السبت، 21 نوفمبر 2009

عبث المنطق ومنطق العبث بين مصر والجزائر


سيد أمين – شاعر وصحفى عربى مصرى

حقا يا سادة , نحن نعيش الأن فى زمن الصغار , صغار القلوب والهمم والأمانى , ضعاف النفوس والضمائر والبصائر, ضعاف الانتماء لله والوطن , قصار القامات والهامات , معدومى الشرف والكرامة.
فما يحدث الان على الساحة السياسية بين القطرين الشقيقين مصر والجزائر لشىء مثير للغثيان ما لم يكن القرف , انه العبث بعينه , فالشعبين الذين ضحى كل منهما بدمه فداء للأخر نجدهما الأن بعد مرور نحو الاربعين عاما  فعل الدهر خلالهم ما فعل يضحى كل منهما بالغالى والثمين حتى يتسنى له أن يسحق الأخر وأن يهدر كرامته مقابل الفوز فى مباراة لكرة القدم ما جنى منها الكاسب ولا الخاسر شىء له قيمة تذكر , رغم أن كرامة الامة العربية بأسرها تهدر فى كل مطلع شمس مائة مرة على يد الصهيونية العالمية ورجالاتها وعملائها فى فلسطين والعراق المحتلين , ورغم أن كل بلداننا العربية تقريبا ترزح تحت نير الامبريالية الأمريكية , وحال سبيلنا يقول " أسد على وفى الحروب نعامة ".
وفى زمن الكبار تصبح  بالتالى كل التضحيات كبيرة , حيث راحت مصر الكبيرة  والخارجة لتوها من عفن الاستعمار والاقطاع والشارعة فى تنفيذ المشروعات التحررية الكبرى فى داخل مصر وخارجها  تحت قيادة الكبير جمال عبد الناصر , فراح الزعيم خالد الذكر يدعم ثورة  شعب المليون شهيد ويدرب كوادره  ويعلن استقلال الجزائر وراح ايضا  يرسل البعثات التعليمية والمهنية  والعسكرية تلو البعثات حتى يهيىء هذا الشعب العظيم لبناء دولته المستقلة ويعيده الى حضن أمته العربية بعد فرنسة دامت قرابة القرن ونصف القرن وعوقبت مصر جراء تلك المساندة الصادقة بالاضافة الى اسباب اخرى عديدة نعلمها جميعا بالعدوان الثلاثى الغاشم 1956وما أن شبت أظافر الدولة الجزائرية الوليدة حتى حدثت نكسة 1967فعز على الكبير ايضا هوارى بو مدين الزعيم الجزائرى أن يرى مصر وسوريا تمران بتلك المحنة فطار الى الاتحاد السوفيتى مقدما شيكا مفتوحا على بياض اليه نظير تجهيز جيشا هاتين البلدين الصامدتين باحدث الاسلحة السوفيتية .
وفى هذه الواقعة يحكى أن الزعيم السوفيتى بريجينيف اتفق عقب تناول الغداء الرسمى مع أحد كبار المرافقين العسكريين للرئيس الجزائرى فى تلك الرحلة وكان معروفا عنه انه كان يعاقر الخمر على أن مصر ستحصل على دبابة متطورة مجانا مقابل كل كأس يشربه , فراح الرجل يتحامل على نفسه وأخذ يشرب ويشرب حتى بلغ ما شربه نحو 19 كأسا –وهو رقم يكفى لقتل حصان- الى أن خر ساقطا فنقل على أثرها الى المستشفى بين الموت والحياة , وجاءت بعد ذلك حرب اكتوبر المجيدة 1973 فشاركت الجزائر بلواء كامل فى أتون المعركة .
هذه هى نماذج النضال التى يجب تتعلمها الاجيال القادمة , هذا هو النضال الحقيقى الذى يهدف فى الاساس لحفظ الكرامة والدم العربى فى معركة حقيقية ضد امبريالية تتربص بنا وتضعنا جميعا معا فى سلة واحدة لا تفرق بين القاهرة ودمشق والرباط وبغداد والدار البيضاء وبيروت , فجميعنا عندهم عرب ومسلمون يجب القضاء عليهم .
أما فى زمن الصغار , فكل الاشياء حتما ستبدو صغيرة , سنترك اسرائيل تنجو بجريمتها فى حق دم ابنائنا الذين يقتلون مرارا وتكرارا  دون دية على اراضينا فى سيناء  وسنصب جام غضب شعبنا فى مصر ضد شعبنا فى الجزائر بحجة "ماتش" كرة , سندعو الى التحرر الجنسى وسنترك بلداننا العربية محتلة , سنعتبر أن الوصول للعب فى جنوب افريقيا هو النجاح بعينه مع أننا فاشلون فى كل العلوم , سنكرم لاعبى كرة القدم والمشخصاتية ودعاة التغريب وسنهدر طاقة علماء الذرة والكيمياء والفيزياء لدرجة تجعل الواحد منهم يتمنى أن ينال من الحظ ما تناله راقصة , سنحض من شأن أى باحث وسنعلى من شأن المباحث, أنه الحول الذى أعمى الافئدة قبل الابصار, فصارت المصالح الشخصية اعلى من مصلحة الاوطان , ولا عزاء للشعوب وأمانيها القومية.انه بحق عبث المنطق أو ربما عبث المنطق .
ملاحظات: مهمة
-    برنامج الحياة اليوم على قناة الحياة يذيع يوم الجمعة 20 نوفمبر الماضى لقطات لعدد من  مشجعى كرة القدم يحملون العصى والسكاكين وصفهم بأنهم مشجعين جزائريين الا أن مراسل القناة فى الخرطوم أكد فى اتصال هاتفي أن هذه اللقطات  ليست لمشجعين جزائريين وأن الاستاد ليس هو الاستاد الذى اقيمت عليه المباراة بل أنه قال أن هذه اللقطات  قديمة  ومتوافرة على صفحات الفيسبوك منذ سنوات!!
-    الرئيس الايرانى احمدى نجاد  يزور الجزائر العام الماضى  فى اول زيارة رسمية له لهذا البلد منذ توليه الحكم .
-    الجزائر تشجب العدوان على غزة "فى حينة" وتطالب بفتح الحدود الدولية لتوصيل المساعدات متخذة اجراءات تصعيدية مهمة.
-    جمال مبارك يحضر المباراة فى الجانب المصرى وفى المقابل يحضر شقيق بوتفليقة فى الجانب الجزائرى .. وكلاهما يطمح فى اعتلاء حكم يلاده.
-    الاعلامين المصرى والجزائرى-على حد سواء- الرسمى وغير الرسمى يقومان وبطريقة منظمة بتصعيد الحرب الكلامية  بشكل غير مسبوق .. و شاركت في هذه المعركة  اقلام عرف عنها "تلقى الأوامر".
-         السودان يحاول الوقوف على الحياد.. وارضاء جميع الاطراف .. لكن كل طرف يحاول جذبه اليه.
-    حدوث تظاهرات واعمال شغب فى كلا القطرين .. رغم ما عرف من قدرة سلطات الامن فى البلدين على قمع المظاهرات قبل أن تبدأ.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق