الجمعة، 27 نوفمبر 2009

المعركة الدبلوماسية القادمة...رياح التغيير


الجزء الثاني
الكاتب /عبد المنعم إبراهيم

لم تكن هي المعركة الأولى أو الوحيدة من نوعها التي تخوضها القيادة الفلسطينية وحركة فتح عبر مسيرتها النضالية ,ولن تكون المعركة الأخيرة ,لطالما أن هناك إصراراً  فلسطينياً على نيل الحرية والاستقلال التام ,ولطالما أن العدو الصهيوني ما زال جاثماً على الأرض الفلسطينية,فلو عدنا  بالتاريخ للوراء لوجدنا بأن القيادة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة فتح,ومنذ فجر انطلاقة الثورة الفلسطينية ,وبالتوازي مع المعارك العسكرية قد خاضت المعارك السياسية, فخطاب الرئيس الرحل ياسر عرفات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 74 كان معركة سياسية, وإعلان وثيقة الاستقلال في العام 1988 التي جسدت إصراراً فلسطينياً  لنيل الحرية والاستقلال، كانت معركة سياسية أيضاً,ومؤتمر مدريد واتفاقية "أوسلو"كانتا معركة سياسية ,وقمة كامب"ديفد الثانية" في العام 2000م التي انتصر فيها الراحل ياسر عرفات  للثوابت الفلسطينية كانت كذلك ,ومؤتمر انابولس - 27 نوفمبر/ 2007م -الذي شكل خلاله الرئيس محمود عباس "أبو مازن" عنواناً  للتحدي والصمود,والحرص على المصالح الوطنية الفلسطينية كانت معركة سياسية, والذهاب إلى مجلس الأمن  أوائل هذا العام لاستصدار قرار بوقف الهجمة الصهيونية على قطاع غزة هي معركة سياسية بكل ما للكلمة من معنى,وجميع الاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي(طابا-واي رفر-شرم الشيخ...),هذا بالإضافة إلى جميع جولات المفاوضات مع الكيان الصهيوني التي لم يخضع فيها المفاوض الفلسطيني للابتزاز الصهيونية,ولم يقبل خلالها بأنصاف الحلول ,وقرار محكمة العدل الدولية (لاهاي)الخاص بجدار الفصل العنصري ,و معركة "غولدستون" التي انتصرت فيها الإرادة الفلسطينية لدماء الشهداء- جميعها كانت معارك سياسية سجلت فيها القيادة الفلسطينية ثباتاً وصموداً وحفاظاً على الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية,وجسدت خلالها المعنى الحقيقي للنضال من اجل  نيل الحرية والاستقلال، وجسدت إصراراً فلسطينياً  على تحقيق الأهداف الوطنية المشروعة المتمثلة في حق العودة ,وتقرير المصير,وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ,وحل قضية اللاجئين,وإطلاق سراح المعتقلين,وها نحن اليوم نشهد معركة سياسية-دبلوماسية تتميز بالأشد والأشرس من بين المعارك التي خاضتها  القيادة الفلسطينية عبر مسيرتها,لا سيما وأنها تتعلق بالدولة الفلسطينية وحدودها على خط الرابع من حزيران 1967,وتأتي وسط حالة من الاستقطاب الإقليمي والدولي,و في ظل حالة من المتغيرات الإقليمية والدولية ,والدعم الأمريكي لحكومة الكيان الصهيوني,حيث تقوم القيادة الفلسطينية بشق طريق وسط هذه الحالة, وهذه المتغيرات ,لتوظف كل الطاقات والإمكانات, وتقوم بمجموعة من  الاتصالات مع الدول العربية والإسلامية والأوربية والصديقة, لكسب الدعم ,بالتوازي مع ما يقوم به الرئيس محمود عباس من جولات مكوكية للعديد من الدول, للتنسيق والتشاور لضمان حشد الدعم على غرار ما حدث في "تقرير جولدستون",وقرار مجلس الأمن الدولي (1860)المتعلق بأحداث غزة، فيما  يأتي هذا في ظل دعوات الرئيس عباس للوحدة  الفلسطينية والتوحد على كلمة سواء لصد تهديدات أركان القيادة الصهيونية التي تتوعد بنسف كل الجهود الفلسطينية,وتغيير المشهد السياسي والعودة به  للوراء ,مهددة بضم كافة المستوطنات و أراضٍ من الضفة الغربية إلى كيانها المزعوم، واتخاذ خطوات أخرى في حال استمر الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية في السير نحو مجلس الأمن ,ولم يستجب للمطلب الصهيوني بالتخلي عن خطوتة ,والعودة إلى طاولة المفاوضات بالشروط الإسرائيلية,إلا أن هذه الحالة التي تحاول إسرائيل فرضها على القيادة  الفلسطينية,وعلى الشعب الفلسطيني ,وتبحث لها عن اصطفاف دولي مؤيد لها ,قد نجح الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية في كسر بوصلتها بحنكة وحكمة ليحولها على نحو يُستثمر لصالح  القضية  الفلسطينية ,مشكلاً بذلك ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية ,حاشراً إياها في الزاوية ,لا سيما بعد إعلان القيادة الفلسطينية عزمها التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يخص حدود الدولة الفلسطينية ,وإصرار الرئيس عباس  على عدم العودة لطاولة المفاوضات إلا في حال غيرت إسرائيل من سلوكها ,واعترفت بحل الدولتين كمرجعية للمفاوضات على أساس حدود الرابع من حزيران 67,وأوقفت الاستيطان,هذا الموقف الذي لاقا دعماً عربياً ,وتم تبنية من لجنة المتابعة العربية ,ومن بعض الدول الأوروبية .

