الثلاثاء، 2 مارس 2010

الصراع على السلطة في مصر


خالد الهواري
المشهد الذي ركزت عليه وسائل الاعلام لاستقبال المئات من المصريين للدكتور محمد البرادعي اثر عودته متقاعدا بعد سنوات طويلة من العمل في وكالة الطاقة الذرية وعاصر احداثا سياسية عالمية غيرت من مشاهد الاستقرار في الامة العربية اهمها احتلال العراق وملاحقة ايران وغض طرف الوكالة المطلق عن النشاط الاسرائيلي النووي، وقد كان بحكم عمله مشاركا في هذه الاحداث سواء بالسلب او الايجاب، هذا المشهد وعلى الرغم انه عاطفي انتجته حالة البحث عن رمز او امل في شخصية لا تقدر على ان تطولها اذرع الاجهزة الامنية المتمثلة في جهاز امن الدولة والبرادعي هو خير ما يكون هذا الشخص بعد ان اثبتت الاحداث بانه لا يوجد في داخل مصر بمن فيهم نواب مجلس الشعب ورؤساء الاحزاب من يعلو على هذا الجهاز الامني الذي يعتبر هو المتحكم الرئيسي في الشارع السياسي المصري، بل ونجح ايضا في فرض سطوته على كل مؤسسات الدولة الاخرى، وفي نفس الوقت وارادة البعض من الذين تحطمت احلامهم في ان يكونوا هم البديل في الانتخابات القادمة وخرجوا من المولد بلا حمص ان يجعلوا ظهورهم في المشهد السياسي كمساندين للبرادعي نكاية في النظام الحاكم والثأر لانفسهم اكثر ما يكون سياسيا ويرسخ فكرة اختيار الشعب لحاكمه وفرضه على مؤسسات الدولة.

الصراع السياسي على السلطة في مصر بات واقعا يفرض نفسه حالة من الخوف تتسلل داخل العقلية المصرية واصابت الكثيرين بالاجباط نتيجة للشروط التعجيزية لمن يسعى لترشيح نفسه في مواجهة الرئيس الحالي او من سيخلفه على قائمة الحزب الوطني الذي يضم جيوشا من رجال الاعمال واصحاب رؤوس الاموال في بلد نجح الفقر ان يحطم عمودها الفقري الشعبي بالاضافة الى ان جميع مؤسسات الدولة بحكم الطبيعة السياسية تابعة للحزب الحاكم ولا تخلو جلسة شعبية واحدة سواء في البيوت من حول الطعام او على المقهى او في الاتوبيسات والميكروباصات من كشف الى اي حد نجح هاجس تولي جمال مبارك السلطة خلفا للرئيس الحالي في التحول الى عفريت تلبس بحياة الفقراء والمطحونين في رحى البطالة وغلاء الاسعار وانفلات حالة الامن في الشارع على حساب الامن السياسي وهم الغالبية العظمى من ابناء الشعب المصري الذين فقدوا اهم ما يميزهم وهو خفة الدم ومواجهة الازمات بالسخرية والتنكيت وتحولت ظاهرة التنكيت المعروفة عن الشعب المصري الى جزء من حضارة الماضي وحل محلها الهم والغم والياس. الامر لا ينحصر في اختيار البرادعي او ترشيحه مرشحا شعبيا بالاجماع الامر يحتاج الى تغييرات وتعديلات حقيقية في الدستور وفي الفقرات الخاصة باختيار رئيس الجمهورية وانا من وجهة نظري ارى ان نجاح البرادعي سوف يخلق مشكلات كبيرة في مصر لانه قد تشبع بالسياسة الغربية وفي حالة محاولته لتطبيق النموذج الغربي في مجتمع متدين اعلى درجات التدين يرى في كل شيء يأتي من الخارج حتى وان كان لصالح حريته هو استهداف للدين واختراق لثقافة المجتمع مما سيخلق صراعا من نوع اخر يحرق الاخضر واليابس، الحل الذي ينقذ مصر من عثرتها الحالية هو تعديل القانون الانتخابي ومن تيارات البلد السياسية على اختلافها الفرصة للترشيح حتى تكون فرصة الاختيار الحقيقية متاحة للشعب ويكون بعد ذلك مسؤولا عن اختياره وتبعاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق