الأحد، 22 نوفمبر 2009

انتفاضة قياده


د.هاني العقاد
عادة ما ينتفض الشعب و يعلن أنه ماض إلى غير رجعة نحو الاستقلال, و من ثم يأتي دور القادة لتفعيل انتفاضة هذا الشعب و ضمان استمراريتها لتحقق أهدافها ,  لأنها لن تستمر طويلا بدون دعم و توجيه  من القيادة و هذا ما حدث بالانتفاضتين الأولى و الثانية , أما في الانتفاضة الثالثة و التي نحن بصددها الآن فان القيادة  الفلسطينية التي أعلنتها و الشعب سيقدم الدعم و الحشد المطلوب , لا بل و الشعب سيواصل مهامه النضالية جنبا إلى جنب مع قيادته حتى تحقيق الحلم الوطني الكبير و هو إقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف . إن توجه القيادة الفلسطينية
 للمجتمع الدولي و هيئاته الأممية  عبر حمل عدة ملفات أولها  إقرار حدود الدولة الفلسطينية المستقلة يعتبر في تقديري انتفاضة فلسطينية راقية  جاءت بدعم عربي و دولي واسع و انتفاضة فلسطينية تستوفي كافة المعايير النضالية , لكن بخطي دبلوماسية و تحرك دولي دقيق لانتزاع قرار الأمم الداعمة للسلام بالعالم  بانتزاع مفتاح السلام من أيدي الإسرائيليين ليتاح للعالم الحر وضع هذه الدولة المتمردة أمام خيار وحيد وهو القبول بمشروع الدولتين و الاعتراف بسيادة الدولة الفلسطينية و احترام  حدودها و استقلالها تطبيقا لبنود القانون الدولي و اتفاقيات الأمم
 المتحدة  بخصوص احترام سيادة و حدود الدول المتجاورة بعضها لبعض و الكف عن الاستمرار بارتكاب جرائم حرب و اتخاذ قرار بإزالة  جدار الفصل العنصري الذي اعتدي على حدود الدولة الفلسطينية . ليس ببعيد تحول هذه الانتفاضة إلى مواجهة حقيقية مع الإسرائيليين قد يستخدم فيها الفلسطينيين أدوات كفاحية جديدة تصل إلى حد  المقاومة المسلحة إن أدار العالم ظهره للمساعي الفلسطينية الجديدة , و أصبع الدعم الدولي للقيادة الفلسطينية  و السلام مجرد كذبة كبيرة.
إن ملامح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي  تؤكد دخوله مرحلة هامة من مراحل العمل السياسي  وهي  مرحلة  الفحص الفلسطيني الحقيقي لدور الأمم المتحدة و مجلس الأمن و خاصة أن السلطة الفلسطينية قررت الانتفاضة من خلال أربع ملفات هامة تستطيع عبرها أن تقلب موازين العمل الدولي وتفحص  نوايا القوي المركزية  بالعالم بما فيها الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي و دول أمريكا اللاتينية, إذا ما كانت نواياهم نحو حل حقيقي للصراع الطويل بين الفلسطينيين و الإسرائيليين وخاصة و أن المبادرة العربية التي اتفق العرب على بنودها بمؤتمر القمة العربية ببيروت
 العام 2002 تقر اتفاق العرب على قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران العام 1967 , كما أن السياسة الفلسطينية اليوم وصلت إلى مرحلة عالية جدا من التكتيك الاستراتيجي الذي بدورة سيحرج العالم اجمع و سيحرج الهيئات الدولية التي ستتوجه لها القيادة الفلسطينية لإقرار حدود الدولة الفلسطينية  و ترسيمها و الاعتراف بها , و هذه في وجهة نظري انتفاضة قيادة حقيقية لها معني وحيد و هو معني الإصرار على تحقيق حلم كل الفلسطينيين . لم تأتي هذه الانتفاضة السياسية مصادفة ولا تعتبر  تحرك ناتج عن سياسة عشوائية وإنما كرد فعل لتعثر المفاوضات بين
 الطرفين واستمرار إسرائيل بسياسة التهويد و الاستيطان و التنكر للسلام الدائم القائم على العدل و المساواة , وجاءت لتبلور اتجاه عربي ودولي مشترك يدعم التوجه الفلسطيني و الذي تتبناه منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد  كخيار يفتح باب النضال السياسي على مصراعيه, و لعل هذا النضال السياسي الذي ستخوضه القيادة الفلسطينية و خلفها كافة أبناء الشعب الفلسطيني هو نضال قاسي و صعب وقد يكلف القيادة الفلسطينية الكثير من الجهد على المستويين   الداخلي و الخارجي بالإضافة إلى أنه قد يكلف بعض القادة الفلسطينيين أرواحهم لان إسرائيل
 بالطبع لن تؤيد التحرك الفلسطيني الجديد , و ستقاومه لأنها  بكل الطرق لاعتبار  هذا التوجه شكل من أشكال الثورة الفلسطينية  و انتفاضة القيادة الفلسطينية سياسيا و بالتأكيد أنه خارج إرادة إسرائيل و تخطيطها الاستراتيجي  , لذا وصفه قادتها بالإجراء أحادي الجانب و صدرت تهديدات قاسية للفلسطينيين إذا ما أعلنت الدولة الفلسطينية دون مفاوضات مع إسرائيل  . إن التحرك الفلسطيني الحالي يعني إلزام المجتمع الدولي بمسؤولياته لتوفير الأمن و السلم الدولي في المنطقة العربية عبر الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية و ترسيم حدودها و تولى رعاية مؤسساتها
 المدنية جاء بعدما استنفذت القيادة الفلسطينية كافة طاقاتها بإقناع  العالم  بالضغط على إسرائيل  بالعدول عن سياسة التطرف الحالية و استخدام سياسة الاستيطان كأداة لإعاقة السلام  و في نفس الوقت نسف أي جهود تتيح للطرفين إطلاق أي مفاوضات تؤدي في النهاية لحل الصراع نهائيا , و جاءت لتعطي العالم الأداة السياسية المناسبة للضغط على إسرائيل للتوقف عن سياسة العداء بالمنطقة , وأن التحرك السياسي الفلسطيني الحالي هو الرد الفلسطيني السياسي على سياسة الاستيطان المستمرة بتخطيط حكومة التطرف الإسرائيلية و التي من خلالها  ستتمكن القيادة
 الفلسطينية من  استصدار إقرار من مجلس الأمن الدولي لحدود الدولة الفلسطينية  و الذي سيعتبر كافة المستوطنات التي أقيمت ضمن حدود هذه الحدود باطلة و غير شرعية و بالتالي يتوجب إزالتها  و إنهاء وجودها .  إن هذا القرار الوطني الفلسطيني هو قرار مصيري و قرار شرعي فلسطيني  و قرار نابع من الشعور الحقيقي للقيادة الفلسطينية بالقدرة على كسب المعركة الدبلوماسية الشرعية و الانتصار فيها  لان الدعم الدولي للفلسطينيين و قضيتهم العادلة  أصبح ر غبة دولية  وليس إجراء تكتيكي دولي للتعبير عن شعور القوي الداعية للسلام بالعالم , و هذا برأيي سيعتبر الأداة
 القوية لمواجهة التهديدات الحالية للحكومة الإسرائيلية بإعادة احتلال الضفة الغربية و التنصل من كافة الاتفاقات السابقة و إعلان الحق الديني و الإلهي لدولة إسرائيل بأراضي الدولة الفلسطينية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق