الجمعة، 27 نوفمبر 2009

جوعى في أغنى بلد بالعالم


ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
الان ماس يحلل تقريراً حكومياً يؤكد على حقيقة قاتمة
بأن الفقر والجوع يتفشى بصمت وإصرار بين الفقراء والفقراء العاملين
في أمريكا بمستويات عالية مريعة
     ارتفع عدد الأمريكان الضعفاء المعرضون للجوع بشكل حاد العام 2008 إلى ما يقرب من 50 مليون نسمة- حوالي 1 لكل ستة من الرجال، النساء، والأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية.
     تكشف الأرقام الرسمية لوزارة الزراعة أن عدد الأشخاص الذين عانوا من انعدام "الأمن الغذائي food insecurity" العام الماضي، ارتفع بنسبة أكثر من الثلث في غضون 12 شهراً، وليصل إلى أعلى مستوى منذ بدأت الحكومة نشر هذه الإحصاءات قبل فترة تصل إلى عقد ونصف العقد.
     نحو ثلث ألـ 49 مليون المهددين بالجوع هم جزء من الأُسر التي كان الباحثون يصنفونها ضمن مجموعة "الأمن الغذائي المنخفض جداً "very low food security. بمعنى أن واحداً أو أكثر من أعضاء العائلة يتخطون وجبات الطعام(يُحرمون من 1-2 وجبة)  skipped meals، يحصلون على حصص منخفضة أو لا يحصلون على كفايتهم من الطعام عند نقطة معينة من السنة.
     البقية من هؤلاء صُنّفوا ضمن مَنْ لديهم "أمن غذائي food insecure"، وعادة ما يأكلون كفايتهم، وفق التقرير، ولكن فقط بالاعتماد على الطعام الرخيص أو الأقل قيمة غذائية nutritious foods، ومن خلال الدخول في البرامج الحكومية، طوابع الغذاء nutritious foods، مطابخ الحساء soup kitchens، أو المخازن الغذائية food pantries- أغذية فقيرة القيمة الغذائية.  
     بعض التفاصيل الواردة في التقرير، يرسم صورة حتى أكثر سوداوية grimmer picture. على سبيل المثال، ارتفع عدد الأُسر التي يواجه فيها الأطفال حالة "الأمن الغذائي المنخفض جداً very low food security" بشكل أسرع من الفئات الأخرى- بلغ أكثر من نصف مليون، وبزيادة قدرها 60% مقارنة مع العام الماضي. وعلى المستوى الجمعي، فإن واحدا من كل أربعة أطفال يعيشون في ظل تهديد الجوع threat of hunger. من بين أكثر من عشرة ملايين أسرة تتحمل مسئوليتها أم وحيدة، تصبح المقارنة أكثر من واحد إلى ثلاثة- حسب التقرير- ويُعانون نوعاً من انعدام الأمن الغذائي.
     تخص هذه الإحصاءات العام 2008- قبل الأشهر الأسوأ لفقدان العمل واتساع البطالة في وقت مبكر من هذا العام. "تصاعد معدل البطالة وعدد العاملين الفقراء، يقودنا إلى الاعتقاد بأن عدد الأشخاص ممن يواجهون الجوع سيستمر في الارتفاع بشكل ملحوظ خلال السنة القادمة،" حسب قول Vickie Escarra- رئيس تغذية أمريكا Feeding America- المؤسسة التي تقوم على إدارة شبكة تضم 200 بنك طعام food banks  في جميع أنحاء البلاد.
        اسكارا وغيرها ممن يتعاملون مع عواقب الجوع consequences of hunger للقرن الحادي والعشرين في أمريكا، تصف حالة تؤكد اتجاهاً تحت السطح لفترة تصل، على الأقل، إلى عقد من الزمن.. متمثلة في أن "الأمن الغذائي" في الولايات المتحدة ليس محصوراً بالناس الأكثر فقراً بين الفقراء، كما صوُّر غالباً..
     على سبيل المثال، دراسة اتحادية منفصلة في التقرير السنوي لوزارة الزراعة، وجَدتْ أنه حتى قبل بدء الركود recession، "أكثر من ثلثي العائلات مع أطفالهم ممن تم تصنيفهم ضمن "انعدام الأمن الغذائي" تضمنتْ واحداً أو أكثر من العاملين. كتبت النيويورك تايمز في افتتاحيتها: "هذا يوحي أن ملايين الأمريكان سقطوا في شرك الأعمال منخفضة الأجور قبل الهبوط downturn، ولتؤول الأمور أكثر صعوبة لهم لتوفير غذاء كاف لأطفالهم."
      وبالمثل، نحو 40% من الأُسر الأمريكية ممن يحصلون على طوابع الغذاء الحكومية "حققوا دخلاً earned income" لا يتعدى 25% مقارنة بمستواه  قبل سنتين وفق صحيفة فايننشيال تايمز. الرسميون في وزارة الزراعة يعزون هذا إلى تخفيض الأجر وتخفيض ساعات العمل وما ألحقه من ضرر للعمال ممن لا زال لديهم عمل- انخفض معدل العمل الأسبوعي إلى 33 ساعة.. أدنى مستوى على الإطلاق. سجل 8.8 مليون عامل يشتغلون بوقت جزئي لأنهم لا يجدون عملاً بوقت كامل، وفق وزارة العمل.
    ذكر Heidi Shierholz- اقتصادي/ معهد السياسة الاقتصادية- للفايننشيال تايمز: "حتى لوعاد الناس إلى أعمالهم في وضع الركود هذا، فلن يجدوا مستويات الأجور وساعات العمل التي هم بحاجة إليها لتوفير متطلبات عائلاتهم." أحد المؤشرت الواضحة التي تحرك، على نحو متزايد، "انعدام الأمن الغذائي" هو عدد الناس المشاركين في برنامج طابع الغذاء الحكومي: 36 مليون في الولايات المتحدة هم الآن مسجلون على هذا البرنامج.. زيادة بحدود 40% منذ سنتين فقط.
    كما أن برنامج طابع الغذاء لا يصل حتى إلى كل هؤلاء لمساعدتهم بسبب القيود الحكومية.. على سبيل المثال، تمنع اللوائح المطبقة الأُسر التي لديها 2000 دولار فأكثر في البنك من تسلم طوابع الغذاء. وهكذا على الكثيرين من العاطلين عن العمل تدبير أمور حياتهم دون مساعدة حكومية. 
     انتقل العديد من الناس إلى بنوك الغذاء أو المخازن الغذائية، في حين زادت الطلبات على المساعدة بمقدار 30% منذ العام الماضي فقط. تقول اسكارا بأن شبكة بنوكها الغذائية قدّمت خدمات لـ 25 مليون أصحاب الحاجة.. الأغلبية لم يتسلموا الطوابع الغذائية.
     قالت Shamia Holloway- مديرة اتصالات Capital Area Food Bank للفايننشيال تايمز "الناس ممن اعتادوا التبرع لبنك الطعام، هم أنفسهم يأتون حالياً للحصول على مساعدة البنك. لذا تخيلْ هذا العار shame... الكثيرون من هؤلاء الناس يأتون من أعمال جيدة."
     مصطلح "الأمن الغذائي" كناية حكومية غريبة government's strange euphemism للجوع. استخدم المقياس measure من قبل منظمات الدفاع عن الغذاء food advocacy organizations خلال فترة إدارة ريغان لتحدي حملة البيت الأبيض في إنكارها وجود سوء تغذية malnutrition والتي كانت مشكلة قائمة في أمريكا. طبقت وزارة الزراعة هذا المقياس في التسعينات وأبقت مقياس "انعدام الأمن الغذائي" منذ ذلك الحين، رغم أن إدارة بوش حاولت مرة ثانية التخلص من المسوحات الفيدرالية في هذا المجال خلال السنوات الأولى من الألفية الثالثة 2000s.
     ما وراء حالات الطوارئ الغذائية العالية، فالتقرير الحكومي يؤكد حقيقة بعيدة الأمد، ذلك أن "خبراء" مثل Rector and Lane يفضلون تقديم تصور قاتم بأن الفقر والجوع يؤذي الفقراء والفقراء العاملين عاماً بعد عام في سياق إحداث مستويات عالية من الصدمات في أغنى بلد في العالم.
     دراسة ظهرت في دورية أرشيف طب الأطفال والمراهقين، فحصت 29 سنة من بيانات الحكومة، وخلصت إلى أن نصف أطفال الولايات المتحدة تماماً استلموا طوابع الغذاء خلال العقود الثلاثة الماضية في بعض محطات طفولتهم. ووفقاً للتقرير فإن تسعة من كل عشرة أطفال من الأمريكان الأفارقة مؤهلون للحصول على طوابع الغذاء.
     الجوع مجرد حالة من حالات التدافع/ الذعر scramble التي تصاحب دخول أمريكا القرن الحادي والعشرين.. البلد الذي يتمتع بثروة ضخمة وقوة فريدة في ظروف تسلط مجموعة صغيرة على القمة.. أما الباقون فيعانون خلال رحلة حياتهم بعمر 25-75 سنة مرة واحدة، على الأقل، من السقوط تحت خط الفقر..
     هذا ليس من قبيل "المبالغة "exaggeration.. هذه حقيقة.. وهي دليل آخر على حاجتنا الماسة إلى حركة الطبقة العاملة working-class movement لتحويل الأولويات لهذا المجتمع نحو مسارها الصحيح..
مممممممممممممممممممممممممـ
* ترجمة موجزة.
Hungry in the world's richest country,Alan Maass,uruknet.info, November 23, 2009.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق