السبت، 21 نوفمبر 2009

أعاجيب في بلاد الأعاريب (2)


    عبدالله خليل شبيب

( وطني ثوب مرقَّع!... كل جزء منه مصنوع بمصنع ..! ..وعلى الثوب نقوش دمويّةَ..!..                                 فرقت ما بينها الأهواء...   لكن وحَّدَتْ ما بينها نفس الهوية = عفة واسعة تشقى .. وعهر يتمتع )
                                                                                ( الشاعر أحمد مطر )
------------------------------------------------------------------------------------------------------
تناقض ومتناقضات وأوضاع مقلوبة !:
   يحتار الإنسان وهو يقلب النظر في أحوال هذه الأمة ..ولكن ..إذا عُرِف السبب بطل العجب ..كما يقال..!
.. يكاد يكون كل شيء في بلادنا [ بلاد العجائب ] مقلوبا رأسًا على عقب .. والنتائج عكس الأسباب .. ونجني من العنب شوكاً! – مع سبق [ ودوام ] الإصرار والترصد والتعمد !!
  موارد بلادنا من أغنى وأكثر الموارد ..وشعوبنا من أفقر وأبأس الشعوب .. ونسبة البطالة عندنا من أعلى النسب !
  عددنا كثير .. ووزننا قليل ..أخف من وزن الريشة  !
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنكم يومئذ كثير .. ولكنكم غثاء كغثاء السيل "!
الناس تطلب الحرية ... ونحن ندمن العبودية !
 العالم يتخلص من القواعد الأجنبية لتَلازُمِ دلالاتها مع العبودية والتبعية وفقدان الاستقلال ..ومع التخلف .... ومنا  من يدعو القواعد الأجنبية ..[ للجثوم ] على صدور الأوطان والشعوب ..والعودة إلى عهود الاستعمار والعبودية والتخلف ..والقهر ..!
 ديننا واحد ولغتنا واحدة وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وآمالنا وآلامنا ..وعدونا ..كل ذلك مشترك ..ونحن دول وشعوب وقطع وطوائف وأحزاب وقبائل وأهواء شتى !
أرضنا متصلة بلا عوائق .. لكنها مقطعة ؛ والتواصل بين شعوبها صعب في أكثر الأحيان .. !
نتخلف بدلا من أن نتقدم .. تفتك بكثير منا الأمراض والفقر والجهل
بلادنا واسعة وخيِِّرة .. ولدينا أكبر نسبة من اللاجئين في العالم ..!
لدينا كل أسباب القوة .. وتفتك بنا كل عوامل الضعف!
لدينا عدة [ جيوش جرارة ] بأسلحة ومعدات كثيرة وكبيرة ومتطورة ...وكثيرا ما يعلوها الصدأ وتصبح [ سكرابا ] ثم يُفرَض علينا أن نبدد أموالنا وأقوات شعوبنا في شراء أسلحة جديدة للتخزين .,. فلا تستعمل إلا [ ضد بعضنا البعض ] .
والبعض – مثلا – يُفرَض عليه أن يشتري طائرات نقل عسكرية بمبالغ باهظة خيالية .. قد تكفي تلك الطائرات لنقل الشعب كله دفعة واحدة !!
.. وبالرغم من كل تلك الجيوش والأسلحة والدول و[الحناجر ] الصارخة والهاتفة والدعاوى العريضة ....فلسطين ضاعت وتزداد إغراقا في الضياع يوما بعد يوم ..ويضيع غيرها ..ويغرق في الدماء والمآسي ..! والعدو ينتعش وينتفش ..ولا يبالي بكل هذه [ الملايين ] لأنها أصبحت  ( عثاءً كغثاء السيل ).. ولربما ساهم في تحويلها كذلك ..أوالحفاظ على حالتها تلك !
.. قرآننا يُتلى ..وفيه سورة الإسراء التي ذكرت الأقصى وجعلته عقيدة ....والأقصى يُنتقَص ويُنتقـَض ويُقضم شِلوًا شِلْوًا .. ولا تملك الملايين ودولها إلا ( الاسترجاع والاسترحام ) كما قال الإمام علي كرم الله وجهه .. وربما تملك الرجاء كذلك والشجب والاستنكار والشكوى والاحتجاج ..إلخ ..من أسلحتها التي لا تستعمل غيرها .. فهي [ فراخ مدجنة في قن  ] دولها اختارت خيارا وحيدًا اسمه [الخيار الآستراتيجي الوحيد = خيار السلام ].. أما السلاح فمحرم استخدامه ضد الأعداء الذين يغزون الديار ويقتلون ويجرمون ويدمرون .. ويصولون ويجولون .. ..محاربين أو جواسيس أو مستثمرين وسائحين ..إلخ
.. فكيف تكون عاقبة صاحب الخيار المر الاستراتيجي [السلام ] إذا كان عدوه لا يريد السلام .. ويفسر السلام بخضوع جميع العالم العربي والإسلامي لأوامره وإرادته ..ومصالحه ..أما هم    [ أصحاب الخيار والفقوس ] فلا حقوق لهم إلا ما يسمح هو به ..والويل لمن يرفض او يستنكر أو [ يقاوم ]!!!
ديننا يحض على الحرية والعزة وتكريم ( جنس الإنسان = ولقد كرمنا بني آدم )..ولدينا أسوأ نظم القمع والتعذيب والسجون وإهانة الإنسان ( بني آدم ) حتى يكاد يصدق فينا قول مظفر النواب :
[ هذا الوطن العربي من البحر إلى البحر سجون متلاصقة ..سجان يمسك سجان ]!!
ديننا يحض على المؤاخاة " إنما المؤمنون إخوة " وعلى التآلف والتعارف والإحسان حتى مع الآخرين " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ".. وكثير من بلداننا ومكونات شعوبها يتناحرون فيما بينهم ..ويحقد بعضهم على بعض .. ويتمنى كلٌّ لكلٍ كلَّ شر ! !
وصف قرآننا اليهود بأنهم " بأسهم بينهم شديد " فأصبحنا نحن أشد بأسا على بعضنا .. وهم يتفرجون علينا .. ونحن معهم ومع غيرهم من المعتدين [ حملان وديعة ] مما أطمعهم في ذبحنا ..ولو بأيدي بعضنا !
منذ عشرات السنين .. ونحن ندعو للوحدة والحرية والحق والقوة وتكافؤ الفرص واستغلال الموارد والتعاون والاكتفاء الذاتي .. ونتمنى ذلك ونحوه .. فلا نزداد إلا شتاتا وجوعا واستيرادا واستدانة وتضخم مديونية وعتمادا على الآخرين وتفننا في القمع وكبت الحريات وابتكار وسائل تعذيب وإهانة الإنسان ..و[ استنساخ حيوانات بهيمية مريضة بدون إحساس أو كرامة مهمتها تعذيب كل من يشتمون فيه رائحة عزة أو خلق أو إنسانية !] كأنها تحقد عليه إنسانيته التي فقدتها ..وكأنها [مخصية ]أو موتورة !
.. منذ أكثر من  نصف قرن .. لدينا جامعة دول..ولها مواثيق ودفاع مشترك ووحدة اقتصادية ونظم مشتركة وتعاونية ..إلخ ولكن [ على الورق ] فقط !!.. والواقع معكوس .. حتى تجرأ العدو ونص في اتفاقاته مع[ الأذلين ] الذين دخلوا تحت رايته حتى الآن ..أن علاقاتهم به فوق مواثيق تلك الجامعة [التعيسة ]!
لدينا آلاف الجامعات الأكاديمية والمعاهد والمدارس .. ونسبة الأمية في أكثر أقطارنا مرتفعة جدا ! .. وحتى المتعلمون معظمهم يحتاج إلى تعليم ! ..والخريجون .. يدلفون إلى [ سوق البطالة ]!! فتتعقد الأجيال وتفقد الآمال .. وتبحث عن اللقمة والضرورة فلا  تكاد تجدها ... وتنظر من بعيد أو قريب .. لترى قلة تتقلب في النعم والأموال وألوان المتع والترف الباهظ .. فكيف سيتشكل فكر ونفسية وتصرف مثل تلك الأجيال في مثل تلك الأجواء؟!
                                   ***********
فيمَ وعلامَ يتوحدون ؟!:
.. لكن هذا العالم [الشقي ] موحد في كثير من الأمور .. - لاتراعوا - .. لا في القوة ولا في الرأي والموقف ولا في الموارد والاقتصاد ولا في الأخوة والمودة ..ولا في الأرض ولا في الشرع ، ولا في الدين ولا في الدفاع عن النفس ...إلخ
ولكنها تكاد تتوحد في ظواهر وأمور تتشابه عند أكثرها ..والفرق في النسبة كثرة أو قلة – خفة أو شدة ...هنالك بعض التفاوت أحيانا .. إلا النادر والنادر لا حكم له ..كما يقال ومما تتوحد فيه تلك الرقع والبقع [ والمملوكيات ] وتتشابه :
1 – القمع : وما يلزمه من أدوات وآليات من سجون وأقبية تعذيب ..وأجهزة تجسس ومخابرات وتعذيب [ واستنطاق ] حتى يكاد بعضهم يستنطق الحجر ..ويُقَوِِّل الإنسان ما لا يعرف وما لم يسمع به !
 .. وما يتسلح به [ الأشاوس التابعون من عبيد المأمور – الذين هم بدورهم – أو أكثرهم أدوات صماء ] من هراوات وأغلال وقنابل دخان ودموع  ووسائل تعذيب ..وغيرها .. كلها      - أو معظمها - تستورد أكثر الأحيان من[ أمريكا بلد الديمقراطية وتمثال الحرية ]!
ويصرف على هذه الأجهزة قسط كبير جدا من الميزانيات ..والأصل أن مثل هذه الأنشطة تكون لملاحقة أعداء الوطن ..ولكن البعض اختزل الوطن فيه وفي حواشيه أو حزبه أو طائفته ..واعتبر جميع المواطنين الآخرين أعداء – بالقوة أو بالفعل ( بمصطلح المناطقة )- .. يعني أعداء فعليين أو مفترضين يتوجس منهم النظام ..لأنه لا ينطبق عليه حال من قيل له ( عدلت ..فأمِنت .. فنمت)!
وإذا قصّرت أجهزة القمع الداخلية .. فالجيوش جاهزة لإكمال المهمة .. فمهمتها الأساسية حماية الأنظمة .. لا الأوطان ولا الشعوب ولا الحريات ..ولا ..ولا..
2 – الفساد المتجذر والمتأصل : حيث أن أكثر [ أصحاب القرار ] لا يحسبون حساب شيء .. لا حساب رب حسيب رقيب ..ولا آخرة ..ولا دنيا .. فيستغل الكثيرون مناصبهم لنهب أموال الأمة وأقواتها .. وبدلا من أن توجه الأموال [ وأكثرها إما معونات خارجية مقابل شروط لإذلال الشعوب – أومن جيوب المواطنين البؤساء ومن ضرائبهم وما يدفعون – قسرا من أتاوات(!)- أومن الخيرات الربانية التي هي مِنَّة ومحض فضل من الله ولعموم عباد الله ..!] بدلا من أن توجه تلك الأموال لإصلاح حال الأمة ومرافقها العامة ورفع مستوياتها في كافة جوانب الحياة .. يضرب [ معظم المتنفذين] بهذه الاعتبارات عرض الحائط .. وينهبون معظم ما تصل إليه أيديهم .. فيصب في أرصدتهم التي تزيد تخمة يوما بعد يوم ..وتهرب إلى بلاد الأعداء .. ليلحق أصحابها بها حين اللزوم .. وأكثرهم يلحق بالدار الآخرة قبل أن يتمتع بتلك الأموال أو ببعضها .. فتلاحقه اللعنات ..ويلقى من الله ما يستحق !..والبعض – حين تتأزم الأمور – لا يستطيع أن يطول من ماله إلا القليل ... وتظل استثماراته تدور ..وتُدَوّر ليصب كثير من ثمراتها لخدمة الأعداء الصهاينة ..يتقوون به علينا ..ويقتلون أطفالنا ورجالنا ونساءنا ..ويشترون  الذمم ! ويفسدون الأمم ! ... به وبأمثاله !
.. والمصيبة أن ذلك [الفساد ] أصبح مزمنا ..,.من لوازم تلك النظم .. والغريب بل [ والمعيب عندهم] من لا يستعمله ..ومن يتجنبه .. حتى إنهم يتهمونه بالغباء والبله وعدم الكياسة..إلخ
.. حتى يكاد [ بند السرقة أو الرشوة ] يصبح لازما في كل معاملة أو عقد أو مقاولة أو عطاء ..إلخ ..ولا يستبعد أن يُنَصَّ عليه صراحة – بعد حين !
تلازم وتلاحم الفساد والطغيان :
  ومعلوم أن الفساد والطغيان والظلم [ أي القمع ] يتحالفان ويتبادلان الأدوار ... بل يولد ويخلق بعضهما بعضا .. فالطغيان يؤدي للفساد الذي لا يعيش ولا يعشش – أي الطغيان إلا في اجوائه .. فهما لا يعيشان إلا في أجواء موبوءة .. لأنهما كالجراثيم ..إن طلعت شمس الحرية والعدل والمساواة .. تبددا وماتا ..وانقرضا هما وكل توابعهما !
..والفساد يحتاج إلى طغيان وظلم يحميه ..ويوفر له [البيئة الآمنة واللازمة والقامعة والمساعِدة على النهب والسرقة بدون خشية عقوبة أو حساب]  لئلا تطوله يد العدالة !
.. ولنتأمل كيف ربط الله بين هذين الشرين المتحالفين – تعليقا على بعض الأمم السابقة التي نخرها هذان الداءان المزمنان :
.." ألم تر كيف فعل ربك بعاد ؛..إرم ذات العماد ؟ التي لم يُخلَقْ مثلها في البلاد ؛ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ؛ وفرعون ذي الأوتاد ؛الذين طغوا في البلاد ؛ فأكثروا فيها الفساد "؟ !
.. ثم ماذا ؟.: " فصب عليهم ربك سوط عذاب ؛ إن ربك لبالمرصاد" !
3 – الفوضى المالية ..أي تضخم المديونيات عاما بعد عام ..أو الأموال المكنوزة في جيوب الأخرين في الخارج .. فيما يبدو أنهم ياخذون من جيب هذا ..بحجة المحافظة على ماله .. ويقرضونها لأخيه الآخر بفوائد وشروط مذلة ومؤذية ..إلخ .. ثم يذهب [ معظمها ] هدرا وهباءاً أو في حسابات الفاسدين.. فترجع إلى جيوب وبنوك اليهود والصليبيين ! ...هكذا .. دوران وتدوير للأموال في خدمة الأعداء..!..[ ودُوار ] للشعوب المفلسة ..!  ..وتكون [حجة ] للأعداء : أرأيتم أن هؤلاء لا يستحقون المساعدات .. فبدلا من صرفها على الشعوب ولمصلحتها .. ذهبت لجيوب الفاسدين .. ! فلا تتعبوا أنفسكم ..ولا تأمنوهم ..فهم لصوص لا يستحقون المساعدة ..ولا يحسنون التصرف .. فلا تضعوا أموالكم في أيدي السفهاء ..ولا تحت رحمتهم لئلا تضيع وتذهب هباءً !.. وأرسلوها دائما إلى جيوبنا ..فنحن نستثمرها أمثل استثمار ونعطيكم رِبا يمحق أموالكم في الدنيا ثم عند الله !!
.. ويقوم [ أؤلئك الأجانب ] بإقراض بعض الأموال [ التي استدرجوها أو ابتزوها من بعضنا ] يقرضون قليلا منها لبلدان العالم الثالث المحتاجة – ومنه أكثر العربي ..وبفوائد وشروط مذلة ومجحفة منها توجيهه استهلاكيا ..وتحريم استخدامه في التصنيع الحقيقي وخصوصا تصنيع السلاح الوطني !..أو الكفاية الغذائية والزراعية والمائية ..إلخ!!.. ويلزمون المَدينين بسداد    [ نفقات الدين = أي الربا فقط ] أما رأس الدين فيجب أن يبقى ليظل يدر عليهم ربا يحلبونه من أقوات وعرق الشعوب التي يتدخل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي [ اليهوديان] في لقمة عيشها ..وأخص خصوصياتها !!..ويحرصان على استمرار إفقارها وتجويعها وغلاء أسعارها وتفاقم أزماتها !!
 ولا يهم هنا – بل يشجع [ الناهبون المقرضون !]- نهب الأموال وتبديدها في الفساد وللمفسدين ويغضون الطرف عن ذلك !( هل يجهل أحد ما حصل ويحصل في العراق –مثلا- )!
.. ويتبع الفوضى المالية .. كثير من الإنفاق في غير موضعه ..أوعلى مظاهر فارغة ودعايات تافهة .. ولتزييف الحقائق وتزيين المواقف والصور.. أو في كثير مما ( ما أنزل الله به من سلطان ) ..
 يقابل ذلك التقتير والبخل في بعض مواضع الإنفاق الضرورية ..كالبحث العلمي مثلا ..أو دعم أقوات الشعب ..وضروراته ..أو إصلاح مرافقه المتهالكة في أكثر الأحيان والبلدان !!
4 – معاداة المصلحين والمثقفين الجادين ودعاة الإسلام العاملين .. والانشغال عن الأخطارالحقيقية .. بمقارعتهم ومصارعتهم ..ومناوشتهم ومناوأتهم .. بمختلف الوسائل والأساليب ..وأكثرها بتوجيه خارجي معادٍ محرض ... فبدلا من سماع النصح والاستفادة من الرأي الآخر .. والتشاور مع العقلاء والمصلحين- والمعارضين للفساد ومناهجه وأدواته – لما فيه المصالح العليا للأوطان وللأمة .. نجد التشويه لدعاوى ومسيرة أؤلئك المصلحين والناصحين .. والتاليب عليهم..وكثيرا ما يتعرضون لمختلف أصناف الأذى من افتراء أو تقييد أو سجون وتعذيب وحرمان .. إلخ وأحيانا التصفيات الجسدية .. !.. وتكون الأمة هي الخاسرة .. ثم تزول تلك النظم .. ومنظروها وأدواتها ..ومحرضوها .. يبقى الحق ناصعا ..ويبوء  [المبطلون ] باللعنات .. وعقاب ألآخرة .." ولعذاب الآخرة أشد وأبقى"!!
5 – وبالمقابل .. تكريم [ وإطلاق ] الشاذين فكريا وخلقيا .. وتشجيعهم على شذوذهم .. ظنا أنهم يمكن أن يؤثروا في التيار ..ويقفوا في وجه سيل الإصلاح الهادر ..والمطالب الشعبية الملحة التي تطالب بحقوقها ..وبالعدالة والمساواة ...والحريات ..وأكثرها يطالب بتحكيم شرع الله الذي يضمن ذلك كله..ويجعله حقا شرعيا .. لايملك أحد إبطاله أوالالتفاف عليه بأي حجة .. فمصالح الإنسان خط أحمر – كما يقولون –
الشرع يُلزم بالحفاظ على مصالح الإنسان الأساسية ..وعدم التعدي عليها :
ومعلوم أن المصالح الأساسية للإنسان والتي هي مناط التشريع أي نزل التشريع لتحقيقها وحفظها ..ولذلك شُرِعِ الحلال والحرام - فهي خمسة كما حددها علماء الأصول ..وحول حفظها وتحقيقها تدور التشريعات :
( حفظ الدين ، وحفظ العقل ، وحفظ النفس ، وحفظ النسل ، وحفظ المال )
6 – انتشارالرشوة والمحسوبية والواسطة والروتين والبيروقراطية.. وتضاؤل تكافؤ الفرص مقابل ذلك .. قلما يصل أحد إلى حقه بدون عناء .. وهذا يشجع الفساد والتفرقة على المستويات الشعبية ..مما يجعل النظم تظن أن ذلك يطيل من أعمارها ..وهو في الحقيقة يقصر منها ..!
