الأحد، 22 نوفمبر 2009

تعليقا على أحداث مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس يوم 06 نوفمبر



مقاربــــة واقعيــــة لازمــة مهنــة

بقلم الأستاذ مبروك كورشيد*
لم أكن لأشارك فيما يدور من نقاش صاخب بين المحامين منذ ما يزيد عن السنة لو لم استشعر خطورة ما حدث ويحدث بعد يوم 06/11/2009.
لقد كنت اعتقد دائما أن الجدال والنقاش وحتى المشاحنات داخل المهنة من أبنائها مسالة صحية فالاختلاف رحمة وهو لا يفسد للود قضية كما يقال لكن هذه المرة اختلف الأمر فالخطب جلل:
- الخطب جلل لان الموضوع تعدى حدود النقاش والاختلاف الديمقراطي والحساب الانتخابي المبكر بين أطياف توحدها العباءة السوداء وتفرقها السياسة والمصالح مشارب شتى إلى العمل الميداني والاكتساح الحقيقي لمواقع كانت بالأمس القريب محصنة بالخيار الديمقراطي للمحامين.
- والخطب جلل أيضا لان المواقف المتخذة يقع الإصرار عليها فهي" ستنفذ " حسب تعبير البعض وهذا التنفيذ يستهدف وحدة الهياكل وبالتالي وحدة مهنة المحاماة وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه.
ليست المسالة انتصارا للأشخاص وتجن على الآخرين عندما نصرح ونصدح بصوت غير مرتعش أن ما حدث يوم 06/11/2009 وبات معلوما من الجميع يمثل مخالفة خطيرة لقانون المهنة واكتساحا غير مسبوق لحصون المهنة ورموزها.
- فماذا يعني أن يجتمع مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بدون جدول أعمال مسبق، وفجأة، وبدون استدعاء من عميده، وينقلب مجلس التاديب الى مجلس هيئة، إذا لم يسمى ذلك خرقا لأحكام الفصل 62 من قانون المهنة الذي نص صراحة :"يتولى العميد رئاسة مجلس الهيئة".
- وماذا يعني أن يكون هذا الاجتماع منعقدا على أنقاض تعدي لفظي جارح من عضوين من أعضاء الهيئة الوطنية للمحامين على عميد المحامين "بشهادة أطراف محايدة" إذا لم يكن في ذلك مسّا مباشرا بابسط قواعد الشرعية واحترام علوية الهياكل وبالتالي احترام تقاليد المهنة في مهنة الأعراف والتقاليد. وكيف استصاغ الأعضاء ذلك؟
- ثم ماذا يعني أن يكون جملة القرارات الصادرة من ذلك المجلس تستهدف أدوات العمل التي يعتمدها العميد ( سيارة، هاتف، تذكرة سفر، اطلاع على البريد والرد عليه، توفير السيولة للتنقل.. ) إذا لم يكن في ذلك موقفا بالحد من نشاطه في هذه السنة تسحبا . الم يفكر الأعضاء المنتخبون أن في ذلك مسّا اعتباريا من رمز المهنة ثم أن في ذلك حدّا من مقدرته على الوفاء بواجبه نحو زملائه الذين انتخبوه.
الحقيقة التي لا مندوحة لنا عنها بعد كل ذلك والتي يجب أن يعرفها الجميع بغض النظر عن مواقفهم وخياراتهم وعن الدوافع التي يمكن أن تكون وراء القرارات المتخذة بجلسة يوم 06/11/2009، أن تلك القرارات وذلك الاجتماع كان خطأ وهو خطأ جسيم.
بهذا التوصيف يمكن أن تبدأ المقاربة الحقيقية لحل هذه الأزمة وحلحلتها.
وبعد، فكيف السبيل إلى التجاوز؟
إن الرجوع إلى القاعدة والقيام بتغذيتها بالمعطيات للدفاع عن خياراتها الديمقراطية و تنبيهها إلى خطورة ما يحدث لا شك انه أمر مجدي فقاعدة المحامين هي قاعدة واعية وذكية وفطنة تلاحظ ما يقع حولها وتحلله تحليلا سليما وتصنفه في الخانة الصحيحة.
لقد رجع عميد المحامين إلى القاعدة، عندما تولى القيام باجتماع إخباري بمقر الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس يوم 10/11/2009 وقد كان اجتماعا نوعيا من حيث حضوره ومداخلاته، وهو عائد إلى القاعدة يوم الأربعاء بمقر دار المحامي بتونس في اجتماع إخباري آخر وقد تأكد لدى كل من حضر اجتماع صفاقس أن للمهنة تراتيب لا تحيد عنها وأوكد هذه التراتيب أن أخلاقيات المهنة لابد من احترامها وان المسّ من الخيار الديمقراطي للمهنة لا يمكن القبول به وان العميد والعمادة رمز للمهنة لا يمكن أن يمسّ بهما وهو يجب أن يمارس صلاحياته بكامل الأريحية.

فالمسالة إذا تستحق إلى شجاعة خاصة.
شجاعة من اخطأ في أن يصوب خطأه ويعود عنه وتلغى قرارات تلك الجلسة.
وشجاعة من يعتبر نفسه ضحية في أن يتجاوز عن جراحه لصالح المهنة.
ويجب أن يعرف الجميع أن اللجوء إلى قاعدة المحامين سلاح ذو حدين، حد ديمقراطي وحد العزوف عن المهنة وعلى الخوض فيها. من المفيد أن نعود إلى عموم المحامين فيما يقدم بهم ولكن من الخطير أن يشعر المحامون أن هياكلهم التي انتخبيت لحل مشاكلهم لا شاغل لها غير الإطاحةببعضهم وتصفية الحسابات.

فهل من عقلاء لهذه المهنة؟ أملي كبير.

* محام لدى التعقيب
عضو الفرع الجهوي للمحامين بصفاقس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق