الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

تهافت التهافت




أحمد مظهر سعدو

         عندما خطّ الفيلسوف العربي ( ابن رشد ) كتابه ( تهافت التهافت ) كان يرد فيه على العلامة ( أبو حامد الغزالي ) في كتابه ( تهافت الفلاسفة ) ومع طول اللحظة الزمنية التي تفصلنا عن فترة ابن رشد , وفي ظل الحمى الهمجية التي نعيشها هذه الأيام بعد مباراة رياضية بين فريقين عربيين ، نجد أنفسنا متسائلين: لكأن ابن رشد يقصدنا نحن وفي زماننا هذا ، فما هذا التهافت المتهافت الذي وصلنا إليه، على يد واقع عربي لا همّ له إلا الصراخ ، والتنطح لحرب طواحين الهواء ( الدينكوشوتية ) لموقعة من الهراء  والغبار، تجوب فيه ريشة ( كسار الزبادي ) كل الأجواء ، وتتراجع فيه قوة العقل قبل النقل ، وتعيث فيه جائحة المرض القطري المحلي فساداً في كل السماءات ، فيرتد الفكر الفلسفي والعقل الجمعي ، إلى زوايا تختبىء فيها من هوجائية الواقع ، وعهر الليالي ..
         لقد فرحنا في عصرنا الحديث أنه قد بات لدى الأمة فضائياتها ، وقنواتها وأقمارها التي تصل إلى أقصى أقاصي الكرة الأرضية ، لكننا لم نعلم أبداً أن هذه الأدوات التقنية العلمية الحديثة سوف تستخدم أيضاً لترويج الانقسام والتفتت ، ولتعود عبرها نزعات ماورائية ، ليس أقلها الفرعونية أو القطرية بل ما قبل القطرية .. فأن تتحول جولة رياضية في كرة القدم إلى ساحة نزال استعدائية ينبش فيها الأخضر واليابس ، وأن ينبري ( الكبار ) ؟!! ويتنطح الصغار ، ومـن يدّعون بامتلاكهـم ناصية الفـن والسياسة ، لشن حرب ( داحس الغبراء ) في زمن العلم والقرية الكونية الصغيرة ، وعولمـة الإمبريالية الأمريكيـة المتوحشة .. أن يتحول ( الماتش ) إلى بؤرة تجذر العداء بين شعوب الأمة .. أن نصل إلى هذا المصاف من الانحدار .. لهو أمر يستدعي طرح تساؤالات عمن المستفيد من كل ذلك . ومـن وراء ذلك ؟ وبالتأكيد فليست الشعـوب هـي من يستفيد مـن (  داحس والغبراء ) لعلـه الترويـج لأشياء بعينهـا، وتعـويم سياسات بحـد ذاتها .. وارتدادات انتكاسية إلى ما قبل العروبة والوحدة العربية .
  فهل تعي شعوبنا خطر ذلك ؟ وترفض بالتالي التهافت الذي بات فاقعاً ومقيتاً، ويدعو للقلق، على مستقبل الأمة، التي يزداد عدوها بها شماتة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق