الثلاثاء، 2 مارس 2010

حساب الحياة لإمبيراطورية تحتضر


ترجمة: دجلة وحيد
 
كتب الكاتب فرانسيس شور، مؤلف كتاب إمبيراطورية تحتضر: الإمبيريالية الأمريكية والمقاومة العالمية، مايلي:
  ألفين دولار لكل طفل ميت! هذا هو مبلغ التعويض الذي تقدمه وزارة الدفاع الأمريكية للاضرار الجانبية "كوللاترال داميجيز"  التي تسببتها في أفغانستان. بينما تتصاعد الحرب وتتراكم أعداد الضحايا الأبرياء جراء أعمال واشنطن العدوانية، يحسب الجيش الأمريكي ماذا سيتخذ من إجراء لإسترضاء وتهدئة االعوائل الأفغانية الحزينة.
  ثماني سنوات في حرب تعتبر "ضرورية" من قبل إدارات كلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي، الموت والدمار الذي حاق بالمدنيين الأفغان يبدو قابلا للإختزل إلى مرتبة التعويضات الرخيصة. ورغم ذلك فإن الضرر البدني والنفسي الحقيقي الذي سببه صناع الحرب يبقى بغرابة مجردة ودون إدراك للعواقب الحقيقة جدا الغير مقصودة. غضب العوائل الأفغانية في الأيام الأولى للتدخل العسكري الأمريكي مما لا شك فيه مستمرا، بل وربما أدى الى إذكاء التمرد المستمر.  طبقا لقصة نشرت في صحيفة لوس أنجيليس تايمز في يونيو/حزيران 2002 حول أحد الأفغان الذي كان قد فقد زوجته، والدته وسبعة أطفال بسبب هجوم جوي أمريكي، بأنه رثا بشكل مرير: "وضعت لعنة على الأمريكان الذين فعلوا هذا. أصلي وأدعو الله بأنهم يواجهون مأساة في حياتهم مشابهة للتي حلت بي". 
  في حين أنها لا تعاني من هذا النوع من الخسائر المأساوية في عائلة واحدة، الأسر الأمريكية قد دفعت ثمنا بزيادة أعداد القتلى والجرحى في أفغانستان. الصفقات التعويضية الى العوائل الأمريكية التي فقدت أحد أفرد الأسرة في العمليات العسكرية في أفغانستان من وزارة الدفاع كانت أكثر كرما. لكن ، حتى المائة ألف دولار المعروضة لا يمكن أن تبرر الخسائر في الأرواح الغير ضرورية التي أعلنتها وزارة الدفاع وفيما يسمى برؤسائهم المدنيين.
  إهدار مليارات الدولارات، على أي حال، في مواصلة هذه الحرب وغيرها من الحملات الإستعمارية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى هي المسؤولة عن التكاليف المخفية الأخرى للأطفال في الولايات المتحدة. في عام 2009، واصلت الولايات المتحدة في هبوط ترتيبها في وفيات الأطفال الرضع الى مرتبة الثالثة والثلاثون في العالم، وراء الأكثر فقرا، ولكن أذكى طبيا، ألا وهي أمة اكوبا.
  من الناحية الأخرى، العدد الفظيع لخسائر أطفال العراق، كنتيجة للسياسات التي إتبعتها الولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى، كان هائلا. من إستعمال اليورانيوم المنضب من قبل وزارة الدفاع الأمريكية في عهد بوش الأب والإبن الى فرض عقوبات تمنع إمدادات طبية من دخول العراق في عهد كلينتون. الموت والمرض الذي عانى منهما الأطفال العراقيين منسوبان مباشرة الى الولايات المتحدة.
  حتى في غياب الحرب والسياسات العدوانية التي تنتهجها واشنطن، عدم التوازن بين الولايات المتحدة والعالم النامي، الذي إزداد سوءا بسبب الأزمة المالية الأخيرة، يبعث على الأسى. لقد خمن بأن المواطن المتوسط من سكان أمريكا يستعمل موارد تساوي 250 مرة مما يستعمله المواطن المتوسط النايجيري. ذلك المواطن الأمريكي المتوسط، إن كان طفلا رضيعا ولد في التسعينيات من القرن الماضي وبلغ من العمر 75 عاما، فإنه سيخلف 52 طنا من القمامة بينما يستخدم قرابة 4000 برميل من النفط. كمية الطاقة التي أستهلكت من قبل المواطن الأمريكي المتوسط ستكون تعادل مايستهلكه 531 مواطنا أثيوبيا.
  عندما ذكرت اليونيسيف في تقريرها، كما هو الحال في عام 2002، بأن عشرة ملايين طفل تحت سن 5 سنوات يموتون كل سنة من أسباب يمكن الوقاية منها، مثل سوء التغذية والمياه الغير مأمونة، وعدم وجود أبسط خدمات الرعاية الصحية، ينبغي علينا، في كلمات فيلسوف الأخلاق بيتر سنجر أن "نعلم بأن هناك أخرين بحاجة أكثر عظمة ... ونتعلم التفكير بشكل نقدي حول القوى التي تؤدي الى إرتفاع مستويات الإستهلاك ولنكون على بينة للتكاليف البيئية لهذه الطريقة في العيش".
  ومع ذلك، لبلوغ هذا المستوى من الوعي يتطلب مواجهة التركة أو التراث كوننا جزء من إمبيراطورية ونستفيد من إمتيازاتها الغير متكافئة ظاهريا. محاولة قبول كل العواقب الإنسانية والكوكبية للإمبيراطورية كطريقة حياة قد تكون صعبة للغاية الأن ذلك أن الإمبيراطورية تحتضر. دعونا فقط نتمنى بأننا يمكن أن نساعد لتقليل المزيد من الدمار الذي أنتج من قبل إمبيراطورية في طور الإحتضار.
2/3/2010
 
رابط مقال الكاتب فرانسيس شور:
 


هناك تعليق واحد:

  1. الى من يهمه الامر
    مع إستمرار مشاعر الفوقية خاصة لقادة البلاد في الكونكرس والبيت الأبيض، يستحيل بلوغ مستوى الوعي الذي أشار اليه "فيلسوف الأخلاق" المذكور بيتر سنجر، فهؤلاء القادة حتى والإمبراطورية الأمريكية تحتضر، تراهم بذكائهم الغابوي يواصلون إستكبارهم الجشع بسبب إدمانهم بل إجبارهم، خاصة صهيونياً، ليس على الغباء الإستراتيجي فحسب، وإنما على التغابي الدوني أيضاً، ككل الإنتهازيين والعملاء والخونة الذين باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان واصبحوا لا يمتلكون حق الولاء والوفاء والإخلاص لإرادتهم وكرامتهم وشرف مهنتهم،
    التخمين بمعيار المتوسط، كمتوسط الدخل القومي، معيار غاية في الذكاء المُخادع كونه يساوي ويضع في ميزان واحد من يمتلك المليارات ومن لا يمتلك شيئاً. كشهود عيان نقول: على الرغم من كون الطبقة المتوسطة عماد الإستقرار والتقدم والإزدهار في كل مكان، كونها أفضل من يأخذ بيد الفقراء وفي نفس الوقت تفرز مزيداً من الأثرياء، نراها اليوم في أمريكا تعاني الأمرّين، حيث غالبيتها أصبحت فقيرة أو في طريقها الى ذلك، بسبب الأزمة المالية بل الكارثة الإقتصادية الأخيرة. ولأجله، قد تكون حالة المواطن النايجيري أو العراقي أو الفسطيني أو الأفغاني على سبيل المثال لا الحصر الآن، على مساوئها أهون بكثير من حالة المواطن الأمريكي حالياً، والسبب أن هذا الأخير مدمن بذخ ورفاه وإستهلاك وعليه إلتزامات كبيرة تقضي مضجعه، في الوقت الذي المواطن الآخر مُجبر ومتعود على عيش المعانات ولم يتبقى له كثيراً ليخسره.
    أما بخصوص تعويضات قتل النفوس البريئة، فلو طالب وحصل ضحايا السياسة الأمريكية الأجانب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم على تعويضات بقدر ما حصل عليها كل من ضحايا "لوكربي" Lockerbie من الحكومة الليبية، أو نصفها أو حتى ربعها، لما كانت لتكفي كل أموال "أغنياء" أمريكا والدنيا على سدادها. شكراً
    سالم عتيق

    ردحذف