7 – محاولة إفساد الشعوب وإلهائها .. سواء بالفساد الخلقي ..أواللهاث وراء الرغيف والضروريات ..أو الفساد الأخلاقي ..أو فساد ذات البين ..في شكل فئات متصارعة .. بدلا من أن تكون متعاونة متكاملة ..أملا في الانشغال عن التطلع إلى فوق .. وللرضا بالحال ..خشية أن يأتي ما هو شر منه ! على رأي المثل ( تمسك بالمقرود ...)
حتى الرياضة .. أصبحت مجالا للصراع والكراهية بين الشعوب وبين مكونات الشعب الواحد أحيانا !!..عدا عما يضيع عليها من جهود وأوقات وأموال تذهب هباء ..والأولى بها بناء الأوطان ! والناظر في بروتوكولات حكماء صهيون .. يجد ما يجري جراء الرياضة .. يكاد يكون مطبقا بحذافيره – كما أوصت به البروتوكولات وخططت !- ..فهي –أي الرياضة في أغلبها – مفسدة تضر أكثر مما تنفع ..وتفرق أكثر مما تجمع ..ويجب تخفيف خطرها..أو إبدالها بإعداد الشباب للجهاد [ هذا - لو لم نكن من أمة ضائعة مضيعة في حاضرها ]!!!.. أو لو كانت لنا رسالة في الحياة !  كما كنا من قبل .. وكان أسلافنا ..- أو على الأقل ..كما يبدو أعداؤنا !! 
8 – كبت الرأي وتقييد الحريات .. والتضييق على الصحافة بوسائل شتى .. ومظاهر هذا متكررة في أكثر من بلد وموقع .. وفي نفس الوقت إطلاق الإعلام الرسمي ..والذي أكثره تضليل ونفاق و[ حرق بخور ] للأصنام المزمنة الجاثمة على صدور الشعوب .. إلى أن يأتيها محطم أصنام جديد !
9 – التبتل الرسمي في المحراب الأمريكي خاصة ..وتَلَقّي كل إشارة أو رغبة أمريكية ..كأوامر ملزمة ..وفروض واجبة التنفيذ بل  كقدر لا يُغلَب .. وقضاء لا يُرَدّ .. وبالتالي التطلع  بشوق وتوق ,.. للرضا الصهيوني .. والحلم باليوم الذي يدخل فيه [ بيت طاعته ] من لم يدخلها .. اعتقادا منهم أن [ الدولة الصهيونية المغتصبة ] هي [ محظية الولايات المتحدة ] التي بيدها – كما يعتقدون الإعزاز والإذلال .. والكراسي والأموال.. والعزل أوالاعتزال  ! والسجن والاعتقال !..والقتل والاغتيال ! والانقلاب والاعتدال .. والإعلال والإبدال ..!! إلخ
10 – المواقف السلبية وغير الجدية من كثير من القضايا المهمة والحساسة – وخصوصا – قضية العصر ..وقضية قضايا المسلمين والعرب ..وإدارة الظهر لها عمليا ..[ وإسلام = أي التسليم والتخلي عن] الأقصى والقدس وفلسطين .. ليفعل بها اليهود ما يريدون..والوقوف عند حد الكلام ..والمواقف غير المؤثرة .. وغير العملية..
.. هذا مع عدم إنكار ما يحاول البعض أن يبذله في حدود الإمكانات والطاقات والظروف .. ولكن .. التحرير الحقيقي يحتاج إلى غير ذلك.. يحتاج إلى تغيير حقيقي في كل شيء تقريبا – مما يكاد يكون فوق طاقتهم لظروف معقدة لا مجال لتفصيلها !.. وهذا ما وضع القوم فيه أنفسهم !!
..  نذكر مؤتمرالقمة في الرباط سنة 1974 والذي [ ما صدق ] أن أزاح  [العبء الفلسطيني ] عن كاهله ..ووضع[ ربقته ]  في عنق منظمة التحرير الفلسطينية .. وقرر جعلها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ..مع أنها لم تُنتخَب انتخابا شرعيا أو ديمقراطيا.. ومع أن الكثيرين يخالفونها..بل أكثر منهم لم يسمعوا بها .. والبعض عارض ذلك – خشية حصول ما حصل .. !..ولا يدري أحد من أين جاءت مشروعيتها او شرعيتها .. ولا علاقة لها بالشرعية..ولا بالشرع !.. فما هي بشرعية ولا وحيدة .. وأنى لها أن تكون كذلك ؟ .. خصوصا بعد تشويه ميثاقها ومسخه ثم [ مسخها واحتلالها واختطافها ] من قِبل [ عصابة دايتون- الموساد المتحدة ]!!!
.. فإذا كانت دول بأجهزة وجيوش وعلاقات ..وإمكانات ... لم تفعل شيئا .. فماذا عسى تفعل منظمة تعيش عالة على الآخرين .. وتحت رحمتهم ورضاهم ..وأمزجتهم ..إلخ .. ثم لا يدرى رأسها من ذيلها ..وقد غيرت مبادئها وجلدها ..ونقضت ميثاقها و[ لحست وألغت ] أهم ما فيه حتى أصبح كما قال ياسر عرفات الذي أوصل المنظمة والقضية إلى ذلك المفصل الحزين اليائس والطريق المسدود البائس – أصبح ميثاق المنظمة [ كادوك – بالفرنسية - = أي مهترئ قديم تجاوزه الزمن ]   !! .. ويبدو أنها أصبحت هي مثله كذلك !
11 – التقوقع في الشرانق الإقليمية الضيقة !: والدوران حول النفس..وتكريس الكيانية والإقليمية ..فكل قطر ..بدلا من أن يتوجه للوحدة والتعاون ..ولوتدريجيا ..ينقلب للعكس .. فيزيد تقوقعا في [ شرنقته ]- بل وتمزقا في نسيجه الداخلي غالبا- وبدلا من تسهيل الحدود والتعاملات والاتصالات ..والمواصلات والعلاقات  وفتح الحدود ..وإلغاء أو تخفيف الجمارك والإجراءات وغيرها – كما حصل في الاتحاد الأوروبي مثلا - .. تزداد السدود والقيود ..حتى إن الوصول لبلاد بعيدة أصبح أحيانا أيسر من الوصول من قـُطْر إلى قطر مجاور [ يكفي أن نعلم مثلا أن الحدود البرية بين المغرب والجزائر مغلقة منذ نحو 15 عاما ]!!
وحيث أن تعرفة المكالمات الهاتفية ..مع الولايات المتحدة وبريطانيا ..أرخص من المكالمات مع كثير من الأقطار العربية !
.. وقد كرس كل قطر [ وطنا وجوازا وحدودا وعَلَما....إلخ] حتى تراثا وآثارا وأمجادا وتاريخا ..كثيرا ما يبحث عنه ويجعله خاصا ..ولوكان أصلا من أمجاد وآثار الأمة الموحدة في عصور تاريخية سابقة !!.. وصار [ كل يغني على ليلاه ]..!
12 – التخلف والتراجع الحقيقي بل وربما –التدهور  – دعك من الدعايات والخزعبلات والمسكنات والتضليلات ..إلخ ..وذلك في معظم مناحي الحياة .. اقتصاديا واجتماعيا ومعاشيا وصناعيا وزراعيا وأمنيا وسياسيا وصحيا وثقافيا وعلميا وخلقيا ودينيا ..ودوليا وإقليميا .. ..ولذا تجد معظم الناس يحنون إلى ( أيام زمان) - ..وكأننا أصبحنا في الزمن الذي قيل فيه      ( يأتي زمان لا يأتي يوم إلا والذي يليه شر منه )!!
حتى هاجر كثيرون من أوطانهم..وترغب أكثرية الباقين في اللحاق بهم !.. وأصبح أقصى آمال الكثيرين [ جنسية أجنبية ] تحميهم من القمع والقهر والضياع والفقر ..وتحقق ذواتهم كأفراد محترمين في مجتمع ( محترم )!
.. فكثير منها نظم [ طاردة ] لشعوبها !..وكثير من شبابها [ تبلعه البحار ] وهو [ شارد ] من     [ جحيم الديمقراطيات العربية الملهَمة ]!
13 – التمسك[ بالكراسي ] والعض عليها بالنواجذ .. علما بأن العاضين في دول جمهورية ..وثورية ..ومع ذلك فهم [ يُزَوِِّرون ]  القوانين والدساتير .. ليتمسكوا بالكرسي مدى الحياة .. فلا [ ينزعهم ] عنه إلا عزرائيل !
ولذا فهم مستعدون لفعل [ أي شيء ] في سبيل هذا الكرسي [الساحر ] ..!
 يضاف إلى ذلك [ نسب النجاح الباهظة ] فغالبا ما يكون المرشح وحيدا .[ إذن لماذا الغلبة والكركبة والمصاريف العبثية ..إلخ ] والنتائج معلومة سلفا ..ولو لم ينتخب [المرشح الوحيد إلا نفسه ]؟!.. والمصيبة أن النتائج كانت في التسعات المكررة[ ( وهي عكس الحقيقة  تماما أي يبين نسبة الرافضين للطاغوت ..ولكن ..) ..ويبدو أن [ المعصومين ] اكتشفوا [ كبر الكذبة ] ..فتواضعوا قليلا ..[وتكرم بعضهم بالنزول إلى الثمانينات [ مثل المحروس [شاويش السي آي إيه ] زين العابدين بن علي ] مصيبة تونس الكبرى !!... والذي يبدو لأنه ليس له ولد يريد أن يورث الحكم لأحد أصهاره أو أقاربه ..
..وهذا يقودنا إلى ملمح آخر يضاف [ للعض على الكراسي بالنواجذ !] ..وهو توريث الجمهوريات .. للأبناء [الأعزاء] ..مهما كانوا [ فاسدين ..أو مايعين مدلعين !].. حتى تذوب الفوارق ..فلا يكون [حد أحسن من حد ولا حكم أحسن من حكم ]!!
14 - الجباية من الشعوب المقهورة : معظم النظم تتفنن في [ تشليح لا تسليح ] شعوبها .. فتفرض الضرائب والرسوم والغرامات المتنوعة والباهظة .. والتي يسميها الإمام أبو حامد الغزالي ( الإتاوات والمصادرات ) ويحرمها – أو أغلبها !.. وكثير منها يذهب في طرق ملتوية .. وفي بعض الجيوب .. وتظل الخدمات والإصلاحات عرجاء .. والغلاء والفقر يلهب ظهور الشعوب ويطحنها !
15 – التوجس والتنافر بين أغلب الشعوب ونظمها وحكامها .. فكل ينظر للآخر نظرة عداء وريبة .. فالشعب – أوكثير منه – يرى أجهزة الدولة تسلب من ماله ..ويخشى أن تتعدى على حريته وماله – حتى بدون سبب ..والدولة تنظر بحذر لمعظم المواطنين .. شكا في أنهم يطمحون لمنازعة أصحاب الجاه جاههم ..حتى لو كان أؤلئك المواطنون مجرد مطالبين بحقوقهم أو حقوق غيرهم..أو بشيء من العدالة والمنطق !
.. وبالمقابل .. يرى الأكثرون أن أموال الدولة [ أي المال العام – وحكمه حكم الوقف ..لأنه للأمة ..لا لأفراد ] – يرونه مباحا فلا يتورعون عن نهشه ما أمكن لهم ذلك !!
         *******************************
..ولعلنا في مرة قادمة إن شاء الله نتعرض لبعض الوقائع والأمثلة والتطبيقات العملية كأمثلة – أما الحصر فكاد يكون مستحيلا .. لأن الليالي حبالى يلدن كل عجيب .. فما بالك في بلاد العجائب ..أوالأعاجيب !

                                                              


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق