف على أن الشعب المصري غير راض عما يدور.
ولا حاجة لاستعراض الموقف الرسمي المصري خلال السنوات الأخيرة, من حصار غزة إلى بناء جدار العار على الحدود بين فلسطين ومصر هذا الجدار الذي يمجه أغلبية أبناء الشعب المصري العظيم.
طالبة في قسم التاريخ بجامعة حلوان إسمها أسماء إبراهيم , إشتكت أستاذة التاريخ لأنها غيرت في كتابها المطلوب قراءته من جانب الطلاب إسم فلسطين بإسم إسرائيل . وقالت أسماء في مقابلة مع شبكة التلفزيون " إم . بي. سي . " أن المعلمة حذرت الطلاب بأن من يغير إسم إسرائيل لفلسطين في الامتحان سيسقط . وقالت الطالبة أنها حصلت على تأييد ودعم من الطلاب ومن بعض الأساتذة, واعتبرت ما تقوم به الأستاذة هو " تزوير للتاريخ. " . ولكن أحدا لم يسمع موقف وزير التربية والتعليم المصرية بالنسبة لهذا الموضوع.
إن صورة إسرائيل قد اهتزت في العالم, وأصبح الرأي العام العالمي يعي إلى حد كبير خطورة الدور الذي تقوم به هذه الدولة على مستوى المنطقة والعالم. وقد حان الوقت للعرب أن يتحركوا لمواكبة التحرك العالمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق