الجمعة، 23 أكتوبر 2009

وانكسر الحلم يا أبا مازن !! ( 1 – 4)


حسن خليل حسين

في صيف 1963م، وتحديداً في شهر يوليو (تموز) زرت أخي وأستاذي صلاح خلف في منزله بمدينة غزة مقابل تل الزهور حيث تقيم عائلته، وذلك لأهنئه بسلامة الوصول من الكويت في بداية العطلة الصيفية، وتبادلنا أطراف الحديث حول ما تمرّ به الساحة الفلسطينية من توالد عشرات المنظمات التي حملت شعارات متعددة، وتحدثت عن أساليب مختلفة حول كيفية تحرير فلسطين من الصهاينة الغاصبين بعد أن طال انتظار شعبنا للجيوش العربية التي ظلت حكوماتها على اختلاف مسمياتها وأنواع أنظمتها تعدنا بقرب التحرك لبدء معركة التحرير، لدرجة أنّ تحرير فلسطين كان يشكل المادّة الدسمة في البيان الأول الذي كانت تصدره الحركات الانقلابية التي سادت الوطن العربي طوال خمسة عشر عاماً أعقبت نكبة فلسطين سنة 1948م..

ولنذكر أو نوضح لمن لم يعرفوا بما حدث عندما اختلف الزعيم الركن عبد الكريم قاسم قائد ثورة 14 يوليو (تموز) سنة 1958م في العراق مع زعيم ثورة 23 يوليو (تموز) 1952م في مصر البكباشي (مقدم) جمال عبد الناصر، حيث أراد قاسم العراق كما كان يسميه مدير "صوت العرب" أحمد سعيد.. أراد أن يسبق عبد الناصر الذي كانت إذاعاته تردد صباح مساء النشيد الشهير الذي صاغه الشاعر الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد "عائدون.. عائدون"، فأمر قاسم بأن تعلق في مكتبه بوزارة الدفاع خريطة فلسطين وقد كتب تحتها بالخط العريض "عدنا..".

يا سبحان الله.. كم كان سهلاً تحرير فلسطين واستعادتها من براثن اليهود الغاصبين.. وأخبرت أستاذي في مدرسة خالد بن الوليد بأنّني شكلت تنظيماً مع حوالي عشرين شخصاً معظمهم من طلابه في مرحلة الثانوية، وقد أصبحوا يومذاك في مرحلة التخرج من الجامعات المصرية في مختلف التخصصات، وأسمينا التنظيم "جبهة النضال الثوري الفلسطينية"، وأخبرته بأنّ السلطات الحاكمة اكتشفت هذا التنظيم بعدما وزعنا منشورات توضّح أهدافه وشعاراته، ورسمنا على غلاف البيان علم فلسطين مخترقاً نجمة داود السداسية، وتحتها قطرات دم حمراء، وأنّنا تعرّضنا للسجن والتعذيب، ثمّ أفرجوا عنّا بعدما كتبنا تعهداً بعدم تكرار ما حدث، وفوجئنا بأنّ رجال المباحث كانوا قد أشاعوا بين الناس أنّنا تنظيم منحرف له صلة بإسرائيل، لكن الناس لم يصدقوا تلك الأقاويل، وضحك الأخ صلاح خلف وقال :

أنا أعرفكم جيداً، وأعرف إخلاصكم، ولا أتوقع أن تترككم الأجهزة الأمنية، وهي حتماً تراقبكم، وسأعطيك الآن شيئاً ملفوفاً في هذه الصحيفة، وكن حذراً في قراءته وإخفائه، وإذا اقتنعتم به أنت وأصدقاؤك فلان وفلان وفلان، فحاولوا أن تتحركوا بحذر شديد، وأريد سماع رأيكم بعد أسبوع في مقهى فلسطين، وقرأنا هيكل البناء الثوري لحركة فتح، وقرّرنا الانضمام إليه.

كان يتحدث عن الكفاح المسلح كطريق وحيد لتحرير فلسطين كلّ فلسطين، وبعدما أنشأ القادة العرب في قمة13/ 1/1964م بالقاهرة منظمة التحرير الفلسطينية، استفدنا من تنظيمها الشعبي في تغطية تحركاتنا، وشكلنا مجموعة أو كتلة رئيسية فيما سمي بمكتب القطر (7 من 12 عضواً) واخترنا الدكتور حيدر عبد الشافي رئيساً على غير رغبة رئيس المنظمة المناضل الكبير أحمد الشقيري لجرأته في مواجهة المسؤولين، وللاستفادة من شهرته كرئيس سابق للمجلس التشريعي في غزة.

وبعد كارثة 5 يونية (حزيران) 1967م ونزوحي من القطاع التقيت في دمشق أبا إياد وأبا عمار وأبا جهاد وأبا اللطف، وعرفت من الأخ عبد الخالق أبو حجير (الرقيب المالي) أنّكم عضو في القيادة عن مجموعة قطر مع إخوانك الذين سبقوك إلى عضوية اللجنة المركزية، وهم أبو يوسف النجار، وعبدالفتاح حمود، وكمال عدوان.. المهم أنّك كنت واحداً من قادة فتح التي اتخذت من الكفاح المسلّح طريقاً وحيداً لتحرير فلسطين، وكنت تشاركهم الرأي في اتهام القيادات العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بالتخاذل وربما بممارسة الخداع لشعبنا الفلسطيني..

وآل زمام الأمور إليكم ياقادة فتح بمباركة ودعم من قطبي الأنظمة العربية التقدمية واليمينية، حسب تصنيفات تلك الحقبة من تاريخ أمتنا، الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز.. من هنا فإنني أتوجه بالخطاب إليكم يا أبا مازن.. وللحديث بقية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق