الاثنين، 15 مارس 2010

الغائبون الحاضرون..!


أنس أبوسعده – هولندا
 تحيي الأمم والشعوب عادة ذكريات مصيرية في تاريخها، كاستقلالها عن مُستعمرها أو بالجلاء عن أرضها.. تحيي أيضاً ذكرى فقدانها لقائد أو زعيم كان له الأثر على رفعة وعزة وكرامة هذه الأمة.. تحيي هذه الامم ذكرى إستشهاد بطل ما من أبنائها ضحى بدمه لأجل رفع علم بلده عالياً والذود عن حياضها.. الواجب الوطني يملي على هذه الامم إحياء ذكرى هؤلاء الابطال واستغلال هذه المناسبات للتأكيد على الثوابت الوطنية التي ضحى من أجلها هذا القائد الشهيد، وكتأكيد أيضاً بأن شعبه وأمته لن تنسى فضله وبطولته ولن تنسى الاجيال القادمة مآثره والمبادئ التي دافع عنها.. تجدد مع الاجيال الصاعدة على الوعد بمتابعة  المسيرة  طالما بقيت ذكراه مزروعة  كما هي في وجدانهم وأفئدتهم..
"فلسطين" ومنذ الانتداب البريطاني البغيض قدمت من هؤلاء الأبطال الكثيرين، والذين قدّموا ارواحهم رخيصة فداء لشعبهم ولحرية أمتهم .. قدمت قادة كبار بدأوا مسيرة التحرر والخلاص منذ بداية القرن العشرين الميلادي وكان في مقدمتهم شيخ المجاهدين موسى كاظم الحسيني قائد أول مسيرة شعبية في تاريخ فلسطين العام 1920م.. تبعه وعلى نفس الطريق الابن القائد الشهيد عبد القادر موسى الحسيني مفجر الثورة الأول في وجه المستعمر البريطاني في السادس من أيار العام 1936م.. وهو بطل معركة القسطل وأمير شهدائها في الثامن من أبريل العام 1948م.. تبعت كوكبة كبيرة من هؤلاء الشهداء القادة الأوائل وساروا على نفس الطريق والهدف فكانت إنطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة في يناير العام 1965م وكان أول شهدائها وفي أول ليلة لإنطلاقتها الشهيد أحمد إبراهيم سلامة الذي كُتب له أن يكون في مقدمة هذه الكوكبة..
المفارقة الكبيرة أن ذاكرة فلسطين والفلسطينين ومنذ بداية القرن العشرين تقريباً لا يكاد يخلو يوم منها من ذكرى شهيد أو أكثر سواءً سقط في مجزرة من مجازر الاحتلال التي لا تعد، من حصار جائر وفي المعارك البطولية أو بالاغتيال وفي غياهب المعتقلات.. لا يكاد يمر يوم بدون ذكرى لفقداننا علماً من أعلام الحرية وصوتاً من أصوات الحق ومطالبي العدالة.. فقدنا القائدين كمال ناصر وكمال عدوان.. الشهيد البطل سعد صايل – أبو الوليد.. ومن ثم القائد الفذ خليل الوزير – أبو جهاد وعلى نفس الدرب القائد صلاح خلف – أبو إياد ورفاقه.. لم تنته قصة البطولات ولن تنتهي فصولها.. سقط من بعدهم القائد الرمز الشيخ أحمد ياسين والشهيد عبد العزيز الرنتيسي  ففقدنا باستشهادهم رموزاً لها ثقلها ووزنها على الساحة الفلسطينية.. أكمل بعدها أعداء الانسانية مسلسلهم الدامي فامتدت أيديهم الحاقدة الى رمز الشعب الفلسطيني كله الى الرئيس الشهيد ياسر عرفات – أبو عمار..
لم  تقتصر البطولة والاقدام على الرجال فقط بل خاضت المرأة العربية والفلسطينية ملاحم ذكرها التأريخ فكانت مثالاً للبطولة التي يتحذى بها وأثبت به هذه المرأة أنها جزء مهم من المجتمع وفي رحلة النضال الطويله.. فقد مرت قبل أيام قليلة الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاد القائده دلال المغربي بطلة أكبر عملية فدائية.. الامثلة الأخرى كثيرة لشهيدات تخضبت بدمائهن أرض فلسطين الطيبة والمباركة...
شهداء عرب كثيرون كان لهم فضل كبير علينا كفلسطينين وكأمة عربية سقطوا على أرض فلسطين وهم يدافعون عن ثغورها وستبقى ذكراهم خالدة في ذاكرتنا الى الابد.. سجلوا أسماءهم في سجل المجد والفخار بعد أن نالوا شرف الدفاع عن هذه الارض المباركة وفي مقدمة هؤلاء الشيخ محمد عز الدين عبد القادر القسام شهيد معركة غابة يعبد في جنين العام 1935م..
 ما لا يعرفه الاعداء وهؤلاء الحاقدون هو اننا شعب لا تهزه جرائمهم ولا المذابح التي يصنعونها وانما تزيدنا إصراراً على حقنا في إقامة دولتنا وعلى أرضنا.. صحيح أنه صار لنا في كل يوم ذكرى لقائد شهيد أو لمجزرة حصدت الكثيرين رجالاً ونساءً.. شباباً واطفالاً ورضعاً أحيانا كثيرة، لكن الاكيد أن كل هؤلاء الشهداء وليس فقط في مناسبات ذكراهم هم باقون بيننا.. هم الغائبون باجسادهم الحاضرون بارواحهم لا يمحوها من قلوبنا وعقولنا اختلاف ولا شقاق ولا إنقسام مهما طال أو كبر.. محفورة في تاريخ النضال الفلسطيني المستمر الى ما شاء الله...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق