الاثنين، 15 مارس 2010

الاستنكار والتهديد مقابل الاستيطان والتهويد!


ا.د. محمد اسحق الريفي
 التعبير عن مشاعر الغضب والاستياء إزاء الاعتداءات الصهيونية على القدس المحتلة والمسجد الأقصى والفلسطينيين المقدسين، دون القيام بفعاليات شعبية مناسبة أو عمل مناسب على مستوى العالمين العربي والإسلامي، لن يخيف العدو الصهيوني، ولن يردعه، ولن يمنعه من الاستمرار في تهويد القدس والاعتداء على المسجد الأقصى.  ولن يوقف العدوان الصهيوني على القدس والأقصى سب ولا شتم ولا تهديد ولا تحذير، لأن العدو الصهيوني يعمل، ونحن نكتفي بالتهديد والوعيد، ولدى العدو الصهيوني خطة لتهويد القدس وطرد الفلسطينيين منها وإزالة أية معالم وآثار عربية وإسلامية تدل على عروبتها وإسلاميتها، ونحن ليس لدينا إلا الانتظار والمناشدة والغضب السلبي والتعويل على تغيير الإدارة الأمريكية لسياساتها تجاه قضية فلسطين.
 وبعبارة أكثر وضوحاً، نحن مقصرون أشد تقصير، حكومات ومحكومين، وأحزاباً سياسية وحركات إسلامية، وعلماء مسلمين ومثقفين، ويقظين وغافلين، ومسالمين ومقاومين.  إن لهيب الشجب والاستنكار العربي والإسلامي ليس له أي معنى ما لم يؤد إلى عمل شعبي يهز المنطقة بأكملها، والتمادي في الانتظار يشجع العدو الصهيوني على أكثر من هدم المسجد الأقصى وإنهاء الوجود العربي في القدس ونهب أرضها وتوزيعها على اليهود والصهاينة المجرمين.
 إن مناشدة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس والحكومات العربية، دليل على عدم قراءة الواقع قراءة صحيحة ودقيقة، وعلى إساءة فهم الدور الذي تضطلع به هذه المؤسسات في التمكين للصهيونية العالمية.  إن مناشدة هذه المؤسسات إذا لم تهدف إلى تحريض العرب والمسلمين عليها في إطار خطة شاملة لتغيير الأوضاع في الدول العربية، لا يعني سوى التنصل من المسئولية، والتماس الأعذار عن القعود والتقاعس والتخاذل، وذر الرماد في العيون، والضحك على الذقون.  نحن نحتاج إلى عمل وليس إلى مناشدة، والشعوب العربية لن تتحرك طالما أنها تفتقر إلى قيادة تأمر فتطاع، ولديها برامج لفعاليات شعبية متصاعدة، وتتقدم الصفوف في الشارع العربي، وتستعد للتضحية بالنفس والمال.
 لماذا لا يقرأ العرب والمسلمون قراءة واعية ودقيقة ما يحدث في القدس المحتلة؟  إن لجوء أهلنا في القدس المحتلة لمواجهة العدو الصهيوني بالحجارة وصدورهم العارية، يدل بما لا يدع مجالاً للشك على أن الصراع وصل إلى مرحلة خطيرة جدا، مرحلة كسر العظم، ويدل على أن الفلسطينيين المقدسيين يتعرضون لخطر التهجير قسراً وقهراً من القدس المحتلة، فهل نقابل هذا الخطر بمناشدة الجامعة العربية وبعض المؤسسات المتواطئة والمتخاذلة التي لا تحتاج أصلاً إلى مناشدة لو كانت فعلاً حريصة على القدس والأقصى والمقدسيين وفلسطين!  إنها جريمة يشترك فيه الجميع، ولا يعفينا من المسئولية عن الأقصى والقدس والفلسطينيين هناك كل الأعذار التي هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت، ولا عزاء لنا نحن العرب والمسلمين إن لم ننتفض ونحطم قيود الأنظمة العربية.
 كما لا بد من شن عمليات ضد العدو الصهيوني، انطلاقاً من غزة والضفة، فالانفجار في المنطقة يحتاج إلى شرارة، ولا تنطلق هذه الشرارة إلى من فلسطين المحتلة، ولن تنتفض منطقتنا إذا بقيت جذوة المقاومة في غزة مطفأة.  صحيح أن العدو الصهيوني لم ينتصر على المقاومة في جنوب لبنان وغزة، ولكنه استطاع فرض قواعد جديدة على الصراع، وتمكن من تكبيل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، التي باتت تخشى كثيراً ردة فعل العدو الصهيوني على أي عمليات تشنها ضده، أليس كذلك؟
 تنقص شعوبنا العربية قيادات وإرادات، والحركات الإسلامية باتت كما قال الدكتور عبد الله النفيس كقطعة الإسفنج، تمتص طاقات الشباب، وتجعلهم في حالة انتظار دائمة، ولا تعطى لهم أي أوامر بالعمل، رغم أن قادة الحركات لا يكفون عن مناشدة العرب والمسلمين بالتحرك!  فلتبدأ الحركة من الحركات الإسلامية ذاتها، وليع قادة هذه الحركات خطورة الوضع، وليكفوا عن التهديد والوعيد التي ملأت الدنيا، فنحن بحاجة إلى تنفيذ هذه الوعود، أو على الأقل بعضها، وإلا فسيكون حالنا كذلك الإعرابي الذي سطا عليه اللصوص ونهبوا إبله، ولما سأله ربعه بعد عودته إليهم بخفي حنين عن ردة فعله ضد اللصوص، أجاب: أشبعتهم سباً، وفروا بالإبل.
 لماذا لا تنطلق صواريخ المقاومة اللبنانية والفلسطينية على رؤوس الصهاينة؟ ولماذا لا تنطلق الصواريخ من الأردن ومصر وسوريا على رؤوس اليهود والصهاينة المحتلين لفلسطين؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق