الخميس، 15 أكتوبر 2009

مشاريع لعدم إعادة الفلسطينيين إلى أرضهم

هيثم ابو الغزلان

تعتبر قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم من أشد قضايا الصراع تعقيدا بين العرب والاحتلال الصهيوني، وتبقى شاهدا على همجية الاحتلال ولا إنسانية العالم المتحضر الذي شهد ويشهد هذه المأساة وهو صامت لا يحرك ساكنا! فلقد طُرد الشعب الفلسطيني من دياره في فلسطين عام 1948 على يد القوات العسكرية الصهيونية والاسرائيلية وأجبر على النزوح من 531 مدينة وقرية، وصادرت اسرائيل أراضيه التي تبلغ 92% من مساحتها الحالية.

تعريف حق العودة

هو حق الفلسطيني الذي طرد أو خرج من موطنه لأي سبب عام 1948 أو في أي وقت بعد ذلك، في العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه حياة اعتيادية قبل 1948، وهذا الحق ينطبق على كل فلسطيني سواء كان رجلا أو امرأة، وينطبق كذلك على ذرية أي منهما مهما بلغ عددها وأماكن وجودها ومكان ولادتها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وحق العودة مقدس لأنه حق تاريخي ناتج من وجودهم في فلسطين منذ الأزل وارتباطهم بالوطن، ولأنه حق شرعي لهم في أرض الرباط، ولأنه حق قانوني ثابت، وحق الفلسطينيين في وطنهم فلسطين ضارب في أعماق التاريخ، وجذوره أقدم من جذور البريطانيين في بريطانيا، وبالطـــبع أقدم من الأميركان في أميركا.

الموقف الإسرائيلي من قضية اللاجئين

في الموقف الاسرائيلي ما يشبه الإجماع في رفض «حق العودة» رفضا مطلقا، على اعتبار ان استخدام هذا الحق، يعني تدمير الدولة العبرية، وإلغاء هويتها وكيانها. ذلك ان مشروعية عودة اللاجئين، ستكون لها كبير الأثر على التركيبة السكانية الاسرائيلية، عبر تلاقيهم مع إخوانهم في الداخل، والبالغ عددهم زهاء المليون، وكذلك تحالفهم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين نسمة. كما اتسم الموقف الصهيوني من دفع تعويضات للفلسطينيين بنوع من التلكؤ والتحفظ، كما سعى اليهود للربط بين هذه التعويضات ـ في حال دفعها ـ وبين دفع تعويضات لليهود الذين غادروا البلاد العربية إلى دولة الاحتلال.

وباستعراض ما طرحه الصهاينة نجد أنه يتلخص في الآتي:

ـ اعتبار العودة، قضية إنسانية لا سياسية.

ـ ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية للاجئين في أماكن لجوئهم، عبر صندوق دولي، قد تساهم فيه إسرائيل.

ـ العمل على توطين اللاجئين حيث هم، عبر اتفاقات دولية.

وبحسب بعض المبادرات السياسية فإن (اسرائيل) ستشارك في دفع التعويضات للصندوق الدولي، وقد سبق نشر ذلك عن تلك الخطط عدة مرات في المجالات المتخصصة. (اسرائيل) تقيّم قيمة التعويضات بمقدار 2% من قيمتها الحقيقية وتريد من كل الدول دفع هذا المبلغ مع مساهمة رمزية منها. وتريد أن تكون صاحبة القرار في من يستحق التعويض. وعلى الفلسطيني المطالب بالتعويض تقديم كل الإثباتات والمستندات للملكية ومقدار الضرر الذي وقع عليه مع إثبات أنه فلسطيني كان يعيش في هذا البيت. (وتوفر الوثائق غير ممكن في معظم الحالات بسبب نزوح الأهالي أثناء الهجوم الاسرائيلي). ثم تصر اسرائيل على شطب اسم كل لاجئ، وهدم كل مخيم، وإزالة كل مكتب لوكالة الغوث في المرحلة الأولى عند استلام أول دفعة من التعويض المقسط على مراحل عديدة، بحيث يدفع آخر دولار بعد شطب اسم آخر لاجئ. ثم تطلب (اسرائيل) بعد ذلك أن يصدر قرار من الأمم المتحدة يوافق عليه الفلسطينيون والدول العربية بالإضافة إلى كل الدول بإلغاء القرار 194، وإسقاط جميع الحقوق الفلسطينية إلى الأبد.

مشاريع إسرائيلية للتوطين

بناء على ما تقدم فقد طرح الجانب الاسرائيلي العديد من مشاريع التوطين السرية والعلنية للتخلص من «حق العودة». اللجنة الأولى عينها رئيس حكومة الاحتلال ديفيد بن غوريون سنة 1948، وقد أوصت بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المضيفة.

وفي عهد رئيس حكومة الاحتلال الأسبق ليفي أشكول طرحت لجنة عينتها الحكومة عام 1965 استعداد «اسرائيل» للإســهام المالي، إلى جانب الدول الكبرى في عملية إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين.

وفي العام 1968 طرح إيغال ألون، وزير العمل في حكومة ليفي أشكول مشروعا للتسوية مع الأردن عرف لاحقا بمشروع المملكة المتحدة أو الوطن البديل على أساس تبادل السكان، وتجميع اليهود في فلسطين، وتوطين الفلسطينيين في الدول العربية ضمن العدد نفسه.

وفي العام 1994 أصدر مركز «جافي» للدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب دراسة أعدها شلومو غازيت، رئيس الاستخبارات الاسرائيلية، اقترح فيها إعادة أعداد محدودة من الفلسطينيين واستيعاب الباقين في الدول العربية المضيفة.

وفي العام 2002 استضافت وزارة الخارجية اليونانية مباحثات بين سري نسيبة، مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، وعامي أيالون، رئيس جهاز الأمن الداخلي في دولة الاحتلال حينها، وأسفر اللقاء عن وثيقة حملت أسماء الحاضرين عرفت باسم وثيقة «نسيبة ـ أيالون»، وأهم ما ورد فيها، إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أجزاء من الضفة وغزة، وإسقاط حق عودة اللاجئين وحقوقهم المترتبة على تهجيرهم والبحث عن أمكنة لإيواء اللاجئين بتوطينهم في مكان إقامتهم أو في بلد ثالث أو بعودة محدودة لمن يتاح لهم للدولة الفلسطينية. وفي 24 تشرين الثاني 2007 نشرت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية وثيقة اسرائيلية ـ فلسطينية تحت اسم «إكس آن بروفانس»، اقترحت حلا لمشكلة عودة اللاجئين الفلسطينيين، يتمثل في إسقاط هذا الحق مقابل التعويض، وبحسب الوثيقة فإن تكلفة حل مسألة العودة تتراوح بين 55 و85 مليار دولار.

المشاريع الدولية لإسقاط «حق العودة»

كتعبير عن الانحياز الدائم لـ«اسرائيل»، فقد أعدت الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الأوروبية مشاريع متعددة لإسقاط «حق العودة» منها على سبيل المثال لا الحصر:

ـ مشروع مستشار وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ماك غي سنة 1949 لتوطين الفلسطينيين في أماكن وجودهم.

ـ بعثة الأمم المتحدة برئاسة غوردن كلاب سنة 1949 التي أوصت بتأسيس صندوق لدمج الفلسطينيين في المجتمعات التي يقيمون فيها.

ـ مشروع جون بلاندفورد، المفوض العام الأسبق لوكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1951 لدمج اللاجئين في المجتمعات العربية.

ـ مشروع إريك جونستون، مبعوث الرئيس الأميركي أيزنهاور عام 1955 لتوطين الفلسطينيين على الضفة الشرقية لنهر الأردن.

ـ مشروع جون فوستر دالاس.

ـ مشروع وزارة الخارجية البريطانية سنة 1955 القاضي بتوطين الفلسطينيين في العراق.

ـ مشروع الرئيس الأميركي جون كينيدي سنة 1957 الذي يدعو إلى «الصداقة الوفية» لأعداد محدودة من العائدين.

رغم كثرة المشاريع الهادفة إلى التوطين فما زال الفلسطيني يريد العودة إلى أرضه، فلسطين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق