الثلاثاء، 23 فبراير 2010

يتناسى حكام العراق اليوم ان ايران مستعدة للغدر بشيعة العراق في سبيل مصالحها الذاتية


د أيمن الهاشمي
 
        ربما يعترض البعض على تسمية العلاقة الحميمة القائمة منذ ماقبل 2003 بين أحزاب ايران في العراق وبين المحرر الأمريكي بـ"زواج المتعة"، لأسباب ربما فقهية!!، فلا مانع من تغيير التسمية إلى "زواج المصلحة!"، فالولايات المتحدة كانت الحليف الاستراتيجي لما تسمى بـ"المعارضة العراقية"، ومعظمها كانت الأحزاب التابعة لايران (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية بأجنحته، وحزب الدعوة بمختلف تياراته، وحزب المؤتمر لصاحبه مؤسس فكرة البيت الشيعي أحد الجلبي..وباقي الكتل والشخصيات التي كانت تهيمن على حركة المعارضة العراقية)، وأدت تلك الأحزاب خدمات جليلة للولايات المتحدة وقوات التحالف في سبيل أداء مهمتها بإسقاط نظام الحكم السابق، وتسهيل إحتلال العراق. وعلى الرغم من حالة العداء الظاهرة بين نظام الحكم الثوري الاسلامي في طهران وبين "الشيطان الأكبر" أي الولايات المتحدة، فإن إيران قدمت خدمات جليلة للتحالف الانكلوامريكي في سبيل احتلال العراق، حتى أن نائب الرئيس الايراني (أبطحي) صرّحَ حينها وكذلك أيدّه رفسنجاني بالقول "إن أمريكا ما كانت لتتمكن من احتلال العراق وافغانستان دون معاونة ايران!"، وهذه المقولات مؤكدة وموثقة، كما أن طهران أسهمت في إلزام الممتنعين أو المترددين من حزب الدعوة والمجلس الاعلى على اللحاق بركب المعارضة والمشاركة في مؤتمر لندن 2002، بعد أن كانا في البدء يترددان عن المشاركة فيه!.. وتعلم القوى الحاكمة اليوم في العراق، ان نظام الحكم السابق ما كان ليسقط لولا حملة الغزو العسكري التي قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا ومعها قوى التحالف، وان دور ما تسمى بالمعارضة في اسقاط النظام لا يتعدى (الواحد) بالألف، إن لم نقل بالمليون!!، وان امريكا كافأت من وقفوا داعمين لحربها على العراق واسقاط النظام بتعزيز مواقعهم في السلطة من خلال مجلس الحكم المنحل، والحكومات المتعاقبة في ظل الاحتلال الامريكي، وقد أدت الخيبات المتتالية للحاكمين الجدد في العراق، وفشلهم في اقامة نظام حكم ديمقراطي وفي اصلاح احوال العراق الى تعميق خيبة الادارة الامريكية، بل انهم جعلوا العراق اكثر بلدان العالم فسادا واكثره خرابا وجريمة ودموية وانتهاكا لحقوق الانسان.. وفشلوا في اعادة الأمن والاستقرار وامعنوا في سياسات الاقصاء والتهميش حتى للقوى الحليفة معهم فيما تسمّى بالمعارضة العراقية!! فكانت قرارات الاجتثاث والاقصاء الاخيرة وتصلّب نوري المالكي في سياساته الخرقاء المتعنتة، سبباً في غَضبة السيّد الامريكي، وهذا ما عبّرت عنه تصريحات مسؤولين اميركان كبار بدءً بأوباما و مرورا بغيتس وبايدن و... و... وكلها تعبّرعن الخيبة الامريكية في أحزاب إيران الحاكمين اليوم في العراق!
المالكي ومن معه يتهمون اليوم امريكا بانها تريد اعادة البعثيين!!، وهي تهمة جاهزة (من تصنيع) المالكي وموالي ايران في العراق، لاسقاط كل الخصوم من عرب العراق، الذين يُعارضون التغلغل الايراني، والا فانهم يعلمون جيدا ان البعثيين يقاطعون الانتخابات ولا يعترفون بشرعيتها في ظل الاحتلال الاجنبي، فكيف يشاركون فيها؟.. واذا كانت امريكا التي تجشمت عناء وقدمت تضحيات بالآلاف من جنودها ومليارات الدولارات اكراما لعيون احزاب ايران التي انقلبت اليوم على ولي النعمة المحرر الامريكي ارضاءً للسيد الايراني، تريد اعادة البعثيين وحزب البعث فلماذا اذن شنت الحرب 2003 وقدمت الخسائر والتضحيات؟؟
عجيب وغريب هو تنوع المواقف المصلحية لاحزاب ايران في المنطقة تجاه امريكا ومن ورائها اسرائيل وهو تنوع وتناقض يبعث على الريبة والشك وصعوبة الفهم!! فهذا حسن نصر الله الشيعي في لبنان يدّعي انه ضد اسرائيل وضد امريكا ويقاوم التدخل الامريكي، وكذا المتمردون الحوثيون الموالون لأيران يرفعون شعارهم المستهلك (الموت لامريكا.. الموت لاسرائيل).. واحزاب ايران بالعراق الذين جاءوا على ظهور الدبابات الامريكية مع المحرر الامريكي ينقلبون اليوم عليه!!، وهذا مؤسس البيت الشيعي احمد الجلبي لا ينكر علاقاته الحميمة باسرائيل!، فاين الصح واين الغلط؟.. واين موقف السادة في طهران من هذا التناقض العجيب في مواقف الموالي والاتباع بين لبنان واليمن والعراق وسوريا؟
وايران ذات العلاقة الحميمة مع سوريا، تستقبل خصم الحاكمين في بغداد اللدود (يونس الاحمد) حيث أكدت معلومات بان يونس الاحمد زار ايران بوساطة تركية قبل اشهر .. وحتى تصريحات نجادي الاخيرة (بخصوص البعث واتهامه امريكا بانها تريد ارجاع البعثيين.. ) هي تدخل في باب المساومات الايرانية مع امريكا بخصوص برنامجها النووي (تسمح ايران للبعثيين بالمشاركة بالعملية السياسية ببغداد.. مقابل السماح لايران بالمضي ببرنامجها النووي بدون ضغوط غربية وامريكية مع حصول ايران على ضمانة بوجود قوى موالية لها بالبرلمان كتوازن مع البعثيين).. فهي لن تخسر كذلك ؟؟.. علما أنّ اكبر حلفاء ايران بالمنطقة هم بعث سوريا.. علما  لم نسمع يوما بان ايران..طالبت من سوريا .. بطرد يونس الاحمد,, او عزة الدوري من دمشق. بل نرى تنسيق بين ايران وسوريا..  وايران مازالت الداعم الاكبر لتنظيم القاعدة في العراق بالرغم من أنّ  الاخير يستهدف المزارات والمناسبات الشيعية ويقتل الشيعة في العراق وباكستان؟
 
ترى ما سر هذه الهجمة الغريبة التي يقودها المالكي ويعززها أحمد الجلبي والمجلس الاعلى في التهجم على أمريكا، وتحميلها مسؤولية ما يجري في العراق. هل هي نهاية الزواج القائم على المصلحة منذ 2003 مع الصديق المحرر الامريكي؟ وعلى ماذا يراهن موالي طهران في بغداد؟ هل تناسوا أن إيران على إستعداد للتضحية بشيعة العراق من اجل مصالحها الذاتية وبرنامجها التسليحي العدواني الذي تجهر به وخاصة ما اكدته المنظمة الدولية للطاقة الذرية بان ايران تسعى لكسب قنبلة نووية في القريب!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق