السبت، 21 نوفمبر 2009

في مصر, ترويع العرب و إمتاع الصهاينة



احمد الفلو
     
       لم تشهد الساحة السياسية والاجتماعية المصرية من قبل نكوصاً بمثل هذا المقدار من الانحطاط والخيبة كما تشهده هذه الأيام, حيث تشير معظم الدلائل إلى تراجع أخلاقي و هبوط قِيَمي حاد على جميع المستويات الرسمية والنخبوية, وربما كانت بوادر تلك النزعات العنصرية و التعصب المقيت تطل برأسها من حين لآخر ولكن بتؤدة واستحياء خلال الفترات السابقة ولكن الآن قد استعرت نيرانها وأحرق لهيبها صميم المجتمع المصري, وقد برز ذلك المد الجاهلي بوضوح مع قيام النظام في مصر بدور الخادم المجاني للمصالح الأمريكية والإسرائيلية وتقديم التسهيلات والدعم للقوات الأمريكية التي غزت العراق وأهلكت شعبه وتلا ذلك قصف مصنع الأدوية في السودان وإثارة الفتن بين الأشقاء العرب ثم فرض الحصار القاتل على أطفال ونساء الفلسطينيين في قطاع غزة وما تبع ذلك من اعتقال المقاومين الفلسطينيين وذبحهم داخل السجون المصرية بتعاون كامل مع عباس وعصابته الشقية, وأخيراً ذلك السعار المحموم ضد الجزائر والاعتداء على لاعبي المنتخب الجزائري وهم ضيوف على القاهرة, إلى الحد الذي نال فيه الإعلام المصري من طهارة وقدسية الثورة الجزائرية.
     وقد جنَّد النظام المصري كل إمكاناته سواء الإعلامية أو الأمنية أو الاقتصادية في حملات عدائية شرسة ضد الشعب الفلسطيني والجزائري والسوري وبقية الشعوب العربية وقام دهاقنة الإعلام المصري بتجييش الرأي العام المصري ضد أشقاءه العرب عبر إثارة النعرة الفرعونية المتعصبة واستعداء الشعوب العربية وطرح شعارات مسيئة لتاريخ مصر وتشوِّه صورة الشعب المصري بل وتقزِّم دور مصر الشقيقة الكبرى للعرب إلى مستوى المهرج الأكبر.
      ومن يطلع على مضامين الحملات الإعلامية التي تشنها أجهزة الإعلام المصرية الرسمية وموظفيها الردّاحين في الإذاعة والتلفاز والصحف يكتشف بسهولة كيف أنها تؤسس لمجتمع الكراهية وتفوم بتغيير نفسية وطبائع الإنسان العربي المصري الشهم والطيب وإغراقه في مستنقعات العنصرية والإعجاب الفارغ بالذات ومهاجمة الأشقاء العرب دون التمييز بين الأنظمة والشعوب حيث يكفي أن تكون فلسطينياً أو سورياً أو قطرياً مثلاً, كي يفجر الشتّامون واللعانون في كباريه الإعلام المصري في وجهك قنابلهم لمجرد أنك من بلد يناصر القضية الفلسطينية أو أن منتخب بلدك على وشك لقاء كروي مع منتخب مصر , حيث يكفيك ذنباً أن تكون من بلد عربي آخر غير مصر ليجعلك مسوخ الإعلام المصري في أدنى مراتب البشرية, أن يقول أي شخص افتحوا معبر رفح من أجل إطعام أطفال غزة وكفاكم تآمراً واصطفافاً مع محمود عباس وعصابته ضد الشعب الفلسطيني هذا وحده تهمة كافية لأن يجعلوا هذا الشخص عميلاً لإيران, أو أن تقول قناة الجزيرة أو القناة السورية أن حركة حماس قادت معركة الفرقان بجدارة و اقتدار فهذا وحده سبب كافي لأن يُدخِل شعبي قطر وسورية في زمرة الشياطين.
     وفي حين لا يجرؤ أي واحد من هؤلاء الرداحين أن يتفوه بكلمة عن المجزرة الإسرائيلية بحق الجنود المصريين الذين أسرتهم إسرائيلي ثم قتلتهم عام 1967 أو أن ينتقد النظام على موقفه من إسقاط الطائرة المصرية التي أسقطتها الصواريخ الأمريكية فوق المحيط الأطلسي في 31 أكتوبر 1999 وراح ضحيتها 271 ضابطاً من خيرة الخبرات العسكرية المصرية وقد قامت الحكومة المصرية بتفويض مجلس سلامة النقل الأمريكيNTSB بالإشراف على التحقيقات واستخراج الحطام وتحليل بيانات الصندوق الأسود الخاص بالطائرة واتي ادعت أنه حادث انتحاري قام به الطيار (البطوطي), ومنذ اتفاقيات كامب ديفد وحتى يومنا هذا لايمر عام إلاّ وتقتل القوات الإسرائيلية العديد من الجنود أو أفراد الشرطة المصريين في سيناء, وهنا ننبه إلى ملاحظة هامة مفادها أن الذي ارتكب كل هذه الجرائم ليسو جزائريين ولا فلسطينيين ولا قطريين ولا سوريين ولا حتى إيرانيين.          
   إن زجَّ النظام للشعب المصري في معارك اصطناعية مفتعلة ضد أشقاءه العرب هو عمل مدروس يهدف إلى تحقيق غايات عديدة يمكن إيجازها بالتالي :
أولاً : النأي بمصر وشعبها عن العالم العربي وفق المخطط الصهيوني بحيث يتم الاستفراد الأمريكي الصهيوني بمصر وعزلها عن عالمها العربي وكذلك توفير الجهد والمال وخفض تكاليف الصراع لصالح إسرائيل ضد الأمة العربية , إضافة إلى مشاركة ودعم العدو الإسرائيلي في حربه الجائرة ضد الشعب الفلسطيني تارة عبر الحصار وأخرى عبر فتح الأجواء المصرية أمام الطيران الإسرائيلي لقصف قطاع غزة  في مقابل الإبقاء على حسني مبارك وتسهيل توريث الحكم لإبنه, أو تمرير الرضا الإسرائيلي على انتخاب فاروق حسني لمنصب مدير عام اليونسكو, وعلى الرغم من الخدمات التي قدمها النظام المصري لإسرائيل وإحياء التراث اليهودي والتطبيع وفتح المنتجعات السياحية والمراقص والكباريهات وبيوتات الخنا والدعارة لحاملي الأيدز من الإسرائيليين في حين يقوم أبو الغيط ياور الخارجية بالتهديد بقطع أيادي الأطفال الفلسطينيين   فإن هناك رفضاً شعبياً للتوريث كما أن إسرائيل أحبطت ترشيح خادمها المطيع فاروق حسني.
ثانياً : التعمية على الجرائم التي يرتكبها النظام بحق الشعب الفلسطيني ومجاهديه حصاراً وقتلاً ( الشهيد يوسف أبو زهري) وسجناً وتجويعاً ناهيك عن التحالف مع محمود عباس ودحلان وبقية اللصوص في تخريب الوضع الداخلي الفلسطيني والحؤول دون إتمام أي إنجاز للمقاومة الفلسطينية, أما الادعاء بأن الحصار إسرائيلي فهو محض افتراء, إنه حصار مصري بكل المستويات والمقاييس, وربما كانت معاناة النائب البريطاني غالاوي و مشرفي (آميال من الابتسامات) وجميع الحملات الإنسانية تشهد على ضلوع النظام المصري وربيبه عباس في الحصار.
ثالثاً : إلهاء الشعب المصري بحوادث هامشية ومعارك جانبية ليس لها أي أهمية في حياة المصريين وإبعاد الأنظار عن الأزمات الإقتصادية الطاحنة والناجمة عن عمليات النهب والاستيلاء التي يقوم بها حيتان الثراء الفاحش من أنصار النظام على حساب المواطن المصري الفقير, ذلك المواطن الذي يشتري إسطوانة الغاز المصري بأربعة أضعاف الثمن الذي يدفعه المغتصب الصهيوني.
    إن سياسات منحرفة كتلك التي ينتهجها النظام المصري والتي يقوم على تنفيذها زبانيته المهرجين من إعلاميين وصحفيين ومستثقفين لا يمكن أن تستمر في الغيّ والطغيان ولابد أن تصطدم بعنف وقوة بآمال وطموحات الشعب العربي في مصر وتُحدِث زلزالاً يحطم كل أبراج الوهم الصهيوني المخيِّم على مصر العربية الأصيلة.       


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق