الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

من ينتصر للفلسفة؟؟؟ بمناسبة يوم لفلسفة


حميد لفته الحريزي

بعد انهيار الدكتاتورية انتشرت على طول وعرض البلاد المئات من المنظمات المهنية والإنسانية وبمسمى منظمات المجتمع ألدمني المختلف الإغراض والأهداف الحقيقي منها والوهمي , ومنها من يتستر تحت هذا الاسم أو ذاك ليقضي نشاطا أخر بعيد كل البعد عن الهدف والاسم المعلن , وقد برع العديد من متصيدي الفرص في طريقة الالتفاف والاحتيال وابتداع الأسماء والشعارات واللافتات في مختلف المجالات , بحيث أصبحت هذه المنظمات والجمعيات والنوادي وسيلة للكسب المادي والمعنوي والاستحواذ على حقوق ومال الغير والحصول على الهبات والمساعدات من الداخل والخارج . ولكننا في كل هذا الهوس وهذا التدافع باللافتات والإعلانات والمقرات لم نجد مقرا واحدا ولا لافته واحدة تمت بصلة سواء من قريب أو بعيد إلى الفلسفة , والتي أرى أنها الفقيدة الأولى من عراق اليوم والأمس والمستقبل وكأن وطننا لايطيق الفلاسفة وكأننا الأول في العالم في عدد الفلاسفة ممن يتفكرون في شؤون الكون والعباد .
كما إننا لم نشهد لقاءا واحدا في فضائياتنا لأي فيلسوف أو شارح فلسفة أو متحدث عن تاريخ أو مدارس الفلسفة ولو 1% من ندوات ولقاءات الشعر الشعبي مع احترامنا للشعر والشعراء شعبين وغير شعبيين أو 1% من المحللين السياسيين ممن اضجروا شاشات التلفاز بطلعتهم وفي أكثر من فضائية كأنهم قطط تتنقل بخفة بين صحون الستلايت على سطوح المنازل ولا حتى أي لقاء إذاعي على اقل تقدير , ناهيك عن الصحف والجرائد والمجلات، فيبدوا إننا شعب لا حاجة له بالفلسفة ؟ ومعلوم من هو الشعب الذي لا حاجة له بالفلسفة ؟ فإما ان يكون متفلسفا بكامله فلفلسفة زاده اليومي ؟أ وهو شعب يغط في حالة الركود والسكون والخضوع وإقفال باب التساؤل والنقد والشك ؟ ولاأ ظن إننا من النوع الأول؟؟؟
فلا يمكن ان يكون الشعب منتجا إذ لم يكن شعبا متفلسفا ؟ فان من ارتقى بالشعوب صوب التقدم والتطور والحضارة هم الفلاسفة ؟ فالعالم يعرف جيدا فضل أفلاطون وأرسطو طاليس وكانت وهيدجو و هيغل وماركس . و.. و .. ؟ حيث الفلسفة هي العلم الأكثر نقدا وشكا وتساؤلا وأكثر العلوم مشاكسة ؟ الفلسفة تعني الحركة ضد السكون والجمود، الشك والتساؤل ضد اليقين والتحجر , التطلع نحو الإمام وكسر القيود بدل التقهقر للخلف والانزواء في كهوف الماضي والرضا بسلاسل الأعراف والتقاليد والإحكام ؟
ويحق لنا ان نسأل كم فيلسوف عربي أو كم فيلسوف عراقي وكم فيلسوف إسلامي عندنا ؟ مقارنة بما أنجبته وولدته واستولدته الحضارات الحية في العالم ؟

 ما هو سبب إصابتنا بالعقم الفلسفي ؟؟؟
 ومن أخصى عقولنا واقتلع أرحام شعوبنا وحرم عليها ولادة الفلاسفة ؟ ومن هو المستفيد ؟ أو من هو الذي يقف وراء هذا الاخصاء وهذا الإخفاء والامحاء لدور الفلسفة والفلاسفة ؟ نسال أين هي حصة درس الفلسفة في مدارسنا على مختلف مستوياتها ؟؟؟
وأين هي حصة الفلسفة في معاهدنا وكلياتنا الإنسانية ناهيك عن العملية منها ؟ وكيف يمكن ان يفكر الإنسان بدون ان يمتلك نهجا فلسفيا علميا وعمليا أي منهجا لحياته حسب قناعته ؟ أليس من الجدير بنا ان نمد أجيالنا ولو بصورة مبسطة أهم المدارس الفكرية والفلسفية في العالم خيالهم وتكون عقولهم رحبة وعارفة بما يدور في العالم ؟ وهو الطريق السليم لتربية جيل ناقد وعقول فاعلة منتجة ؟؟؟
 لنحصنها بذلك ضد كافة أنواع الهرطقات والخرافات والخزعبلات ليكونوا انذاك شبابنا حطبا لنيران الدجالين والمشعوذين ؟؟؟
لسنا فلاسفة , ولكننا نرى ان الفلسفة هي الإكسير الشافي والمعافى من دياجير الظلام الزاحف وخصوصا على عقول شاباتنا وشبابنا ؟ ليكون لقمة سائغة كاملة لذئاب الجهل والخرافة ؟ ممن لا يمكن ان يكون لها مقام ولا يسمع لهم كلام إلا في بؤر الجهل والجمود والتخلف لذلك نرى ان اشد أعداء الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية على مدى التاريخ هم الفلاسفة والحكماء ؟
 لذلك نرى كل فروع العلم مسموح لها بالنمو والانتشار والازدهار إلا الفلسفة لأنها الكاشف لكل زيف والمذيبة في وهج نورها كل قناع يتقنع به المستبدين والديكتاتوريين والظلاميين والجهلة
لأنها تفك كل عصائب التضليل والتجهيل عن عيون الناس المظلومين والمضطهدين والقانتين والمستكينين في ظل دوغما الاستبداد والجهل والظلم والخرافة والسحر .
((لايمكن لديكتاتور ان يركب على رقبة شعب واع.وتشكيل الوعي بتكوين العقل النقدي...ولذا كان لابد ن وعي خاص وهذا الوعي يجب ان يكون اجتماعيا...،ويمكن اليوم لأرسطو وزينون لو بعثا ان يشتركا في مناقشة اعقد المسائل الفلسفية والسياسية في برلمانات الحكم وسيجد ان الخميرة الفكرية التي وصلا إليها لم تتطور كثيرا عن أيام أثينا)) كتاب كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الاستبدادص181

هناك تعليق واحد:

  1. العبرة ليست بالكمية، وإنما بالنوعية. ليست بعدد الفلاسفة، وإنما بجودة الأفكار المنتجة.
    نحن بدورنا لسنا فلاسفة، فهؤلاء بإمكانهم تأليف كتاب طويل عريض على فكرة واحدة، ولكن كم منهم إستطاع أو بإمكانه إستنباط ما يجعل أنانا ترضح بحق وحقيقة لأناه تبارك وتعالى التي فيها البركة.
    أم المصائب كانت ولا زالت كامنة في فرض منطقنا نحن البشر على ساحة الأحداث، وليس طبعاً في فرض ذات المنطق السليم الذي يستمد قدراته من قوة الحق. بكلمات أخرى، متى ما واصلنا الإبتعاد عن قوة ذات المنطق السليم المعنوية اللامتناهية، لصالح قوة منطقنا نحن البشر التي غالباً ما تتغلب عليها أناها، سيبقى خلاص العالم مستحيلا. ومتى ما إستمر الحال على هذا المنوال، يعني، متى ما واصلنا التَشَبُّثَ بمنطقنا البشري السقيم كما جرت العادة السيئة، قبل أن يخرج عالمنا من مصيبة يوقع نفسه في أخرى أكبر.
    فبدون التسليم الفعلي الحاسم، بذات المنطق السليم، كوسيلة أوحد لإصلاح كل شيئ، وتحقيق الهدف الأسمى المتمثل بعد رضى الله سبحانه وتعالى، في خلاص الإنسان، الإنهيار الشامل قادم لا محالة.
    وختاماً لهذه المداخلة نذكر بأن عراقنا مهما جارت عليه إرادة الأقزام، سيبقى شامخاً بمهده الحضاري، والفلاسفة المذكورين وغيرهم على علو هاماتهم، ليسوا أكثر من إمتداد لصرحنا، لمهد الحضارات. شكراً
    سالم عتيق
    salemateek@yahoo.com

    ردحذف