من وسط هذه الأجواء السياسية-المشحونة وهذا الضغط تحاول حكومة "نتنياهو" أن تغطي على أزمتها السياسية أمام المجتمع الإسرائيلي  ,وتحاول أن تبعد عن نفسها شبح الاتهام الدولي بالتهرب من عملية السلام,فقد اختارت إلى جانب تسخير قوة اللوبي الصهيوني ,وعلاقاتها الدولية ,وبحملة إعلامية مبرمجة-اختارت إسرائيل أن تلقي بالكرة في الملعب الفلسطيني بقرار المجلس الوزاري الصهيوني  "الكابينيت" اليوم بتجميد الاستيطان لمدة عشرة أشهر في الضفة الغربية باستثناء القدس علماً بأن رد القيادة الفلسطينية الرافض لهذا الإعلان جاء سريعاً,هذا من ناحية,واختارت اسرائيل أن تلعب على قضية الانقسام الفلسطيني أيضاً  لتضغط على القيادة الفلسطينية للتراجع عن موقفها , في إشارة واضحة للتعامل مع حركة حماس  في حال بقيت القيادة الفلسطينية على موقفها واستمرت في إجراءاتها بالذهاب نحو مجلس الأمن ,وفي تحريك الملفات التي أشارت اليها القيادة الفلسطينية فلجأت لفتح شهية حركة حماس على  اعتلاء عرش السلطة الفلسطينية وفتح الخطوط  المغلقة معها,ودأبت إلى التلويح بقرب عقد صفقة تبادل الأسرى معها ,ما حدا بحماس للرد بإيجاب نحو هذه الخطوة والإسراع في الإعلان عن إيقاف المقاومة وإطلاق الصواريخ من غزة باتجاه المغتصبات الصهيونية .

فبوصف السياسة بـ(صندوق المفاجآت) إذا جاز التعبير- ستبقى الأيام والأشهر القليلة القادمة قريبة جداً لتخبرنا باتجاه رياح التغيير ,وبما هو آت ,والى حين ذلك سنطرح هذه الأسئلة .    

1-    هل حكومة إسرائيل حقاً غير مكترثة لقرارات السلطة الفلسطينية الذهاب إلى مجلس الأمن,وعدم العودة لطاولة المفاوضات؟.

2-    هل ستخضع حكومة "نتنياهو" للمطالب الفلسطينية,أم القيادة الفلسطينية ليعود الطرفان إلى طاولة المفاوضات؟.

3-    ماذا سيحدث في حال أصرت الحكومة الإسرائيلية على موقفها ,ولم تستجب لمطالب عملية السلام,ونفذت تهديداتها ؟.

4-    ما تداعيات ذلك على كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ؟.

5-    ما هو دور حركة حماس وحكومتها في غزة في هذه الحالة ؟.

6-    هل ستساند حركة حماس الموقف الفلسطيني الرافض للضغوط الصهيونية؟, أم أنها ستتساوق مع النوايا الإسرائيلية ,وتقبل بأن تكون البديل السياسي طمعاً في التربع على عرش السلطة الفلسطينية.

7-    وما هي ردة الفعل الفلسطينية والعربية في هذه الحالة .

·        أسئلة لا بد من البحث عن إجابات لها ,وهو ما سنحاول أن نضع لها التصورات في الجزء الثالث من هذه السلسلة .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق