الخميس، 28 يناير 2010

القـيـم الديمقراطية فـي ممارسة الأحزاب السياسية


هانز مارتين سيغ
مستشار السياسة الخارجية للنائب مانفريد جرند، والمجموعة البرلمانية لحزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في البوندستاغ/ ألمانيا
الدساتير والقوانين والأحزاب السياسية؛ من أهم أركان تفعيل القيم الديمقراطية، وتأسيس نظام حفظ للذات؛ يقوم على أساس التنافسية التعددية؛ داخل الأحزاب السياسية؛ وفيما بينها علي حد سواء. ومن دون ذلك؛ فإنه يتم تعريض كل ديمقراطية لخطر الخنوع؛ إما للفساد؛ أو إلى أشكال سلطوية من الحكم. وعبر تاريخها؛ خاضت المانيا تجارب متضاربة جدًا؛ سواء مع الممارسات الديمقراطية؛ أو تلك غير الديمقراطية داخل الأحزاب سوية؛ مع الدور الذي يضطلع به النظام الحزبي القائم؛ والذي يقوم بدوره في الحفاظ على النظام الديمقراطي؛ أو في إفشاله.
 وابتغي، عبر هذه المساهمة، أن أعالج البيئة التاريخية والسياسية التي تطور في ضوئها النظام الحزبي الألماني والتي يعمل على هديها. ثم انتقل إلى حجم أكبر من الوقائع العملياتية، على نحو تحديدي أكثر.
 ولعل السبب الرئيس؛ في معرفة أهمية التحدث عن السياق التاريخي والسياسي؛ الذي لا يتعلق كثيراً في معرفة كيفية أن حزباً ما؛ أو نظاماً حزبياً ما؛ قد تطور؛ بقدر ما يتعلق بمجرد حقيقة انه لا يمكن فصل أي تجربة أو درس استقيا منه تماماً عن البيئة التي نشأ فيها.
إذ في الديمقراطية العاملة؛ يكون النظام الدستوري والنظام الحزبي متوائمين على نحو وثيق مع بعضهما بعضا. وعليه؛ وقبل ان اخوض في شرح تطور المتطلبات القانونية لتنفيذ المبادئ الديمقراطية في الأحزاب السياسية في ألمانيا، أود أن أبدأ بطرح بعض الملحوظات عن الاستقلالية المتداخلة بين الأنظمة الحزبية وبين الأنظمة الدستورية.
ذلك أنه بإمكان القوانين والقواعد الدستورية؛ تحديد بعض خطوط الإرشاد المهمة جداً؛ لكنها تكون على الرغم من ذلك عمومية جداً؛ وقياساً على ذلك، من السهل صوغ دستور من الناحية النظرية؛ بحيث يمكن، حتى، أن يكون دستوراً جيداً، ومع ذلك، يكون من الصعوبة، على نحو أكثر، تطوير نظام حزبي عامل؛ غير أن النظام الحزبي، على نطاق واسع، هو الذي يعتمد عليه نجاح الدساتير والقوانين؛ وذلك - في الحقيقة - درس يستطيع المرء أن يستقيه من التاريخ الألماني، وفي العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، وعلى وجه الخصوص بريطانيا والولايات المتحدة؛ حيث تطورت الحقائق الدستورية؛ والأنظمة الحزبية سوية؛ بشكل مستمر؛ على مدار فترات طويلة من الزمن.

غير أن الدستورين الديمقراطيين الآخرين اللذين كانا لدى ألمانيا طيلة المئة سنة الأخيرة؛ إنما كانا نتيجة لحالات توقف رئيسي في التاريخ السياسي للبلد. الأول ما دعي بدستور الجمهورية الذي ادخله «فايمار» إلى حيز التنفيذ بعد الحرب العالمية الأولى؛ عندما حولت الملكية الدستورية إلى جمهورية شبه برلمانية أو شبه رئاسية. وجاء الثاني في أعقاب الحرب العالمية الثانية؛ عندما عادت ألمانيا مرة ثانية لتبني دستور ديــمقراطي.
وكان دستور «فايمار» قد نجا أصلاً من عدة أزمات معمقة. وكان بإمكان كل واحدة من تلك الأزمات أن تطيح لربما بدستور ألمـــانيا الحالي.
وفي المانيا اليوم؛ فإن النظام شبه الرئاسي الذي نص عليه دستور «فايمار» يعتبر مفهوماً متصدعاً بسبب فشله المطلق. لكن عندما فشل النظام البرلماني للجمهورية الرابعة في فرنسا في نهاية المطاف خلال حرب الجزائر؛ لم يكن محض صدفة أن عمد «شارل ديغول» إلى وضع دستور جديد مشابه إلى حد بعيد بدستور «فايمار». وتجدر الاشارة في هذا المقام؛ إلى أن التاريخين الدستوريين لفرنسا والمانيا أُخذ في العديد من الوقائع اتجاهات متضادة.
ولعل السبب الرئيسي في فشل الجمهورية الفرنسية الرابعة؛ والجمهورية الألمانية لـ «فايمار»؛ أو الدستور الألماني الحالي في العمل منذ 60 سنة؛ لا يكمن في الدساتير نفسها؛ وإنما في الأنظمة الحزبية المعنية.
ويبرز هذا السؤال عن الخصائص الخاصة بالأنظمة الحزبية؛ والتي أفضت إلى فشل الأولى، ونجاح الجمهورية الألمانية الثانية.
المتطلبات القانونية لديمقراطية ما داخل الحزب
الماضي والحاضر، مقارنة مع النظام الحزبي الالماني حالياً كان النظام الحزبي القائم بين عامي 1919 و 1933 أكثر تنوعاً بكثير، وغطى طيفاً أوسع بكثير من الأيدويولوجيات السياسية؛ بوجود حزب شيوعي قوي في الجناح اليساري؛ ووجود أحزاب قومية؛ ولاحقاً أيضاً فاشية في أقصى اليمين، وكانت الأحزاب التي دعمت الدستور الديمقراطي؛ قد خسرت أغلبيتها الديمقراطية لأول مرة أصلاً في عام 1924. ولهذا السبب؛ فانه من الآمن القول إن نظاماً برلمانياً صرفاً كان ليفشل في ذات الوقت؛ وأصبحت الحالة بعد الحرب العالمية الثانية أسهل بكثير في هذا الحقل؛ فقد أبيد تقريباً أقصى اليمين وأقصى اليسار؛ ولأول مرة، لم تكن الحكومة فحسب؛ وإنما المعارضة أيضاً مكونة على نحو رئيس من أحزاب ديمقراطية.
ولهذا السبب وحسب، أمكن تبني نظام برلماني متساوق في عام 1944؛ لكن قبل ارتقاء «هتلر» إلى السلطة؛ كان النظام الحزبي قد وهن أيضاً؛ بسبب المزيد من العيوب الأساسية، وأحد هذه العيوب؛ أن فهم الديمقراطية في المانيا كان في ما قبل الحرب العالمية الأولى، كما وصفه «ايرنست فرانكيل» ذات مرة، متأثراً أكثر بفهم استفتائي؛ كما وبتقاليد تعود وراء إلى أفكار مثل «فولفت جنرال» لـ «روسو» أكثر منه بمثل واحد كما وضح. ووفقاً لذلك، نظر إلى أداء المؤسسات الديمقراطية؛ على انه اقل مقدرة في التوصل لحلول وسط بين المصالح المختلفة في المجتمع؛ على الرغم من مقدرته في تنفيذ بعض من الإرادة العامة للأمة.
واعتبرت شرائح ضخمة من المجتمع؛ الأحزاب في افضل الحالات؛ بمثابة آليات ضرورية؛ تمكن النظام من العمل؛ لكنها رأتها تنظيمات منحازة؛ شوهت الإرادة الحقيقية للشعب، وكان هذا الفهم للديمقراطية واحداً من الأسباب التي جعلت - من الناحية الفعلية - أغلبية من الشعب؛ تبدي شكوكاً في الديمقراطية متعددة الأحزاب؛ كما يسر بكثير على «هتلر» عملية تأسيس القائمة لأنه استطاع؛ ببساطة؛ الاحتفاظ بكافة المؤسسات القائمة واستخدامها؛ اذ احتاج لإلغاء النظام الحزبي وحسب.
وفي اعقاب الحرب العالمية الثانية؛ جلبت هذه التجربة عملية إعادة تفكير سياسية في المانيا؛ وعرض الإنشاء الكلي للقانون الأساسي الذي تم تبنيه في عام 1924؛ تأهيلاً جديداً على غرار المثال البريطاني؛ ومعه على التقليد الانجلو ساكسوني للديمقراطية التعددية والتمثيلية؛ واعترف هذا الدستور الجديد صراحة بالأحزاب؛ على انها مؤسسات احتاجت للمشاركة في تشكيل الإرادة السياسية للشعب؛ كما ان الدستور؛ بالإضافة إلى القوانين ذات الصلة؛ والتي سنت؛ جعلت من الصعب جـــداً حظر الأحزاب.
واليوم؛ وطبقاً للقوانين ذات الصلة؛ واختصاص المحكمة الدستورية؛ يمكن حظر حزب معين من قبل المحكمة الدستورية فقط؛ لا القول انه ينوي قلب النظام السياسي القائم؛ إلا في حالة انه يسعى لتحقيق هذا الهدف بطريقة عدوانية ومتشددة، وربما يكون أهم عيب في النظام الجنوبي قبل عام 1933، هو أن القانون لم يتطلب وجوب الاعتراف بالأحزاب من قبل المبادئ الديمقراطية نفسها، لذا فقد كرست عملية غض الطرف عن الديمقراطية التعددية الأحزاب المتطرفة في اقصى اليسار؛ كما وفي أقصى اليمين؛ وكان حزب «هتلر» القومي الاشتراكي قد اسس ما وصف بمبدأ القيادة الذي خول «هتلر» فعلياً صلاحيات غير محدودة فوق كل القرارات وكل التعيينات التي كانت تتم من اعلى الى اسفل. وبسبب هذه التجربة، فإن دستورنا يتطلب الآن من الأحزاب كافة ان تكون منظمة وفق المبادئ الديمقراطية، ويتطلب القانون الخاص بالأحزاب على نحو خاص، بأن يشغل مركز القيادة على كل المستويات، فقط عبر انتخابات حرة وسرية؛ سواء من قبل الأعضاء؛ أو من قبل النواب المنتــــخبين مثلهم.
ويعني هذا؛ أنه على المستوى التنظيمي الأخفض، يجب ان ينتخبوا مباشرة، من جانب جمعية عادية؛ من أعضاء الحزب؛ أما وعلى المستويات الأعلى؛ أي علي مستوى المقاطعة والولاية؛ كما وعلى المستوى الفدرالي؛ فانه يمكن لهذه الانتخابات أن تجرى بواسطة مؤتمرات للنواب، لكن يجب أن ينتخب هؤلاء النواب من قبل مؤتمرات أو جمعيات عمومية على المستوى الأقل المعني، ولهذا السبب؛ لا تتمتع أي زعامة لحزب الماني، بسيطرة أكيدة على الهيئات التي انتخبتها؛ وما يزال ثمة حزبين متطرفين حتى في أقصى اليمين في المانيا، لكنهما لم ينجحا حتى الآن في تأسيس زعامة سلطوية فعالة عبر الوقت.
وتقريباً، فإنه دائماً عندما تنمو هذه الأحزاب؛ وحتى عندما تكسب بعض التفويضات؛ في منافسات الانتخابات العامة؛ بين مختلف قادة الحزب؛ أو من يريدون أن يكونوا قادة للحزب؛ فإنه عادة ما تنشب خلافات داخلية فيما بينها، ومن بين الطرق التي استخدمها قادة الأحزاب السلطوية لضمان التزام أتباعهم بالانضباطية؛ كان ببساطة استثناء الأعضاء غير المتقيدين؛ لكن لم يعد هذا ممكناً وفق القانون الألماني الحالي، اذ انه لا يمكن استثناء الأعضاء الآن؛ إلا فقط في حال ارتكابهم مخالفات ضد القوانين والأنظمة الأساسية، ويطلب من كل حزب تشكيل هيئات تحكيمية على مستويين على الأقل؛ وتبني تنظيمات من شأنها أن تضمن إجراء محاكمات عادلة.
ومن الممكن استئناف أي حكم من محاكمات الحزب لدى اي محاكم؛ عادية وزيادة على ذلك، ينص القانون الألماني ليس فقط على حق الأحزاب في الحصول على دعم مالي من الدولة؛ بحيث لا تصبح الأحزاب معتمدة كلية على المصالح الخاصة؛ بل ويتطلب بان تكون عمليات تمويل الأحزاب شفافة.
ومن بين أشياء أخرى، تحد هذه الأحكام من مقدرة القيادات في أخذ أموال أو إنفاقها على نحو غير منضبط؛ واستخدامها كوسيلة للتأثير على الحزب بشكل غير ديمقراطي؛ الأحزاب والانظمة السياسية نظراً لتجاربها التاريخية لدى المانيا الكثير الأكثر من التنظيمات المحددة؛ التي تتعلق بالتنظيم الديمقراطي للأحزاب اكثر مما لدى البلدان الأخرى. وتستطيع القوانين لوحدها تنظيم النظام الحزبي؛ لكنها لا تستطيع تأسيسه، وبغية معرفة الكيفية التي تستطيع من خلالها الأحزاب الديمقراطية العمل بفعالية، على المرء أن يتأمل أولاً؛ كيف تساهم الأحزاب في النظام الديمقراطي، وثانياً، كيف تعمل الديمقراطية داخل الأحزاب؛ فمن دون نظام تمثيلي يستند إلى تقسيم الصلاحيات؛ ومن دون وجود منافسة بين مختلف القوى السياسية؛ فان الديمقراطية - طبقاً لعبارات «ايمانويل كانت» - ستكون نوعاً آخر من الاستبداد؛ ذلك أن القيم الديمقراطية ليست مقتصرة على تنفيذ إرادة الشعب - وهي من ناحية فعلية؛ إرادة الأغلبية - وإنما تشمل أيضاً حقوق الأقلية.

ولا تعتمد الديمقراطية التعددية على الضبط والموازين التي تخلق في الدستور؛ وإنما أيضاً على وسطاء الدولة كما قال «توكوفيل»: مؤسسات في المجتمع المدني تنظم مجموعات مصالح مختلفة وتمكنها من المشاركة في العملية السياسية، وبين هذه التنظيمات تعتبر الأحزاب هي الأكثر أهمية؛ وكما قال «كارل بوبر» ذات مرة: فان الديمقراطية ليست نظاماً فيه يحكم الشعب، بل انه نظام تستطيع من خلاله الأغلبية أن تتخلص من الحكومة من دون إراقة الدماء، وتعتبر الانتخابات هي الأدوات الرئيسة لتحقيق ذلك، لكنها تتطلب ان يتم وضع اختيار للشعب، وهذا هو أهم عمل عام للأحزاب؛ اي تنظيم الحياة السياسية في اختيــــارات.
 لكن الكيفية التي تضطلع بها الأحزاب للقيام بهذا الدور؛ يمكن ان تختلف من نظام سياسي إلى آخر. وتتطلب الأشكال المختلفة للحكومة عمل أنظمة حزبية مختلفة - أو العكس بالعكس - ففي الأشكال الرئاسية للحكومة يكون نفوذ وتماسك الأحزاب في العادة اخفض منه في الحكومات البرلمانية.
 وفي الولايات المتحدة، على سبيل المثال؛ تعتمد قوة السياسي في العادة على مكتبه أكثر من اعتمادها على موقف حزبه؛ فالرئيس الحاكم يعتبر عموماً هو زعيم حزبه؛ لكن لجان الحزب الرسمية تحمل وزناً اقل بكثير؛ كما أن التنظيم الحزبي الكلي؛ هو أقل تطوراً بكثير منه في كل دولة أوروبية؛ ونظراً لأن الكونغرس منفصل بشكل صارم عن الحكومة؛ فإن النواب والشيوخ الأميركيين يتمتعون أيضاً باستقلالية اكبر بكثير عن قرارات الحزب الجماعية؛ قياساً مع معظم نظرائهم الأوروبيين، وهذا هو الحجم الأكبر نسبياً عن الاستقلالية من قبل الحكومة والأحزاب على حد سواء؛ ما يجعل الكونغرس مؤسسة أقوى بكثير مما هي عليه معظم البرلمانات الأوروبية في أنظمتها السياسية المعنية.
وثمة عامل آخر يؤثر في شكل النظام الحزبي إلى مدى كبير، وهذا العامل هو قانون الانتخاب، ففي الأنظمة التي تستند إلى تمثيل نسبي؛ يكون البرلمانيون في العادة؛ أكثر اعتماداً على أحزابهم منهم على قواعد الأنظمة، في أنظمة تصويت الأغلبية، لأنهم في الحالة الأولى؛ يحتاجون فقط إلى ضمان إتباع وحدة حزبية اصغر بكثير؛ وفي الحالة الثانية؛ فهم يعتمدون على دعم صانعي القرار ذوي المستوى الأعلى، ويستند هذا الدعم غالباً لا إلى الخصائص الشخصية للمرشح فقط، وإنما أيضاً إلى تقيده بالخط العام للحزب، ويمكن لكلا الخيارين أن ينطويا على مزايا وأضرار.
 ولأن لدى المانيا نظام تصويت يستند، علي نحو مهيمن، إلى نظام تمثيل حزبي في البرلمان، فهو سائد أكثر منه في بريطانيا التي لديها نظام تصويت الأغلبية، لكن نظراً لان النظام الألماني يميل الى إفراز حكومات ائتلافية مقرونة أحياناً بأغلبيات صغيرة جداً؛ فإن هذا الامر يعتبر أيضاً ضرورياً.
وكان لدى ألمانيا حكومات حكمت لسنوات بأغلبية لم تتعد الصوتين وحسب؛ وفي الأنظمة البرلمانية كما هو الحال في بريطانيا أو المانيا؛ مع ذلك فإن الأحزاب تكون في العادة أكثر تماسكاً منها في أنظمة لها شكل حكومة رئاسي؛ لان الحكومة تعول على السيطرة على الأحزاب البرلمانية التي تشكل قاعدة قوتها، كما أن المعارضة تحتاج لان تقدم نفسها في كل الأوقات تقريباً كبديل سياسي على استعداد لتولي زمام الامور.
ونظرياً، يجب أن يتحكم البرلمان في الحكومة، لكن في بريطانيا أو المانيا عادة ما تكون الحكومة هي التي تسيطر على الأغلبية التي تتمتع بها في البرلمان؛ ولا يمكن الضبط والربط في تقسيم الصلاحيات بين السلطة التنفيذية وتلك التشريعية؛ ولكن يمكن في المنافسة بين الحكومة والمعارضة.
ومن الناحية الفعلية؛ فإن القوة الفعلية للد
يمقراطيات اليوم تكمن في الأحزاب لا في التفويضات البرلمانية أو مكاتب الحكومة؛ انها الأحزاب أو قيادتها التي تحكم البلد فعلياً؛ ففي بريطانيا، من الواضح ذاتياً ان قادة الأحزاب الكبيرة؛ هم الذين يصبحون إما رؤساء للحكومات أو زعماء للمعارضة.
وفي المانيا حيث يكون من الصعب أكثر إزاحة مستشار متى ما انتخب؛ ثمة أمثلة قليلة لم يكن فيها رؤساء الحكومات هم في الوقت نفسه زعماء الحزب، كما أن عدداً قليلاً من الوزراء؛ لم يكونوا حتى أعضاء في الحزب؛ لكن في كل حالة؛ اثبت هذا الوضع؛ انه ينم عن ضعف كبير؛ وما يستطيع الوزير أن ينجزه لا يعتمد على الصلاحية التي يتمتع بها مكتبه؛ وإنما يعتمد على وضعه ومكانته في حزبه.
وفي كل حالة مفردة لم يتبوأ فيها المستشار الألماني قيادة الحزب؛ نراه يخفق في نهاية المطاف؛ لأنه لم يستطع ضمان اتباع حزبه، لكن كلما كان دور الأحزاب اكثر هيمنة في الحياة السياسية؛ كلما كانت أكثر أهمية بالنسبة للعمليات الديمقراطية لكي تحتل حيزها لديها.
وفي أثناء ذلك، تبذل الأحزاب السياسية قصارى جهودها؛ من اجل الاستئثار بالسلطة السياسية على الحكومة، وما يحول دون أن يتمكنوا من إرساء دعائم ضغط دائم على الأحزاب الاخرى؛ يفضي الى انتهاج أسلوب أكثر سلطوية في الحكم؛ إنما هو، في الحقيقة، الديمقراطية داخل الحـــــزب.
وإذا ما رام الحزب أن يصبح أكثر قوة فعليه أن يضم المزيد والمزيد من المجموعات المختلفة سوية مع مصالحها المعنية، وتكون النتيجة منافسة متزايدة بين المصالح المختلفة داخل الحزب، وفي بعض الحالات حلت المنافسات السياسية داخل الأحزاب السياسية المسيطرة، والى حد ما، محل المنافسة بين الأحزاب على الديمقراطية، وحدث هذا على سبيل المثال، في عدد من الولايات المتحدة الأميركية التي يهيمن عليها إما الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري.
وفي هذه الحالات؛ أصبحت الانتخابات التمهيدية داخل الحزب؛ أكثر أهمية من الانتخابات العامة؛ ففي ولاية المانية؛ هي بافاريا؛ هيمن حزب واحد على الحكومة لأكثر من أربعة عقود باغلبية مطلقة في البرلمان؛ إذ نجح في ذلك؛ لأنه كان فعالاً جداً في التوسط في طائفة واسعة من المصالح المختلفة؛ كانت كلها مدرجة على الأجندة داخل الحزب، لكن من الطبيعي أن تصطدم الأحزاب التي تحاول تحقيق تمثيل مصالح مختلفة جداً بنكسات؟! أولاً، لأن من شأن هذا التوجه أن يعزز الإحتكاكات داخل الحزب؛ وثانياً لان الأحزاب الأصغر تكون في العادة قادرة على تمثيل مصالح معينة، على نحو أكثر تميزاً، من الأحزاب الكبيرة.
وهذا التوزيع للمزايا والأضرار بين الأحزاب الصغيرة؛ وتلك الكبيرة؛ هو ما يحفظ التوازن العام بين الأحزاب في النظام الديمقراطي؛ طالما كانت الديمقراطية داخل الحزب؛ تحول دون أن تتمكن قيادة الحزب الحاكم من استخدام مواردها الأضخم لإخضاع الآخرين، وربما يكون هذا المنحى هو الضمان المراد الأكثر أهمية في الحفاظ علــــــــــى الديمقراطية.
تنظيم الديمقراطية داخل الحزب
على الأحزاب، عند ممارستها للديمقراطية، أن تفي بعدد من المتطلبات بعضها يكون متناقضاً، أحدها المدى الذي يمكن فيه ممارسة الديمقراطية علناً داخل الحزب؛ فمن جهة تكون المنافسات فيما بين الساسة هي في العادة أكثر فظاظة قياساً مع حجمها بين الأحزاب؛ لان عمل الفرد السياسي يعتمد في المقام الأول على التقدم الذي يحققه داخل حزبه؛ وفيما بعد في الانتخابات العامة.
 ومع الأحزاب الأخرى؛ تجد نفسك في مواجهة مفتوحة. وانه شأنك الخاص عندما تريد أن تنظر إلي الخلف، لكن من جهة أخرى، وبغية ان تحظى بقصب السبق في الانتخابات، على الأحزاب أن تظهر وحدة الصف والتصميم وقيادة قوية.
ولهذا السبب؛ نادراً ما يتم تحدي قادة الحزب علناً؛ كما انه يوضح أيضاً؛ لماذا تلعب سياسة الكواليس؛ وحتى التدخلات دوراً مهماً في الأنظمة السياسية لكل الأحزاب؛ وذلك لا يعني أن هذه الطرق تتجاوز وتلتف على المشاركة الديمقراطية؛ لأن أي حل يتم التوصل إليه؛ يجب أن يكون مقبولاً لدى عموم أعضاء الحزب؛ حتى وان تم التوصل إليه بواسطة هذه الطرق.

ويكون قادة الأحزاب؛ على وعي تام بضرورة إبقاء الصفوف مرصوصة، وفيما، ولهذه الأسباب تكون المقدرة على ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب اكثر محدودية؛ قياساً مع النظام السياسي بشكل عام، فان قياداتها تحتاج عموماً إلى إتباع استراتيجيات شاملة لأنهم لا يستطيعون في نهاية المطاف نقض أصوات الأعضاء أو نوابهم.
وفيما تحاول كل قيادة جهدها للسيطرة على حزبها؛ فمن المرجح أنها تتسبب في معارضة داخل الحزب؛ إذا أصبحت سلطوية جداً؛ أو منفصلة؛ ويصبح تشكيل مثل هذه المعارضة داخل الحزب؛ تحدياً ليس فقط في حال أفضت إلى خسارة الدعم من الغالبية؛ وإنما أيضاً إلى إضعاف سلطتها داخل وخارج الحزب.
وفيما يكون كل جزء من الحزب تحت الضغط من اجل الحفاظ على الصفوف مرصوصة؛ فانه بإمكان حتى الأقليات الصغيرة في الأحزاب الديمقراطية أن تتوافر على تأثير فعال؛ أو حتى صلاحية استخدام حق النقض - الفيتو -.
وفي الأحزاب الالمانية؛ لا تحدث التغييرات في القيادة غالبا؛ ليس بسبب أن القيادة السابقة أرادت لها أن تتم، وإنما بسبب فشلها، إما في كسب الانتخابات؛ أو في المحافظة على دعم كاف من داخل الحزب.
ومع ذلك، ثبت أن من المهم جداً على أي مستوى تجري المنافسات على المناصب المهمة؛ فاذا، مثلاً، كان أعلي مستوى هو الذي سيقرر من الذي سيترشح للبرلمان؛ فإن هذا الاتجاه ينطوي على احتمالية خفض البرلمانيين إلى تابعين؛ واذا اتخذت هذه القرارات على أدنى مستوى من المؤهلات؛ فقد لا تتمكن من الاضطلاع بلعب دور.
 وفي المانيا؛ وتحديداً على المستوى الفدرالي، كما هو الحال في الولايات المتحدة، ينص القانون الانتخابي على توزيع عدد المقاعد في البرلمان بين الأحزاب وفقاً لتمثيل نسبي، لكن في معظم الحالات يتوجب ان يكون نصفهم قد حقق الفوز في الدوائر الانتخابية الفردية بأغلبية نظام اقتراع.
وفي الحالة الأخيرة، تقرر التنظيمات المحلية للحزب من يخوض الانتخابات؛ وفي الانتخابات الفدرالية تكون هذه الوحدات في العادة كبيرة بشكل كاف لانتقاء مرشح واحد مؤهل نوعاً ما على الأقل.
 وعلى صعيد الولاية، تكون هذه الوحدات أحياناً أصغر؛ وفي بعض الولايات الأصغر؛ تأخذ هذه القرارات جمعيات محلية؛ تتألف أحياناً من بعض عشرات من الأعضاء، وفي ظل هذه الظروف؛ فان أهم المقدرات التي يجب على المرشح أن يتوافر عليها هي الوقت؛ وذلك للتعامل مع الأعضاء بشكل أفضل من منافسيه.
 ويمكن أن تتمثل النتيجة، في افتقار الممثلين المنتخبين إلى أي مؤهلات؛ نظراً لأنهم لم يكونوا بحاجة لها؛ للحصول على المنصب؛ ويـُظهر هذا المثال؛ أن الكيفية التي يجب معها أن تكون المشاركة الديمقراطية منظمة، لا يمكن أن تصاغ في الغالب في قواعد عامة؛ لكنها تعتمد إلى حد بعيد؛ على وحدة الحزب؛ من حيث الحجم والبناء والموارد البشرية.
وعلى المستوى الفدرالي في المانيا؛ فانه يمكن لنظام أن يؤدي أداء حسناً؛ إذا كان يستند بشكل فردي إلى نظام اقتراع أغلبية، لكن في الولايات الصغيرة؛ فإنني انصح بتحويل القرار الخاص بمن يجب أن يخوض انتخابات برلمان الولاية إلى مستوى حزب الولاية وحسب.
وثمة متطلب آخر؛ وهو أن الحزب؛ يجب أن يتضمن مجموعات مختلفة من المجتمع؛ فالأحزاب الالمانية تشكل في العادة مجموعات لمعالجة المشكلات الاجتماعية داخل الحزب؛ وفي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي DCU، على سبيل المثال، توجد رابطة للنساء؛ وجمعية لكبار السن؛ وتنظيم شبابي؛ وحتى رابطة للطلاب؛ ورابطة للموظفين؛ بالإضافة للرواد، وكلهم يشكلون هيئاتهم الخاصة على كل مستوى سياسي؛ وينتخبون قيادتهم الخاصة؛ ويرسلون نوابهم إلى مجالس تنظيم الحزب حتى على المستوى المحلي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الأحزاب الألمانية؛ تبنت نظام الحصص لانتخاب النساء للمواقع القيادية؛ وفي الاتحاد المسيحي الديمقراطي يجب أن يكون ثلث العاملين المنتخبين من النساء اذا أريد لعملية الانتخابات أن تكون سارية المفعول.
تلعب كافة هذه المجموعات دوراً فاعلاً في تشكيل مواقع الأحزاب
؛ وتعني ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب في الغالب؛ التفاوض مع الأحزاب.
وحقيقة وجود العديد من المجموعات المختلفة سوية مع تمثيلاتها المحددة داخل الحزب تعود بالفائدة؛ من حيث الاستماع إلى جميع المصالح المختلفة.
فالقيادة التي لا تحارب أنفاق العجز، عليها أن تتوقع انتقاداً حاداً من رابطة الشباب؛ لكنها إذا قررت خفض أو حتى عدم زيادة حصص التقاعد والتي تصل إلى مبالغ ضخمة من الإنفاق العام؛ فعليها أن تتوقع وبشكل مماثل توجيه انتقادات حادة لها من رابطة كبار السن.
إن هذا النموذج من الديمقراطية داخل الحزب؛ شامل جداً؛ لكن ثمة عيب فيه؛ وهو انه ميال بشكل كبير إلى التوصل لحل وسط بين مختلف الفئات؛ ما يصبح معه من الصعب التوصل إلى قرار حاسم في حال مست الحاجة اليه.
وبالإضافة الى ذلك، تحتاج المانيا إلى المحافظة على توازن بين مصالح مختلف المجموعات الإقليمية. ونظراً لأن المانيا هي دولة فدرالية؛ فإن هذه المصالح؛ تمثل بواسطة تنظيمات الحزب على مستوى الــــــولاية.
واليوم؛ فإن هذه التنظيمات تعد لربما الوحدات الأكثر قوة داخل الاتحاد المسيحي الديمقراطي CDU، وفي البرلمان الفدرالي يتم التفاوض على التعيينات الخاصة بالرئيس وأعضاء اللجان بين رؤساء مختلف مندوبي الولاية، وتكون هذه المفاوضات شائكة تماماً أحياناً.
وليس من قبيل المصادفة ان تعرف هذه المجموعة داخل البرلمان باسم تجار السجادة؛ إلى ذلك، تطبق إجراءات معقدة في عملية إعداد بيانات الحزب، ورسمياً يتم تبني هذه البيانات من خلال مؤتمرات الحزب المعني، ومع انه باستطاعة المؤتمر أن يتخذ القرارات، إلا انه لا يستطيع صياغة البرنامج السياسي بنفسه.
ولضمان مشاركة واسعة في هذه العملية؛ فإن اجتماعات أحزاب الولاية؛ والأحزاب الفدرالية؛ تنتخب لجان خبراء دائمة حول قضايا مختلفة لا تتضمن أخصائيين فحسب؛ وإنما أيضاً ممثلين لمجموعات المصالح المعينة.
 لربما إن اكبر مشكلة كأداء تواجه أحزاب المانيا اليوم تكمن في توظيف موظفين مؤهلين؛ فالأحزاب الألمانية اليوم تضم فقط حوالي اثنين في المئة من المواطنين، ليس بالضرورة ان يكونوا من نخبة المجتمـــــــع.
وفي المانيا؛ فان الطريقة المحددة التي تنظم من خلالها الديمقراطية داخل الحزب؛ قد أسهمت في إغلاق الصفوف أمام أي خارجي يرغب في ترشيح نفسه لمنصب ما.
ويتم في الأحزاب الالمانية اليوم؛ تبوُّؤ المراكز من قبل الأشخاص الذين ينجحون في بناء قاعدة قوة خاصة لهم، ويتطلب هذا الأمر كثيراً من الاستثمار في الوقت والطاقة؛ ولكن ليس بالضرورة مؤهلاً غير سياسات الحزب الضيقة؛ ولا يفضل خبرة مستقلة؛ أو آراء مختلفة.
 وفي تلك الأثناء، تغفل الأحزاب الالمانية كافة توظيفاً مقصوداً لقادة مؤهلين من أطياف أخرى من المجتمع؛ لكن هذا لا يشكل مشكلة للأحزاب الديمقراطية بشكل عام؛ فهو يعني ان الأحزاب الألمانية تستطيع التعلم من الآخرين في هذا المجال.
 وبالمناسبة، فإن الأحزاب النمساوية ما تزال اكثر نجاحاً في ضم اطياف اضخم من المواطنين؛ وفي الأثناء، تعتبر الأحزاب الفرنسية والأميركية أكثر انفتاحاً أمام الأشخاص الذين يغيرون مناصبهم.
الخلاصـــــــــة
 تظهر الأمثلة المختلفة؛ المذكورة أعلاه؛ انه ليس هناك من طريقة معينة بمفردها للكيفية التي يتم من خلالها تنظيم الديمقراطية داخل الحزب؛ وتبعاً لذلك، من الصعب تعريف ما هي اقل المتطلبات؛ خاصة فيما يتعلق بالدساتير والقوانين.
ولأن المانيا مرت بفشل دراماتيكي في الديمقراطية في ماضيها؛ نجد أن لديها حالياً تنظيمات محددة جداً حول التنظيم الديمقراطي للأحزاب السياسية.
وفي بلدان شهدت تطوراً غير متقطع للديمقراطية مثل بريطانيا، تعوض التقاليد في العادة عن القوانين.
وعليه، فإن أنواع القوانين التي تكون ثمة حاجة لها؛ تختلف من مثال لآخر.
 وبالإضافة لذلك؛ لا يمكن للقوانين المشتقة من تطور بلد ما أن تطبق بالضرورة في بلد آخر، لان كيفية عملها تعتمد على البيئة الاجتماعية والثقافة السياسية للمجتمع الذي نجمت فيه.
كما أن كيفية أو وجوب تنظيم الأحزاب السياسية؛ دائماً ما يتقرر عبر نوع التفاعل الذي يتطور بينها؛ وبين المؤسسات السياسية؛ و التنظيمات الأخرى في المجتمع المدني.
كما أن الكيفية التي تفهم منها القوانين على نحو فعّال؛ تكون نتاج تجارب ونماذج الأدوار المستقاة من هذه التطورات.
وفي البلدان الأوروبية تطورت البنى الديمقراطية والأحزاب السياسية كما والمجتمع المدني سوية خلال فترة طويلة من الزمن. وحتى في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية؛ لم تحتج مثل هذه البنى والتنظيمات إلى اختراع من جديد؛ وإنما فقط إلى إعادة بناء.
وبشكل إجمالي، فإن تطور الديمقراطية الغربية الحديثة؛ تم في عملية تدريجية.

وفي المانيا بدأت هذه العملية بالحكومة المحلية الذاتية، وفي العديد من البلدان الأوروبية استخدم نوع من تصويت إحصائي في الانتخابات حتى القرن العشرين.
ومن ناحية نظرية، استند هذا التصويت إلى فكرة أن المواطنين المؤهلين والذين يتمتعون بقدر واف من التعليم واستقلال الشخصية على نحو كاف، بحيث لا يتم استغلالهم بسهولة هم وحدهم فقط الذين يستطيعون اتخاذ قرارات سياسية مهمة.
ولم تأت هذه الفكرة من دون سبب، فقد كانت المانيا بين أول الدول التي أدخلت حق الاقتراع العام للنساء في الانتخابات الوطنية.
لكن في هذا الوقت؛ وبعد عام 1781، فقد أضعفت مؤيدي الديمقراطية والليبرالية؛ وأضفت القوة على القوى الليبرالية في جناح اليمين واليسار.
ولا تحتاج الديمقراطيات الناجمة؛ إلى مباشرة تطبيق كافة القوانين التي أرست دعائمها الديمقراطيات الغربية في اعقاب قرون أو عقود من التنمية.
إذ يجب أن تبنى البنى الديمقراطية؛ لتكون أفضل ما يكون من الأسفل إلى الأعلى؛ ويجب أن تتماشى الخبرة والإجراءات الديمقراطية وتطور المشاركة الديمقراطية يداً بيد.
وفي هذا الصدد، تلعب الأحزاب السياسية دوراً حاسماً معيناً، فهي ليست الأدوات الضرورية وحسب لعمل الديمقراطية، ذلك أنها تفتح أول الفرص أيضاً أمام الخبرة والمشاركة في العمليات الديمقراطية.
والى ذلك، ربما تكمن أهم مهمة في تطور نظام الحزب؛ في كيفية الموازنة بين مقدرة القيادات في التصرف ضد مشاركة الأعضاء؛ لأن الإفراط في التصرف؛ قد يسهم في واقع الحال؛ في خلق أسلوب قيادة سلطوي؛ في حين أن الكثير من المشاركة؛ قد يكرس عدم الكفاءة؛ وزعزعة الاستقرار؛ لكن على العموم؛ لا يستطيع المرء أن يرسي بنى ديمقراطية دائمة، من دون أن يطبق أولاً المبادىء الديمقراطية على التنظيمات اللازمة؛ أكثر ما يكون للمحافظة على النظام الديمقراطي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق