الثلاثاء، 2 مارس 2010

جميلة بو حيرد تستغيث


سامي الأخرس

خبر مؤلم ذلك الذي إنتشر في وكالات الأنباء العربية والعالمية، المعنون بإستغاثة المناضلة الجزائرية، التي ضحت بكل شئ، وأبلت بلاءاً حسناً كنموذج نسوي نضالي مثّل قدوة لنساء العرب وثائرات الحرية، والنضال في زمن لم يعد أحد يحترم أي موروث نضالي، أو تاريخ وطني، وأصبح مكمن إستهزاء ونكران من الجميع، بما فيهم رفاق الدرب والمصير والنضال.
 فالحاله ليست غريبة أو عجيبة في ظل حالة التمزق والتنكر لكل ما هو نظيف وشريف في تأريخنا وموروثنا، الذي خضع لعولمة فكرية وعقلية منظمة هدفها الأول تحطيم ثقافتنا، ونكران تاريخنا، وإدارة الظهر  لقضايانا وهمومنا القومية والعربية والإسلامية.
إن الألم الذي إنتابني ليس إستغاثة هذه المناضلة التي وجدت نفسها فريسة المرض والتجاهل، حبيسة الماضي، ونكران وجحود الحاضر، ومستقبل مجهول، وإنما الألم من غياب العقل والوجدان عن هذه المناضلة التي أرادت من رسالتها أن تتضمن في طياتها أكثر من نداء إستغاثة، بل رسالة للجزائريين أولاً، ولكل من هو عربي ثانياً، ولكل أحرار العالم ثالثاً.. مضمونها معقد.. وأحرفها لايفهمها سوى من إحترق بنيران الألم، وعذاب الجحود واللامبالاة.
وما دفعني للكتابة عن المناضلة جميلة بو حريد، ليس إستغاثتها فحسب، إنما مجموعة تعليقات من بعض الإخوة والأخوات الجزائريين، حول أحداث مباراة كرة القدم مع مصر، وحجم الحقد النابع من قلوب عمياء، وعقول متعصبة محقونه بحقن العنصرية التجهيلية، التي نجح الغرب في غرسها في نفوس جيل لايعلم عن تأريخه سوى ماإستقبله من العولمة التي سلبت منه آدمية وتركته إنسان فارغ أجوف، يدار بجهاز التحكم عن بُعد كدمية على مسرح خشبي تتحكم بها أصابع المخرج لتؤدي مايريده بالضبط، ونفس الإيقاع الموسيقي حسب النوتة الموسيقية.
شباب إمتلؤوا بالحقد والهامشية، فأصبحوا لايريدون عروبتهم، ولا إسلامهم، والسبب أن خلافاً كروياً حدث مع بلد عربي، خلافاً أشعله الإعلام الساقط بكلا البلدين، فغرس الثأر في نفوس أجيال لاتملك العقل لتفكر وتقرر، وتميز بين الطيب والخبيث.
وسط ضجيج الغربان السوداء كان لجميلة رأي آخر، رأي بإستغاثة تستصرخ هذا الحقد من أين آتى لكي يشعل حرب داحس والغبراء، لأتفه القضايا، في الوقت الذي تنكرتوابه لتاريخهم ومناضليهم وأحرارهم، ولهثوا خلف إعلام سوقي كل من وراءه ذو نزعات شخصية تجارية ضمن منظومة العولمة، إستغاثة بحجم الصفعة على وجه الشعوب التي تساق بالعصا أمام الراعي الذي يقودها لحظائر الذئاب، ومكر الثعالب لجحيم الشباك القاتلة.
ركلنا التاريخ، وأسقطنا الرايات، وإستسلمنا للمجهول، وتهنا في دهاليز الخضوع.. فأنبتنا نبت خبيث شاهدناه في مباراة كرة قدم... وإفتضح أمره في إستغاثة مناضلة بحجم جميلة بو حيرد...
من الألم يولد القهر، ومن القهر يولد اليأس، ومن ثنايا اليأس نتثبت بالأمل، فهل إستغاثت جميلة؟! أم لطمتنا لنفوق من غفوتنا؟...
أمجاد ياعرب أمجاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق