الأحد، 8 نوفمبر 2009

القدومي يرفض مصالحة عباس وتطورات ايجابية في علاقته مع الأردن وسوريا


المستقبل العربي

يصل دمشق الأحد قادما إليها من عمان

القدومي يرفض مصالحة عباس وتطورات ايجابية في علاقته مع الأردن وسوريا

عمان ـ شاكر الجوهري:

يتوجه فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية الأحد من عمان إلى دمشق، في زيارة رسمية يمكن أن تندرج تحت عنوان تراجع مكانة محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية في الوطن العربي.

يمكن استشفاف ذلك من جملة معلومات تتعلق بالموقفين الأردني والسوري.

الموقف الأردني

فيما يتعلق بالموقف الأردني، يلاحظ أن عمان لم تصدر عنها أية ردة فعل حتى الآن، على خطاب رئيس السلطة (الخميس) الذي أعلن فيه اعتزامه عدم الترشح لولاية ثانية. وهذا ما دفع أحد مساعدي عباس للتصريح للإذاعة الإسرائيلية أن عباس يعتزم تقديم استقالته من منصبه، وعدم الإكتفاء بعدم الترشح للإنتخابات التي قررها في الرابع والعشرين من كانون ثاني/يناير المقبل، وهي انتخابات قد تنعقد وقد لا تنعقد.. وتعطي رئيس السلطة مهلة تزيد عن الشهرين لترتيب مناورات تقود في النهاية إلى تبرير تراجعه عن المناورة التي لم تقبضها العديد من الأطراف العربية والدولية، فضلا عن اللامبالاة التي واجهها بها الفلسطينيون.

ثم إن العاصمة الأردنية تواظب على "فتح" ابوابها أمام فاروق القدومي، الذي يناصبه عباس العداء على خلفية مواقفه السياسية المتمسكة بحق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المسلحة للإحتلال، بعد أن ظل القدومي غير مرحب به في عمان لفترة زمنية طويلة.

أكثر من ذلك، فإن القدومي تلقى مؤخرا رسالة شكر ملكية على تهنئة قدمها للملك بعيد الفطر، الذي مضى على حلوله قرابة الشهرين، هي الأولى منذ أيام الملك الراحل حسين.

وتلفت ثلاثة أمور في هذه الرسالة، إلى جانب تلقيها بعد طول انقطاع:

الأول: أنها موجهة إلى "معالي السيد فاروق القدومي وزير خارجية دولة فلسطين/رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية".

أي أن الأردن، وعلى مستوى شخص الملك، يعترف بالقدومي بالصفتين اللتين ينكرهما عليه عباس..!

الثاني: أن الرسالة حملت تاريخ 24/10/2009، أي أنها صدرت بعد قرابة الشهرين على حلول عيد الفطر، ما يعني أن أمرا سياسيا طارئا استدعا هذه اللفتة الملكية، وهو لا شك أمر متصل بالتطورات السلبية فيما يتعلق بمستقبل رئيس السلطة الفلسطينية، ما يوجب تفعيل العلاقات الكامنة التي اقامها الأردن خلال السنتين الماضيتين مع القدومي، باعتبار تمسكه بحق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المسلحة، وبالعودة إلى دياره، يمثل صمام أمان هام للأردن، بمواجهة المؤامرة الإسرائيلية التي تستهدف اقامة وطن فلسطيني بديل في الأردن، وهو ما ظل الأردن يتخوف من أن تؤدي سياسات عباس إلى تهيئة الظروف له.

الثالث: أن هذه الرسالة الملكية، سلكت طريقا مختلفا عن الطريق المعتمد في مخاطبة المسؤولين الفلسطينيين، فهي بدلا من أن توجه للقدومي عبر السفارة الفلسطينية في عمان، التي يتولاها عطا خيري رجل عباس الأمين، الذي اعتاد حجب الرسائل الموجهة للقدومي، وجهت للقائد الفتحاوي التاريخي مباشرة عبر السفارة الأردنية في تونس، لضمان وصولها إليه.

تطور في الموقف السوري

دمشق، التي ارتأت منذ إعلان القدومي محضر الإجتماع الذي جمع عباس ومحمد دحلان، مع ارئيل شارون ووفد اميركي، وبحث خلاله أفضل وأنسب طريقة لاغتيال الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، أن الظروف لا تسمح لها باستقبال رئيس الدائرة السياسية، وعلى نحو جعله يعود أكثر من مرة من عمان إلى مقر اقامته الدائم في تونس، دون تلقي موافقتها على الزيارة، بادرت الآن إلى توجيه دعوة له للقاء مع فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية، ووليد المعلم وزير الخارجية، بعد حوالي الأسبوع فقط على عودته إلى تونس.

ويتوجه القدومي من عمان إلى دمشق اليوم الأحد، ويبقى فيها ثلاثة أيام، يلتقي خلالها أيضا قادة الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية، حيث يفترض أن يناقش معهم مشروعه لإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، دون انتظار عباس.

الدعوة السورية تدلل على امرين:

الأول: تراجع مكانة عباس عربيا ودوليا.

الثاني: امكانية الإستفادة في هذه المرحلة من وزن القدومي في إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة وأن عباس قد خفت موازينه.

يضاف إلى ذلك، أن انكشاف حقيقة السياسات الأميركية في عهد رئيسها الجديد باراك اوباما، لم يبق من مبرر لانتظار أي تقدم على طريق الحل السياسي لقضية الجولان المحتل على يدي هذا الرئيس المراوغ، الذي لم يقدم على خطوة عملية واحدة على طريق تحريك المسار التفاوضي السوري.

وفي دمشق، ينظرون إلى موقف إدارة اوباما من الإستيطان في الضفة الغربية باعتباره الموقف الأميركي الذي يحتذى ازاء الإستيطان الإسرائيلي في الجولان.

سباق فتحاوي لإعادة العلاقات مع ىالقدومي

في ذات السياق، يتسابق عدد من قادة حركة "فتح" البارزين على زيارة القدومي، إذ زاره في مكتبه، أو في بيته في تونس كل من حكم بلعاوي، العضو السابق في اللجنة المركزية للحركة، عباس زكي، عثمان أبو غربية، عضوا اللجنة المركزية، ومحمد راتب غنيم الذي حل محل القدومي في أمانة سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" في مؤتمر بيت لحم.

كل هؤلاء زاروا القدومي مقدرين مكانته التاريخية، ودوره الذي لا ينكر داخل الحركة، حتى وهو خارج عضوية لجنتها المركزية، التي لم يرشح نفسه لها، لعدم اعترافه بشرعية مؤتمر بيت لحم.

أكثر من ذلك، تكشف المصادر عن أن محمود عباس، وسّط خلال الأيام القليلة الماضية، التي سبقت إعلانه قراره عدم الترشح لولاية ثانية في رئاسة السلطة، عددا من مساعديه لمصالحته مع القدومي، الذي رفض الفكرة من اساسها.

ويرى القدومي، وفقا للمصادر أن عباس يريد امرين من مصالحة القدومي:

الأول: إن مجرد حدوث المصالحة بينهما يعني عدم صحة الإتهامات التي وجهها القدومي له بالمشاركة في قتل الرئيس السابق ياسر عرفات.

الثاني: إن عباس يريد احتواء القدومي، حتى لا يقود فعلا حركيا ضده، وهو (عباس) في ذروة ضعفه الراهن.

المصادر تؤكد أن القدومي كان مدركا لهذين السببين وهو يرفض مصالحة رئيس السلطة، المرشح قريبا لأن يطويه النسيان.