الأحد، 8 نوفمبر 2009

استقالة عباس: فشل البرنامج


مصطفى إبراهيم

7/11/2009

تمنى الفلسطينيون لو جاء إعلان الرئيس محمود عباس عدم ترشيح نفسه للانتخابات القادمة ترجمة لفشله في عدم نجاحه في وعده تحقيق برنامجه الانتخابي الذي طرحه في الانتخابات الرئاسية مطلع العام 2005، وفشل مشروعه السياسي، وترسيخاً لمبدأ الديمقراطية في النظام السياسي الفلسطيني، إلا انه اختار أن يكون سبب الإعلان عن عدم الترشيح هو المحاباة الأميركية لإسرائيل.

فماذا حقق الرئيس عباس من برنامجه؟ وهل استطاع تحقيق أي من وعوده حتى مجرد رفع حاجز عسكري واحد من بين مئات الحواجز التي تقطّع أوصال الضفة الغربية المحتلة؟

أولاً: الرئيس عباس وعد الفلسطينيين باستمرار النضال الفلسطيني لنيل الحقوق الوطنية وإنهاء الاحتلال عن جميع الأراضي الفلسطينية 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق "حل عادل" لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وليس "حق عودة" اللاجئين.

ثانياً: وعد بتعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتمتين أواصر الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، والعمل من خلال التوصل إلى قواسم مشتركة لبرنامج عمل وطني، وتطوير المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وفي رعاية مصالح وحقوق اللاجئين الفلسطينيين في المنافي والشتات.

كما تحدث عن سعيه والعمل بلا كلل من أجل مشاركة جميع القوى والفصائل والتيارات في صياغة القرار الوطني، و تفعيل مؤسسات ودوائر المنظمة، وتطوير عمل البعثات الدبلوماسية الفلسطينية، وهيئات الجاليات الفلسطينية في دول العالم.

ثالثاً: تعهد بوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني بكل أشكاله بالعمل المتواصل، ووقف حملات الاغتيالات والاجتياحات وتدمير البيوت، والاعتقالات وعمليات التجريف وتخريب المزارع والممتلكات، وفك الحصار والاغلاقات، ورفع الحواجز، وإلغاء القيود على حركة المواطنين وتنقلهم في وطنهم وعلى المعابر.

رابعاً: تعهد بالاستمرار بالمطالبة بإصرار على وقف النشاطات الاستيطانية ووقف بناء، وتفكيك جدار الفصل العنصري وفقا لقرارات محكمة لاهاي.

خامساً: أكد تمسكه بخيار السلام الاستراتيجي وإقرار برنامج السلام الفلسطيني واعتماده الحل التاريخي القائم على إقامة دولة فلسطين بجانب إسرائيل، والالتزام المستمر باحترام الاتفاقات الموقعة وبخارطة الطريق وبقرارات الشرعية الدولية وباعتماد المفاوضات وسيلة لإنجاز التسوية النهائية.

سادساً: وعد بالدفاع عن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وإعطاء الأولوية لدعم صمود الفلسطينيين في القدس، التي ما تزال تتعرض لأبشع عمليات الاستيطان والحصار وهدم المنازل والإفقار وحملات الضرائب والتهجير.

ووعد بالتركيز على المشاريع التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والإسكانية في القدس، وحشد الدعم من الدول والمؤسسات واللجان والصناديق العربية والإسلامية وكذلك الدول الصديقة.

سابعاً: شدد على أن حرية الأسرى والمعتقلين أولوية وطنية وشرط لا غنى عنه لإنجاز السلام العادل، على أن يتصدر النضال للإفراج عن أسرى الحرية في سجون الاحتلال الإسرائيلي جدول العمل الوطني، وأيضا وعد إيجاد حل سريع لقضية المطاردين والمقاتلين، لضمان حقهم في الأمن والأمان والحياة الكريمة باستيعابهم في اطر السلطة والمنظمة.

ثامناً: بناء دولة القانون والمؤسسات والمساواة والتسامح، لتكريس التعددية السياسية وضمان الحريات الأساسية وفي مقدمتها حرية التعبير وحرية العمل السياسي وتشكيل الأحزاب، لبناء دولة المؤسسات، والفصل بين السلطات.

ولم ينس التأكيد على الخيار الديمقراطي من خلال الانتخابات، وضمان حرية العمل السياسي لجميع الفصائل والأحزاب، على أن تكون هناك سلطة واحدة، وسلاحاً شرعياً واحداً.

تاسعاً: مواصلة مسيرة الإصلاح في مختلف المجالات للقضاء على مظاهر الفساد واستغلال المنصب والنفوذ، وتطوير أداء الجهاز الحكومي وفعاليته، وتكريس أسس الشفافية والنزاهة والمحاسبة.

عاشراً: إطلاق ورشة لإعادة الاعمار وتنشيط الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاصة القيام بوضع خطة عاجلة لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي المتواصل.

خمس سنوات مضت على ولاية الرئيس عباس ولم يحقق أي من الوعود التي وعد ناخبيه بها، باستثناء القليل القليل منها.

لم يحقق السلام الذي اتخذه خيار إستراتيجي للحل، ولم يحرر الأسرى، والاستيطان مستمر، والقدس تهود وتهدم بيوتها ويهجر سكانها، والاجتياحات والاعتقالات مستمرة، وجدار الفصل العنصري اكتمل بناؤه، ولم يتابع قرار محكمة لاهاي، بل أجل تقرير غولدستون الذي فتح الباب على مصراعيه لمحاكمة قادة دولة الاحتلال، وللتحقيق في جرائم الحرب على قطاع غزة.

ولم يفِ بوعده بمشاركة الكل الفلسطيني في صياغة القرار الفلسطيني، بل كان وما يزال يمارس ما يفكر وما يؤمن به، واستفرد بحركة "فتح" ومنظمة التحرير والقرار الفلسطيني برمته، واستمر في المفاوضات من دون العودة للمرجعيات الفلسطينية، وركونه للوعد الأمريكي حتى أصبح وهماً.

وظلت المنظمة من دون تطوير ولم تعد كما كانت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وفيما يتعلق برعاية مصالح وحقوق اللاجئين الفلسطينيين في المنافي والشتات، فمخيم نهر البارد في لبنان يشهد على ذلك، بعد ثلاث سنوات على إعطاء الضوء الأخضر لتدميره.

آمن بأن السلاح الشرعي هو سلاح السلطة، ووجد حلاً سريعاً لقضية المطاردين والمقاتلين من حركة "فتح"، لضمان حقهم في الأمن والأمان والحياة الكريمة، ومن لم يعتقل من الأجهزة الأمنية الفلسطينية قامت قوات الاحتلال باعتقالهم أو اغتيالهم، وطاردت الأجهزة الأمنية المقاومين من الفصائل الأخرى، وسجون السلطة تشهد على ذلك، وظل الأسرى قابعون في السجون، ولم تتصدر قضيتهم سلم أولويات العمل الوطني.

ولم يفِ بوعده بضمان إصدار القوانين الضامنة لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة وحماية الصحافيين، وظل الإعلام الرسمي على حاله، وتطور كي يصبح أكثر حزبية وأسوأ من السابق.